خيمت الشكوك خلال محادثات القمة العالمية لمكافحة الفقر في جوهانسبرج حول ما إذا كانت جولة الدوحة التي تأتي في إطار مفاوضات منظمة التجارة العالمية قادرة على المساعدة في خفض عدد الفقراء في الدول النامية. وتهدف محادثات الدوحة التي بدأت عام 2001 إلى تذليل الحواجز أمام الوصول إلى الأسواق في أنحاء العالم مع وضع تنمية الدول الفقيرة في قلب جدول أعمال تلك المحادثات. وقد تناولت المحادثات ثلاثة قطاعات رئيسية هي الزراعة والملكية الفكرية والخدمات. وقال الخبير الاقتصادي الماليزي، جومو كوامي ساندرام، الذي يشغل منصب مساعد الأمين العام للتنمية الاقتصادية في دائرة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، أنه كان من الصعب للغاية قياس أية فوائد اجتماعية واقتصادية لهذا الوصول إلى الأسواق. وأضاف أن الدراسات في بلاده أظهرت أن طفل مزارع الأرز يحصل على تغذية أفضل من أطفال مزارع المطاط الذي يملك الآن فرصة للوصول إلى الأسواق العالمية. بدوره، قال جوزيف ستيجليتز، الخبير الاقتصادي الحائز على جائز نوبل ورئيس معهد بروكس لمكافحة الفقر في العالم، وهو الجهة المنظمة لقمة جوهانسبرج، أن تحسين مستويات الدخول لا يعني تلقائياً حياة أفضل للفقراء في أية دولة، إذ تعد العوامل الأخرى مثل تنفيذ السياسات التي تفيد الفقراء داخل البلدان أكثر أهمية. وقد استشهد ستيجليتز بالولاياتالمتحدة كمثال على النمو الضخم للناتج المحلي الإجمالي ولكنه لا يصل إلى الفقراء الذين كانوا أسوأ حالاً مما كانوا عليه منذ عقد مضى. الدعم الحكومي وقد فشلت محادثات الدوحة خلال العقد الماضي في جعل الدول المتقدمة تتوقف عن تقديم الدعم الحكومي لمزارعيها وصادراتها الزراعية، وهو ما يهدد بصورة مباشرة سبل العيش والأمن الغذائي في الدول النامية. وقد أشار برنارد هوكمان، خبير التجارة الدولية في البنك الدولي أنه على الرغم من أن بعض دول الاتحاد الأوروبي قد ألغت أو خفضت الدعم الحكومي الزراعي، لم تقم الولاياتالمتحدة بذلك حيث قامت بإعادة تقديم الدعم لمزارعي القطن في عام 2008. وقد أثر ذلك بشدة على مزارعي القطن في دول غرب إفريقيا مثل بنين ومالي وتشاد وبوركينا فاسو. وقد دعت قمة جوهانسبرج إلى القضاء السريع على دعم الصادرات وخاصة صادرات القطن والسكر والفستق ومنتجات الألبان والسمك. وقال جومو كوامي ساندرام أن دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لم تستفد من محادثات الدوحة، مشيراً إلى أن العديد من أقل البلدان نمواً، ومعظمها في إفريقيا، تفتقر إلى القدرة على التنافس في السوق العالمية. وقال الخبراء في قمة جوهانسبرج أن بنجلاديش وكمبوديا كانتا من الدول القليلة من بين أقل البلدان نمواً التي قامت ببناء قدرة تنافسية في قطاعات الملابس والنسيج. وتسعى أقل البلدان نمواً في محادثات الدوحة إلى الوصول إلى الأسواق في الدول المتقدمة وهي معفاة من الرسوم الجماركية وغير ملزمة بالحصص. ويقول صندوق النقد الدولي أنه "من الناحية العملية وافقت العديد من الدول المتقدمة واقتصاديات الأسواق الناشئة على السماح لمنتجات أقل البلدان نمواً بالوصول إلى الأسواق بلا جمارك ودون التقيد بالحصص في إطار 97 بالمائة على الأقل من بنود التعريفة الجمركية. وبالرغم من أن الفرق بين 97 بالمائة و100 بالمائة قد يبدو ضئيلاً، إلا أن العديد من أقل البلدان نمواً تصدّر عدداً قليلاً جداً من أصناف المنتجات لدرجة أنه حتى العدد القليل من الاستثناءات يمكن أن يحد بشكل كبير من فوائد برامج الأفضلية التجارية". كما دعت قمة جوهانسبرج إلى إنشاء آلية لإعداد التقارير السنوية حول الوصول إلى الأسواق بإعفاء جمركي ودون التقيد بالحصص. صيد الأسماك وقال هوكمان، خبير التجارة الدولية في البنك الدولي، أن محادثات الدوحة تناقش أيضاً الدعم الحكومي المقدم لصناعة صيد الأسماك في الاتحاد الأوروبي الذي يشجع عمليات الصيد الأوروبية خارج حدود أوروبا، وهو ما يؤثر سلباً على الملايين من صيادي السمك الأفارقة. وقد ذكر هوكمان أن "إلغاء هذا الدعم الحكومي سيمنع عمليات الصيد الجائر ويفيد البيئة ومجتمعات صيد الأسماك الفقيرة على طول الساحل الإفريقي". وقد دعت قمة جوهانسبرج أيضاً إلى إدخال تحسينات على الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (جاتس) لتخفيف القيود على انتقال العمالة من أقل البلدان نمواً من أجل دعم قطاعات مثل الصحة والتعليم ومراكز الاتصال. تحقيق تقدم وقد حققت محادثات الدوحة تقدماً في بعض المجالات منها على سبيل المثال جوانب حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة التي قدمت الحد الأدنى من المعايير لحماية الملكية الفكرية في قطاعات مثل الموسيقى والطب وأدت إلى إدخال المزيد من المرونة في صناعة الأدوية لخدمات الصحة العامة. وقال هوكمان أنه في إطار محادثات الدوحة أيضاً أُجبر الاتحاد الأوروبي على إلغاء أفضلية الوصول إلى مصدري الموز في الدول الإفريقية ودول البحر الكاريبي والمحيط الهادي، وهو ما حقق الفائدة لأقل البلدان نمواً التي تتمتع بأفضلية الوصول إلى المصدرين في إطار تشريع الاتحاد الأوروبي لأفضلية الوصول إلى كل شيء ما عدا الأسلحة. ولكن قمة جوهانسبرج حذرت من أن "طول الوقت الذي استغرقته مفاوضات الدوحة يهدد بالتخلي عن جوانب من جدول الأعمال التي عفا عليها الزمن". وقال هوكمان أن الوقت قد حان الآن للضغط من أجل التوصل إلى نتائج بشأن المسائل العالقة قبل أن يحين موعد مراجعة قانون الزراعة الأمريكي، الذي يغطي الدعم الحكومي الزراعي والإعانات الغذائية، في عام 2012.