قبل أسبوع تقريبا صدر البيان رقم (1) وهو بيان تحول ما يسمى بالثورة الشبابية إلى انقلاب عسكري. هذا البيان أعلن بشكل لا منطقي أن الرئيس (الدولة) هو المسئول عن تسليم زنجبار للقاعدة!!!! رغم أن لا أحد ينكر العداء الشديد بين الرئيس والقاعدة. مثل هذا البيان هو حبر على ورق وليس له أي قيمة سياسية غير أنه يعلن تحول ما كان يعرف بالثورة السلمية إلى انقلاب بكل المقاييس. وإلا فما معنى أن يلقى الخطاب قائد عسكري يعتبر منظم للثورة وليس قائدا لها كما يفترض. والسؤال الآن، إذا كان البيان رقم (1) بيان إعلان الانقلاب، فما هو البيان رقم (2) ومتى سيصدر؟ وحقيقة الأمر أن البيان رقم (2) قد صدر ولكنه لم يعلن حتى يتأكد الإنقلابيون من حقيقة نتيجة محاولة الاغتيال على رئيس الجمهورية. البيان قد كتب وقناة سهيل بادرت إلى نشر خبر محاولة الاغتيال قبل أن تعرف قناة اليمن عنه شيئا. وبالتالي الحديث السخيف أن العملية برمتها فبركة من قبل الرئيس وأنه لا يوجد محاولة اغتيال غير مقبول وغير منطقي. إذا فالبيان رقم (2) المكتوب سلفا كان يريد تهنئة من في الساحات بنجاح عملية الاغتيال. الثورة الانقلابية تمشى بخطى مدروسة ففي يوم الأربعاء قام مسلحون في تعز حوالي الساعة 2 صباحا بمحاولة اقتحام القصر الرئاسي ومعسكر الأمن المركزي في تعز، وبشكل مباشر نجد أن قناة الجزيرة وسهيل تبثان الخبر متزامنا مع العملية مباشرة لدرجة أن قناة سهيل قالت أن القصر الرئاسي والمعسكر سقطا. أي أن هناك خطة انقلابية مدروسة ومعدة سلفا وأن البيانات الانقلابية جاهزة ومعدة سلفا أيضا. وما جرى بالفعل من قصف لمسجد دار الرئاسة هو محاولة اغتيال بكل المقاييس. إن محاولة التشكيك بأن العملية هي من صنع الرئيس هي بالتأكيد غير مقبولة لأن الضربة قد وقعت والرئيس كاد أن يقتل، والأغبى من هذا هو أن يقال أن الرئيس أراد اغتيال كبار مسئولي الدولة لأن بيان على محسن رقم (1) أشاد بمواقفهم. فالرئيس على علم بمن معه ومن ضده ولن يختار اغتيال أصدقائه قبل أن يلقى جمهوره المنتظر في السبعين. لو رجعنا إلى عدة شهور سابقة، لوجدنا أن هناك أطراف كثيرة هددوا بالفعل بنقل أي حرب قادمة وأي مواجهة إلى صنعاء وفى عقر دار الرئاسة تحديدا. هؤلاء هم الحوثيون وحميد الأحمر وأخيرا محمد قحطان. كما أن البيان (2) لعلى محسن كان سيعلن مقتل رئيس الجمهورية ونجاح الثورة الشبابية السلمية (الانقلاب). نرجع إلى طريقة محاولة اغتيال رئيس الجمهورية وقادة الدولة وهم يصلون في المسجد لنتذكر الخارجي الذي قتل علي بن أبى طالب وهو يصلى. إذا فقتل الأمراء والملوك في المساجد يعتبر شيء طبيعي ومن أصل نهج بعض الجماعات. الحوثيون مثلا دمروا مساجد كثيرة مليئة بالمصليين. ففكر الحوثيين لا يحترم المساجد ولا يقدس الصلاة في المساجد. ولهذا فمن حاول قتل الرئيس بهذه الطريقة إما حوثى متأصل، أو قوة متحالفة مع الحوثى مثل حميد وعلى محسن. إن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة قد استخدم من قبل عصابة بني الأحمر بشكل يثير الخوف حقيقية، لدرجة أن بيوت الله تقصف بمصليها وفى يوم جمعة بما لها من قدسية وزحمة مصليين. فإلى أين نحن ذاهبون طالما وصلت الممارسات الإجرامية إلى هذه الدرجة. أين هم من "ومن دخل المسجد فهو أمن". ما لا أستسيغه في هذا الصدد موقف القوى السياسية (اللقاء المشترك) الذي وبكل غباء سلم لعلى محسن الأحمر تحويل الثورة إلى انقلاب. وكذلك الإدانة الركيكة لمحاولة الاغتيال لرئيس الجمهورية. فهل يأمن قيادات المشترك عدم تكرار سيناريو الاغتيالات ضدهم من قبل على محسن في المستقبل. وكان الأحرى بهم أن يتركوا عدائهم الشخصي لرئيس الجمهورية ويكونون بعدي النظر. فبمجرد تحول الثورة إلى انقلاب كان يجب عليهم فض شراكتهم بهذا العسكري (على محسن الأحمر). إن التبرير لمحاولة الاغتيال أو الإدانة الغير صريحة والغير قوية واستمرار الشراكة مع هؤلاء القتلة (عائلة الأحمر) يضع كل السياسيين في خانة القتلة والانقلابين. بل الأنكى من ذلك هو محاولة تزييف الحقيقة وجعل هذه الجريمة هي مجرد لعبة وحيلة من حيل النظام كما يكذبون به على المغرر بهم في الساحات كي لا تنكشف وجوههم القبيحة. نرجع الآن إلى ما يعرف بالثورة السلمية فهل فعلا سلمية؟قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" فهل سلم الرئيس والنظام والمؤيدين للرئيس من ألسن من يوجد بساحات التغرير. وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم. هل يعقل أن يأتي أحد إلى فناء دارك ويسبك ليل نهار ويفتري عليك الأكاذيب ويقول أن تصرفه هذا هو سلمى. فعن أي سلمية يتحدثون. لم يسلم منهم رئيس الجمهورية ولا الحكومة ولا المؤيدين ولا سكان الأحياء ولا المارة ولا أصحاب المحلات.... فهل فعلا سلمية. وأخيرا نجد أن الساحات أصبحت تأوى القتلة والمجرمين (حماة الثورة) من رجال القبائل المسلحين الذين يقتلون رجال الأمن والجيش يوميا بحجة حماية الثوار. للأسف خلال الأربعة أشهر الماضية أخذونا بالصوت وقالوا سلمية وكدنا نصدق كما صدقوا أنفسهم، كما هو الحال عندما قالوا لنا دستورية الاعتصام وفوجئنا أن لا نص لها في الدستور اليمنى. إذا فساحات التغرير ليست سلمية وليست دستورية. بل أن ساحات التغرير تدعوا إلى الفوضى والتخلف والقبلية والخروج على الدولة وتحديها وتبرر لذلك. فهل آن الأوان يا أخواننا المغرر بكم أن تعودوا إلى بيوتكم ولا تكونوا وقودا للفتنة التي لا قدر الله قد تذهب باليمن. في تعز ستكونون سببا في القتل اليومي بين رجال الأمن وبين من يقولون أنهم حماة الثورة. فهلا أوقفتم مسلسل العنف والعنف المضاد. ما رأيته يومنا هذا من استهداف للأبرياء من حماة الوطن شيء مؤسف جدا. يدخل شيخ ليقتل ويقتل ويثير الخوف والرعب كل ليلة في نفوس المواطنين ويقول انه يحمى السلم والسلام. عودوا إلى بيوتكم فما بنيناه من دولة منذ 1962 مهدد بعودة المشايخ وفرض قوة السلاح بدل هيبة القانون!!! ليس في مصلحة أحد إضعاف الدولة. نحن أمام خيارين إما الدولة أو قانون الغاب.