أضحت قصة غرام الأثرياء والفاسدين مع هبر الأراضي في تعز عشقاً بطعم الموت, تجاوز كل الحدود إلى البسط على المقابر في سباق محموم استعدادا للانتقال من هبر بقع الدنيا إلى هبر بقع الآخرة.. فالناهبون للدنيا بغير حق هم الناهبون لمقابر الآخرة بغير حق، بعد أن فقدوا السيطرة على أطماعهم.. وها هي مقابر تعز تتحول إلى "مقابر خاصة"، كل منهم يحجز فيها مقبرة "عائلية" تتسع خمسة أجيال من ذريته..!! المواطنون في المدينة، التي تبحث عن مساحة صغيرة لرياض الأطفال دون أن تجدها، أدانوا ما وصفوه ب"أطماع المتنفذين" التي تجاوزت حدودها مشوار الدنيا إلى حجز مقابر خاصة لهم، ولخمسة أجيال من بعدهم في قطار الآخرة. فالشيخ طلال علي عبده سيف المكابري- من أهالي مديرية المظفر- قال ل"نبأ نيوز": أن استيلاء بعض الأثرياء على مساحات شاسعة من مقبرة "اللجينات" بمديرية المظفر مرده الطمع الذي يلاحق بعضهم حتى على حجز مقابر تكفي لعشرة وعشرين على حساب الفقراء الذين لا يجدون مكانا لدفن موتاهم. وأضاف: القبور للجميع والذي يموت أول يدفن أول، أما الحجز للمستقبل بتلك المساحات الكبيرة والغرف المحوطة بالأبواب والأقفال فهذا شيء غريب على المدينة..! من جانبه، يستنكر موسى الطيار- إقدام بعض الأثرياء في المدينة على هذا التصرف على حساب الآخرين.. وقال: الأغنياء بما لهم من سلطة نفوذ وجاه وسطوة يعتقدون أنهم قادرين على مضايقة الفقراء حتى وهم في طريقهم إلى الآخرة عبر حجز عشرات المقابر لهم وللأجيال من بعدهم. فيما يرى فيصل المجيدي: إن هذا التصرف غير منطقي تماماً، فكيف لإنسان أن يقوم بحجز كل تلك المساحات الكبيرة كمقابر خاصة له ولأولاده وإخوانه وأقربائه!! وتساءل: ألا يكفي بعض الأثرياء مضايقة الفقراء في لقمة عيشهم واحتكار بعضا من رزقهم وقوتهم ورفع أسعار مواد الفقراء الغذائية حتى يسارعون إلى حجز تلك الغرف الكبيرة المغلقة التي لا يمكن لأحد أن يصدق هذه التقليعات العجيبة..!!
جلال يونس- نائب مدير الرقابة والتفتيش في مديرية المظفر- قال ل"نبأ نيوز": أن عدداً من الأهالي تقدم بشكوى إلى المديرية يطالبون فيها بمساواتهم بالأغنياء فيما يخص مساحة المقبرة التاريخية التي أوقفتها السيدة المعتبية إحدى ملوك دولة المظفر.. وأضاف: نطالب الجهات المعنية في مكتب الأوقاف وغيرها التوجيه بسرعة إزالة تلك المستحدثات وجعل المقبرة متاحة للجميع أغنياء وفقراء وذلك من باب المساواة والعدالة على الأقل عند الانتقال إلى الآخرة, منوهاً إلى ضرورة الاهتمام بالمقبرة وتسويرها ونظافتها وإنارتها حيث يستغلها بعض البلاطجة والمجرمين في ممارسات خارجة عن الآداب العامة والتقطع والإجرام.. حارس المقبرة خالد الذبحاني أكد حدوث ممارسات مخلة بالآداب العامة وكذلك ظواهر إجرامية مختلفة في المقبرة, وطالب بإزالة تلك المقابر الخاصة، وجعل المقبرة متاحة للجميع وتحريرها من الباسطين والنافذين, وان يكون من حق كل مواطن على الأقل الحصول على قبر مؤمن رخيص يضمن معه مستقبل آمن عند الانتقال من الدنيا إلى الآخرة.
ختاما.. الموت حق، وهو الحقيقة الوحيدة التي تمر على كل كائن حي وعلى كل كائن حي أن يقبل بالآخر على الأقل إذا لم يكن في الدنيا فعند الانتقال إلى الآخرة.. ويبقى السؤال المطروح: لماذا كل هذا العشق للبقع في تعز من قبل بعض الأثرياء، حتى وان كانت بقع للمقابر..!؟ الفقراء دوماً هم الحلقة الأضعف في الدنيا، لكن حتماً لن يكونوا كذلك في الآخرة..!!