* هاهو شهر رمضان يطل علينا بإطلالته المباركه هذه السنة كعادته حاملاً لنا بين جوانحه ثلاثة أبواب عظيمة كم نحتاجها كثيراً وما أحوجنا إلى إغتنامها وتعس وخسر من لم يسلك مسالكها ويجتاز دروبها معاملة وخلقاً وطاعه (الرحمة- المغفرة- العتق من النار) وأي مسلم يجب أن يتفيأ لنفسه وقلبه هذه الفرصة الربانية السانحة التي يهبها الله لعباده الذين يتمعنون حقيقة ومكامن العطاء السماوي وجوهر عقيدتنا الإسلامية السمحة، شريعة راسخة ومنهاج حياه كريمة لربٍ كريم مذّ خلق آدم وكرمه بسجود الملائكة له إلى يوم القيامة، نعمة عظيمة لهذا الدين الذي اظهره الله على الدين كله، والإسلام أتى للبشرية جمعاء ومعه الفرص المتعددة والأشهر الحرم والمناسبات الدينية لكل من عظمة ذنوبه وكثرت خطاياه فيمحيها قليل عفو ربه الغفور الرحيم. * ولكن مع هذا,, لنا معكم وقفات ودعوات,, فيها عِظه وتذكير إذ ينبغي للعباد جميعاً أن تتسع صدورهم ويجعلوها باحة فسيحة للقبول بمساوئ بعضهم البعض فالإمكانية متجددة في الإنصهار الأخوي وتنقية القلوب وتجاوز زلات الآخرين والمُقدرة القوية على كظم الغيض والعفو عن الناس ومسامحة المخطئين بروح وثابة مفلترة بتدبر فلسفة شعائرية ربانية لهذا الشهر العظيم رافعين شعار التسامح والتكافل والإخاء التي فلسفها لنا رب العرش العظيم مع معاني حميدة ومجيدة لمغزى سلوكية مؤثرة على المسلمين (الصيام جُنّة) وكفرض واجب على كل بالغ عاقل غنيٌّ وفقير, وللتنقيب الفكري والعقائدي لما ترشد إليه هذه الفلسفة الدينية من نتائج يتدبرها كل ذي قلب رحيم، ويسعد بها دنيا وآخرة كل من تعلو نفسه صفاءً ومحبةً في فضاءات رحيبة من تدبر ملكوت وعظمة الله ورحمته على خلقه وتتخلص نفسه من عوالق الحسد المذموم ومن محصلة فعل الضغائن والمشاحنات وحب الذات والأنانية المخيفة والسعي المستتر لتدمير حياة الآخرين، والطموح الغير مشروع في امتلاك الملايين من لعاعة الدنيا الذي بسببه تخرّبت بيوتاً كثيرة لأن الغني السعيد هو أميراً آمراً على هوى نفسه وأمتلك زمامها ولبس تاج القناعة، أما نعمة الرزق فيخصها الله لعباده كلٍّ يرزقه بقدرٍ ما يشاء، فهذا رمضان الخير يقبل علينا ناشراً في الصدور أريحيته وروحانيته التي تتجسد في تنوع وتعدد طقوس العباده التي بها يستشعر الإنسان بممارستها خالصاً مخلصاً بنواياه صادقاً لوجه ربه فتنبريء له رؤيا مؤطرة واضحة المعالم لعظمة الله الخالق الذي يحب تقرب عباده شبراً إليه يتقرب تجلى وعلا في ملوكته إليهم ذراعاً ليغفر لهم خطاياهم بقوله (أدعوني أستجب لكم)، فتجلى الله في علاه الذي يحب من عباده الخطّائون التوّابون. * وأسمحوا لي أعزائي القراء لنؤجل قليلاً الحديث عن فوائد الصيام على مر الأزمان الذي وعدنا سابقاً بمواصلته لنسترسل معكم فضائل رمضان الذي أنزل فيه القرآن من السماء السابعة إلى سماء الدنيا ليكون نوراً وهداية ونبراساً للناس وتبيان لكل شيء قد يضل البعض طريقه لبرهه من الزمن ويغفل عن إيجاد ذاته السويه وتغفله أكنّة زائفة وضعت بحسابات دنيوية صرفة في القلوب عن إغتنام هذه الفضائل الجليلة الذي خصها الله في هذا الشهر حتى ينعش علينا بزخات من نسيمات معطره بروائح الجنة فتهدي بصيرتنا ويتنامى توهج وجداننا المطفئة بفعل هموم متطلبات ومنغصات المعيشة ونكوص هاماتنا بشعورنا الخاطئ بتضائل وخفوت سراج الأمل في غدٍ أفضل، وهذه أهم الوقفات.. فهيا سوياً لننفض غبار اليأس وننطلق معاً ملتحمين صوب أضواء الحق والسكينة وإشراقات شموس المحبة للتغلب على عثرات الحياه وطوي مسافاتها الملتويه، عاقدين العزم على نبذ القطيعة ورمي الخصومة والعداوة جانباً على قارعة الطريق، وفي رمضان يستجيب الكثير من الميسورين لنداءات الاعمال الانسانية والخيرية في التكافل ومساعدة الأغنياء لأخوانهم الفقراء والنظر بعين العطف للمحرومين المتعففين عن السؤال. * أستوقفتني آياتٍ من سورة البقرة وأرجعت قراءتها مراراً واستلهمت معانيها فبكيت، فعندها أحسست بعظمة أخلاق رسولنا الكريم الذي دائماً ما يتعوّذ (من عين لا تدمع ومن قلب لا يخشع) حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: (ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان, أنه لكم عدوٌّ مبين. فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم. هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجعون) صدق الله العظيم، حينما تذكرت ظلم الناس لبعضهم البعض وإتباعهم لمثاوي الشيطان الذي أخرج أبونا آدم من الجنة بإغوائه لأمنا حآوى عليهما السلام لتأكل من الشجرة التي حرمها الله بقوله: (وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجكَ الجنة وكُلا منها رغداً حيثُ شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه، وقلنا اهبطوا بعضُكم لبعضٍ عدوٌّ، ولكم في الأرض مستقرٌ ومتاعٌ إلى حين. فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه، أنه هو التوَّاب الرَّحيم)، فما أكثر مصائب بنو آدم وما أكثر أحقادهم التي أنتشرت في مجتمعنا الإسلامي وما أكثر نكبات الأمة التي غالباً ما تكون سببها النساء. * كنا في أحاديث وديه بالأمسية الرمضانية التي خلت بمعية نخبة من أخواني وأصدقائي وزملائي الأكادميين والدكاترة والمثقفين والأعلاميين نستعرض مشاهدات يومية متكررة تمثلت في شكاوي العديد من الناس للوضع المعيشي الراهن وأنّاتهم من قلة حيلتهم مما زاد من اعداد الأسر الكريمة المستورة التي قادها الجوع والفاقه للخروج للشارع وسؤال الناس وملامح بؤسهم رسمتها تجاهل ولاة الأمر في بلادنا من إتخاذ قرارات تعزز من أوضاعهم المادية والمعنوية وتقوي القدرة الشرائية عند الكثيرين في هذا الشهر الكريم الذي دخل على الناس في أوضاع صعبة لعدم توفر إكراميات رمضان، فأنفردنا بحديث جانبي مع الإنسان النبيل صاحب القلب الكبير الذي يزوّدنا دوماً بدروسٍ مفيدة عن التسامح والإخاء ذاك هو الأستاذ/ حسين عمر باصالح رئيس منظمة حقوق الإنسان بحضرموت وفي أيدينا مقالاً للكاتب ذائع الصيت الأستاذ/ علي عمر الصيعري يتحدث فيه عن الحاجة الماسة التي يأملها ذوي الدخل المحدود في ضرورة إستجابة الحكومة والتوجيه بصرف العلاوات السنوية للموظفين التي وعدوا بها من عدة أشهر حتى تتيسر لهم تأمين أمور أسرهم وحاجياتهم الملحة لشهر رمضان وعيد الفطر وموسم بدء العام الدراسي الجديد وإفتتاح المدارس أبوابها، وهذه دعوة نوجهها لجهات الأختصاص بأن ينزلوا من بروجهم العالية ويلامسوا هموم الناس، ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة طيبة ومدرسة مثلى في علاقة الراعي برعيته وهو القائل: (لا خير فيكم أن لم تقولوها ولا خير فينا أن لم نقبلها)، لذا نكرر في هذا المقام دعوات الخير لهذا الشهر الفضيل شهر الصيام والقيام والعطاء والإحسان،، ونظرة جادة الى معاناة المواطنين والتعجيل بصرف العلاوات التي ينتظرها الموظفين بفارغ الصبر ولا يكونوا مسؤولينا غير آبهين ولا مبالين بما يقاسيه المساكين من الطبقة المسحوقه المغلوبه على أمرها من ضنك الحياه وشظف العيش فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، فالكراسي زائلة والمناصب فانية وكل عملٍ خلا وجه الله باطل، "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض" فلا تشغلنكم الصراعات والمكايدات والمماحكات السياسية عن الاستجابة لدعوات الخير خصوصاً في هذه الأيام المباركة وعمل الخير يتضاعف فيه الأجر والجزاء من الله تعالى ولما من شأنه التنفيس عن المحتاجين,, ودعوة أيضاً نوجهها للجمعيات الخيرية والمنظمات الانسانية ورجال الاعمال والميسورين في داخل الوطن وخارجه أن يجودوا على أخوانهم الفقراء ومد يد العون لهم، لقوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) صدق الله العظيم. * وفي الأخير تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وشهر مبارك وكل عام وأنتم بألف مليون خير,, ولنا معكم أعزائي القراء أحاديث عن رمضان والصيام في الأيام القادمة،، والى ذلك الحين أستودعكم الرحمن بالسلام والأمان وحسن الختام.. [email protected]