لم تجد الحكومة من وسيلة لمعالجة وتصحيح الوضع الاقتصادي إلا برفع أسعار المشتقات النفطية، وقد سبق الإجراء الأخير المتمثل بزيادة خمسة ريالات إلى كل لتر بنزين حديث عن تقرير للبنك الدولي يشير إلى أن سعر البنزين في اليمن يقل عن 60 % مما هو سائد في العالم!!. وربما يكون ذلك الأمر صحيحاً، لأنني أعرف أن أسعار المشتقات النفطية في بلدان نفطية هي أغلى مما هو عليه الحال في اليمن؛ لكن الوضع في اليمن مختلف، وكلنا يعرف أين هي أوضاع الاختلاف. صحيح أن الدول النفطية تبيع النفط بأغلى من السعر الذي عليه في اليمن، إلا أن الحكومات هناك توازي بين أسعار النفط ورواتب الموظفين والمواطنين بشكل عام. فمداخيل الأفراد هناك مرتفعة بشكل لا يشعرون فيه بارتفاع أسعار النفط كما هو الحال عندنا، وحتى في حال رفعت الدولة أسعار أية سلع فإنه لا يحدث هذا الجنون الذي يحدث عندنا من ارتفاع بقية المواد الغذائية ووسائل المواصلات وإيجارات المنازل وغيرها. في اليمن عندما يتم رفع ريال واحد على أية سلعة نفطية كانت أو غذائية؛ فإن سعر الريال ينخفض بصورة درامية، ولا يرحم التجار، كما هو حال الحكومة، المواطنين، فيردوا على الحكومة بتحية أفضل منها!!. وعوضاً أن ترفع الحكومة سعر لتر البنزين خمسة ريالات؛ فإن التاجر والجزار والحداد والبقال وصاحب التاكسي و”الدباب“ يرفع السعر هو الآخر خمسة أضعاف، وأحياناً أخرى عشرة. أما المستأجر فإنه يجد في إجراءات الحكومة «بشرى سارة» له، فيخرج سوطه ليلهب به جسد المستأجر المسكين، فيذبحه من الوريد إلى الوريد!!. قد نقبل من الحكومة أية إجراءات من شأنها تصحيح الأسعار؛ إلا أن الحكومة لا تجد طريقة لتصحيح الأسعار إلا بجلد المواطن، وهي بقدر حماسها في رفع الأسعار، إلا أننا لا نجد هذا الحماس في معالجة التداعيات التي تسببها مثل هذه السياسات التي تتبعها. فلا هي تلاحق التجار الجشعين الذين يفرحون بهذه الخطوات، ولا هي تعمل على سد الفجوة التي تحدثها هذه القرارات، فترفع مثلاً رواتب الموظفين إلى مستوى يستطيعون معها أن يواجهوا هذه الإجراءات، وأن تقلل الضرائب المفروضة على كاهل المواطنين، والأسوأ أننا ندفع ضرائب لخدمات ضعيفة في حياتنا!!. على الحكومة البحث عن مخارج أخرى توازي بين قراراتها ورفع الظلم الواقع على المواطن الذي يتجرّع ثمن هذه القرارات، فتحول الشعب المسكين إلى حقل تجارب من دون مراعاة الوضع الذي يمر فيه.