أثار الحديث عن تشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في اليمن على غرار تلك الموجودة في الجارة السعودية فزع العديد من مواطني تعز على خلفية ما سمعوه عنها من تقييد ومطاردة للحريات الشخصية في الأماكن العامة والخاصة التي يتواجد فيها المواطنون برفقة عائلاتهم . حالة من الدهشة انتابت مواطني المدينة- التي تنام عند الساعة التاسعة مساء إما إجباريا بانقطاع الكهرباء أو اختياريا لندرة أماكن الترفيه- تمثلت في عدم وجود منطق يحتكم إليه العقل في تشكيل مثل تلك الهيئة في بلد متخم بالمؤسسات الدستورية والقانونية والأمنية والديمقراطية والتشريعية، ناهيك عن طبيعة المجتمع الأكثر تقليدية، ربما مقارنة بدولة الجوار التي تتواجد فيها (النسخة الأصل) من تلك الهيئة. وبالرغم من ذلك أيدت هيئة كبار العلماء فيها جواز مبيت المرأة بدون محرم في فنادق البلد في حين تم طبع نسخة من تلك الهيئة بصورة عاجلة لنقلها إلى بلد كافح وناضل خلال عقود من الزمن بغية إيجاد مؤسسات تنويرية وديمقراطية كمرجعية في حكم الشعب نفسه بنفسه. وساد الاعتقاد بين المواطنين في الآونة الأخيرة ان جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تشتغل في أوساطهم بشكل سري لتقدم تقاريرها إلى أفراد الأمن لتقوم بالنيابة عنها بتعقب المواطنين الذين يناضلون يوميا لسرقة لحظة هدوء وتأمل وسكينة في الأماكن العامة والضواحي المتاخمة للمدن التي تشتكي من ضعف في إقبال المواطنين عليها نتيجة تفضيل المواطن اليمني للاعتكاف في المنزل لتناول القات حتى ساعة متأخرة من الليل. منير السعدي - 28 عاما، شارع المغتربين بمدينة تعز- متزوج حديثا، قال ل"نبأ نيوز": ما ان سمعت في المقيل وقرأت في الصحف عن تشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البلد حتى أصبت بالهلع .. حيث شرعت في الفترة الأخيرة على اصطحاب وثيقة الزواج معي في كل مكان ذهب إليه برفقة زوجتي . ويعتبر السعدي ان اصطحاب وثيقة الزواج معه قد يجنبه كثيراً من الإحراج إذا ما تم مساءلته من قبل أفراد الأمن أو الهيئة نفسها الذين يعاونون رجال الأمن في تعقب المواطنين- على حد اعتقاده- ويتساءل السعدي مستدركا باندهاش بالغ: لكن ماذا لو نسي احدنا هذه الوثيقة وجلس مع زوجته في مكان عام لوحدهما؟
سيف على - 25 عاما- يؤكد انه كان قبل سماعه بتشكيل الهيئة يتساهل كعادته في اصطحاب وثيقة الزواج عند دخوله المدينة برفقة زوجته إلاّ انه أصبح يحملها معه في كل مرة يسافر فيها إلى المدينة خوفا من تعرضه للمساءلة أثناء إقامته في فندق احد معارفه في مدينة تعز..! ويقول سيف: أعلم جيدا عمل الهيئة في السعودية كوني عملت هناك سبع سنوات في مكةالمكرمة ولو كانت هيئتنا مثل هيئتهم "الله يستر"..!
من جانبه يقول سعيد الاكحلي - 22 عاما، متزوج حديثا هو الآخر- انه عندما سمع بخبر إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتابه القلق وسارع على الفور لختم وثيقة عقد الزواج التي كانت بحوزة الأمين الشرعي كونه اعتاد خلال الأشهر السابقة على السفر والتنزه في الحدائق العامة برفقة زوجته.
من جهة أخرى كان لمشهد قيام رجال الأمن بتنفيذ حملة ملاحقات ومداهمات طالت عدة أماكن ومحلات سياحية في أمانة العاصمة وقعا كبيرا في نفوس مواطني المدينة حيث لمسوا جدية في تنفيذ رجال الأمن لتعليمات الهيئة- على حد تعبيرهم , مؤكدين ان تلك الصور التي بثتها وسائل الإعلام لفتاة صينية هاربة من محل المساج خاصتها الذي داهمته قوات الأمن أعاد بهم الذاكرة إلى فترة حكم طالبان في أفغانستان، وكيف كانت تنفذ حملات اعتقال ومداهمات لمحلات الفيديو والكاسيت وإغلاق مدارس الفتيات وتحطيم الآثار, مشبهين صنعاء كما لو كانت "كابول" في عهد طالبان.