خلال حضوري لمنتدى الإعلام العربي الدورة الثامنة والمنعقد في مدينة دبي خلال الفترة 11-12 مايو كان من ضمن جلسات المنتدى جلسة تحت عنوان "الإعلام الجديد منابر جديدة- تغير المشهد " وجلسة أخرى" الصحف اليومية أزمة في الغرب وتوسع في العالم العربي " وقد دار نقاش حاد خلال تلك الجلسات حول مستقبل الصحافة الورقية وملامح تشكل الإعلام الجديد وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعصف بالعالم والتي أطاحت بمؤسسات صحفية وإعلامية عريقة تمتد جذور بعضها إلي ما يقارب قرن ونيف من الزمان. فإذا كانت الصحافة طوال ما يزيد على قرن ونصف من الزمان وهي تتربع على عرش وسائل الإعلام فإنها متجهة الآن نحو الانحدار التدريجي وربما السريع نحو القاعدة تاركة القمة لجيل جديد من الإعلام الشبكي والتقني الحديث ورغم التوسع في إصدار الصحافة الورقية في العالم العربي فان العالم الغربي يشهد مرحلة توقف أو تحول نحو الإعلام الالكتروني فيما عالمنا العربي يشهد تطورات ملحوظة نحو التقنيات الحديثة ففي إحدى الدراسات التي قام بها منتدى الإعلام العربي وجد أن أغلبية شباب العالم العربي تفضل التعامل مع الوسائل الإعلامية الحديثة كالانترنت والوسائط المحمولة وان المنطقة تشهد نمو غير عادي نحو الاتجاه نحو استخدام الانترنت . وفيما طرح البعض تساؤلات كيف يستطيع الإعلام الالكتروني القضاء على الورقي فيما التلفزيون لم يستطيع القضاء على الراديو وهنا نستطيع أن ندرك أن لكل جيل وسائلة الإعلامية و التي يشعر بالاندماج و التناغم والتفاعل معها فجيل الخمسينات والستينات كان الراديو أهم وسيلة إعلامية بينما جيل اليوم يعتبر الانترنت أفضل وسيلة إعلامية تقدم له . ولذا وجدت شريحة واسعة جدا من الناس أن الإعلام الالكتروني أكثر حرية وتفاعلية من الورقي رغم ما يسميه البعض فوضى المحتوى الرقمي وضعف الوثوق فيه . إن تحول المواطن إلي صحفي أو ما يطلق علية (المواطن الصحفي )عبر الجيل الجديد من الإعلام التقني من خلال دمج أكثر من وسيلة إعلامية في وسيلة واحدة فمدوناته تحتوي على مقاطع فيديو ولقطات صور فوتوغرافية وكلمات نصية تتفاعل مع جمهور من شتى بقاع العالم لنتحول إلي حقبة جديدة من الإعلام التفاعلي المجتمعي مما خلق نوع من المدونات واليوتيوب يفوق قراءها وزوارها ملايين المرات قراء الصحف ومشاهدي الفضائيات, فكما صرح هيرش خبير الصحافة الاستقصائية الأمريكي أن المدونات في مصر أفضل من الصحف من ناحية تفاعلها مع الجمهور كما أن "هافينتنون بوست"تعتبر واحدة من اكبر المدونات في أمريكا يتصفحها نحو 28 مليون زائر . ولأهمية الوليد الجديد من الأعلام الالكتروني عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية أعمال اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني بمشاركة ممثلي وزارات الإعلام العربية. وتركزت المناقشات على تشجيع الإعلام الإلكتروني والعمل على نشره عربيا من خلال تخصيص جائزة لأفضل المواقع الإلكترونية العربية والمواقع الإعلامية العامة والمواقع الشخصية ومواقع الخدمات الإعلانية باعتبار أن ذلك سوف يعطي حافزا وتشجيعا لمطوري المواقع على الإبداع والابتكار والمؤسسات الإعلامية والتلفزيونية على اللحاق بالركب الجديد من الإعلام . أن التقنيات الحديثة في الإعلام هي مرحلة تحول في الوسائل الإعلامية يجب علينا أن نستعد ليس لاستقبالها وحسب وإنما إنتاجها وتهيئة جيل جديد من الإعلاميين القادرين على التعامل مع هذه الوسائل بحرفية ومفهوم جديد . فالوسائل الإعلامية الجديدة لازالت في مرحلة التبلور والتكوين , فوسائل الهاتف الذكية والأجهزة الملاحية للسيارات والمركبات وأجهزة الكمبيوتر الحركي وأجهزة التصفح للكتب إلي المرحلة الثانية من الانترنت أو ما يعرف web2 أو (الويكي)كلها وسائل إعلامية جديدة تطرق الأبواب وتخترقها بدون استئذان ووجدت لها شعبية وإقبال غير عادي. ولا يقتصر الأمر هنا على الصحافة الورقية بل والمرئية والمسموعة فالتلفزيون أصبح يشاهد عبر الانترنت أو عبر أجهزة التلفون المحمول وكذلك الأخبار فدولة مثل الأمارات العربية المتحدة مثلا تغطي 98% من أراضيها خدمة التلفزيون المتنقل بنحو 15 قناة تلفزيونية . وكذلك الإعلام المسموع أصبح يسمع عبر التلفون المحمول والانترنت وكلها نقلات نوعية تحتاج مننا في اليمن إلي الاتجاه نحو الإعلام الجديد وما نراه اليوم من بعد الإعلام الحكومي عن فئة الشباب إلا لأننا لم نستطيع الوصول إلي الشباب عبر قنوات ووسائل إعلام جديدة سواء عبر الميديا انترنت أو الوسائط المتنقلة . ومع هذا التعامل الشبابي الكبير مع التقنيات الحديثة فان الأفكار المتطرفة والشاذة في عالمنا العربي وجدت لها مرتع خصب من خلال التواصل الشبكي واستطاعت بعض الجماعات المتطرفة والمنحرفة أن تخترق عقول الشباب من خلال هذه النوافذ الإعلامية الهدامة أن الصحافة اليوم يجب أن تستعد نحو التحول الرقمي من خلال الاهتمام بمواقعها الالكترونية وتطويرها وخلق نوع من التفاعل الجماهيري والأخذ بعين الاعتبار متطلبات الجيل الجديد من الصحافة وكذلك العمل على نقل الأخبار الصحفية عبر الوسائط الإعلامية الحديثة ولا ننسى التلفزيون والراديو حاجته إلي التحديث والتطوير فالقافلة التقنية تنطلق بسرعة كبيرة تاركة الكسالى والمتخلفين وراءها . فكاتب العمود في ال"واشنطن بوست" هاوارد كورتز في عموده "ملاحظات إعلامية" أن "الأسابيع القليلة الماضية قد هزت إيماني" بأن الصحف سوف تجد طريقاً للبقاء على قيد الحياة. *عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين [email protected]