واصلت أقطاب "الحراك الانفصالي" تصعيد خلافاتها حول ذكرى "هولوكوست" الثالث عشر من يناير 1986م، ليفضي الأمر أخيراً إلى إعلان ناصر النوبة اختيار يوم الاحتلال البريطاني لعدن موعداً لإقامة مهرجانه، فيما أعلن حسن باعوم عن يوم ذبح أبناء عدن موعداً لإقامة مهرجانه، ودعا أنصاره إلى اجتماع طارئ يعقده مساء اليوم الأحد بمعقله في "العسكرية" بيافع من محافظة لحج. وأكدت مصادر قيادية في الحراك الانفصالي ل"نبأ نيوز": أن ناصر النوبة- رئيس الهيئة الوطنية- أعلن معارضته لمهرجان (13 يناير) الذي يتخذ الداعون له من "التصالح والتسامح" شعاراً لإقامته، معللاً معارضته بأن "التصالح والتسامح يحدث مرة واحدة، وقد حدث العام الماضي"- على حد قوله- المر الذي قرر إقامة المهرجان يوم (19 يناير)، الذي يوافق ذكرى الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م. أما حسن باعوم- رئيس المجلس الوطني- فإنه وبعد جولة مكوكية شملت الضالع وردفان ويافع، بحسب المصادر ذاتها، أكد أنه سيقيم مهرجانه يوم (13 يناير)- وهو اليوم الذي شهد أبشع هولوكوست في تاريخ المنطقة قاطبة، أودى بأرواح ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن يمني جنوبي، في غضون أقل من أسبوعين- كما دعا أنصاره لاجتماع طارئ سيعقده مساء اليوم الأحد بمنطقة "العسكرية" من يافع، لبحث التحضيرات اللازمة للمهرجان، ووضع الآليات الكفيلة بإحباط أي محاولة لإقامة مهرجان آخر في الجنوب، من قبل أطراف أخرى، (في إشارة غير مباشرة للنوبة)، اتهمها بالتآمر على القضية الجنوبية، والتواطؤ مع الحزب الاشتراكي، الذي وصفه ب"حليف النظام"! وتفيد المصادر بأن العميد ناصر النوبة يعتزم خلال المرحلة القادمة إحياء زخم جمعيات المتقاعدين العسكريين- التي كان يترأسها- بعد أن تلاشى أثرها جراء عودة المتقاعدين إلى وظائفهم، وتسوية أوضاع الغالبية العظمى منهم.. وهو الأمر الذي عزته إلى فشله في تشكيل فروع خارج شبوة للهيئة التي أسسها بعد الانشقاق من باعوم، ومحاولة تعويض ذلك الفراغ بالمتقاعدين. بالمقابل، فإن خارطة الصراع "الجنوبي- الجنوبي" حاصرت تيار حسن باعوم داخل محيط ثلاث مناطق هي يافع وردفان وشيء بسيط من الضالع، فيما أصبح نفوذه في محافظة حضرموت- موطنه- تحت الصفر تماماً، نظراً لارتفاع معدلات الوعي لدى أبناء حضرموت، وازدرائهم لشخصية باعوم على خلفية ماضيه "الأسود"، وهو ما يفسر فراره منها إلى مناطق قبلية قروية! علاوة على ذلك فإن وجود النائب صلاح الشنفرة والعميد عبده المعطري في الضالع أحال دون نجاح باعوم في توسيع نفوذه فيها، لكون الشنفرة والمعطري من أبناء نفس المحافظة، رغم أن باعوم حاول خلال زيارته الأخيرة للضالع استفزازهما باللعب بورقة الخلاف التاريخي بين الضالع وأبين، بقصد التحريض على ناصر النوبة الذي يحضى بنفوذ فيها، واستمالتهما إلى تياره، غير أنهما لم يبديا اكتراثاً للأمر، خلافاً لكل من نجيب غالب، وقاسم صالح ناجي اللذان رتبا له الزيارة وكانا في استقباله. وفيما تحتدم الخلافات "الجنوبية" على ساحة الداخل، فإن ساحة انفصاليي الخارج لم تكن بأفضل حال، فما زال الجدل مستعر بشأن بيان الاعتذار من أبناء الجنوب الذي اقترحت بعض القيادات "التاريخية" توجيهه يوم الثالث عشر من يناير طلباً للصفح عمّا اقترفت أيديهم من مجازر دموية أراقوا فيها دماء خيرة الشخصيات النضالية والثورية من أبناء الجنوب.. وهو ما رفضته قيادات أخرى ترى في قتل ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن في غضون اقل من أسبوعين أمر طبيعي، "ولا داعي لتهويله إلى حد تقديم الاعتذار"! كما أن مصادر "نبأ نيوز" في بريطانيا تؤكد اتساع هوة الخلافات البينية، وتوالي الانشقاقات في أوساط "تاج" و"الهيئة الجنوبية" على خلفية الشكوك التي يثيرها المال من حين لآخر، في نفس الوقت الذي لعبت "القيادات التاريخية" دوراً في هذه الانشقاقات، في ضوء ما يعتقده البعض بأنها تخشى تنامي نفوذ قيادات الحراك الشبابية وسحب البساط من تحت أقدامها- خاصة وأن المجتمع الدولي يفضل أن يكون أي تغيير في الشرق الوسط لصالح قيادات شبابية على غرار ما شهدته دول عديدة- وهو الأمر الذي ظل يحفز "القيادات التأريخية" لإعادة خلط أوراق اللعبة من حين لآخر، وتبادل أدوار الاستقطابات. هذا وأفادت مراسلة "نبأ نيوز" في عدن- الزميلة نور باذيب- أنها حصلت على معلومات أولية تفيد بأن عدداً من قيادات "الحراك الانفصالي" البارزة في محافظة أبين عقدت مساء أمس السبت لقاءً مع مسئولين في الدولة استغرق زهاء الساعتين، ويعتقد أنه تم الإعداد له من قبل شخصية سياسية معارضة في الخارج، ضمن صفقة تسويات معينة. وأشارت إلى أنها لم تستطع تأكيد هذه المعلومات وكشف تفاصيلها من مصدر آخر، نظراً لتلقيها إياها في ساعة متأخرة من الليل، غير أنها أكدت أن العديد من الشخصيات الجنوبية النشطة أظهرت في الفترة الأخيرة تململاً من الخلافات التي يثيرها بعض زعماء الحراك، وبدت محبطة وتبحث عن فرص لتسوية أوضاعها الشخصية، خاصة مع وجود اعتقاد قوي لديها بأن هناك قيادات عليا في الحراك سوت خلافاتها مع النظام، وإن هذا يجعلها قلقة من "الخروج من المولد بلا حمص"، أو خسارة مصالحها الحالية!!