عبدالله عمر باوزير ثمة فجوة تتسع مساحتها ويتعاظم خطرها في المشهد السياسي اليمني بكل تكويناته الرسمية و المعارضة من جهة ، وحقائق ما يجرى على الأرض.. وما احتلال مدينة سيئون غير مقدمة تحمل من نذر عدم الاستقرار الكثير لليمن و المنطقة .. في الوقت الذي مازالت هذه المكونات السياسية في المشهد الرسمي و المعارضة في الداخل و الخارج منقسمة على نفسها ويعمل كل طرف من أطرافها على استثمار ما حدث في سيئون مساء الجمعة 23 مايو غداة الذكرى الرابعة و العشرين للوحدة ، لصالحة في خطاب إعلامي توظيفي .. لا أجد مفردة لوصفة غير انه ممجوج ، ومعبر عن عقم مزمن في عقلية سياسية لقيادات صنميه مشغولة بالفرص لاستغلال مآسي المواطن المسحوق بين فكي رحاها في السلطة و المعارضة . هذا السلوك وذلك الفهم للعمل السياسي .. هو الذي فتح الدروب والمسالك ووسع من الفجوات في الجدار الوطني وبنيان المجتمع لتلج منه قوى العنف والتطرف تحت مختلف الشعارات الاسلاموية ، التي مهد لها هذا المنتظم السياسي أرضية خصبة من خلال خطابه السياسي وسلوكياته المتناقضة بكل ما يحمله ذلك الخطاب الرسمي و المعارض .. الإيديولوجي الذي مارس العنف في السلطة تحت شعارات براقة و مستورده عن مجتمعات مختلفة عنا في تقاليدها و ثقافتها ليفرضها بالقوة و العنف ضد عقيدتنا الاسلامية السمحة و تقاليدنا و قيمنا العربية الضاربة في التاريخ والتي عرفنا بها بين أمم الأرض .. في الوقت الذي لم تنعكس تلك الشعارات في سلوكيات رافعيها ولم تخرجهم من ضيق انتماءاتهم القروية و المجتمعية المناطقية والعشائرية في بداوتها او بدائيتها التي جبلت عليها ، لتقابلها و على نقيضها الدعوات القومجية و الوطنية الضيقة الأفق بشعاراتها القومية و الوحدوية التي لم تتجاوز خطاب إعلامي ممجوج المفردات وعقيم العبارات .. كل ذلك وعلى مدى نصف قرن من الزمن .. لا بل من الفشل في التنمية و التحديث و الهزائم القومية و الصراعات الداخلية . لم يقتصر ذلك على النخب العسكرية و الحزبية التي حكمت وخونت كل من يعارضها بل وامتد الى المعارضة التي أدمنت خطاب معارض و شعارات وطنية وإسلامية و حني قومية مناقضة للحكام في الوقت الذي كانت تتعامل لصالح هذا الطرف او ذاك لتتحول الي دكاكين بقاله سياسية أكثر منها أحزاب .. ومن دون تفكير و لا برامج فقدت قدرتها على التمييز بين العمل السياسي و التوظيف السياسي. هذه المعارضة .. ظلت تردد شعارات وطنية و قومية و اسلاموية لأهداف ليس لها صلة بمضامين خطابها السياسي .. باحثه و لاهثة خلف الأزمات و فشل المقابل الماسك بمفاتيح السلطة و المتحكم بمفاصل إدارتها لكي تتيح لها الصراعات و الأزمات فرص المساومة و تجديد التحالفات . كل ذلك الفشل" القومجي و الاشتراكوي و الوطنجي " أنتج شباب تايه ضائع يبحث عن ذات و مستقبلة في ظل كثافة من الأعاصير الرملية .. الحاجبة لتلمسه الطريق و تحديد الاتجاهات .. لتمتد له أيدي الإسلام الحزبي او المؤدلج .. بشعارات مختلفة مثل الصحوة و الإسلام هو الحل .. وبما أن الإسلام دين وعقيدة إيمانية فقد وجد الإسلام الحزبي طريقة عن طريق شعاراته "الصحوة " "الجهاد " و بتشجيع من الأنظمة الحاكمة صدرت الأدبيات و نظمت حملات التجنيد و التدريب ومن دون بحث او تفكير في القوي التي تقف خلف هذا الإسلام السياسي ، اتجهت الأنظمة الى سياسة استثماره و توظيفه لصالحها ، بل وللتخلص من الشباب و اشغالهم بما يستقطبهم و يدفع بهم الي ساحات القتال .. بشعارات الصحوة و الإسلام هو الحل . كانت " كلمة الصحوة " أكثر لمعاننا من كل الشعارات المرفوعة ..فهي تعني العودة الي الإسلام بعد تغييبه.. وتعني الاستيقاظ من النوم عميق او الإفاقة من سكر او تخدير قاتل . لذلك كانت أداة تخدير كثر فاعلية و ولمعانا من كل الشعارات ، لدى شباب في الأساس هم من المؤمنين ، خصوصا وان الدين ملاذا لكل المؤمنين .. كما هو سلاح سياسي استخدم في كل الأزمان و مختلف الأمم .. ولكن الخطاب الاسلاموي أي الحزبي كان على درجة من الكفاءة و القدرة على توظيف الأوضاع و رد الهزائم الى تراجع الأمة عن عقيدتها و هجرانها لدينها الأمر الذي أدى نومها في سبات عميق وعجز محيق .. ومن هنا كانت البداية .. التشكيك في عقائد المجتمع و درجات التزامه بدينة .. الأمر الذي معه تعددت التيارات و الوسائل لتجنيد وادلجة الشباب .. ليتحول الشعار عن الصحوة الي الجهاد ضد الدول و المجتمعات .. ومن دون شك لم يكن ذلك في معزل عن متابعة و تقيم مراكز الدراسات و الأبحاث العلنية و السرية ..لدول وشركات تعمل على تغيير الخرائط المجتمعية و الجغرافية بل و الثقافية للعالم العربي الإسلامي وتطويعه لمصالحها . توصلت تلك المراكز..الي أن الأرضية مهيأة لتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة .. وهذا ما حادث و يحدث أمامنا اليوم، في كل البلدان التي ضربتها عواصف الربيع العربي و دفعت بكل ما أحدثته المراحل السابقة من تمزقات وتشققات في المجتمعات العربية الي السطح ، لنكتشف وبعد ضياع الوقت في توظيف تلك القوى الي إننا موظفون لديها و ليس أمامنا من خيار غير القبول بهذا الإسلام الجديد او التمسك بإسلامنا و أماننا و هويتنا العربية التي أصبحت مهددة بالإسلام الحزبي ، الذي تعددت فصائلة و تنوعت وسائلة هو الأخر بحسب مصادر دعمه و تطلعات القوى العاملة على تغيير الخرائط . ما حدث في سيئون .. وما يجرى في شبوة و أبين لا يمكن عزلة عن ما يحدث في صعده وعمران وان اختلفت الشعارات و الأطروحات الفكرية و السياسية في الخطاب السياسي و الإعلامي . ما أريد قولة : بعد محاولتي أعطاء صورة للأسباب و الكيفية التي فتح تلك الفجوات في جدار أمننا القومي و مزقت نسيجه الاجتماعي ، لتضعنا أمام خطر داخلي يهدد كياناتنا المجتمعية الوطنية و القومية و عقيدتنا الاسلامية و لحساب مشاريع واستراتيجيات إقليمية و دولية .. والتي جاءت عملية سيئون في إطار تأكيده والإعلان عن الشروع في تنفيذ مرحلة وفصل جديد في مسلسل العنف .. لم تأتي للرد على الانتصارات الكسيحة ، كما قلت في مقالي ( سيئون .. رسائل متعددة الاتجاهات ) والتي قراءتها يجب لا تتم باسلوب البيانات و الدعوات التي يوجهها البعض . وبذات الأسلوب و الخطاب المعبر عن وصاية على قضايا الراهن اليمني ..الذي لم تعد قضيته بعد سيئون .. جنوب و شمال ولا حضرموت وصعده ، بل خطر قاعدة الجهاد في جزيرة العرب .. التي أمست حضرموت الطبيعية قاعدتها ..تحت دخان المدافع و فرقعة الرشاشات ، ولم تعد غيرها سوى ساحات امتداد مشاغلة حني تكتمل بنية إدارة عملياتها و ممراتها على البحار المفتوحة و الصحارى المفتوحة . المطلوب .. إستراتيجية يمنية _ سعودية موحدة لمواجهة هذه المرحلة وفي بداياتها حني لا تصبح حضرموت تورى يورى الجزيرة العربية .. في ظل مشهد سياسي يمني مشغول بمساوماته و رهاناته الماضوية رغم جسامة المخاطر ..!؟ قد يقول البعض أنى اكرر ما سبق وان قلت وحذرت .. وأقول نعم ويشاطرني في ذلك العديد من النخب السعودية و الخليجية .. و هو ما لمسته في يوم الأربعاء الماضي على اثر مشاركتي د. صالح السبهان ..ضيف برنامج " محاور إستراتيجية " الذي يديره المخضرم : ناصر الفر كز .. من إذاعة الرياض و حيث التنبيه الي ما يحدث في حضرموت ووجدت من الدكتور السبهان التأيد و الموافقة على أن طرحي لا يختلف عن طرحة لا بخصوص هشاشة مجلس التعاون الإستراتيجية.. بعد "33 سنه " على نشأته ،بل وفيما يمثله حدث " سيئون " ومن مخاطر وتهديدات لأمن المنطقة، الأمر الذي عقب عليه الإعلامي الفركز وهو يختتم البرنامج بالتأكيد على أن امن اليمن من امن المملكة العربية السعودية بل والأمن العربي .. الذي أضحى في خطر و تحديات تتطلب وحدة الجهود ..لذا اكرر وعسى أن يجد تكراري أذان وعقول تسمع ..! - See more at: http://www.almashhad-alyemeni.com/art23556.html#sthash.BHQhTUYX.dpuf