لفت نظري عنوان مقالة في صحيفة الجمهورية يتحدث فيها كاتبها عن ضعف الأداء المدني والعسكري الحكومي المشبع بروائح وروائع الواو ويقصد به الوساطات أضيف له نمط من الأمراض الاجتماعية التي تقابل بخضوع وخنوع، فهي مستشرية مثل النار في الهشيم إنهم عيال الواوا وهم جيل جديد دلوع فهو كما ولد والمدرسة الراقية والسيارة الفارهة والسفر متوفر له وأيضاً يبلغ سن القبول الوظيفي ويجد الوظيفة لا يهم إن كان معه ثانوية أو كان بدرجة مقبول “دهفة” أو شهادة مزورة. كلمة “الواو” باللهجة العدنية هي كناية عن الشخص المدلع وهي كلمة تعبّر عن الاستخفاف بذلك الصنف من الناس المتكلين على غيرهم، أما اليوم وفي علم اللغة واستخداماتها فقد صار هؤلاء بفضل ممارسات آبائهم وتوصيات كبارهم مقبولة ومطبعة في التعامل معها على طريقة إقامة العلاقات مع إسرائيل بإقامة شعارات وقنصليات تجارية على الأقل، أما هؤلاء فهي دهاليز الوساطات والمحسوبيات وتبادلها مع آخرين مثلهم ولا أحد بيده أن ينتقد أو يرفض وهكذا هم عيال الواوا.. فجأة ينزلون إلى المرافق من سماوات العلى “ استغفر الله” بكل جرأة وإذا بالمساكين من الموظفين يعرفون بعدها أنهم ابن فلان وبنت فلان عبر مناطيد الوساطات أما من يعمل وينتظر أن يكون له استحقاق يسقط اسمه لسنوات وسنوات فله الله هناك صنف آخر من عيال الواوا يحضر مع أبيه المسئول الدوام وبعد شهر بالكثير يتسلم عقد عمل سنة، سنتين، يصير في مقدمة الحاصلين على الوظيفة العامة ويتقدم الطابور على من سبقوه ليعطى الأولوية من اسمه. ومن يريد التأكد يذهب إلى أي مرفق ليرى نماذج من هؤلاء فهو ابن المسئول الفلاني للأسف الشديد نسمع تبريراً عجيباً كالقول : أليس هو مواطن ؟ ويتجاهل أن هناك مواطنين مثله قبله وأكبر منه سناً وتأهيلاً وتطبيراً “متقدمون وفق طابور الخدمة” وإذا “بالواو” هذا يفوز بالبريمو وهي مسابقة يانصيب في مصر ويحصل على الوظيفة هكذا عيني عينك كنت أتمنى ونحن في معترك الاعتصامات ان تتجرأ الحكومة وتنفض عنها غبار ودنس هذه الممارسات وتتطهر منها فهذه هي من أسباب الاحتقانات ولكن ولكثرة ما علق بالوظيفة العليا من تلوث صار بعضهم ان لم يكن كلهم من أصحابها ملوثين بل لم يخجلوا ان يختطف أبناؤهم بتشجيع منهم الوظيفة على من سبقهم وهم يدركون ان أبناء مثلهم مواطنين لم يصلوا وعُرقلوا في الوصول إلى الوظيفة. عندما تبلغ أخلاقيات أصحاب الوظائف العليا هذا النموذج فهذه مصيبة وهذه مجاهرة بشعة من سوء الاستخدام للمكانة وكيف سيقوم هذا المسئول أو ذاك بالأداء الأمين ألن يسخر موقعه لمن يدفع أو من قدم لابنه مالا يستحقه لو كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 بشراً لقامت من قبرها ولامت أبناءها لما يقترفوه بحق الوطن.. ولو كان بيدها لحاسبت أولئك على ما صنعوه من حرف لمسار أهدافها ولذكّرتهم بهدفها الأول “ التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات» يبدو أن 49 عاماً بقدر ما كانت الفوارق قبلها طبقية اقتصادية ولم تجتثها طوال الفترة برغم التعبئة والتوعية والقوانين إلا أن غدر البشر والتفافهم ونكثهم بأهداف الثورة بل وتشدقهم بها وهم يمارسون عكسها هو السائد لذا فهذا هو انحراف عن خطها رغم صدور قوانين وتشريعات لم توفر لها الحماية والتطبيق الحق.