قامت كل من السعودية، ودول الخليج، وبريطانيا، وأمريكا، وأخيراً إيران بتأكيد موقفها الداعم للوحدة اليمنية، ووقوفها إلى جانب أمن اليمن واستقراره، ومع ذلك يستمر الدعم الخارجي للحراك، فمن أين يأتي؟ إذا كنت– عزيزي القارئ- مع ثلاثة من أصدقائك في غرفة، وفجأة أتتك صفعة على قفاك، فالتفت لتجد أصدقاءك الثلاثة منشغلين، فسألت الأول عما إذا كان هو من صفعك، فأجابك ب لا، وكذلك الأمر مع صديقك الثاني، وصديقك الثالث، فهل تصدقهم؟!! لا يمكنني أنا العبد الفقير لله أن أعرف وأجزم بحقيقة من يقف خارجياً وراء الحراك لأنني لا أمتلك من المعلومات ما تمتلكه أجهزة الدولة، لذلك فإن الحقيقة التي لا شك فيها هي أن أجهزة الدولة العليا وعلى رأسهم رئيس الجمهورية على دراية كاملة بهوية (الداعم) المجهول لهذا الحراك، وأعتقد أن الأوان قد آن، والوقت قد أزف لنتعرف على هذه الشخصية البغيضة. قد يقول البعض واثقاً من نفسه ومن معلوماته أن (السعودية) تدعم الحراك حتى تظفر بحضرموت كما كانت تخطط بغباء أثناء أزمة 1994، إلا أن الغريب في الأمر أن المتضرر الأكبر من الانفصال في اليمن هم أشقاؤنا في المملكة، فمن ناحية أولى، فإن الانفلات الأمني في اليمن يشكل خطراً كبيراً على حدود المملكة الجنوبية، ومن ناحية ثانية فإن ضعف الدولة في صنعاء سيقوي من نفوذ الحوثي في الشمال بعدائه المعروف للمملكة. وبالتالي فمن غير المنطقي أن يكون للسعودية يد في ما يحدث. قد يقفز البعض الآخر بفكرة أن بريطانيا وراء ما يحدث ويدلل على ذلك بما تقوم به صحيفة (الأيام) وهي صنيعة بريطانية 100% من دور في تأجيج الحراك، إلا أن انعدام الدافع المباشر قد يضعف هذه الفرضية وإن كان لا ينفيها نفياً قاطعاً. أما أمريكا فهي اليوم غير أمريكا الأمس، فأمريكا (أوباما) تختلف كلية عن أمريكا (بوش)، وقد تكون لأمريكا (بوش) يد في إشعال الفتنة في اليمن، إلا أن أمريكا (أوباما) لا تريد هذه الفتنة، وكما أن (أوباما) شرع في إغلاق جميع الملفات الملغومة التي تركتها له إدارة (بوش) فهو يحاول الآن إغلاق ملف الفتنة في اليمن وهذا ما دعا أمريكا إلى تأكيد دعمها لاستقرار اليمن عبر أكثر من مصدر كان أهمها الاتصال الهاتفي بين الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس أوباما. وأما إيران فأهدافها من دعم الحراك واضحة بعد أن (تفرغت) الدولة فترة من الزمن للقضاء على ربيبها (الحوثي) إلا أن المنطق يقول أن من مصلحة إيران الحفاظ على علاقات طيبة مع اليمن حتى تستطيع أن تقيم معه تحالفاً يشكل منفعة متبادلة للطرفين محورها السعودية. لم أتطرق طبعا لموقف ليبيا فزعيمها لا يحتاج إلى كاتب بل إلى طبيب نفسي. وفي الختام أشير إلى رائعة أجاثا كريستي (جريمة في قطار الشرق السريع) حيث تقع عملية قتل داخل قطار الشرق السريع الذي يضم 14 راكباً منهم المفتش بوارو والمقتول، ويحقق المفتش بوارو بطل القصة، وبعد سماع أقوال المسافرين الاثني عشر محاولاً معرفة القاتل الذي أثخن جسد الضحية بطعنات عديدة، يكتشف في النهاية أن القاتل ليس أحدهم وإنما هم كل ركاب القطار!! وربنا يستر على اليمن.