سالم عبدالمنعم باعثمان لا أجيز لنفسي ان أكون الوحيد ممن يقف في حيرة من الامر , بل هناك الكثير يحدق بعينيه ببصيرة أمام جيل من الشباب والفتيان والاطفال ( أولاد وبنات ) ممن يتسم بشغفه للثوره الشعبية السلمية التحررية في ادائهم الذي اذهل العالم بل وتضحياتهم الجسيمة واصرارهم العجيب على المضي قدما في سبيل نيل حريتهم واستعادة كرامتهم واستقلال ارضهم ( ارض الجنوب العربي ) من براثن الاحتلال اليمني . رباه … يا عالم الاسرار … يا معين الضعفاء … يا كاشف الغم .. كيف انتفض هذا الجيل وثار بين ركام الماضي بآلامه وظلامه … ثم كيف قدم وتحمل وضحى بالرغم من حداثته وافتقاره لبرامج تربوية طويلة كنا نظن ان لا غناء عنها لإعداد طالب الجنة .. كيف ارتقت منه .. ولا زالت قوافل من الشهداء واثخن آلاف المصابين , وتوارئ من توارئ خلف القضبان , ووقع من وقع تحت آلة التعذيب المجرمة ..ثم .. لازال الاقدام هو السمة المهيمن والعنوان البارز … ثم كيف استمر ثابتا في الميدان رافعاً راية الشموخ والتحدي بثورته الشعبية السلمية التحررية بالرغم من انفضاض جمع غير قليل من اصحاب الاعذار الحقيقية او المصطنعة .. ثم .. كيف تحكم بنفسه الى أي مدى .. فلم يندفع الدفاع المنتقم رغم ضراوة المحنة وسعار الطغيان المتجاوز لكل الخطوط الحمراء .. كيف في زمن وجيز – تجلت ابداعات , وتشكلت صفوف , وتمايزت مستويات , وتصدرت قيادات .. فقط من خلال انبعاث روح الحماس والشعور بالمسؤلية والايمان بالقضية الجنوبية , قضية ارض وشعب وتاريخ وهوية , انها ارض الجنوب العربي التي دنستها قوى الاحتلال اليمني , بعيدة كل البعد عن معسول الكلام وطراوة الوسائد وهواء المكيفات .. لقد تشبعت اجسامهم بحلاوة الكلام , واستدركوا بعمق المخاطر التي تحيط بهم من خلال دوافع البذل والعطاء وتسخير المال وترنيمة الشعارات المجوفة والتسابق على الزعامات وممارسات الشخصنة والمفارقات , هؤلاء هم الشباب طلائع الثورة الشعبية السلمية التحررية ..قولوا لي بالله عليكم من اين جئتم ؟ وكيف اصبحتم ؟ والى أي فصيل تنتمون ؟ كل ما نعرفه عنكم وعلى دراية به انكم صغارنا الذين كنا نعلمهم منذ نعومة اظافرهم , كنا ننأى بكم عن المواجهات ريثما يشتد عودكم , فإذا بالأقدار تقذف بكم الى أتون الصراع رغما عنا , واذا بكم اسود تزأر في وجه الطغيان , وجبالا صامدة امام المحن , وسيولا تقتلع حصون الظلم , لا يحد من اقدامكم الفذ الا التزامكم بما وضعنا نحن الكهول من ضوابط وحدود , فكان ذلك منكم ابهارا فوق ابهار , الا اننا في الفترة الاخيرة نشهد بلطجة معاصرة هي : البلطجة الفكرية , فبعض الناس مهمتهم الكذب والتضليل و الخداع للآخرين , فقط لتمرير مخططاتهم وتحقيق أغراضهم وانجاز مصالحهم .. ان التأرجح والتقلبات عن المواقف المبدئية التي في سبيلها ومن اجلها تناضلون تندرج خلفها عفوية الانصياع لولي الامر الخفي الذي برزت حوله مؤشرات يلتقي معها بعض القيادات التي سينكشف جلبابها قريبا , لعلنا ننجو من سراديب الظلمات التي تغزل خيوطها خلف الكواليس , كونوا على يقظة واستعداد تام لبتر جماح الخداع والتضليل وكشف وتعرية بوادر الانزلاق في مجرى مخططات الاعداء التي ترسم بحنكة متناهية من بين صفوفكم تحت مظلة السير نحو التحرير والاستقلال . ان دماء الشهداء في اعناقنا واعناقكم ايها الشباب , واقسمنا باننا على دربهم سائرين , وبالتالي فان فرحتنا تكتمل يوم ان يحترم هذا الشعب وتحترم ارادته ويكون الحق فوق القوه , ويوم ان نرى المجرمين الذين تلوثت اياديهم بدماء شعب الجنوب العربي من بداية انطلاقة ثورته ضد الظلم حتى اليوم , فرحتنا تكتمل يوم ان نرى وطننا ترفرف على سهوله وجباله واوديته راية الحق والعدل والحرية , ويوم ان يرى الشعب الحق حقا والباطل باطلا دون لبس او غموض او التباس , فرحتنا تكتمل يوم ان نرى الظالم يعض على يديه من هول ما يرى من القصاص العادل الذي ينتظره , ويوم ان نرى كل من نهب وسرق واختلس يقف ذليلا صاغرا امام قاض لا يخشى في الله لومة لائم ولا يخلط المواءمات السياسية بالأحكام القضائية التي ترد الحق الى اهله دون حسابات سياسية او تدخلات امنية من جهات سيادية , لا فرق بين فقير او غني , ولا بين حاكم ومحكوم , ولا بين رئيس او مرؤوس , او بين وزير او غفير , الا بمدى استقامة كل منهم وكفاءته وعلمه وخبرته واخلاصه لله وللوطن . نصيحة واحده فقط اقدمها لكم على استحياء أيها الاساتذة الصغار : اخلصوا نياتكم , فلا تطلبوا شيئا غير مسك الختام الذي تناضلون من اجله على درب الشهداء , انه هدف التحرير والاستقلال , واياكم والهرولة او الانسياق وراء مالا يحمد عقباه , تلك الهاوية التي انزلق الكثير فيها من المناضلين قبلكم , فالمحتل بشتى صوره واشكاله فتتربص بكم الدوائر , وله من الازلام بين صفوفكم تراقب عن كثب وتستطلع اراءكم لتبث بين صفوفكم الفرقة , فلا تنقادوا الا لتوجيهات قياداتكم ممن منحتموهم الثقة في نشاطكم باعتصاماتكم المفتوحة حتى لا تتصيدكم شباك الاحتلال ومن يؤازرهم .. والله معكم ولن يخيب آمالكم .