تواصلاً لأنشطة المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية باليمن، أقام المكتب صباح الخميس الماضي الملتقى الشهري بعنوان: (قراءات في شعر الشاعر الكبير الأستاذ/ حسن بن يحيى الذاري). وقد استهل الملتقى الدكتور محمد أحمد العامري، متحدثاً عن الدور الذي الأدبي الذي لعبه الشاعر الكبير حسن بن يحيى الذاري، فهو من أعضاء الرابطة القدماء، وممن له إسهامات كبيرة ومتنوعة في ساحة الأدب الإسلامي، مبيناً أن الشاعر ولد في عام 1935م بهجرة الذاري، وتتلمذ على يد والده العلامة يحيى بن علي الذاري والعلامة عبد الوهاب بن أحمد الوشلي، ودرس في دار العلوم والجامع الكبير بصنعاء، رحل إلى مصر للدراسة عام1956م في معهد الدراسات العربية العالية، واتصل بعدد كبير من العلماء والأدباء، كسيد قطب وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي مؤسس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيسها، وغيرهم – رحمهم الله جميعاً. وصدر له أربعة دواوين شعرية هي: من صرخات الإيمان أنوار الفجر ، قذائف اللهب، براكين الصحوة، وله إسهامات في تأليف الكتب المدرسية. وأشار إلى أن هذه القراءات في شعره، تأتي كنوع من التكريم، وإن كان يقصر عن قامة الشاعر الكبير، لكن الاحتفاء بالأديب حياً خيرٌ من تأبينه ميتاً. وبعد ذلك جاء دور الشاعر الكبير حسن بن يحيى الذاري، والذي بدوره شكر الهيئة الإدارية للمكتب الإقليمي في اليمن على هذه الندوة التي تتناول إبداعه، وما كتبه خلال مسيرته الممتدة لأكثر من سبعة عقود. وقد تحدث الشاعر الكبير عن نشأته وتأثير والده وإخوته في سلوكه، وتشجيعهم له في نظم الشعر وتنقيحه، وذكر الكثير ممن تأثر بهم، من شعراء اليمن الكبار أمثال والده العلامة يحيى بن علي الذاري، وأخوه العلامة محمد بن يحيى بن علي الذاري، وأبو الأحرار الشهيد المناضل محمد محمود الزبيري، والشاعر والمناضل زيد الموشكي، وسرد طرفاً من تفاصيل حياته والعديد من المواقف الطريفة التي حدثت له في اليم ، أو أثناء دراسته في مصر. كما سرد نتفاً من ذكرياته عن الحياة في اليمن عبر رحلته الممتدة. ثم تحدث الدكتور عبده الحكيمي عن طيافته في دواوين الشاعر الكبير، مفتتحاً كلامه بقوله: يسرنا أن في هذا اليوم أن نلتقي مع موهبة شعرية ستترك أثرها في موكب الشعر العربي عامة والشعر اليمني خاصة، هذه الموهبة التي تجلت في شاعرنا القدير الذي صبغ شعره هذه الصبغة الإسلامية المتميزة، واستوعب معظم الأحداث المعاصرة التي تهم المسلمين، فسجلها قصائد فُكتب لها بذلك البقاء والخلود، ومن هذه الأحداث التي تابعها ما يخص أولاً الساحة اليمنية، وثانيها الساحة الفلسطينية، فقد نظم في أحداثها مجموعة من القصائد المتميزة، ومما لفت نظري في شعر أستاذنا متابعته لأحداث الشعب الشيشاني المسلم، هذا الشعب الذي نسيه كثير من المسلمين، ومن ذلك قوله: ألف مليون كالغثاء هباءٌ **** ألف مليون ما لهم إجلال.. حقنا يستباح دون انتقادٍ **** لحقوقٍ ما تم فيها منالُ.. غير أنه لا يبث اليأس في النفوس، ولا يثبط الهمم، بل يبعث الأمل ويبشر بالنصر، وبصحوة الأمة، حيث بقول: إن بعثي وإن تطاول ليلي.. **** سوف يطويهم مجالٌ محال.. فبرغم الظلام فينا نجومٌ.. **** وبرغم القصور فينا اكتمال.. وفي شعر أستاذنا نجد الوحدة الموضوعية، والوحدة العضوية، كما أننا نجد في شعره النفس الطويل، والشاعرية المتدفقة، وتوليد المعاني فيما يتوقع القارئ أو السامع أنه سيتوقف هنا، وإذ به يفاجئنا بمعانٍ جديدة لم تخطر في أذهاننا، ولقد تنوعت اهتمامات الشاعر وخاض في كل ميدان بصرخاتٍ مدوية وقذائف من اللهب عاتية واصفاً حالة الأمة وما يحدث لها في صور تسجيلية وصور مدوية متنقلاً بين بحور الشعر الخليلية المختلفة بحرية. وعاد الحديث للدكتور محمد أحمد العامري ليتحدث في قراءته لشعر الشاعر الكبير عن ملامح من نفسية الشاعر وجوانب اهتمامه، بقوله أن الشاعر يملك شخصية فتية وثابة رغم بلوغه السبعين، أو لنقل قتالية هجومية، وهو شاعر أمة لا شاعر قُطر، وشاعر جماعة لا شاعر ذات مفردة، شاعر دين لا شاعر قومية والعاطفة والمعنى في شعر الشاعر حسن الذاري لا تبارى، وتختلف الأذواق فيما عداها من عناصر الشعر الأخرى، والشاعر لا يدع مناسبة تلم بالأمة إلا ونجد له فيها قصيدة مدوية وصرخة حارقة. واستعرض بعد ذلك عدداً من قصائد دواوينه ومدى تفاعله مع قضايا أمته حتى لا تكاد تجد قصيدة تتحدث عن شخصه، لذلك يمكن أن نقول بحق أن شاعرنا شاعر القضية الإسلامية، وإلى جانب هذا جمع شاعرنا بين عمق الفكرة وخطابية الكلمة لأن المواضيع التي يطرقها تحتاج للوضوح والشفافية دون الغوص في الغموض أو الإبهام و الإيهام، وهو ما ميز الشاعر حسن بن يحيى الذاري. كما ألقى الشاعر حسن بن يحيى الذاري نماذجاً من شعره. واختتمت الندوة بتعقيب الأستاذ بشير المساري بكلمة حول شعر الشاعر وما تتطلبه بعض المدارس الأدبية من متطلبات النص الشعري كجماعة الديوان مثلاً، مُتسائلاً: أما آن للشاعر بعد هذه الصوت المرتفع الصداح أن يخفف من هذه الحدة و يهمس..!