باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء يحرمون الاعتداء على السياح والأجانب في بلاد المسلمين
نشر في نبأ نيوز يوم 19 - 03 - 2009

أكد عدد من فضيلة المشائخ العلماء أن ديننا الإسلامي الحنيف يحرم قطعيا الاعتداء على السياح والرعايا الأجانب الذين دخلوا إلى البلاد في أمان وعهد ممن لهم ولاية العهد.
وشددوا في أحاديث أن الاعتداء على الأجانب " الذميين" الأمنيين والمستأمنين في بلاد المسلمين أعمالا لا يقرها دين ولا عُرف صحيح ولا عقل صريح, ولا يقدم على ارتكاب مثل هذه الأعمال إلا من يبيع دينه بدنيا غيره أو من يسلم عقله وزمامه لمن يذهب به إلى الهاوية" .
وفي هذا الصدد يقول فضيلة الشيخ صالح عبد الله باجرش أحد كبار العلماء بمحافظة حضرموت, أن الاعتداء على السياح والرعايا الأجانب محرماً شرعا. مبينا أن هذه الأعمال لا يقرها دين ولا عرف كريم سوي يرضاها, ولا عقل نير يتلقاها.
وأوضح أن هذه الأعمال لا يقدم على ارتكابها إلا جاهل اغلب الجهل على مدارك عقله فاظلم وجائر متعد سدت منافذ الخير في نفسه فأضرم.
وقال:" لكل نعمة شكر ولكل عطاء مسئولية وما وهب الله أمة من الأمم نعمة إلا وأصبحت في مقام المطالبة من الله بالشكر لتدوم ، فالله سبحانه وتعالى القائل (( لئن شكرتم لأزيدنكم ولأن كفرتم إن عذابي لشديد)) صدق الله العظيم .. وما رزق الله أمة نعمة سيسأل المرء عنها يوم القيامة فيما سخرت وكيف وظفت وفيما استخدمت وأي خير حققت, والله القائل سبحانه ((ولتسألن يومئذ عن النعيم ) عن كل نعمة ولو على شربة ماء..فكيف إذا كانت النعمة عظيمة والمنزلة رفيعة والشهادة جليلة .. كيف إذا كانت النعمة شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان والحكمة وتأكيد من رسول الله صلى الله علية وسلم على الرأفة والرحمة.. أليست هذه من أعظم النعم وأجلها؟.
وتساءل فضيلته قائلا :" هل نسي بعض أهل اليمن وهم قله إنشاء الله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة والين قلوبا ..الإيمان يمان والحكمة يمانيه ) وفقا لما جاء في حديث رواه البخاري .. أم أن هؤلاء لا يريدون أن يشملهم هذا الخطاب ولا يدخلون تحت هذا التشريف ".
وقال فضيلة الشيخ باجرش:" نعبر عن أسفنا عن نتوءات ظهرت وتصرفات نجمت من عقول لبعض الأشخاص من أبناء الشعب اليمني العظيم وكأنها تريد بإقدامها على الاعتداء على بعض السياح أو الرعايا الأجانب- وهو عمل ترفضه جميع الأديان السماوية- على التأكيد بأنها ليست أهلا لهذه المنزلة الرفيعة التي خص بها رسولنا الكريم أبناء اليمن.
وتابع قائلا :" ليست هذه الأفعال دليل حكمة ولا دليل رأفة ولا تحمل في جنباتها شهادة إيمان وحكمة، اليمنيون المؤمنون المستحضرون لشهادة رسول الله صلى الله علية وسلم براء من هذا الفعل.. فلا دين يقره ولا عرف كريم سوي يرضاه ولا عقل نير يتلقاه.
وأردف قائلا: إن ديننا الإسلامي الحنيف سمته الظاهرة ولبناته السامقة وبصماته الواضحة كما جاء في قوله عز وجل ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ), وينهى عن أي فعل يؤذي الآمنين الأبرياء. مستشهدا بقوله تعالى ((ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين ).. موضحا أن الآية الكريمة تحث على العدل والإقساط إلى غير المسلمين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم وتحث على البر بهم والإحسان إليهم.
وأستطرد فضيلته قائلا :"والبر كلمه جامعة لمعاني الخير والتوسع فيه فهو أمر فوق العدل، وهي الكلمة التي يعبر بها المسلمون عن اوجب الحقوق البشرية عليهم وذلك هو بر الوالدين, فكيف بالذمي وهو صاحب العهد الذي أعطي الأمان له من ولي الأمر لدخول البلد".
وقال:" ولذلك يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في بيان من جاء إلى ديار المسلمين مسالما مستأمنا (( من آذى ذميا فقد آذاني ومن أذاني فقد أذى الله ) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد.. كما قال عليه الصلاة والسلام (( من آذى ذميا فانا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة )) رواه الخطيب وبإسناد حسن، ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام ( من ظلم معاهدا أو أنقصه حقا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة )) رواه أبو داؤد.
ونوه فضيلة الشيخ باجرش خطيب مسجد الخير بمدينة سيئون بمحافظة حضرموت إلى أن الفقيه المالكي شهاب الدين القرافي.. قال في هذا الشأن ( إن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمتنا وذمة الله تعالى وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام..
فمن اعتدى عليهم ولو بكلمه سوء أو غيبه في عرض احد أو أي نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله وذمة رسوله صلى اله عليه وسلم وذمة دين الإسلام).
وأردف فضيلته قائلا :" إن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم (( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)) صدق الله العظيم، في حين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وان ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما) رواه البخاري, كما قال صلى الله عليه وسلم (من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة) رواه النسائي .. موضحا أن هذه بعض النصوص وهناك نصوص أخرى كثيرة جدا تناولت واجب المسلم نحو الأجنبي المعاهد عليه.
وتساءل قائلا:" ألم يقف أو يسمع بهذه النصوص من أقدم على ارتكاب أعمال الاعتداء على الأجانب فيدركون عظيم جرمهم وشناعة فعلهم؟.. ألم يعلموا بان هذا الفعل تشويه لرسالة دين يعتنقونه ولأمة عظيمه ينتسبون إليها؟ ..مؤكدا بأن الدين الإسلامي تكمن عظمته في عدله ورحمته.
كما تساءل قائلا:" وهل هذا ما نود أن نبعثه من خطاب نحن اليمنيون إلى غيرنا؟ .. موضحا أن الأجانب من غير المسلمين لا يعلمون كافة تعاليم ومبادئ ديننا إلا سلامي الحنيف وأخلاقياته السمحة ولهذا يحكمون علينا من خلال تصرفاتنا.. مبينا أنهم يقرؤون المواقف لا السطور ويحكمون وفق تصرف لا وفق خطاب.
وقال:" ولهذا جاء في الأثر ( الدين المعاملة), وينبغي لنا الجميع أن نعلنها عبر كلمة مسموعة أو عبارة مقروءة أن ديننا يأبى هذه الأعمال وأعرافنا وتقاليدنا نحن أهل اليمن لا ترضاها .. وهذه الأعمال ليست دليل إيمان ولا حكمة ولا دين لين ورأفة.
وأختتم فضيلة الشيخ صالح عبد الله باجرش حديثه بالقول: "وما هكذا تقابل النعمة.. فأهل اليمن لهم مع مواقف الكرم والإباء لهم في حفظ الدماء وصيانة الأعراض وكرم الضيافة شواهد عديدة وهم الأنصار وأبناء أبناء الأنصار إنشاء الله, والنسب بإذن الله متصل والخير بينهم والى غيرهم متواصل والخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة إنشاء الله.
من جانبه أكد فضيلة الشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني أن الأعمال الإجرامية التي تستهدف الأفواج السياحية ومرافقيها من اليمنيين والرعايا الأجانب المستأمنين عملا لا يقره دين ولا عُرف صحيح ولا عقل صريح.
وقال فضيلته في فتوى شرعية أصدرها بهذا الشأن: " هذه الأعمال تدل على وجود من يبيع دينه بدنيا غيره أو من يسلم عقله وزمامه لمن يذهب به إلى الهاوية ".
وأشار إلى أن من يقدم على ارتكاب هذه الجرائم بهذه الصورة المشينة قد ارتكب عدداً من الجرائم أولها -: أنه يتسبب بقتل غيره من المؤمنين الذي عصم الله دماءهم وأموالهم بشهادة التوحيد ، والله تعالى يقول ( ومن يقتُل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما) ويقول سبحانه وتعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) ويقول صلى الله عليه وآله وسلم :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم بغير حق).
وأضاف : " أما ثانيها فإن فاعل ذلك يقتل السياح الذين دخلوا البلاد بالعهد والأمان من قبل المختصين بهذه الإجراءات وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " من قتل نفساً معاهدة بغير حلها، حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها " ، وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه :" من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً" وفي الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :" أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وقتل النفس " ، ففاعل ذلك يتبرأ منه المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم .. وذلك لخيانته العهد ، والله تعالى يقول (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) ويقول سبحانه وتعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا).
وبين فضيلة الشيخ السليماني أن " الأمان الذي يعطيه ولي الأمر أو الوزارات والدوائر المختصة بذلك لا يجور هتك حرمته، ولا الاعتداء على من أُعطي له، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً - أي نقض عهده - فعليه لعنه الله، والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا".
وأضاف " في هذا دليل على حماية الدين الإسلامي لمن دخل بأمانه وجواره، وأن الدين الإسلامي لا يعرف الغدر والاغتيال والجرائم، إنه دين صريح وبهذا نعرف غلط من يغدرون بالذمم، ويخونون ويغتالون أناساً لهم عهد وأمان، وأن هؤلاء مستحقون لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
أما الأمر الثالث فيرى فضيلة الشيخ أبو الحسن "إن فاعل هذه الجرائم ساعٍ في الإفساد في الأرض، ومزعزع للأمن والاستقرار، وفاتح لأبواب الفتن، ومهيج للآخرين على الاقتداء به، أو الانتقام منه أو من غيره لضحاياهم في الحادث، وتسلسل هذه الجرائم يفضي إلى نزع الأمن، وتجرؤ الأوباش، وقطع السبل، والاعتداء على المحرمات، ونهب الأموال، والسطو على الأنفس، والأموال، والأعراض .. والأمر الرابع أن هذه الجرائم تشوه جمال الإسلام، وسماحته، وتصد عن سبيل الله عز وجل، ويستغلها مرضى القلوب في الداخل، والأعداء في الخارج، ويوظفوها لحرب الإسلام وأهله في الداخل والخارج، كما أنها تعرض بلاد المسلمين لمخاطر التدخل الأجنبي - لاسيما مع ضعف المسلمين وتفككهم دولاً وشعوباً قادةً وأفراداً.
وتابع قائلا " لقد آن الأوان - من وقت طويل - أن يراجع أصحاب هذه الأفكار أنفسهم، وأن يحاسبوا بعضهم بتجردٍ وإخلاص، وأن يسترشدوا من أهل العلم الكبار، أهل الحلم والفضل، والعلم والتجربة، وأن يلزموا غرزهم، ويكفيهم ما قد جنوا على الأمة، فعسى أن يغفر الله - عز وجل - لهم ما اقترفت أيديهم، وعسى أن يقبل الله توبتهم، ويغسل حوبتهم، وإلا فإن
أفلتوا من عقوبة الدنيا - وأنى ذلك لمن يفجر نفسه قبل غيره - فلن يفلتوا من حساب من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
واعتبر فضيلته الشيخ السليماني وجود مثل هذه الحوادث في اليمن وغيره من البلاد الإسلامية وغيرها ليدل على وجود نوايا شريرة أو تعبئة خاطئة وضمائر وعقول يلعب بها آخرون, ووجود من يبيع دينه بدنيا غيره أو من يسلم عقله وزمامه لمن يذهب به إلى الهاوية.
وذكَر بالموقف الواضح للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من هذه الأعمال التي تستهدف المؤمنين وغيرهم، حيث يقول الله تعالى ( ومن يقتُل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما) ويقول سبحانه وتعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) ويقول صلى الله عليه وآله وسلم:" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم بغير حق ) أخرجه البخاري، وفي الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :" أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وقتل النفس...".أخرجه أحمد، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " من قتل نفساً معاهدة بغير حلها، حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها " أخرجه احمد.
وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه :" من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً " أخرجه احمد، ففاعل ذلك يتبرأ منه المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لخيانته العهد، والله تعالى يقول (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) ويقول سبحانه وتعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا).
ونوه إلى حديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي يقول فيه:" ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً - أي نقض عهده - فعليه لعنه الله، والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا
ولا عدلا " أخرجه البخاري ومسلم.
ويوضح فضيلته أن الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - يقول في شرح هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين : ذمة المسلمين واحدة ، يعني : عهدهم واحد إذا عاهد أحد من المسلمين من لهم ولاية العهد.. فمثلاً : إذا دخل كافر إلى البلاد في أمان وعهد ممن لهم ولاية العهد، او غيرهم ممن له الأمان ثم خفره أحد أستحق اللعنة من الله والملائكة والناس أجمعين، لو أن كافراً دخل بأمان وآواه رجل مؤمن وقال له ادخل في جواري، ثم جاء إنسان وقتل هذا الكافر - رغم أمانه من المسلم - فعلى القاتل لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، نسأل الله العافية، كيف إذا دخل بأمان ولي الأمر، على أنه مؤتمن وفي جوار وأمان الدولة، ثم يأتي إنسان فيقتله ! هذا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
ويتابع فضيلته قائلا :" وفي هذا دليل على حماية الدين الإسلامي لمن دخل بأمانه وجواره، وأن الدين الإسلامي لا يعرف الغدر والاغتيال والجرائم، إنه دين صريح وبهذا نعرف غلط من يغدرون بالذمم، ويخونون ويغتالون أناساً لهم عهد وأمان، وأن هؤلاء مستحقون لما أعلنه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين والعياذ بالله... الخ كلامه - رحمه الله _ قلت : وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أمن رجالاً من المشركين كانوا يؤذون الله ورسوله والمؤمنين، فلما كان يوم الفتح لاذوا بأم هانئ - وهي امرأة من جملة المسلمين - وأراد علي رضي الله عنه - قتلهم، فأبت عليه وأخبرت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما يريده علي، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت يا أم هانئ " أخرجه البخاري ومسلم مختصراً، وبوب له البخاري بقوله : باب أمان النساء وجوارهن، فإذا كان الإسلام يحترم أمان المرأة فكيف بأمان ولي الأمر.
وذكر بموقف الإسلام الراقي من المخالفين له، فليس كل من كان كافرا يجوز قتله، وإن لم يكن معه أمان إنما ذلك لمن يحارب المسلمين، ويخرجهم من ديارهم ويظاهر على إخراجهم ، فإن لم يكن كذلك - وإن كانت دولته تحارب المسلمين - فلا تزر وازرة وزر أخرى.
ويختتم فضيلة الشيخ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني فتواه بقوله " وحتى لو فرضنا أنه محارب بنفسه ، فالمرجع إلى ولي الأمر، هو الذي يجري عليه الحكم الشرعي ، وهذا راجع إلى توافر الشروط وانتقاء الموانع أما فتح الباب لآحاد الرعية، ففيه فتنة في الأرض وفساد كبير، والله المستعان".
إلى ذلك يجمع علماء الأمة على الإثم الكبير لمن يفتنون الشباب ويشجعونهم على الذهاب للقيام بالعمليات الانتحارية ضد الرعاية الأجانب المستأمنين في بلاد المسلمين باعتبار ذلك محرما شرعا ولحرمة قتل المسلم لنفسه أيضا لقوله تعالى :" (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) .
واعتبروا إن من أعظم الفتن التي ابتلي بها المسلمون اليوم القول على الله بلا علم وتعظم البلية والفتنة إذا تكلم المتكلم بغير علم واستدل بالأدلة على غير مراد الله ورسوله منها والأعظم من هذا كله إذا كان ذلك القول الضال يترتب عليه فساد الدين والدنيا. مبينين أن من الأمثلة على هذه الفتنة التي انطلقت شرارتها لتحدث ناراً عظيمة في المسلمين ألا وهي العمليات "الانتحارية" ضد الذميين "الرعايا الأجانب" التي يغرر بعض المفتونين على بعض الشباب الذين يدفعونهم لارتكابها ويوهمونهم زوراً وبهتاناً وضلالاً وإضلالاً بأنها عمليات "استشهادية" بينما هي عمليات انتحارية كونها تستهدف الاعتداء على رعايا أجانب مستأمنين في بلاد المسلمين وهو ما نهى عنه الشرع وحرمه قطعيا.
وشددوا أن قتل النفس المعصومة من أكبر الكبائر..مشيرين في هذا الصدد إلى أن الله تعالى حرم قتل النفس المعصومة وتحريم القتل دلّ عليه الكتاب والسنة والإجماع وتحريمه معلوم من الدين بالضرورة وأدلته أشهر وأكثر من أن تذكر وحسبنا قوله تعالى"وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ", كما قال تعالى:قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ". في حين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق...إلخ" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
ويشير علماء الإسلام أن هناك أدلة عديدة أخرى تحرم قتل النفس المعصومة ومنها أن يقتل الإنسان نفسه, فضلا عن أدلة أخرى في وعيد من قتل نفسه ومنها قوله تعالى "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ", فيما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه، في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً".
ويوضح فضيلة المشائخ العلماء أن من يتدبر هذه النصوص وغيرها يظهر له جليا تحريم قتل الإنسان نفسه وأن هذا الفعل عدوان وظلم متوعد صاحبه بالخلود في جهنم والعياذ بالله.
عن/ سبأ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.