"تبدو حياتنا بلا مسرح حياة بائسة وفقيرة"، بهذه العبارة افتتحت مؤسسة العفيف الثقافية ندوة "تاريخ المسرح اليمني" لتؤكد بأن الحديث عن المسرح في هذه الحالة أكثر من مجازفة، كون العالم يتهيأ للاحتفاء بيوم المسرح العالمي27/ مارس، ونحن نقفل راجعين صوب تاريخية المسرح اليمني الغائب في هذه اللحظة أصلاً.. الباحث يحيى محمد سيف، كشف في ورقته المقدمة في الندوة عن أول نص مسرحي حواري يعود للعام 1530 لمؤلفه عبد الله عمر با مخرمه، لافتاً إلى ما تذخر به المكتبة اليمنية من فنون المقامات الأدبية اليمنية، والتي أوردت الكثير من النصوص المسرحية والحوارية والحكايات والأساطير، وغيرها المعتمدة فن الحوار المسرحي بمختلف قوالبه، والتي ترجمت في أعمال مسرحية بمختلف اللغات الحية. وأكد سيف على وجود المسرح اليمني على غرار المسارح الموجودة في أثينا وروما ممارسة اليمنيين للمسرح المنظور في العصر السبئي، والمسرح الدائري الموجود بجانب سد مأرب, إضافة إلى النقوش الآثارية التي دلت على وجود قانون للممثل في العصر السبئي، وغيرها من الشواهد والإرهاصات والمراحل التي يرجع تاريخها إلى عشرين قرن قبل الميلاد، مدللاً بما قاله عبد العزيز المقالح بأنه لا بد أن تكون الحضارة اليمنية القديم مكتملة حتى تعد حضارة حقيقية، وعد سيف الطقوس الدينية التي مارسها اليمنيون قديماً إحدى الإرهاصات المسرحية، حيث أو مقطوعة دينية تعود إلى ما قبل 3000 قبل الميلاد. أما قصة ظهور المسرح فقد أرجعها الباحث سيف إلى العام 1904على يد فرقة هندية قدمت إلى عدن، بينما أول عرض مسرحي كان العام 1910بعنوان "يوليوس قيصر". وقال: أن الحركة المسرحية في اليمن عاشت كثير من المراحل كنص وتمثيل وإخراج وعرض مسرحي، وتأثرت في كل مرحلة من تلك المراحل بالظروف والعوامل المختلفة، وبالأخص العامل السياسي منها موضحاً بأن البدايات البسيطة اصطدمت بالظروف الداخلية والخارجية التي كانت تعصف بالعالم كالحرب العالمية الأولى، الأمر الذي أصاب المسرح اليمني بالشلل التام منذ مرحلة التأسيس 1910 حتى 1926، بعد ذلك بدأ يستعيد أنفاسه، ولم يلبث أن بدأ يفعل ذلك حتى اصطدم مجدداً بالحرب الثانية مما جعل النشاط المسرحي يتعثر لعدة سنوات، ويضيف سيف: إن المسرح اليمني ظل في عملية مد وجزر، مقدماً إحصائية بعدد الفرق المسرحية الأهلية والرسمية والتي تشكلت منذ العام 1926 والبالغ عددها أكثر من "65" فرقة مسرحية، وقدمت جميعها أكثر من "500" مسرحية من المسرحيات العربية والعالمية المعدة والمقتبسة مضيفاً بأنه ظهر خلال هذه الفترة ما يقرب من "100" كاتب مسرحي، وأكثر من "41" مخرج وممثل، وثلاثة نقاد مسرحيين فقط، معتبراً في النهاية غياب التخطيط الحقيقي من قبل وزارة الثقافة سبباً في غياب المسرح الذي عرفته اليمن للأسف الشديد منذ العصور القديمة على حد قوله. من جانبه تحدث الفنان والباحث/ علي سبيت في تعقيبه على ورقة الباحث بأن ما ذكره يعد إرهاصات للمسرح، وليس مسرحاً حقيقياً كما قد يخيل للبعض، مؤكداً على أن وزارة الثقافة لا تخطط للمسرح مطلقاً، مشيراً إلى أنه يجب أن ننظر للمسرح كبنية مفتوحة.. وما تعانيه الحركة المسرحية هنا يتعدى غياب قاعات العرض المسرحية في أكثر المحافظات اليمنية، إلى مسألة عدها أكثر من خطيرة " حالة الضنك في العيش التي يعانيها الفنان هنا، معتبراً بعد وزارة الثقافة عن هموم المسرح والمسرحيين انعكاس لرؤية القيادة السياسية في البلد. ومضى بعد ذلك متحدثاً عن أهمية وجود مسرح يلعب دوراً في تثقيف المتفرج بحيث لا يصبح سلبياً كما قال أرسطو، معرفاً المسرح بكونه سياسة، ويجب أن نقبل ذلك- كما قال- فالمسرح يجب أن يسعى إلى تثقيف ورفع مستوى المتفرج، وهذا المفهوم لم يتبلور لدى الجهات المعنية بعد.. وأضاف: أن المسرح منظومة متكاملة، وعمل جماعي..يرتكز على الفلسفة، واتجاه سواءً ديني أو سياسي أو فكري..والأنظمة السياسية غالباً ما تسعى إلى عكس أيدلوجيتها على منصة المسرح، لافتاً إلى أهمية تأهيل الممثل دراسياً، وإيجاد قوانين تلزم الدولة في إنتاج الأعمال المسرحية، قائلاً "كلنا سنشهق من أجل لقمة العيش"، تعليقاً على استخدام الدولة المسرح للدعاية لها.. وقال سبيت- وهو أحد الممثلين الكبار- أنه لا بد أن توجد وزارة الثقافة لها رديفاً من منظمات المجتمع المدني، كاشفاً في ذات الوقت إلى أنه بصدد إنشاء منتدى للمسرح يكون رديفاً لوزارة الثقافة. تخلل الندوة كثير من المداخلات من قبل الحضور المهتم بالشأن المسرحي اليمني، وتغيبت عنها نقابة الفنانين، ووزارة الثقافة.