لله يا محسنين.. "دبة" ماء صغيرة تمسح بلاوي كثيرة - لله يا محسنين "شربة" ماء قليلة تغفر ذنوب كثيرة.. ظاهرة تسول جديدة ومختلفة بدأت تتكشف على إثر أزمة مياه خانقه تعيشها مدينة تعز هذه الأيام.. متسولو (ماء) شرعوا ينصبون خيامهم في اقرب منطقة قيل لهم أن قطرة ماء أخيرة لا تزال تنساب فيها.. وآخرون يحصلون عليه بنظام الحصص، وقليلون متخوفون من أن يجدوا أنفسهم يوماً ما يقفون في طوابير للحصول على هذه الحصص. ومع الأعباء السابقة التي يتحملها المواطن في سبيل الحصول على لقمة عيشه في حدها الأدنى أضيفت إليها أعباء أخرى تمثلت في (وايتات المياه)الباهضة التكلفة وشراء (المياه النقية) من البقالات.. "نبأ نيوز" أجرت هذا الاستطلاع القصير أملاً في وضع اليد على الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة مياه تعز؟ ولماذا يتأخر وصولها إلى منازل المواطنين شهراً كاملاً؟ وهل هناك محاباة لبعض الحارات على حساب حارات أخرى؟ وما هي الحلول السريعة لتجاوز الأزمة؟ وماذا يقول المواطنون حول أزمة المياه القديمة الجديدة في المدينة، وكيف يكيف المواطنون أنفسهم مع أزمة المياه الخانقة1؟
• 6000 آلاف ريال شراء وايتات يقول الأخ/ مصطفى عبده منصور- رب أسرة - حارة "السلخانة" مدينة تعز، انه يضطر لشراء وايت مياه كل أربعة أيام لمواجهة الأزمة الطارئة.. فهو يعول عشرة أفراد ويعمل بائع مواد غذائية.. إن ذلك يكلفه حوالي 6000 آلاف ريال شهرياً، وكان في السابق يواجه الأزمة التي كانت اقل حدة من اليوم بشراء وايت واحد فقط.. ويضيف: "مع ذلك تنهمر الفواتير واضطر للتسديد"!! • يفكر بالهجرة إلى القرية يؤكد عبد العليم الحاج- إعلامي- رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد انه أصبح منذ ظهور أزمة المياه الجديدة في تعز يقتطع جزءاً من راتبه لشراء ماء كوثر من البقالة يومياً وذلك بحدود 200 ريال يومياً.. وهذا شكل عبئاً أضيف إلى التزامات الحياة السابقة. يتابع الحاج: "بصراحه لو لم افعل ذلك لتعرضت للعطش المحقق أنا وأسرتي- وللعلم- فكرت بالهجرة العكسية إلى القرية أكثر من مرة بحثاً عن المياه"، ويضيف: "المياه شريان الحياة وبدونها تتوقف فهل يدرك المسئولون على مياه تعز هذه الحقيقة؟". • منعت أبنائي من الصلاة ويقول سلطان قائد الشرعبي- رب أسرة مكونة من عدة أفراد وهو من سكان حارة جامع عمار بن ياسر، ويعمل بائع بطيخ: إن المياه في حارتهم لاتصل إلا بعد 25 يوماً وأحياناً أكثر.. يضيف الشرعبي: أنا أواجه هذا الظرف الطاريء بشراء وايت كل أسبوع ومع ذالك لا يكفي، ولذلك أجدني مضطراً لترشيد استهلاك المياه في المنزل، وأعطي تعليمات قاسية جداً لأبنائي وزوجتي حول متى وكيف نستخدم المياه. ويردف قائلا: مثلاً اضطررت في الأيام الأخيرة إلى منع الأبناء الصغار الذين كنت قد عودتهم على الصلاة من تأديتها خوفاً على نفاد المياه المتوفرة في المنزل لأنها غالية جداً وفي نفس الوقت دخلي لا يسمح. • أجمل هدية.. كوب ماء ويقول الأخ/ محمد الربوعي - رب أسرة ويعمل موظفاً حكومياً ويقطن شارع التحرير الأسفل: إن المياه اليوم أصبحت أجمل هدية يمكن أن يقدمها شخص لصديقه أو جارة لجارتها، بل أصبحت وسيلة مجاملة تعطى في المناسبات.. فلقد حل كوب الماء محل كأس العصير وزجاجة البارفين.. يضيف: لك أن تتصور كيف يتعكر مزاجي عندما اصل من العمل ولا أجد قطرة ماء في البيت لان ذلك معناه إن الحياة تعطلت وفي هذه الحالة أنا أمام خيارين أما الخروج إلى الجامع في عز الظهر ووسط لهيب الشمس وأنا متعب بعد يوم وظيفي شاق وأزاحم الأطفال أمام صنابير الجامع وأتلقى "الدهف" والسباب من المراهقين أو آخذها من قاصرها- كما يقال- واشتري طعاماً جاهزاً من المطعم، وهذا طبعاً على حساب الميزانية.. وفي كل الأحوال أزمة المياه هي السبب..! • وضوء واحد في اليوم ياسين السامعي- سائق تاكسي - رب أسرة مكونة من سبعة أفراد.. يتفق مع ما قاله الربوعي، ويضيف: كوني اعمل سائق سيارة اضطر إلى الخروج إلى ضواحي المدينة حيث توجد آبار مجانية وانقل بسيارتي خمس دبب ماء بلاستيكية يومياً وإذا تعطلت السيارة اضطر إلى الشراء يومياً.. ويؤكد: أنا بدأت اتخذ تدابير جديدة بسبب أزمة المياه الطارئة مثل الاكتفاء بوضوء واحد من الصباح إلى المغرب وكذلك تفعل زوجتي أما الأبناء وهم في اعمار لا تتجاوز العاشرة بطلوا الصلاة من تلقاء أنفسهم، وكذلك خففت من الاستحمام، وقللت من النظافة اليومية التي كنت متعوداً عليها من سابق. • يستأجر مهمشين لجلب المياه أما سفيان التميمي - عسكري - من سكان شارع الضبوعه ويعول خمسة أفراد فيقول: انه نسى متى آخر مرة زار المشروع منزلهم.. ويضيف: حتى إذا جاء يبقى في التانكي ساعة ويذهب بسرعة وبعض المواسير مكسورة تذهب المياه بسببها هدراً في الشوارع فتزيد الطين بلّة وإذا اتصلت بالمؤسسة يأتون إليك بعد أسبوع.. ويزيد بقوله: لدي جيران مهمشين استأجرهم طوال الشهر ينقلون المياه إلى المنزل من أماكن بعيدة بواسطة "العربية".. وأحياناً اشتري منهم الماء شراء وبصراحة أفكر في العودة إلى القرية حتى أتمتع بنعمة الماء التي نحن محرومون منها في المدينة..!
• يواجه الأزمة بالصبر ويتهم طلال البحيري- مهندس ساعات - رب أسرة مكونة من أربعة أفراد مؤسسة المياه بالقيام بمحاباة بعض الحارات التي يقطنها التجار وكبار القوم على حساب بعض الأحياء والحارات الفقيرة، ويتساءل: طيب لماذا تغيب الأزمة في بعض الحارات في "المجلية" و"المسبح" و"العسكري" وتشتد أكثر في "عصيفرة" و"شارع جمال" و"المركزي"؟ يضيف: بسبب الماء انتقلت من حارة إلى أخرى بحثاً عن الماء وكلما سكنت في حارة تفاجأت بانقطاعها في هذه الحارة.. ويتابع: اضطر مع أزمة المياه الطارئة إلى مواجهتها بالصبر والله يخلي الجيران عندي جار طيب يتفضل عليّ كل يوم بدبة ماء أشوفها مثل العسل ولا ادري متى ستنتهي أزمة مياه تعز التي طالت كثيراً. • طوابير المياه وفيما كنت اجري هذا الاستطلاع شاهدت كثيراً من النسوة والأطفال يقفون طوابير طويلة على مشارف بئر مياه في إحدى حارات "عصيفرة السفلى"، سألت إحداهن عن فترة انقطاع المياه عن حارتهم فأجابت: انه مضى على انقطاع المياه عن حارتهم حوالي شهر كامل. وقالت: "عندنا جيران أغنياء يملكون خزاناً ارضياً كبيراً يتكرمون علينا صدقة بدبة كل يوم لكن المثل يقول: إذا كان صاحبك عسل خل منه وسل". وتضيف: "الماء عندنا مشكلة وعايشين على السلف دبة من هنا ودبة من هناك.. طيب إلى متى الله يخلي المسئولين منتظرين وعودهم بحل الأزمة!؟". • سرقة المياه ويكشف الحاج/ احمد الشرعبي – 67 سنة- عاقل حارة عن قيام سماسرة بسرقة المياه من داخل المدينة إلى خارجها بغرض ري شجرة القات.. ويضيف الحاج احمد: إن عشرات الوايتات تقوم بنقل المياه إلى قرى في ضواحي المدينة حيث تشهد هذه القرى هي الأخرى جفافاً منذ سنوات طويلة الأمر الذي يعرض محصول القات إلى الهلاك. • مستثمر يشكو المؤسسة وكان م/ جازم سعيد مدير حدائق "جاردن ستي" بمدينة تعز قد شكا أثناء حفل تدشين دخول الحدائق من عدم قيام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز بإمداد حديقته بالمياه اللازمة.. مشيراً إلى إن ذلك يكلفه كثيراً حيث أسعار وايتات المياه مرتفعة، إضافة إلى أن هذا الموقف من المؤسسة هو عكس التوجه العام للدولة والحكومة نحو تشجيع الاستثمار والمستثمرين مؤكداً أن مشروعه الاستثماري هذا كلفه 80 مليون ريال ويقدم خدمة اجتماعية وسياحية وصحية للمواطنين. • السبب في تغيير الشبكة حملت "نبأ نيوز" معاناة المواطنين اليومية جراء نشوب أزمة مياه طارئة في تعز الى بين يدي المسئول الثاني في قيادة المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمحافظة تعز وهو الأخ/ نبيل الارياني، نائب مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز، والذي أكد إن المسألة ليست في انقطاع تام بقدر ما هي تأخير في توزيع المياه إلى المنازل بشكل منتظم ومجدول كما كان في السابق، وذلك بسبب قيام الشركة المنفذة لشبكة المياه والمجاري لمدينة تعز بتغيير الشبكة القديمة بأخرى جديدة بهدف تحسين خدمة المياه بشكل عام. وأوضح: إن العمل بتغيير نظام الشبكة القديمة يحتاج لبعض الوقت مؤكداً أن الشبكة الجديدة ستعمل على تحسين وتوفير خدمة أفضل للمواطنين كما أنها ستوفر فاقداً من المياه يصل نسبته إلى 12% . وحول عدم تزويد حدائق "جاردن ستي" بالمياه اللازمة قال الارياني: إن ذلك راجع لكون المستثمر لم يقم بتسديد ما عليه من مستحقات تصل إلى مليون ريال للمؤسسة، مؤكداً: إن المؤسسة ستقوم على الفور بضخ المياه إلى الحدائق في اقرب وقت في حال تسديد الحدائق ما عليها من مديونية للمؤسسة. • حصد مياه الأمطار ويتابع الارياني قائلاً: كانت المياه تصل إلى منازل المواطنين كل عشرة أيام، وفي الصيف كل خمسة عشر يوماً بسبب زيادة الاستهلاك، داعيا إلى تضافر الجهود لما من شأنه تحسين خدمة المياه في تعز. وكشف الارياني عن قيام المؤسسة بتنفيذ مشروع كبير في مجال حصد مياه الأمطار الذي سيوفر كمية كبيرة من مياه الأمطار قبل نزولها إلى المدينة وتلوثها بالمجاري والمخلفات، وكذلك الأمر على مستوى المنازل حيث إمكانية قيام المشتركين بعمل خزانات تستوعب مياه الأمطار.. وأكد الارياني أن المؤسسة لا تحابي بعض الحارات على حساب حارات أخرى وليس هناك من معيار إلا معيار المواطنة فقط، لافتاً إلى أن تأخر وصول مياه المؤسسة عن بعض الحارات لأيام طويلة ناتج عن وقوع هذه الحارات في أماكن مرتفعة جداً بحيث يصعب وصول المشروع بسهوله وسرعة تحلية مياه البحر خلال اشهر. وكانت ندوة قد أقيمت في رحاب جامعة تعز حول مشكلة المياه في اليمن مصادرها وتلوثها.. خرجت بالعديد من التوصيات الهادفة إلى إيجاد مخرج عملي لحل مشكلة المياه في اليمن عموماً وفي مدينة تعز على وجه التحديد باعتبار أن تعز أكثر المناطق التي يهددها شبح العطش القادم لو لم يتدارك العقلاء مخاطر الأزمة.. الأخ/ عبد القادر حاتم- وكيل محافظة تعز للشئون البيئية والفنية- تحدث على هامش الندوة مؤكدا إن الأمور تجري على قدم وساق على طريق إيجاد حل لازمة مياه تعز الخانقة، مشيراً إلى أن حلول الأزمة تسير على مسارين منها أن العمل يجري حالياً على تغيير شبكة مياه تعز القديمة بأخرى جديدة، وقد بلغت نسبة الإنجاز حتى الآن 75% وانه سيتم الانتهاء منها في شهر نوفمبر 2007. وقال: إن تغيير الشبكة القديمة بأخرى جديدة سيوفر فاقداً يصل إلى 40% كانت تذهب هدراً بسبب تآكل الشبكة القديمة، وأما المسار الثاني فيعتمد على تحلية مياه البحر من مياه البحر الأحمر في المخا أو من مياه البحر العربي في عدن. وأوضح: إن هناك دراستين قد تم الانتهاء منهما واحده تشير إلى أفضلية مياه البحر العربي المنخفضة الملوحة مقارنة بمياه البحر الأحمر، منوهاً إلى أن تدشين العمل بالمشروع سيبدأ خلال الأشهر القادمة..