أكثر ما شد انتباهي في مقابلة قناة الجزيرة مع حيدر العطاس هو حديثه المتكرر عن عمليات اختراق قامت بها السلطات في الشمال كما سماها لقادة جنوبيين سواء كان ذلك قبل الوحدة أو بعدها وهي الورقة البائسة وربما الأخيرة التي يحملها العطاس في جعبته وقد ظن انه بهذه الاتهامات الحمقاء سيفجر مفاجأة لم تكن في الحسبان!! ما يدعو إلى التعجب والدهشة من هذه النظرة الانفصالية المقيتة للأشياء هو هذا الفكر المشوه الذي يحمله العطاس وأمثاله تجاه الوطن وأبناءه و تجاه مفهوم الوطنية بل ومفهوم العمالة فقد تحول المناضلون والوطنيون والوحدويون في فكر ونظر العطاس وأمثال العطاس إلى عملاء للسلطة أو ل علي عبد الله صالح، وبالمقابل دعاة الانفصال والفوضى والتخريب وحاملي فكر الصراعات السياسية الدموية التي تعود عليها الكثير من أمثال العطاس هم الوطنيون والمناضلون!! أي منطق يتحدث به هذا الرجل والى أي منحنى يسير به سلوكه وفكرة المقلوب؟! الذي اعرفه انه عندما يفقد الشخص مصالحة وامتيازاته الشخصية قد يصل به المطاف إلى تغير طارئ في سلوكه خاصة إذا كان الوازع الديني والوطني في هذا الشخص ضعيف ومع الأيام قد يعود إلى رشده عندما يرتفع قليلا هذا الوازع وتبتعد الغشاوة عن العين والقلب معا ولكن أن يفقد الشخص منطق الحديث بل ويتمنى أن يرى وطنه ممزقا مشتتا يقاتل بعضه بعضا لأنة فقط لم يتمكن من الاستحواذ على منصب ما أو قطعة ارض أو امتيازات تعود عليها فهذه هي الطامة الكبرى. رحم الله الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر فقد اثبت أن نظرته الثاقبة لبعض الأشياء ولبعض الشخصيات في محلها فعندما وصف حيدر العطاس بأنة مهندس الانفصال فلم يكن كلامه من فراغ لأنه خبر الرجل تماما منذ أن وطئت قدمه إلى دولة لم يؤمن بها وهي دولة الوحدة التي أعلنت في 22 من مايو عام 1990م، فقد اعترف العطاس في أكثر من حديث انه كان من اشد المعارضين لقيام دولة الوحدة بحجة أنة لم يحن موعدها بعد وبالتالي حسب نظرته لا داعي للتسرع في إتمامها وهي التهمة التي وجهها العطاس في هذا الحديث لرفيقه علي سالم البيض الذي أتهمه بأنه أخطأ وتسرع عندما قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة مع الشمال جنبا إلى جنب و الزعيم الوحدوي علي عبد الله صالح الذي ثبت على مبادئه فكان صادقا مع نفسه ومع خيار شعبه في الوحدة والديمقراطية في حين أن الآخر أي علي سالم البيض أستسلم للضغوط ووقع في فخ العطاس وأمثاله من الانفصاليين. وهو ما يضعنا أمام حقيقة أكدها العطاس في حديثه بشكل غير مباشر قد تدفع الكثير إلى القول بأن علي سالم البيض "ربما" بالفعل قد وقع في شراك تآمري وتعرض لضغوط أو تأثير كبير من الجناح الانفصالي في الحزب الاشتراكي اليمني ما دفعه لتلك الاعتكافات الغير مبررة التي خلقت أزمة سياسية مصطنعة لتنتهي إلى حرب صيف 1994 م وهي الحرب التي حيكت وخطط لها خارجيا وداخليا عبر الجناح الانفصالي في الحزب الاشتراكي اليمني والذين ربما هم من دفعوا بعلي سالم البيض لإعلان الانفصال في اللحظة الأخيرة من الحرب وذلك لتلطيخ صورته ودوره الكبير في قيام دولة الوحدة عام 1990م وهو ما يفسر لنا ماهية إطلاق صفة مهندس الانفصال على شخص حيدر العطاس و ما يفسر لنا أيضا وصف الدكتور عبد الكريم الارياني للعطاس بأنة انفصالي حتى العظم. حيدر العطاس يريد اليوم وبعد تسعة عشر عاما من عمر الوحدة أن يقنع بعض السذج من حوله بان إعلان الوحدة في 22من مايو عام 1990م كان خطأ تاريخي وعملية متسرعة ولم يرتب لها- أو لهذا اليوم العظيم في التاريخ اليمني المعاصر- الترتيب الصحيح ونسي بل وتناسى أن هذا اليوم قد تأخر كثيرا وتحديدا منذ ستينات القرن العشرين أي بعد قيام ثورة 26 من سبتمبر و14 من أكتوبر بل لقد تناسى العطاس كل تلك اللقاءات المتعددة ولجان العمل الوطني الوحدوي التي أنشئت من قبل قيادة الشطرين المتعاقبة قبل الإعلان عن دولة الوحدة بسنين طوال. فعلى سبيل التذكير لا الحصر التاريخي نسي وتناسى العطاس تلك المسيرة الطويلة من الحوارات واللقاءات الوحدوية بين قيادة الشطرين آنذاك والتي تمت عبر فترات تاريخية يعرفها العطاس جيدا وذلك بين سالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وعلي سالم البيض من قيادات الجنوب وعبد الرحمن الارياني وإبراهيم الحمدي وعلي عبد الله صالح من قيادات الشمال وهذه المسيرة والحوارات الطويلة لم تكن في قاموس العطاس وأمثاله من الانفصاليين تساوي شئ بل ولم تمثل في نظر هؤلاء أي خطوة جادة من قبل القيادتين آنذاك على طريق تحقيق الحلم اليمني الأكبر والذي تحقق في 22 من مايو عام 1990م. العجيب في الأمر هنا هو كيف قبل العطاس ومن شاركه في هذا الاعتراض المسبق على قيام دولة الوحدة في ذلك التاريخ العظيم كيف قبلوا المشاركة في المسئولية بل كيف قبلوا أعلى و اكبر المناصب في دولة الوحدة التي لم يعترفوا بها أصلا بل ولم يؤمنوا بها!!؟ اعتقد هنا أن المسألة في الأول والأخير لم تكن سوى مطامع سلطوية وحب البقاء على كراسي السلطة سواء في إطار دولة الوحدة أو بدونها وهذا ما يفسر لنا حقيقة تلك المؤامرة التي حيكت و نفذت من قبل هذا الجناح الانفصالي في الحزب الاشتراكي كمحاولة بائسة لإعادة التاريخ إلى الوراء بل وتغليب وفرض وجهة نظرهم الانفصالية على تاريخ ومناضلي الحزب الاشتراكي اليمني هذا الحزب الذي عرف عنه تاريخيا بأيمانه الكبير بالوحدة بصرف النظر عن أخطائه أو الجانب السلبي من تاريخه خاصة جانب الصراعات السياسية الدموية التي شهدها قبل الوحدة، ولكي لا نخرج عن موضوعنا عندما شعر هؤلاء أي- جناح الردة والانفصال في الحزب- خاصة بعد انتخابات 1993م النيابية بأنهم قد يفقدوا كراسي الحكم والسلطة والجاه والامتيازات الممنوحة انقلبوا 180درجة وأداروا وجوههم إلى الوراء وخلعوا الأقنعة الحقيقية من على وجوههم خاصة بعد الاستكشافات النفطية في المناطق الجنوبية وهذه هي الحقيقة التي عرفها الجميع.