المبادرة اليمنية التي أعلنتها صنعاء مؤخرا للدعوة إلى لقاء جديد يجمع منظمتي فتح وحماس الفلسطينيتين على طاولة حوار واحدة برعاية مصرية سورية تركية اعتقد أنها جاءت في وقتها وانه آن الأوان للعمل العربي المشترك لدعم هذه المبادرة وهذه الخطوة الهامة التي إن كتب لها النجاح وتقدمت خطوات إلى الأمام بشكل طبيعي وموضوعي وبدعم عربي جاد وحيادي سنصل بالفعل الى إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني الحاصل اليوم وستكون خطوة هامة لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والاتفاق الفلسطيني على مشروع وطني موحد يتبنى آلية عمل موحدة ومتفق عليها لتحرير الأرض وإنهاء الاحتلال واسترداد الحقوق المغتصبة.. هذه الآلية في اعتقادي إذا اعتمدت لن يكتب لها النجاح إذا سارت وفق خط تفاوضي عبثي كما جرى في العقود السابقة وفي نفس الوقت لن يكتب لها النجاح أيضا إذا سارت وفق خط المقاومة المفتوحة والى مالا نهاية أي أن التوازن بين الخطين مطلوب بل وحتمي وبمعنى آخر لابد أن يتمسك الفلسطينيين بمقاومتهم المشروعة الى ان ينتهي الاحتلال وان لا يتخلى الجميع عن الخط السياسي التفاوضي المستند على قوة الحقوق الفلسطينية المشروعة مدعومة بمقاومة مشروعة فاعلة.. وإذا سار الخطان بشكل متواز وببرنامج سياسي مشترك سيصل الفلسطينيون إلى حقوقهم العادلة التي ناضل آبائهم وأجدادهم من أجلها بعيدا عن التنازلات او الرضوخ للاملاءات الإسرائيلية أو الضغوط الدولية التي تنحاز الى طرف المحتل دائما.. ولن يتحقق ذلك إلا إذا أحسنا الظن يبعضنا كفلسطينيين وتحديدا حركتا فتح وحماس على ان يعترف كل منهما بالأخر وبحجمهما على الساحة الفلسطينية يتبع ذلك " تنحية " الانتهازيين والفاسدين والمتشددين من صفوفهما ومن خارطة العمل الوطني الفلسطيني فلن يتحقق النجاح المرجو للمشروع الوطني الفلسطيني إذا كان هناك في الصف الفلسطيني من يتبنى تصفية القضية الفلسطينية وفق خطة معروفة أعدت مسبقا وهي الخطة التي لا يزال العدو الإسرائيلي وحلفائه يعملون ليل ونهار لتنفيذ كافة خطواتها التي اعتقد أنها قد تعثرت بشكل كبير بعد حربي لبنان وغزة وهي فرصة تاريخية يجب على الفلسطينيين والعرب استثمارها لصالحهم ولصالح إفشال هذا المشروع الإسرائيلي التصفوي للقضية الفلسطينية.. وهذه الفرصة التي برزت بعد تراجع المشروع الصهيو- امريكي في المنطقة خطوات كبرى الى الوراء بعد حربي لبنان وغزة هذه الحرب التي سجل المقاومون فيها نصرا مشرفا ومؤكدا على هذا المشروع الذي كان من أولوياته وأهدافه الإستراتيجية القضاء النهائي على مشروع المقاومة والممانعة في المنطقة ولكنه حاول مرارا واستخدم كافة أشكال وأدوات الضغط والحصار والإجرام الدموي النازي وفشل فشلا ذريعا لسبب بسيط ان هذا المشروع العدواني ارتكز على حسابات خاطئة لان أصحاب هذا المشروع العبثي لم يدركوا عندما رسموا ووضعوا الخطط ان المقاومة كمفهوم واسع ليست مجرد صواريخ تطلق او بنادق تستعمل هنا وهناك المقاومة ثقافة متجذرة تربى عليها جيل كبير من المقاومين فأصبحت اليوم عقيدة راسخة يصعب اقتلاعها حتى وان استخدمت كافة اشكال الارهاب وانواع الاسلحة الفتاكة.. واعتقد ان اسرائيل بعد هذه التجربة المريرة التي خاضتها في لبنان وغزة سوف تعيد حساباتها من جديد وفقا للحقائق الثابتة على الارض والدروس التي خرجت بها من هذه التجربة وهذه هي الفرصة التاريخية كما اسلفنا التي يجب على الفلسطينيين في الضفة والقطاع استثمارها لصالح قضيتهم ومشروعهم الوطني عبر التمسك ببرنامج سياسي موحد ومتفق علية من كافة الاطراف والفصائل والقوى الفلسطينية. * يقال دائما ان المصارحة تسبق المصالحة ولكن في الحالة الفلسطينية اعتقد ان المصارحة وحدها لا تكفي خاصة اذا علمنا ان كل طرف بعرف الطرف الاخر جيدا, والمصالحة الحقيقية في هذه الحالة تحتاج في اعتقادي الى " مراجعة " حقيقية للمواقف بين الطرفين وبمعنى آخر يجب ان تراجع حركة فتح مواقفها السابقة من حركة حماس على ان تعترف بها كحركة وطنية فلسطينية مقاومة تستند الى برنامج سياسي انتخبت بموجبه وحجمها اي حركة حماس في الساحة الفلسطينية لا يمكن الاستهانة به او تجاهله وعلى حركة فتح الكف عن الاستقواء بالخارج او ما يسمى بالشرعية الدولية على حساب الداخل الفلسطيني لان الشرعية تستمد من الشعب بالدرجة الاساسية والشرعية الدولية لا تساوي شئ امام شرعية الشعب في كل مكان وزمان.. وبالمقابل لابد ان تتراجع حماس عن مواقفها السابقة من حركة فتح وتمد يدها للشرفاء في هذه الحركة وهم في اعتقادي يشكلون الأغلبية في الحركة حتى وإن همش الكثير منهم في الفترة الأخيرة.. الخطوة الأخرى التي ينبغي على حركة حماس إتباعها هي العمل الجاد على خلق قواسم مشتركة بين جميع القوى الفلسطينية وتحديدا بينها وبين حركة فتح وذلك لخلق " موائمة " حقيقية بين برنامجها السياسي كحركة مقاومة والبرامج السياسية الأخرى لكافة القوى والفصائل الفلسطينية وبذلك فقط تتحقق مصالحة فلسطينية حقيقية اساسها الاتفاق على الثوابت والقواسم المشتركة والعمل السياسي الجماعي وفق قاعدة نضالية واحدة تسير في خطين متوازيين الى ان تستعاد الحقوق المغتصبة ويصل الجميع الى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.