فليسمح لى القراء حول مقالى هذا الذى ترددت كثير في عدم طرحه ولكن للظروف الراهنة التى تعيشها حضرموت وأهلها الكرام جعلتنى اعيد صياغتة كما أوضح هنا أننى لن أكون فظاً في أسلوبي بطرح هذا المقال وليس المقصود منه التهجم ونشر الأتهامات لبعض من رجالات حضرموت الأفاضل والمتقوقعين في دول الخليج متناسين هذه الأرض المباركة ومالها من فضل عليهم ومالها من حقوق وواجبات من هولاء الأفاضل . الحقيقة لقد قطعوا كل قنوات الأتصال بها مما انعكس سلبياً على أبناءهم وأحفادهم وحذوا بحذوهم أتجاة حضرموتمسقط رأس الأجداد وبعض الأباء وليس حقداً أو كراهية لما هم فية من نعم المولى عزوجل الذى أسرفها عليهم في دول المهجر هذه حقيقة واضحة لمن لازالوا على تواصل مع هولاء ولكن للأسف التزموا بالصمت دون معاتبتهم على هذا التصرف . وربما تكون هى الحقيقة الغائبة عن البعض الآخر والذى اجبنى على طرح هذا المقال هو الوضع القائم على الساحة الحضرمية من تشتت فكرى وثقافي وسياسى وما اطلعت عليه من أخبار التى لا تسر ولا يرضى بها كل أنسان يحمل في داخله ذرة من الأنسانية والأنتماء للتربة والشعور بالأحساس الوطني . لهذا أحذر أهل حضرموت الذين لازالوا متمسكين بجذور هذه الأرض من خلال هذا المقال أن يعتمدوا على أنفسهم فرجالات حضرموت أصحاب الأرصدة من رجال الأعمال المتناثرين في دول المهجر ودول الخليج لم ولن تصل منهم المعونات الأنسانية أو المساهمة برفع الظلم عن كواهلكم برغم مايتمتعون من مكانة مرموقة في هذه الدول لأن عبارة ( ماحولى ) لازالت تن في دواخلهم والتى بسببها سوف تجعل حضرموت وأهلها في خانة اليك أو ربما تتعرض للسقوط فحينها مقول كش ملك . حضارم الماضى أن حضرموت تزاخر بكل القيم والمبادى الأنسانية والحضارية والثقافية والتاريخية المخطوطة في كتب التاريخ القديم والحديث كما أن هناك شواهد مثبوتة في ذكريات المستشرقين وكتب الرحالة والمستكشفين على مر العصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لهذا نود أن نوضح هذا لشباب حضرموت في عصرنا المعاصر الذين يجهلون هذه الصفحات التاريخية وللأسف لقد أهمل بعض المثقفين والكتاب هذا الجانب التاريخي عن حضرموت وأتجهوا بفكرهم وثقافتهم وأدبهم إلى مسالك متعرجة يغلب عليها الطابع النفاقي الممزوج بالفكر السياسي والشعارات الحزبية . أن الشعب الحضرمى خصة المولى بنعمة الأسلام منذ بزغ فجره ودخلوا إلى هذا الدين الحنيف أختياراً وليس أجباراً أو خوف دخلوه بما يتمتعون به من قيم ومبادي خلاقة التى كانت تسود هذه الأرض واختاروا المذهب الوسطى في معتقداتهم ومن خلاله أنطبعت في دواخلهم عدة مزايا منها : حسن المعاملة / الموعظة الحسنة / بلاغة البيان والتبيين / وعذوبة الكلام وحلاوتة الوفاء والألتزام بالأمانة / حبهم للتأخي ومساعدة الأخرين ومزايا مما أكسبتهم هذه المزايا حب وتقدير وأحترام الأخرين من الأمم الذين أستوطنوا بينهم . وكما هو متعارف عليه أن حضرموت تتمتع بمخزون ديني وثقافي وأدبي مما جعلها منارة من أعظم المنارات العلمية والثقافية أسوة بالأزهر الشريف وخرجت القوافل إلى رحاب أوسع حامله على أعتاقها نشر الأسلام إلى أم أفريقيا وشرق آسيا دون تحريف أو تعنت أو مبالغة في الشرح الوافى لهذا الدين ودون فرض بقوة السلاح أو أنواع التعذيب الجسدى لهذه الأمم ولكن بالموعظة الحسنة تمشياً مع قول ( الدين معاملة ) وتفنيد وتنوير لكل سائل عن هذا الدين وتصحيحة حسب ما نصت عليه الشريعة والسنة المحمدية . وطال بهم المقام في هذه الدول فلم يخرجوا عن عاداتهم وتقاليدهم التى أنغرست في قلوبهم وأطباعهم الخلاقة من أرض حضرموت لأنهم يملكون صفاء النوايا الحقيقية ومن العلماء الذين أشتهروا في عصرهم نذكر البعض منهم : الشيخ / المحقق الأديب منها بنعوض بمزروع السيد/ والإمام أحمد بن الحسين ابن الشيخ والسيد / العلامة الأديب سالم بن أحمد شيخان السيد / إمام عصره العلامة الشيخ عمر بن عبدالرحمن العطاس العلوى الشيخ / الفقية عبدالله بن عمر باعباد السيد / الماجد الإمام الحامد ابن الشيخ أبي بكر الشيخ العارف الأديب عبدالله بن أحمد العمودى السيد / العلامة أحمد بن هاشم الحبشى العلوى وغيرهم الكثير والكثير الذين جاء ذكرهم في كتاب جواهر تاريخ الأحقاف للعلامة الفقية محمد بن على بن عوض باحنان . ثم جاء بعدهم خير خلف لخير سلف من الذين لهم أعمال خيرة تتصف بالأنسانية رجال لم يبخلوا بجهدهم وحياتهم وأموالهم على حضرموت وأهلها الكرام ومن هولاء في العصر الحديث : الشيخ / أحمد سعيد بقشان الذى كان بمثابة الأب الروحى لكل الحضارم القادمين للمملكة العربية السعودية وله من الأعمال التى لاتعد ولا تحصى من اعمال أنسانية ووقفات رجولية بها من الشهامة والنخوة وأغاثة الملهوف خارج حدود حضرموت التضاريسية ولدى من القصص والمواقف الكثيرة لهذا الشيخ المغفورله . الشيخ / أحمد محمد بغلف رجل البر والأحسان الذى لن ينساه الحضارم ولن تنساه حضرموت التى مازالت أعمالة ممتدة تحت رمال تربة حضرموت في بعض مدن وقرى حضرموت . السيد / أبوبكر بن شيخ الكاف الذى ولد في سنغافورة وكان والده واسع الثراء ورثها أبنه أبوبكر من بعده ثم انتقل إلى تريم وانغمس في السياسة وفي المشاريع الخيرية وكان ينفق بسخاءثم أنتقل بعدها إلى سيئون وكان يلقب سلطان حضرموت الغير متوج والتى أنعمت عليه ملكة بريطانيا بلقب سير فشيد المدارس والطرقات ولم يبخل بأمواله على حضرموت أو أهلها كما هو الحال من بعض رجالات حضرموت الذين متقوقعين في دول الخليج الذين لم يتفضل البعض منهم بأعمال خيرية أو أنسانية وهناك البعض منهم ولكن أكتفى بمذكرتهم . حضارم اليوم للأسف أن حضارم اليوم انغمسوا في حياتهم العملية وأقامة المشاريع في دول خليجية وبعض دول شمال أفريقيا منها المغرب والجزائر وتونس ومصر وبعض الدول الأروبية وأمريكا فهم مثل عيون عذارى الموجود في البحرين تسقى البعيد وتترك القريب يصاب بالجفاف . لم نسمع عن أهتمام بأرض حضرموت من هولاء الذين يمتلكون المليارات بالعملة الصعبة ولم نشاهد على أرض الواقع أى أعمال أنسانية أو مشاريع تنموية أو أنشاء مصانع للقضاء على البطالة المتفشية بين شباب حضرموت فهم للأسف لازالوا متمسكين بعبارة ( ماحولى ) التى أنعكست سلبياتها على أبناءهم وأحفادهم فأصبحوا بعيدين كل البعد عن حضرموت وأهلها حتى الوظائف الشاغرة في شركاتهم محرمة شرعاً على أبناء حضرموت . وحضرموت أصبحت أسيرة بين جدران قصورهم الفخمة في دول الخليج وتغيرت أطباعهم ولهجتهم الحضرمية إلى لهجة دول المهجر والبعض منهم للأسف تم تحريف أسماءهم إلى أسماء تواكب الأسماء المهجرية . الهوية الحضرمية الهوية هى الأنتماء الحقيقي للأرض واالشعور بالأحساس الوطنى والهوية الحضرمية ليست مجرد أحرف أو كلمات تنطق ولكنها هى أحساس وشعور بالمسئولية الوطنية والولاء الكامل والصدق لتربة حضرموت قولاً وعملاً ولا يحق لنا المزايدة عليها . الهوية هى الأنتماء لتربة نشأنا على رمالها ونهلنا من علومها وثقافتها وتراثها وموروثها وتطبعنا بعاداتها وتقاليدها وتلذذنا بخيراتها التى نبتت على تراب سهولها ووديانها الخصبة هى الوسام رفيع المقام تمنحها حضرموت لأبنائها ثم أحفادهم ولا يسمح بالظايدة عليها مهما كانت الظروف والمتغيرات والأغراءات ومن لم يكن به خيراً لهويتة فليس له خيراً للهوية الممنوحة لها . التكتلات الحزبية كانوا الحضارم في السابق بعيدين كل البعد عن السياسة كانوا متأخين ومترابطين تجمعهم المحبة والود وحسن المعاملة فيما بينهم فلم يهتموا بالسياسة أو بأحزاب فكرية كما هو الحال اليوم فقد أنشق الصف الحضرمي وأصبحوا في عدة تكتلات سياسية وتفرقوا بين الأحزاب التى خلفتها الحكومات السابقة فأنشقوا بأفكار وشعارات مختلفة ثم ظهر الحراك فأصبح البعض منهم يغوص في أعماقة دون وعى وأدرك والبعض الآخر يبحث عن ضالتة في ظل هذه المعمعة دون دراية عن مغبات الزمن والبعض الآخر أستسلم للأمر الواقع ورضى أن يكون تابعاً وليس قايداً فغاص في التبعية دون معرفة نهايتها . شباب متسكع يبحث عن نفسه للأسف أن شباب حضرموت بعد كل البعد عن كل ما أفرزتة حضرموت من عادات وتقاليد وقيم ومبادى سامية وتمسك بخيوط الندامة بأختيارة تاركاً كل ما أفرزتة أرض حضرموت من صفات راقية فأصبح ضايعاً في دروب الحياة يبحث عن ما يجعله في دوامة النسيان فوجد في شجيرات القات المتنفس الوهمى للنسيان فتصاعد الخط البيانى لهولاء الشباب إلى أعلى قمم الهوية والأنحدار الأخلاقى وتشتت فكرهم بين حانا ومانا بين الحراك والثورجية ومستنقع الأحزاب دون النظر فيما يطالب به البعض الآخر من أبناء حضرموت الشرفاء ووصل أمر الأختلاف والأنقسام إلى أفراد العائلة الواحدة فأصبحوا في مدارات مختلفة الأيقاعات . الأمل المفقود كل مايحدث في وقتنا الراهن اليوم من تهميش وطمس لهويتنا وأستغلال خيراتنا وأنحراف شبابنا سياسياً وأنقسام حزبياً واعتناق شعارات مظللة وما يحدث على أرض الواقع من أغتيالات لرموز وطنية نتسال هل هناك ولو بصيص أمل أن تعود حضرموت إلى عهدها السابق بشكل حضارى راقى وهل سيفوق شبابنا من هذه المهاترات السياسية والأقتناع بما تنتجها الأرض الحضرمية من أصالة وتتغير بهم المفاهيم الحقيقية فيشعرون بأحساس الوطنية وأن لا صوت يعلوا على صوت حضرموت فتنهض حضرموت بسواعدهم وفكرهم إلى مصاف الدول أم أن الأمل مفقود فنستسلم للوضع القائم تاركين حضرموت عرضة لمن يسعى إلى هدمها والجلوس على أنقاضها ونترك خيراتها وقف لمن ماتت ضمائرهم في أستنزافها إلى أن تجف هذه الخيرات فنتسول بين الأمم لله يامحسنين ونصبح محاصرين مثل غزة هنا السؤال أتمنى أن نجد الجواب الشافي.