في بلاد العالم الحر يعتبر الاختلاف في الرؤى ووجهات النظر شكلا صحيا من أشكال التعبير وإدارة السياسة في البلد يعمل كل طرف بشكل شريف ومنصف ليثبت صحة توجهه وما يقدمه من حلول للبلد أو ما يدعو إليه من إتباع لبعض الاستراتيجيات التي تضمن لبلدهم مزيدا من التقدم والتطور سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي وفي وسط تلك الاختلافات والتباينات حتى على المستوى الديني والأيدلوجي يبقى الوطن هو القبلة التي يتجه إليها الجميع في عمله وتحرص كل الأطراف بما استطاعت أن تقدم للوطن أفضل ما يمكنها تقديمه دون أن يخون أحد الأطراف أو ينقص من شأن المخالفين له أو ينفي عنهم وطنيتهم ويصمهم بالخذلان والخيانة إلا في الوطن العربي ينظر للمخالف أنه عدو ويبدأ خاصة الطرف المسيطر على المشهد السياسي كيل التهم للطرف الآخر و المحاولة من النيل منه ومن وطنيته ولو أتى بكذب تزول منه الجبال و سوق من خلال أدواته الإعلامية افتراءات مقيتة لا يصدقها إلا الحمقى أو من قبلوا أن يمضوا خلف الصنم الأكبر مغمضي العينين سواء هم من ارتضوا المضي خلفهم بإرادتهم طمعا أو جهلا أو اجبروا على ذلك وصدقوا ما يبثه من كذب وسموم هي في الأصل لن تمحو المخالف ولن تحجمه مهما حصل ومهما استخدموا في ذلك من أساليب أو طوعوا لها من كتاب ومتكلمين ومنافقين يبدلون المنكر معروفا والمعروف منكرا. وجنوبنا هو جزء من هذه التشكيلة التي يبدو أننا نحتاج لقرون أخرى كي نتجاوز هذه الصفة المقيتة في بني يعرب فمع كل الحقائق على الواقع ومع كل ماعاناه الناس وما حصل للوطن وأبنائه من أذية ذلك التوجه الذي نصب نفسه السيد والخصم والحكم لعقود حتى ذاق الناس منه الأمرين وهاهو الآن يكيل التهم لغيره محاولا تجميل صورته ومحو ما علق في أذهان الناس من بشاعة ماضيه . ومع أننا تقبلنا أن حب الوطن يجب ما قبله وأن الاستقلال طريق لابد أن نمضي به جميعا يشد بعضنا أزر بعض مهما اختلفنا في الرؤى ومهما تباينت توجهاتنا المهم أن هدفنا واحد وكل له سياسته أو وسائله لتحقيق الهدف لكن للأسف ما يحدث أننا كمن يمشي في طريق ضيق يحاول أحدنا إزاحة الآخر منه بكل قسوة و بطرق سيئة للغاية بدلا أن نمشي به سويا كل يمسك اتجاه معين. ما أريد الحديث عنه أو التساؤل بشأنه لماذا يسمى أو يوصف من ليس على توجهكم انه مخترق للحراك؟؟ ولما الإصرار والتعمد لأن يؤذى بالكلمة والفعل مع محاولات شرسة لإبعادهم عن المشهد السياسي وتصويرهم دائما بالعداء لأهل الجنوب وقضيته؟؟ هل الحراك حكرا على فئة معينة من التوجهات أو البشر دونا عن غيرهم ؟؟ لماذا لا تقبلون بالآخر وتحترمون فئات الشعب ذات التوجه المختلف والرأي الآخر . إن كان هذا تعاملنا مع بعضنا ونحن في فترة ثورة فكيف سيكون تعاملكم مع من خالفكم بعد الاستقلال هل ستنشئون السجون وتعلقون المشانق لأصحاب الفكر المخالف أم أنكم ستكونون أكثر رأفة من غيركم من الاستبداديين وتكتفون بتكميم الأفواه ونفي من لا يروق لكم خارج حدود البلد؟؟ لا أظن أنكم ستمارسون الخيار الأخير لأنه ليس من قواميس تعاملكم مع الخصم أو المخالف لكم فالتاريخ قد اخبرنا عن طرقكم في إزاحة من لا ترضون عنه وأظن حتى السجون لن نكون بحاجة إليها طالما هناك التصفيات السريعة!! أليس الحراك ملكا للشعب كافة ونابع من قاعدة شعبية ومن الطبيعي أن تختلف الطرق والوسائل وتتباين التوجهات وتتعدد الأفكار؟ هل المطلوب منا لنثبت وطنيتنا أن نلعن الإسلاميين ونقف ضدهم مع ما يتعرضون له من ظلم وحرب غير عادلة من أبناء جلدتهم وفي أوطانهم؟ أصل البلد مسلم ودينه الإسلام والأصل فيه أن كل مواطن إسلامي أما ما يؤمن به أصحاب التوجهات المخالفة لأصل أو روح الدين فهم الدخلاء على أبناء هذا الوطن فكيف يحاول أصحاب الفكر الدخيل على شعب الجنوب المسلم أن يقلل أو يحط من قيمة من يحملون فكرا نابعا من أصل الوطن وعقيدته؟؟ لماذا تطوعون الإعلام وقنواته المتعددة للإساءة لمخالفكم وتشويه صورتهم وهم الذين لم يسلبوا حقا ولم يريقوا دما وإن وجدت أخطاء فردية لا ترقى بحال إلى كوارث ما قمتم وتقومون به ؟؟ حتى النظام اليمني وزعيمه بكل قبحه و مصائبه تجاه الجنوب من قبل الوحدة وبعدها إلى يومنا هذا لم تشيروا إليه ولو بريشة نعام ولم تحاولوا الاقتراب من صفحاته الملطخة بدماء الجنوبيين بل صببتم حقدكم كاملا تجاه كل الإسلاميين في العالم الذين لا ناقة لهم ولا بعير فيما أجرمتموه انتم ونظام صنعاء بحق الجنوب وهذا إن دل على شيء فهو دليل أن نظام صنعاء (سواء السابق أو اللاحق ) شريككم وهناك تنسيق فيما بنيكم و لا تخلو علاقاتكم من مغازلات لبعضكم بعضا وتحالفات الهدف منها مصالح شخصية لا يشكل الجنوب وقضيته جزء من تلك المصالح وبعيدا عن كل ما سبق ،، الخيرون في الجنوب هم من سبقكم للحراك وقدموا أرواحهم وخسروا أعمالهم و قدموا من أموالهم للحراك لأجل الوطن في حين أنكم من تابع المشهد من بعيد ليحسب الربح والخسارة وليترك البسطاء تقدم أجسادها الطاهرة لتشعل الثورة ثم إذا ما شارفت سفينة الحراك أن تصل الشاطئ خرجتم من سردابكم وركبتم موجتها وبكل ما أوتيتم من قوة ومن دعم أجندات أخرى ظاهرة و باطنه تحاولون أن تلقوا من قادها حقا وفي أصعب الأوقات بل حققتم في ذلك الكثير فقد ألقيتم بقادة السفينة في بحار متلاطمة من المشاكل والشكوك حولهم و الكذب عليهم والافتراء بحقهم ..وأردتم الانفراد بقيادة السفينة التي لا يهمكم بقيت تسير في البحر حتى تصل بر الأمان أم غرقت هي الأخرى وتظنون أنكم بمأمن عن الغرق الذي إن حدث سيطال الجميع. إن نسيتم فإني أذكركم على مدار التاريخ كان الوطنيون الأحرار ومن بينهم الملتزمين بشعائر دينهم هم من قاوموا الاحتلال في الوطن العربي هم من قدموا أرواحهم وأبنائهم شهداء لتعيش الأمة ويبقى الوطن.في حين سجلت كل الخيانات وبيع الاوطان وتسريب المعلومات للعدو من غيرهم بكل مسمياتهم . فلما تمكن الوطنيين حقا من طرد الاستعمار وحصل التحرير تسلق الانتهازيون بكل أشكالهم ومسمياتهم للحكم ولبسوا ثياب الوطنية و كذبوا وافتروا وأتقنوا التمثيل حتى استلموا الحكم في البلاد العربية والجنوب جزء منها ، فبطشوا بأصحاب الأيادي البيضاء وكان تقريبا نفس العمل في معظم الوطن العربي القضاء على أصحاب الفكر الإسلامي و محاصرتهم وسجنهم وقتلهم وظل هذا هوالشغل الشاغل لكل الحكام العرب إلى يومنا هذا وكأنهم يعملون لدى دولة الاستعمار وينتقمون لها من الشعب المحرر..ثم استدار الحكام الذين صنعهم الاستعمار فأحرقوا في البلد نهبوا خيرات الوطن أفسدوا شبابها وصنعوا تجار حروب و سماسرة إرهاب وعتاولة فساد سيطروا على اقتصاد البلدان ومقدراتها ، وأصروا أن يكون إعلامهم هو المصدر الوحيد لتلقي الخبر و كتبهم الدراسية التي صنعوها على عين الاستعمار هي ما يدرس لأبناء المسلمين ولو كان لا يربي عقولا بل ينتج عجولا. مهما تحدثت فهو تاريخ أسود وباختصار فالوطن عندنا دين وحبه عقيدة والدفاع عنه جهاد و الموت في سبيله حياة.. في حين أنه لكم مال وجاه ومنصب و جبروت وظلم وليمت كل أبناء الوطن لتبقوا أنتم فهذا معتقدكم وهذا سلوككم . في الختام آمل أن تدركوا أن الحاضر ليس كالماضي وأن الشعب قد شب عن الطوق ولم يعد ذلك الذي يسيّر كالقطعان ويجب أن تدركوا أنه لامناص أن تقبلوا بالآخر كما قبل بكم وتتشابك الأيادي وتتسع القلوب لخدمة الوطن ولنعش كل بفكره و ما يؤمن به فالوطن كبير يسع الجميع المهم أن تتسع صدورنا للأخر لنرتق جميعا عن المصالح الفردية الضيقة ولنحب بعضنا فقط لأننا خرجنا من رحم الجنوب وإن كان هناك اختلاف فلنتعامل مع بعضنا بشفافية ونظافة أولا وأخيرا نحن أخوة ولن يمحو أحدنا الأخر مهما استخدم في سبيل ذلك .ولنا في التاريخ عبرة فاختلاف توجهاتنا ورؤانا ووسائلنا لتحقيق الأهداف لا يعني أن ينشأ خلاف بيننا ولا يجب أن يكون .