الجرائم ترتكب بأشكال و أساليب مختلفة فهناك جرائم كبرى، وصغرى، وجرائم متوسطة التأثير ، أما الأسلوب فأما أن يكون بطريقة مباشرة ، مثل الجرائم الجنائية كالقتل بأي سلاح كان ، والاغتصاب والسرقة و غيرها ، و الغير مباشرة ، بمعنى تحدث الجريمة وتؤدي إلى أضرار الإصابة بالمجني عليه ، ولكن لا تتم بالطريقة المباشرة عبر آله جارحة أو سواها ، ولكن نتائج أسلوب الجريمة لا تختلف، فأما الموت أو الإعاقة أو الضرر !. فالجريمة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة لا تختلف في النتائج والأضرار التي تتسبب للفرد ويعاقب عليها القانون، و يعتبر انقطاع الكهرباء عن المواطن دون سبب طارئ ، تعد جريمة غير مباشرة، ولكن هذه لا يعفيها كونها تلحق الضرر الفادح بالمواطنين ، بكل المقاييس وكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومن حق المواطن الذي كل ما يطلبه من الدولة كهرباء مستمرة ، وهذا يعتبر من ابسط الحقوق الواجب على الدولة حسب ما هو منصوص في القوانين و الأعراف ، لأننا نعيش في زمن لا نستطيع الاستغناء عنها لثانية واحده ، فكل وسائل الحياة في وقتنا الحاضر تعتمد بشكل مباشر على التيار الكهربائي فلا يستطيع أي شخص العمل بشكل فعال أو النوم براحه واسترخاء أو حتى تنمية وتطوير ذاته دون كهرباء متواصلة على مدار الساعة . فقطع الكهرباء مثلا يخلق أجواء التوتر و تعكير المزاج و إقلاق للسكينة خصوصاً في ساعات منتصف الليل والفجر ، و ما ينجم من ضرر كبير عن ذلك من إرهاق و إجهاد وتوتر للمواطنين الذين يذهبون في ساعات الصباح الباكر إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم ولم يحصلوا على ساعات نوم كافية ، وقطع الكهرباء تمنع المستشفيات من تقديم الخدمات الصحية كما يجب،وقد تتسبب في حالات موت لبعض المرضى ، وانقطاع الكهرباء يؤدي إلى قطع أرزاق الناس الذين تعتمد أعمالهم ومهنهم على الطاقة الكهربائية، وانقطاع الكهرباء يساعد على انتشار الجرائم كالسرقة والاغتصاب وغيرها من الجنايات خصوصاً ساعات الليل لاستغلال المجرمين فرصة الظلام الدامس في أفعالهم الشنيعة ضد المواطنين الآمنين. في معظم دول العالم لا تنقطع الكهرباء إلا في حالات طارئة وتقدم الدولة اعتذار لمواطنيها عن خلل الطارئ الذي أدى إلى انقطاع الكهرباء ، وفي حالات الصيانة تعلن الدولة عبر وسائل الأعلام تبرير عن الأسباب وتحدد وقت قطع الكهرباء ومتى ستعود ، أما عندنا تنقطع الكهرباء بمزاجية ودون معرفة الأسباب وغالباً ما تكون الأسباب والحجج مكررة نسمعها طوال سنوات خلت ، دون احترام و تقدير للمواطن و ما يحدث له من معاناة كبيرة و أضرار وخسائر فادحه جرى انقطاعها اليومي. وبالرغم من تلك المعاناة التي تقع على كاهل المواطن و الأهالي يجدون محصل الكهرباء يدق أبوابهم من أجل تحصيل قيمة الاستهلاك وبالرغم من أن الاستهلاك يكاد يكون ضئيل من كثرة تكرار مدة الانقطاع إلا أن الفواتير تأتى بمبالغ كبيرة تتنافى مع الواقع الذي يعيشون فيه. لاحظوا درجة الاستخفاف بالمواطن في طفي لصي المتكرر عدت مرات وخصوصاً ساعات الليل ، و ما يتسبب في تلف للأجهزة الكهربائية من مكيفات وثلاجات وغيرها وحتى أفساد المواد الغذائية المبردة ، إلى متى الضحك على الذقون، والتلاعب بالناس!!، و ماذا نسمي هذا جريمة أم لا ؟ فمشكلة الكهرباء تعاودنا كل عام وبنفس الأسلوب المخزي والمشين وخصوصاً في فصل الصيف وعند ارتفاع درجات الحرارة ما يفسره الكثير على أنه هذا عقاب جماعي للناس و انتقام منهم لسبب نجهله ، هل سنظل نعاني لسنوات و إلى متى أم كتب عينا الانتظار لسنوات وسنوات قادمة في انتظار " المعجزة " لتحدث وتخلصنا من مأساة الكهرباء؟ نقول يكفي كذباً على الناس من أعذار واهية وقصص خيالية كاذبة في تبريرات انقطاع التيار الكهربائي عنا بشكل يومي ، هل يعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين أن تعجز الدولة في حل مشكلة الكهرباء هل يريدون من بأن نعود للشموع و الفوانيس كما كان يفعل الأجداد ، معظم دول المنطقة المجاورة و العالم في جميع القارات قد تجاوزوا هذه المشكلة منذ عشرات السنين ، و أين وصلوا فيما حققوه من طفرة تكنولوجية وصناعية و اقتصادية و تجارية ، و أصبحوا يولوا أهمية واهتمام كبيرين للإنسان و كل ما يشغلهم في عصر التكنولوجيا المتسارعة بناء القدرات البشرية وتنميتها وتطويرها والحفاظ عليها لأنهم أدركوا أن قدرة الإنسان الذي يحظي باهتمام ورعاية وتوفير له وسائل الراحة و بنية تحتية قوية ومتينة أهمها الكهرباء المستمرة التي تسهم في جعله شخص يفكر في الإنتاجية اكبر وبجهد جبار و قابل للتطور والتنمية. أما ما يحدث عندنا فهو العكس تماماً فالحكومة تتسبب في فشل و تدمير و إحباط المواطن وتخلق مجتمعا غير منسجم مع المجتمعات الأخرى فتنشأ في مواطنيه الفشل وضعف الانجاز والانشغال بمشاكل قد تجاوزته المجتمعات المجاورة له ، وتدفعه في حالات معينة بأفعال عكسية ضد الوضع المأساوي الذي يعيش فيه، هكذا يمكن أن تكون الكهرباء سببا في تدمير الفرد والمجتمع، أما المسئول، أو المتهم في هذا الأمر، المسئول الحكومي أو الوزارة أو أي جهة حكومية تتعامل مع ملف الكهرباء ، وكأنها فرصة لتحقيق مآرب عديدة، منها تدمير المواطن وتعجيزه، ربما تنفيذا لأجندات مخطط لها ، وغيرها من الأهداف التي تجعل قضية انقطاع الكهرباء بمثابة الجريمة . لذلك نحن لا نزايد أو نهول، عندما نقول أن انقطاع الكهرباء "جريمة" ، كما أن الفشل في حل مشكلة الكهرباء وعدم وضع الحلول الإستراتيجية لها، يجعل منها مشكلة غير قابلة للحل في ظل المسئولين الحاليين عنها ، وإلى متى سنظل ندور حول حلقة المفرغة اسمها الكهرباء التي تشعل بالنا و تهدر أوقات لا تقدر بثمن في انتظار الحلول لمصيبة انقطاعات الكهرباء والتي ترقى إلى مستوى جريمة يعاقب عليها القانون .