يحق لأي منتسب لأرض اليمن رجالاً أو نساءً أن تنتابهم الغيرة على سمعة بلادهم وعلى أخلاقيات أبنائه، وفي عصر ثورة المعلومات وتفشي المعلومة بدون قيود كان من المهم أن نكون عند مستوى هذا التحدي وهذا السعار المعلوماتي القادم إلينا بقضه وقضيضه، وعدم مواجهته أو الهروب منه هو نوع من الاستسلام والخوف الكامن في عقلنا الباطن.. ومن مظاهر ذلك الخوف نكران ما تحمله ملوثات هذه العولمة إلى بيئتنا المحافظة من أوساخ تدعونا إلى الذهول وعدم التصديق أن هواءنا النقي الذي كنا نستنشق عبيره صبح مساء بدأت تتسلل إليه تلك الملوثات.. (هذه أمور شاذة ومن غير المناسب التعميم) (لا يصح مناقشة مثل هذه المواضيع وتعميمها) (مجتمعنا مازال محافظاً ومن العيب طرح مثل هذه الأمور الشاذة) (كل مجتمع فيه الفاسد والصالح) كل ما سبق عبارات تتردد في صحفنا ومجلاتنا ومنتدياتنا ووسائل إعلامنا المختلفة، وهي ليست حكراً على مجتمع بعينه، فكما هي في اليمن سنجدها في السعودية، أو الكويت، أو مصر وغيرها من أقطارنا العربية.. فإن كان كل مجتمع سيرمي بسوء الأخلاق الواردة إليه إلى المجتمع الآخر فأين ستقف الدائرة، علماً بأن الدائرة لا نقطة نهاية لها، والسؤال الأهم هل من المجدي أن نتبرأ من أخلاقياتٍ وصلت إلى مجتمعنا ونتنكر لوجودها ونغمض الطرف عن الوقوف عليها ومناقشتها كونها مسفة، ومبتذلة، وغريبة عن ديننا وقيمنا ومجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا.. أشك بأننا في عصر مازال متمسك بكل تلك المصطلحات العظيمة عظم من أسسوها وبنوها وغرسوها في قلوبنا ونفوسنا من آبائنا وأجدادنا .. ولكنه الحاضر .. ولكنه الزمان الذي فرض علينا لعبته، وأقحمنا في الدخول إليها طوعاً أو كرها.. إلا من رحم ربي.. إن كان أحدهم طرح قضية خطيرة بكل حرقة وألم على ما وصل إليه حال بعض فتيات اليمن من الاتصال العشوائي بأرقام خليجية للعبث الأخلاقي مع الشباب وأحدث موضوعه استياء القارئ فإن ما خفي أعظم، وكلمة (ما خفي) هذه أعلم أنه ليس هنا مكانها؛ لأن ما هو حاصل اليوم ليس بخافٍ عن أحد .. (ما خفي) كانت تقال قبل عصر الانفتاح التكنولوجي وقبل تبادل الصور والمقاطع عبر الجوالات .. إن كان قد تألم أحدهم لاتصال عابث فكيف حينما يعلم بوجود مقاطع فيديو لفتيات يمنيات في عمر الزهور يتم تصويرهن بأوضاع مخلة، وفي أماكن مشبوهة، لينضموا إلى سوق النخاسة الحديث فتبيع إحداهن دينها وشرفها بثمن بخسٍ دراهم معدودة وهم فيها من الزاهدين.. كيف به حينما يعلم عن فتيات اليمن اللاتي أصبحن يزاحمن المبتذلات غيرهن في بيع ما يباع وما لا يباع للحصول على المال.. القضية أخطر من قولنا (هذه أمور شاذة) و(تلك مواقف فردية لا تعمم) فإن استمررنا في ترديد تلك العبارات فلن ندرك إلا وقد أغرقنا الموج لا محالة.. والحل يكون بالمواجهة، بمناقشة هذا السلوك السيئ الذي سيبدأ يستشري في جسد مجتمعاتنا، الحل يكون بدءً من بنت اليمن الغيورة على أختها، وعلى سمعتها، وذلك من خلال البدء بشن حملات إعلامية عبر الصحف والمواقع الإلكترونية، حملات إعلامية يشترك فيها ويدعى لها كل صاحب غيرة ونخوة وشهامة، ويتم إشراك جميع الطاقات والقدرات، الفنيون والفنيات يبدؤوا بتصميم شعار الحملة، الإعلاميون والإعلاميات، يبدؤوا بصياغة أهداف الحملة وتحديد سياستها وخطتها والترويج لها، أصحاب المواقع والمنتديات يقوموا بإشهار الحملة ونشرها.. يجب أن ننفض غبار الخوف والتوجس والرهبة من قلوبنا.. ونثبت لغيرنا بأننا على الأقل لدينا القدرة على مواجهة كل ما من شأنه مس قيمنا وأخلاقنا والتأثير علينا .. وأننا نملك من مفاتيح العمل الجماعي أن نقف بيدٍ واحدة عند استشعارنا لأي خطر يداهمنا وقفة شجاعة جادة.. * كاتب وصحفي – الرياض www.shahari.net