احتفلت السعودية في الثالث والعشرين من سبتمبر بيومها الوطني ال 80، وذلك تخليداً لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي أعلن قيام المملكة العربية السعودية عام 1351ه / 1932. فعلى مدى ما يزيد على عقدين من الزمن، كرس الملك عبدالعزيز جهوده في ارساء قواعد النهضة الحديثة للبلاد من خلال ترسيخ الأمن والاستقرار والتعمير وتوطين البادية وتأمين طرق الحج وتأسيس مجلس الشورى وافتتاح المدارس وتحديث أساليب الحياة، الى جانب اقامة علاقات مميزة مع الدول العربية والاسلامية والصديقة والدفاع عن قضايا الحق والعدل وأصبحت المملكة العربية السعودية خلال سنوات قلائل احدى الدول المؤثرة في الساحة الدولية وأصبحت تحظى باحترام وتقدير المجتمع الدولي. وكان من بشائر الخير على الدولة الوليدة أن اكتُشف البترول بكميات تجارية في الجزء الشرقي من المملكة عام 1938، ما ساعد في النهوض بالبلاد وتطوير مواردها الاقتصادية. وفي الثاني من شهر ربيع الأول من عام 1373ه الموافق للتاسع من نوفمبر 1953، انتقل الملك عبدالعزيز الى رحمة الله، وتعاقب على سدة الحكم من بعده أبناؤه الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد ثم الملك فهد، الذين واصلوا على نهج والدهم مسيرة البناء والتعمير مع التمسك بشريعة الله دستوراً ومنهجاً. عهد الملك عبد الله وفي الأول من أغسطس 2005 اثر وفاة الملك فهد، بايعت الأسرة المالكة والشعب السعودي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، وفي اليوم نفسه أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الزاهر وانسجاماً مع ما نشأ عليه الملك عبدالله من أخلاق كريمة وتواضع، رفض ان يخاطب بمولاي، وكذا رفض تقبيل اليد والانحناء، ورأى ان ذلك لا يكون الا لرب العزة والجلال، اما تقبيل اليدين فهو بر للوالدين فقط. وشهدت المملكة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز قفزات تنموية سريعة اتصفت بعمق الأهداف وشمولية الغايات والتطلعات واختصار الزمن، وآخرها انضمامها الى منظمة التجارة العالمية. بعض الإنجازات وشهدت المملكة بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز ملكا على البلاد، العديد من الانجازات، ومنها: • صدور الأمر الملكي باستكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف. • زيادة رواتب جميع فئات العاملين السعوديين في الدولة من مدنيين وعسكريين، وكذلك المتقاعدين بنسبة 15 في المائة. • زيادة في الحد الأعلى لمخصصات الضمان الاجتماعي للأسرة إلى ثمانية وعشرين ألف ريال في السنة. • تخصيص مبلغ ثلاثين ألف مليون ريال لتنفيذ مرحلة ثانية من البرنامج الإضافي لتحسين وتطوير الخدمات. • رفع رأسمال صندوق التنمية العقارية. • تخصيص مبلغ إضافي مقداره ثمانية آلاف مليون ريال للإسكان الشعبي في مناطق المملكة. • رفع رأسمال بنك التسليف بمبلغ ثلاثة مليارات ريال. • زيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعية بمبلغ ثلاثة عشر مليار ريال، ليصبح رأسماله عشرين ألف مليون ريال، وذلك لدعم القطاع الصناعي وتحفيز المزيد من الاستثمارات الصناعية. • الإسراع في تخصيص مبلغ خمسة عشر مليار ريال لبرنامج الصادرات السعودية. • تعديل أسعار البنزين وتخفيض أسعار الديزل. • إنشاء مركز مالي متطور في مدينة الرياض يضم المؤسسات المالية العاملة في القطاع. المسيرة التنموية متواصلة وواصلت المملكة مسيرتها التنموية من دون أن تكون للأحداث الدولية الجارية على الساحة العالمية، تأثيرات سلبية تُذكر على عمليات التنمية، واستطاعت أن تسير بكل عزيمة واصرار نحو تحقيق الأهداف التي رسمتها قيادتها الحكيمة عبر مراحل متلاحقة جسّدتها خطط التنمية منذ بدء تنفيذ أولى خططها عام 1970. وصولاً الى كيان اقتصادي واجتماعي قوي وسليم يشكل قاعدة ومظلة الرفاهية والاستقرار والرخاء للمجتمع. حتى حققت المملكة قفزة هائلة في بيئة الاستثمار والأعمال التجارية لعام 2005، حسب تقرير صندوق النقد الدولي، اذ قفزت من المرتبة السابعة والستين الى الثامنة والثلاثين لتحتل المرتبة الأولى عربيا. كما تصدرت المملكة قائمة الدول العربية المضيفة للاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارات العربية البينية لعام 2004، وفق تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار. توازن وشمولية واتسمت المسيرة التنموية في المملكة بالتوازن والشمولية والاسترشاد بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف وقيمه السامية، وتضمنت أهداف المملكة منذ خطة التنمية الأولى ثلاثة أبعاد رئيسية، هي: الاقتصادي والاجتماعي، والتنظيمي. فتناول البعد الاقتصادي توفير المناخ الملائم للنمو الاقتصادي وتنمية وبناء التجهيزات الأساسية كانشاء الطرق وتشييد المباني والمرافق الخاصة بالتعليم والصحة والاسكان وتوفير الماء والكهرباء، ثم اقامة المصانع والاتجاه الى الزراعة لتوفير الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي كهدف استراتيجي مهم. وتناول البعد الاجتماعي رغبات المواطن السعودي وامكاناته وطموحاته، حيث تم التوسع في فرص التعليم بكل مراحله، كما تم الاهتمام بالتدريب، وتوفير الرعاية الصحية والطبية المجانية، مع الاهتمام بالاسكان وتشجيع حركة القطاع الخاص من خلال القروض والتسهيلات المتعددة. أما البعد التنظيمي فقد تناول ادخال تغييرات أساسية في مجال الادارة واصلاح اللوائح والأنظمة المرنة المواكبة لحركة التنمية، اضافة الى انشاء مؤسسات جديدة تلبي المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع دعم أداء الاقتصاد الوطني. خطة خمسية طموحة وتعتبر الخطة الخمسية للتنمية الثامنة 2005-2009، الجاري تنفيذها حالياً، امتداداً للأهداف بعيدة المدى للمسيرة التنموية في المملكة. ومن أبرز أهداف الخطة: تنمية قدرات الموارد البشرية وتوفير الفرص الوظيفية الملائمة من خلال توفير الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية وتدريب الكوادر الوطنية. تنفيذ سياسة التخصيص، باعتبارها خياراً استراتيجياً. الاهتمام بالتجهيزات الأساسية لتهيئة المناخ الملائم لجميع قطاعات الاقتصاد الوطني وصيانتها لاطالة عمرها التشغيلي وتحقيق الزيادة في الانتاج. تطوير التنظيم الاداري والمالي واعادة هيكلة أجهزة الحكومة لرفع الكفاءة الانتاجية وتحسين الأداء. الاهتمام بالمتغيرات الاقتصادية العالمية وأثرها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وعلى رأسها انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والآثار المترتبة على ذلك. الاهتمام بالتطوير التقني وبناء قاعدة وطنية للعلوم والتقنية لمشاركة القطاعين الخاص والعام لها والقدرة على تشجيع الابداع والابتكار. الترشيد في استغلال الموارد الاقتصادية في الانتاج والاستهلاك لتحقيق الكفاءة الاقتصادية. خدمة الإسلام والمسلمين وبما ان المملكة هي قبلة المسلمين في شتى بقاع المعمورة، وقد شهدت أعظم حدث وقع في تاريخ البشرية، ألا وهو نزول آخر الرسالات السماوية على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم- يأتي في مقدمة أولويات نشاطها لخدمة الإسلام والمسلمين، اهتمامها بطباعة كتاب الله طباعة صحيحة ومدققة، وتوزيع هذه النسخ من القرآن الكريم على المسلمين في جميع أنحاء العالم. فقد أنشئ لهذه الغاية مجمع يختص بطباعة المصحف الشريف، ومقره المدينةالمنورة، وتبلغ طاقته الإنتاجية 10 ملايين نسخة سنوياً. ومنذ بداية الإنتاج 1984حتى منتصف عام 2002، أنتج المجمع أكثر من 170 مليون نسخة من مختلف الإصدارات. وأولت المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة لدعم ومؤازرة المسلمين في كل أنحاء العالم، وقد قامت المملكة بتوفير هذا الدعم عبر هيئات متخصصة أنشئت لهذا الغرض، منها: • هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية. • الندوة العالمية للشباب الإسلامي. • الهيئة السعودية لجمع التبرعات. دعم الدول النامية وساهمت المملكة في تمويل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية، وعلى الرغم من كونها دولة نامية وذات احتياجات مالية متزايدة، فقد بلغت جملة ما قدمته من مساعدات غير مستردة وقروض إنمائية ميسرة عبر القنوات الثنائية ومتعددة الأطراف خلال العقود الثلاثة الماضية نحو ستة وسبعين ملياراً وثلاثمائة مليون دولار. ومثلت ما نسبته 4% من المتوسط السنوي من اجمالي الناتج المحلي للمملكة. مكافحة الإرهاب عانت المملكة -مثل غيرها من دول العالم- من الارهاب الدولي، حيث شهدت عدداً من العمليات الارهابية لتؤكد من جديد أن المملكة من الدول المستهدفة بالعمل الارهابي. ولقد أكدت المملكة في العديد من المناسبات رفضها الشديد وادانتها للارهاب بجميع أشكاله، وأنها ضد الارهاب وتتعاون بفعالية مع الجهود الدولية المبذولة لمكافحته، كما أبدت المملكة استعدادها للاسهام بفعالية، في اطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأممالمتحدة للتعريف بظاهرة الارهاب بمختلف أشكاله من دون انتقائية أو ازدواجية ومعالجة أسبابه واجتثاث جذوره وتحقيق الاستقرار والأمن الدوليين. البناء للمستقبل لقد أوضح خادم الحرمين منظور القيادة للمتطلبات الشاملة للإصلاح خلال المرحلة المقبلة في المملكة العربية السعودية في كلمته بمناسبة افتتاح الدورة الحالية لمجلس الشورى عام 2005. وما تم اتخاذه من خطوات حتى الآن، فقد تمثل في تعزيز وتعميق مبادئ العدل والمساواة، وتماشياً مع التزامات المملكة الدولية نتيجة لانضمامها الى بعض الاتفاقيات الدولية، واستكمالاً لحركة المراجعة والتقويم الدورية المستمرة للأنظمة والسياسات والاجراءات في المملكة بغرض تقويمها وتحديثها صدرت في السنوات الأخيرة بعض الأنظمة المهمة، مثل: نظام المرافعات الشرعية، ونظام للاجراءات الجزائية، ونظام للمحاماة، ونظام للمطبوعات والنشر، ونظام لتملك غير السعوديين للعقار واستثماره. كما وافقت حكومة المملكة على قيام هيئة غير حكومية لحقوق الانسان تقدمت بطلب انشائها مجموعة من المواطنين، تساعد على حفظ الحقوق وتطويرها، اضافة الى انشاء هيئة حكومية تعنى بحقوق الانسان. مجلس التعاون وشكّل تفعيل العمل في جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هاجساً أساسياً في ضمير خادم الحرمين الشريفين، وظلت آماله في نهوض المجلس بمسؤولياته وتجاوزه العراقيل، التي لا ترضي شعوب الخليج نحو تكامل حقيقي كامل. وينظر الملك إلى نتائج المجلس منذ قيامه إلى الآن بمنظار المتفائل والراضي بإنجازاته وقت أن يحتاج الأمر المزيد من التشجيع والمزيد من العمل والنتائج، ولكنه في المقابل لم يرضه ما تحقق حتى الآن في مسيرته. ففي الموقف الأول، يقول إن مجلس التعاون قطع أشواطاً كبيرة في المسيرة، والمنجزات خير شاهد، ويؤكد في الموقف نفسه وهو يتحدث لأعضاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون: «إن العالم اليوم عالم اقتصاد، ومن يملك القوة الاقتصادية فهو القادر على التأثير في الأحداث وفي كل الأمور، ودول التعاون لديها من القوة الاقتصادية الشيء الكثير». أما الموقف الثاني الذي يكون فيه أول من ينظر إلى الواقع قياساً بآمال شعوب الخليج من خلال رؤيته لمواطن قبل أن يكون ملكا، فإنه قال في قمة مسقط 2001، في خطاب قوي واضح مليء بالمصارحة والاعتراف «إن دول المجلس أخفقت حتى الآن في تحقيق الوحدة الاقتصادية، رغم أن المجلس حقق إنجازات أخرى». .. وتبقى فلسطين القضية الأساس ظلت وما زالت القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل للمملكة العربية السعودية، منذ عهد الملك عبدالعزيز. وأدار الملك عبدالله بن عبدالعزيز عدداً لا يحصى من المواقف والمبادرات لمصلحة هذه القضية. وظلت هذه القضية محل عنايته ويشير اليها في تصريحاته وخطبه وزياراته المتعددة. وقد أكد الملك عبدالله في اكثر من مناسبة، وفي أحاديث صحفية متعددة أن القضية الفلسطينية كانت ومازالت قضية محورية للمملكة في سياستها العربية والاسلامية والدولية. وهو اطلق مبادرة السلام العربية خلال قمة بيروت. عضو فاعل في العديد من المنظمات تعتبر المملكة العربية السعودية عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات التجارية والاقتصادية العالمية، ومنها: البنك الدولي. صندوق النقد الدولي. صندوق النقد العربي. المؤسسة العربية لضمان الاستثمار. مجلس التعاون لدول الخليج العربي. منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري. البنك الاسلامي للتنمية. مشاريع استثمارية عملاقة تعكف المملكة العربية السعودية على تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية الجديدة العملاقة في نطاق واسع من الصناعات. ومن الأمثلة البارزة على المشاريع العملاقة: مدينة الملك عبدالله الاقتصادية على الساحل الغربي. اما المدينتان الاخريان اللتان أُعلنتا أخيرا فسيتم تشييدهما في حائل والمدينةالمنورة، وتشمل بقية المدن تبوك في الشمال وواحدة في الجنوب واخرى في المنطقة الشرقية. مجمع أرامكو سوميتو للتكرير والبتروكيميائيات الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار، وسيتم تشييده في رابغ مع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. مصفاة أرامكو توتال للتصدير التي تبلغ تكلفتها 6 مليارات دولار. مصفاة أرامكو كونوكوفيليبس للتصدير، وتبلغ تكلفتها 6 مليارات دولار. مشروع شركة كيان السعودية للبتروكيميائيات (كيان) التابع لسابك. الجسر البري السعودي الذي يهدف الى ربط الساحلين الشرقي والغربي وجميع المدن على طول الخط الحديدي. * السعودية واليمن.. من الجوار إلى الشراكة إذا كانت المملكة العربية السعودية استطاعت منذ 80 عاماً بناء علاقات أخوية وصداقة متينة مع الدول الشقيقة والصديقة على مستوى العالم فإننا نستطيع الجزم بأن علاقات الجمهورية اليمنية مع المملكة العربية السعودية تتجاوز الجغرافيا وكل الرسميات والبروتوكولات باعتبار أن العلاقات المتينة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين ليست وليدة اليوم وإنما هي علاقة أخوية متينة متجذرة، وضاربة أعماقها في التاريخ قائمة ومستمرة منذ القدم قوامها الإسلام والعروبة والجوار والتاريخ المشترك وتمدها عدد من العوامل الهامة المتمثلة في الامتداد الجغرافي والاجتماعي والثقافي والتجانس في العادات والتقاليد والترابط المتين الذي تجذرة يوماً بعد يوم المصالح المشتركة بين أبناء البلدين بمزيد من الحيوية والخصوصية والتفرد. وتربط بين الشعبين الشقيقين الجارين روابط تاريخية وثقافية وإنسانية قوية تمثل رصيداً مهما في الوصول إلى مرحلة الشراكة الكاملة بل نستطيع القول الاندماج. وتتميز العلاقات اليمنية – السعودية بأنها علاقات إستراتيجية وعلاقات شراكة قوية فتحت أفاقها توقيع اتفاقية الحدود بجدة عام 2000م ومواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليمن أرضا وشعبا وإنسانا تعكس عمق ومتانة العلاقات الأخوية التي تربط قيادة وشعب المملكة باليمن.. كما أن العلاقات الأخوية الحميمة التي تربط فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود انعكست إيجابيا بما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين ويحقق مصالحهما المشتركة. وهذا هو الأمر الذي جعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يطلق تصريحاته، المؤكدة بان اليمن جزء من النسيج الخليجي وهي ستنظم يوما ما إلى مجلس التعاون الخليجي شئنا أم أبينا. وليس ببعيد علينا موقف خادم الحرمين الشريفين الخاص بضرورة استيعاب المزيد من العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون والذي تبنته القمة الخليجية الأخيرة في مسقط. كما انه ليس ببعيد علينا المواقف السعودية القوية والواضحة الداعمة لوحدة اليمن وتقدمه واستقراره والتي جاءت على لسان أكثر من مسؤول في المملكة ابتداء من خادم الحرمين الشريفين وولي عهدة الأمير سلطان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف ين عبد العزيز والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وكلها مواقف واضحة، تؤكد على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وان امن المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزأ من امن اليمن والعكس كما تؤكد ان ما يمس اليمن يمس المملكة. وللمملكة العربية السعودية مواقف مشرفة وأصيلة في دعم اليمن في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. حيث تدرك القيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز جيداً ان انضمام اليمن لمجلس التعاون سيمثل عامل أمن واستقرار لمنطقة الجزيرة والخليج في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة كما انه سيضيف قوة إلى مجلس التعاون من خلال التكامل الاقتصادي والبعد السياسي والعسكري والأمني وكلها أبعاد مهمة في تكاملها واندماجها وسيؤدي ذلك إلى حماية منطقة الجزيرة والخليج من المخاطر التي تتهددها وسيشكل انضمام اليمن كدولة سابعة لمجلس التعاون الخليجي، إضافة نوعية لدول المجلس بما تتميز به اليمن من قوة بشرية وسوق واسعة للمنتجات الخليجية. كما ان التنسيق والتعاون في مكافحة الإرهاب في أعلى مستوياته وحقق نجاحات باهرة وأدى خلال السنوات الماضية إلى تحقيق نتائج إيجابية مثمرة بين البلدين لان رؤيتهما في هذا الجانب متطابقة والتنسيق والتواصل دائم ومتطور ويخدم استقرار البلدين الشقيقين والمنطقة بشكل عام وفي مجال الدعم الاقتصادي والتنموي تعد المملكة العربية السعودية الشقيقة الشريك التجاري الأكبر لليمن وهو ما يعكس بجلاء عمق وتميز العلاقات الثنائية التي تربط البلدين الجارين. واليمن حريصة كل الحرص على تشجيع التجارة البينية مع كافة دول الجوار ولا سيما المملكة العربية السعودية وهذا الحرص ينطلق من قرار استراتيجي اتخذته الحكومة اليمنية انطلاقا من استيعابها لأهمية التكامل والتبادل التجاري والاقتصادي بين دول المنطقة وبما يخدم ويرسخ من منظومة العلاقات المتبادلة. فإذا كانت اتفاقية الحدود البرية والبحرية الموقعة بين البلدين الشقيقين في جدة عام 2000م قد فتحت آفاق واسعة لتعزيز علاقات البلدين الشقيقين وشكلت بداية لمرحلة ذهبية في العلاقات بينهما رسمياً وشعبياً فإن مجلس التنسيق اليمني- السعودي برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور عن جانب اليمن وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد عن الجانب السعودي يرعى وينمي هذه العلاقات وقد استطاع بنشاطه الدوري والمنتظم أن يخطو خطوات اقتصادية وتنموية وأمنية وسياسية إلى الأمام. وتقدم المملكة العربية السعودية الشقيقة للتنمية في اليمن كل الدعم لليمن لكن ما يؤكده الواقع أن المملكة تعتبر سلامة ومتانة علاقتها باليمن كأحد ثوابتها الوطنية التي لن تفرط بها بأي حال من الأحوال لأن ما يحدث في اليمن ينعكس سلباً وإيجاباً على الساحة السعودية وبصورة تلقائية والعكس صحيح. كما ان اليمن بالمقابل تعتبر علاقتها بالمملكة إستراتيجية ومتينة. ويبقى مجلس التنسيق السعودي اليمني هو الرافعة القوية لتعزيز وتطوير مجالات التعاون الاقتصادية والتنموية والأمنية، ويرصد جدول أعمال مجلس التنسيق اليمني – السعودي في دورته ال19 القادمة دعم تنموي سعودي لليمن يتضمن العديد من المشاريع تصل تكلفتها إلى حوالي مليار ريال سعودي هذه المشاريع تتوزع على مشاريع التنمية الريفية والضمان الاجتماعي وجزء منها ستذهب في طريق عمران المزدوج والمعاهد الفنية والتقنية والجامعات كما تركز الاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها خلال دورة المجلس على استمرار دعم عدد من المشاريع التنموية في اليمن وكذلك دعم الصادرات بين البلدين. كما يهدف التعاون السعودي اليمني إلى رقعة التعاون في مجال التعليم الفني والتدريب المهني بإقامة توأمة بين كليات مجتمع يمنية وكليات تقنية سعودية وكذلك اتخاذ الإجراءات الهادفة إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي وإنشاء جامعة يمنية - سعودية مشتركة في كلٍ من صنعاءوالرياض. ولقد كان للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدور الأكبر في نجاح مؤتمر المانحين بلندن والذي انعقد لحشد المانحين لتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي كما كانت المملكة العربية السعودية أكبر دول خليجية تقدم الدعم لليمن. كما ان التسريع بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي هو هدف مشترك لليمن والمملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج ويعتبر تطور حجم التبادل التجاري بين البلدين أحد المجالات التي تشهد تطورا مستمرا وعلامة مهمة خلال الأعوام الخمسة الماضية حيث بلغ في عام 2008م أكثر من ثلاثة مليارات ريال سعودي.. مقارنة ب 3251 مليون ريال يمني حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2007م منها 2738 مليون ريال يمني صادرات سعودية للجمهورية اليمنية و513 مليون ريال يمني واردات المملكة من الجمهورية اليمنية. وهناك سعى حثيث من البلدين إلى تطوير وزيادة حجم التبادل التجاري من خلال إنشاء المدن والمناطق الصناعية والتجارية بين البلدين وإطلاق مفهوم الاستثمار في الموانئ التجارية لتعزيز وسهولة نقل البضائع وتصديرها إلى دول العالم.. كما أن مؤشرات الاستثمار تشهد بين البلدين تطورا حيث يوجد أكثر من 340 مشروعا مشتركا بين سعوديين ويمنيين مقامة في السعودية حتى نهاية عام 2008 ميلادية منها 196 مشروعا صناعيا فيما يبلغ عدد المشاريع السعودية في الجمهورية اليمنية 109 مشاريع. ومؤخراً ناقشت اجتماعات مجلس الأعمال اليمني – السعودي آلية إطلاق مشروع مدينة "الوديعة" الاقتصادية حيث ينتظر أن تكتمل الدراسات الخاصة بالمشروع الذي تزيد تكلفته عن 200 مليون دولار بعد أن حظي في وقت سابق بموافقة مجلس التنسيق السعودي اليمني وتتركز فكرة المشروع ان يكون منطقة اقتصادية متكاملة على جانبي الحدود، ويخدم التبادل التجاري والتوسع الاقتصادي. وتعتبر هذه المنطقة الاقتصادية أحد متطلبات دخول اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي وهي تمثل خطوة أساسية لتوحيد وتنسيق السياسات اليمنية في إطار سياسات مجلس التعاون الخليجي، والتكامل في إطار المشاريع المشتركة والهدف الأساسي هو اندماج الاقتصاد اليمني مع اقتصاديات المجلس بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. كما يركز مشروع المنطقة الاقتصادية على ربط ميناء المكلا بالخط البري رقم 5 الذي يمتد من محافظة جدة حتى مدينة نجران وإلى نهاية المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية ويعتبر الطريق الدولي لمنطقة الخليج وبذلك سيسهل نقل البضائع وتصديرها إلى دول العالم وبصفة خاصة إلى أفريقيا. وتطورت بالمقابل العلاقات الثقافية والإعلامية بين البلدين الشقيقين فهناك خطوات إيجابية تمت في الجانب الثقافي والإعلامي حيث أقيمت الأيام الثقافية اليمنية في المملكة والأيام الثقافية السعودية في اليمن أعطت صورا جميلة عن التراث والفنون اليمنية والسعودية كما أقيمت أيام جامعية مشتركة بين البلدين وهناك تبادل للخبرات بين الجامعات اليمنية السعودية. وتتواصل عرى الثقافة والمصالح بين الشعبين وعلى وجه الخصوص في الجانب الإعلامي وما الدورات التي عقدت لأكثر من مائة إعلامي وإعلامية في معهد الأمير أحمد بن سلمان الإعلامي في الرياض إلاّ دليل على مدى التواصل الإعلامي بين البلدين كذلك هناك صحفيون وإعلاميون سعوديون قاموا بزيارة إلى اليمن خلال السنوات الماضية. ويتطلع المثقفون والإعلاميون في البلدين المزيد من الدورات والندوات والزيارات الأخرى. وتتجذر علاقات المملكة العربية السعودية واليمن وتتعمق مصالحهما كل يوم بحكم الترابط الجغرافي والاجتماعي والثقافي فاليمن سوق رئيسي ما يزال قابلاً للتطور والتوسع للمنتجات والصناعات السعودية التي تبحث عن أسواق لمنتجاتها وتعد اليمن أرض بكر للاستثمارات السعودية كما أن بوسع الاستثمار السعودي المساعدة في تطوير الموارد الزراعية والسمكية والسياحية في اليمن. وبالمقابل فإن اليمن تمكنها إمكانياتها البشرية وموقعها الجغرافي من لعب دور محوري في رفد الاقتصاد السعودي فلديها فائض بشري يمكن استيعابه ليس في المملكة وحدها، وإنما في كل دول الخليج وعائد هذه القوى البشرية على الاقتصاد اليمني ودخل الأسرة اليمنية مهم جداً ليس لاستقرار اليمن وإنما أيضاً لاستقرار المملكة ودول الخليج عامة. كما أن اليمن لديها إنتاج زراعي يمكن أن يتجه إلى السوق السعودي بدون عوائق وهذا بكل تأكيد يخدم البلدين والشعبين الشقيقين ويعمل على تعزيز الأمن والاستقرار ليس في اليمن فحسب، وإنما في المملكة العربية السعودية أيضا وهذا ما يقوله قادة البلدين باستمرار حينما يؤكدون أن أمن المملكة من أمن اليمن واستقرار اليمن هو استقرار للمملكة والعكس، وهي رؤية حصيفة وثاقبة من القيادتين السياسيتين في البلدين ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.