((ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).. صدق الله العظيم.. أعتقد ان التفسير الواسع والشامل لهذه الآية الكريمة يتعدى مسألة التغيير الداخلي للنفس البشرية عبر تنقيتها من الشوائب والأمراض والأفكار الهدامة, فالتغيير للنفس يشمل أيضا تغييرا بناءً لمقومات الحياة المختلفة من حولنا، ومسألة تغيير مناهج التعليم التي نحن بصدد الحديث عنها اعتقد أنها من أهم هذه المقومات خاصة إذا اعترفنا كمعنيين بالعملية التعليمية في البلد بعدم صلاحية هذه المناهج التي تدرس في مؤسساتنا التعليمية المختلفة. فهذه المناهج- كما أسلفنا- تخلف محتواها عن تطور الحياة والعلوم الجديدة و عفا عليها الزمن وأصبح من الضرورة الوطنية تطويرها، بل وتغييرها من الجذور وهذا الاعتراف ( النفسي ) من قبل المعنيين إذا تم اعتقد انه (( الخطوة الأولى )) لهذا التغيير الذي نطمح إليه ويتبع فقط هذا الإقرار أو الاعتراف العمل الوطني الجاد الذي سيدشن لبدء مرحله ثوريه حقيقية للتعليم في بلدنا وهذه المرحلة حتى وان طالت فيكفي إننا قد ابتدأناها وأسسنا لمقومات حقيقية تبني للوطن جيل جديد من المتعلمين الذين سيغيرون من وجه الحياة العامة في البلد. ولا نبالغ في الطرح إذا قلنا ان اليمن سينتقل حينئذ من دائرة الفقر وصفوف الدول المتخلفة إلى الصفوف الأولى للدول المتقدمة.. ولنأخذ فقط من دول جنوب آسيا الشئ الكثير من العبر والقدوة في هذا التوجه ( اليابان- الصين- ماليزيا- سنغافورة- أندنوسيا- كوريا الجنوبية..الخ). التغيير والتطوير لمناهج التعليم الذي نطمح في الوصول إليه عند بدء العمل يجب ان يتولاه فقط المعنيين بالعملية التعليمية والتربوية، من أساتذة الجامعات والأكاديميين المشهود لهم بالعلم الواسع والمتنوع والفكر( المعتدل) والخبرة الكبيرة في هذا المجال مع الاستعانة بالقدرات العلمية والثقافية والأكاديمية الأخرى سواء كانوا من داخل الوطن أو من خارجه ، على ان نأخذ من تجارب الغير في هذا المجال الشئ الكثير الذي ينفعنا ولا يمس معتقداتنا بأي حال من الأحوال وهي المسألة التي يتخوف منها البعض عندما يتعلق الأمر بموضوع تغيير المناهج التعليمية وهو تخوف في غير محله !! فالتغيير الذي نطمح إليه هو ذلك التغيير الذي يبني الإنسان اليمني البناء العلمي السليم الذي سيفجر قدراته ومهاراته وإبداعاته التي يحتاجها الوطن وتحتاجها التنمية فيه, وهو التغيير الذي ينتشل الفكر من دائرة الجمود والانغلاق إلى دائرة التحرر والانفتاح المبني على القوانين العصرية والتشريعات البناءة المستوحاة من حضارة وفكر وشريعة وعقيدة شعبنا العظيم. كما هو التغيير الذي يحافظ على النشء من الأفكار الهدامة أو المتطرفة التي يحاول أصحابها- أي هذه الأفكار- نشرها في المجتمع بشتى الطرق والوسائل والإمكانات.. وهو التغيير الذي يعمق الولاء والانتماء الوطني لأجيالنا ويحافظ على هويتنا الوطنية والدينية والحضارية.. وأخيراً- وليس آخراً- هو التغيير الذي يتماشى مع صيرورة الحياة وسنن الكون ومتغيرات العصر وديناميكيه التنمية البشرية وقيم وأخلاقيات مجتمعنا التي لا تتعارض مع كل ذلك التغيير الذي نطمح للوصول إليه. خلاصة القول: التغيير العلمي الذي ننشده ونتمنى حدوثه للمناهج التعليمة، والذي سيحدث في اعتقادي بداية ثوره حقيقية للعملية التعليمية برمتها في بلدنا، يحتاج منا فقط كمعنيين إلى الآتي: 1- إرادة حقيقية للتغيير واعتراف ذاتي لأهمية هذه الخطوة بل ولحتميتها ,وهذا الاعتراف يجب ان يكون أولا من قبل المعنيين بالعملية التربوية والتعليمية في الوطن. 2- وضع آلية عمل جادة ومدروسة وجماعية وتحديد سقف زمني مدروس وواقعي للبدء في عمليه التغيير. 3- تحديد الأولويات وفق السقف الزمني المحدد سلفا من قبل المعنيين بعمليه التغيير. 4- اختيار تربويين وأساتذة كبار من عموم محافظات الجمهورية يتم تكليفهم من قبل المعنيين في الدولة للقيام بوضع تصور منهجي وأعداد علمي لهذا التغيير مع الاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية في هذا الجانب خاصة ما يتعلق بتغيير المناهج العلمية التي تتوافق ومتغيرات العصر وتقدم العلوم فيه ولابد من اخذ الشئ الكثير من تجارب الدول المتقدمة في هذا الجانب. 5- الاستعانة بعلماء النفس التربوي وعلماء الاجتماع لوضع أبحاثهم وخبراتهم العلمية موضع الاستفادة الحقيقية من تغيير بعض المواد التعليمية الهامة التي تدرس في مراحل التعليم الأولى أو الأساسية. 6- اعتماد الإمكانات المادية وغير المادية اللازمة لعمليه الإعداد والتغيير لهذه المناهج وذلك في إطار ميزانيه ماليه حقيقية ومدروسة على ان تقدم القدر الكافي من الاحتياجات الفعلية. ختاما ارجوا ان لا أكون قد أثقلت على القراء الأعزاء من هذا الطرح الذي اعتبره من أهم القضايا التي يتوجب على الجميع طرحها خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا، بالإضافة إلى إننا مقبلون على انتخابات نيابيه قادمة وهذه هي فرصه حقيقية لجميع الأحزاب على الساحة- بلا استثناء- لوضع برامج انتخابيه حقيقية تلامس حاجات وقضايا الوطن الأساسية ومنها قضية التعليم، وأهميتها الكبرى للوطن وللمجتمع، والتي يجب ان تنال من هذه البرامج الحيز الأكبر من الطرح ضمن تصور عام لسياسة تعليمية بناءه... وفي ذلك ولمثل ذلك فقط فليتنافس المتنافسون بحق وحقيقة بعيدا عن أي نوايا دعائية لأي حزب