احدث الإعلان الذي أصدره البنك المركزي اليمني "مؤسسة النقد اليمنية" الثلاثاء الماضي بإفلاس البنك الوطني للتجارة والاستثمار الذي كان يعتبر من اكبر البنوك التجارية الوطنية باليمن هزة كبيرة في ثقة الشارع اليمني بالبنوك والمصارف بشكل عام دون تفريق بين بنك دولي أو محلي كبير أو صغير ، حيث هب عدد كبير من المتعاملين مع البنوك اليمنية أمس الأول الأربعاء بسحب حساباتهم منها ، إلا أن اغلب تلك البنوك رفضت صرف أي شيكات كبيرة تفادياً للإفلاس كما حصل مع البنك الوطني للاستثمار. وقال متعاملون في احد البنوك الإسلامية أنهم لا يثقون بأي بنك بعد اليوم لا إسلامي ولا ربوي "حد تعبيرهم" خصوصاً وان هناك العديد من المخاوف أصبحت تنتشر بين عامة الناس بان البنك المركزي سيؤخر صرف حسابات عملاء البنك الوطني الذين واصلوا التجمع أمام مقراته في صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية لليوم الثالث على التوالي لمعرفة الحلول والمعالجات التي ستقرها لجنة البنك المركزي اليمني ، لحين الانتهاء من جرد الأصول والحسابات الداخلية والخارجية والمديونيات وغيرها من الحسابات المصرفية الخاصة بالبنك الوطني ، مشيرين إلى أنهم غير مستعدين للمجازفة بأموالهم في بنوك لا يعتمد عليها. من جانبه أكد مسؤول في احد البنوك التجارية أنهم في إدارة البنك يعذرون العامة على تخوفاتهم خصوصاً وان البنك الوطني كان يُنظر إليه من قبلهم على انه قلعة حصينة من قلاع الاقتصاد اليمني بفعل التحالفات المحلية والدولية التي ابرمها مع العديد من الشركات المصرفية العالمية ، إضافة إلى قيادة البنك ومجلس إدارته التي كان يرأسها رجل اقتصادي كبير ومشهود له بالكفاءة والخبرة في مجال الاقتصاد. وكان مصدر في مطار صنعاء الدولي قال أن سلطات المطار أوقفت الدكتور أحمد الهمداني رئيس مجلس إدارة البنك الوطني الذي أعلن البنك المركزي إفلاسه يوم الثلاثاء الماضي ومنعته من السفر ، مشيراً إلى أن سلطات الأمن وضعت جميع أعضاء مجلس إدارة البنك تحت الإقامة الجبرية إلى حين انتهاء اللجنة المشكلة من البنك المركزي اليمني والمكلفة بتقييم أصول البنك الوطني من عملها. وكانت صحيفة الأسبوع الصادرة في صنعاء سبق لها التحذير من التلاعبات الصريحة في تعاملات البنك وذلك في آذار "مارس" من العام 2001م وقالت الصحيفة آنذاك : أن البنك الوطني يعد مثالاً للعبث المروع في القطاع المصرفي حيث تساءلت فيما اذا أمكن إسقاط ما يحدث على القطاع المصرفي الخاص في اليمن ومقارنته بالتجاوزات الرهيبة الحاصلة في ذلك البنك. واستندت الصحيفة في تحليلها آنذاك على تهديدات وجهها البنك المركزي بفرض عقوبات على البنك الوطني (بسبب سوء الإدارة الذي انعكس على شكل مخالفات قانونية وجسيمة). وكان رئيس مجلس إدارة البنك المركزي اليمني قد وجه مطلع العام 2001م مذكرة لرئيس مجلس إدارة البنك الوطني للتجارة والاستثمار تضمنت جملة مخالفات رصدها قطاع الرقابة على البنوك, وورد في المذكرة تنويه لمخالفة بشأن رأس المال المدفوع وفقاً لقانون البنك رقم 38 لعام 98م, حيث بلغ رأس المال الفعلي المدفوع 367 مليون ريال بعجز مقداره 633 مليون ريال. وقالت المذكرة أن (البنك يواجه عجز في نسبة كفاية رأسمال الخاص به إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر بسبب النقص في رأس المال المدفوع وفي مخصصات الأصول غير المنتظمة مما يتطلب رفد رأس المال بمبلغ (2.1) مليار ريال). وورد في المذكرة مخالفة البنك لأحكام المادة (13) من القانون رقم (38) بعدم احتفاظه بأصول سائلة. وتضمنت المذكرة مخالفات مكتظة بينها منح البنك تسهيلات ائتمانية تتجاوز النسب المحددة, واشتغاله لحسابه الخاص في تجارة الجملة والتجزئة استناداً للمادة (20) من نفس القانون. واتجه البنك المركزي نحو إيراد مخالفات تعد ظهور واحدة منها فقط في العمل المصرفي سبباً في سحب ترخيص الاستثمار حيث شملت المخالفات أيضا: تملك البنك لأسهم تتجاوز ماهو محدد في القانون عند الاشتراك في مشروع جديد, وكذا شراء البنك لعقارات بهدف إقامة مشاريع سكنية وهو ما يعد مخالفة لمادة (22) من القانون الصادر بشأن البنوك. وكان البنك الوطني يغرق في مخالفة توجيهات البنك المركزي بعدم منح المدينين الذين لم يسددوا ديونهم للبنوك تسهيلات ائتمانية وتحديداً الأسماء الواردة في قائمة الإشهار الخاص بالبنك المركزي اليمني, إلى جانب مخالفة التعليمات بشأن حساب المؤسسات والهيئات الحكومية وذلك بقيامه فتح حسابات جارية وودائع آجلة لبعض من تلك المؤسسات. وأكد البنك المركزي اليمني في تفصيله للمخالفات عدم التزام البنك بصحة البيانات الدورية المقدمة له والخاصة بطبيعة توضيح المركز المالي الشهري والبيان الأسبوعي الخاص بنسبة الاحتياطي الإلزامي على الودائع وكان للبنك على اثر تقديم تلك المخالفات للرأي العام رؤية خاصة حيث سارعت إلى كسب ولاء الصحافة الأهلية والمستقلة بتقديم مبالغ طائلة مقابل إعلانات مدفوعة. وبحسب القائمين على البيانات المالية للبنوك الصغيرة من كوادر البنك المركزي اليمني: فان البنك الوطني كاد أن يسقط كلياً وفقاً للحسابات المالية الخاصة به في العام 2000م لكنه عاود الاستمرار وسط موقف مالي غامض, وصفقات ومخالفات صريحة تم رصدها وبسهولة بعد مرور عامين فقط على إنشائه. وكان البنك المركزي اليمني "مؤسسة النقد اليمنية" اقر يوم الثلاثاء الماضي وضع اليد على البنك الوطني للتجارة والاستثمار ابتداء من الساعة الثامنة من صباح غد الأربعاء ، مشيراً إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد أن وصل الحال بالبنك الوطني إلى وضع غير سليم وتوقفه عن دفع التزاماته. وأضاف البلاغ الذي أصدره البنك المركزي اليمني اليوم أن هذا الإجراء يأتي استنادا للمواد (43 و44 و46) من القانون رقم (38) لسنة 1998م بشأن البنوك ، مؤكدا بأنه بهذا القرار يكون البنك المركزي قد ألغى كافة صلاحيات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية للبنك الوطني للتجارة والاستثمار, وبالتالي آلت تلك الصلاحيات إلى لجنة وضع اليد المعينة من قبل البنك المركزي ابتداء من صباح الغد الأربعاء. وكان البنك الوطني للتجارة والاستثمار وقع نهاية تشرين الثاني "نوفمبر" الماضي اتفاقا مع المؤسسة المالية العالمية ( O.I.T.C.) لدخولها كمساهم استراتيجي في البنك. وأشار البنك في إعلانه بالمناسبة أنه وقع تلك الاتفاقية ليتمكن من تنفيذ تعليمات قرار البنك المركزي اليمني رقم (12) لسنة 2004م الخاص برفع رأسمال البنوك التجارية اليمنية إلى ستة مليارات ريال ، مشيراً إلى أن ذلك الإجراء تم رغبة من البنك في استقطاب مستثمرين دوليين لديهم القدرة المالية والفنية للإسهام الفعال في التنمية الاقتصادية والتنموية.