وصف مراقبون الزيارة المفاجئة التي قام بها أمير قطر للجمهورية الإسلامية في طهران – والتي جاءت بعد أشهر من القطيعة غير المعلنة بين البلدين على خلفية تقاطع الأجندات حيال الأحداث التي تشهدها المنطقة وفي مقدمتها تطورات الوضع في سوريا – بالخطوة (التكتيكية) التي تظهر سعي الدبلوماسية القطرية لإعادة رسم خارطة تحالفاتها وترتيب أوراقها في المنطقة . وارجع مراقبون تلك التحركات الإقليمية إلى مخاوف تنتاب الدوحة من تعثر الربيع السوري بعد حسم نظام الأسد خيارته في الحل الأمني وإطلاق اليد لأجهزته الأمنية لإخماد الأصوات المنادية برحيله ، وانعدام الخيارات الخارجية أمام القوى الغربية حياله لاصطدامها بالدعم الإيراني اللامحدود للنظام السوري وما يترتب على هذا التحالف من مخاوف انفجار صراع على المستوى الإقليمي إذا ما أرادت أطراف دولية الدفع بأجندة التغيير ورحيل النظام من خلال إسقاط النموذج الليبي على الحالة (السورية) ، بالتزامن مع فشل إعلان عن مجلس وطني (انتقالي) تقف خلفه الدوحة في اليمن بعد تدخلات خارجية ساهمت في تفكيك المجلس وانسحاب غالبية (أطرافه) ضمن ما يمكن وصفه ب بتصفية الحسابات وصراع المحاور المحتدم في المنطقة . وبحسب دوائر دبلوماسية رفيعة فإن الرؤية التي قدمتها الدوحة لقمة طهران تقدم حلاً سحرياً لهذا المأزق الذي وجدت الدوحة نفسها فيه وبما يدفع مخططاتها في المنطقة ويحافظ على المصالح الإستراتيجية ل طهران في المنطقة وتحديدا (سوريا) التي تراها الموقع المتقدم لإيران ضمن الهلال الممتدّ عبر العراق إلى لبنان . وترتكز الرؤية القطرية على فكرة (تفكيك) التحالف (السوري – الإيراني) والذي سيكون له انعكاساته على باقي أطراف المنظومة (حزب الله في لبنان وحركة حماس) بعد إيصال نظام الثورة في طهران لحقيقة ان استمرار حالة التحالف مع النظام السوري والدعم العسكري واللوجستي الذي يقدم لأجهزته الأمنية سيضرب فكرة (تصدير الثورة) الذي تتبناه الجمهورية ويطعن بمصداقيتها في نصرة الشعوب المستضعفة والمظلومة ويظهر المعايير (المزدوجة) التي تتعامل بها حيال ملفات أخرى في المنطقة (البحرين ، اليمن) وهو ما سيكون له انعكاساته السلبية في الشارع العربي كما سيساهم في المزيد من العزلة لطهران في المنطقة والعالم . بالتوازي مع تقديم الدوحة بدائل (ممكنة) للحفاظ على المصالح الإستراتيجية لطهران في سوريا من خلال فتح نافذة للحوار بين طهران وأطياف مع المعارضة السورية التي تقود الاحتجاجات لإسقاط النظام وتحديداً (حركة الإخوان المسلمين) لإعادة صياغة تحالف إقليمية تضمن عدم الإخلال بقواعد اللعبة وتضمن إسقاط النظام . في المقابل إعادة ترتيب الأوضاع وتنسيق الجهود فيما يتعلق باليمن ، يرتكز الدور الإيراني في هذه الجزئية على الضغط على (جماعة الحوثي وبعض رموز المعارضة في الخارج وبعض التيارات المدنية التي تدين بالولاء لطهران على إنهاء الخلافات و توحيد جهود أطياف المعارضة اليمنية خلف مطالب (إسقاط النظام) وتحت مظلة (المجلس الوطني) الذي تدعمه قطر . إضافة الى تثبت وقف إطلاق النار بين أنصار الحوثي ومجاميع إخوانية في محافظة الجوف القبلية والتي تقع على الحدود (اليمنية – السعودية) ، والتزام (جماعة الحوثي) الموالية لطهران بالإنخراط في أي مواجهة مسلحة حال اتجهت الأوضاع للإنفجار ، بعد إخفاق مليشات (الإخوان المسلمين) المدعومة من وحدات منشقة من الجيش في تحقيق أي تقدم ميداني في المواجهات التي تخوضها مع القوات الحكومية في أكثر من جبهة . وفي أولى مؤشرات نجاح المساعي القطرية في تمرير رؤيتها التي تحمل طابع (المقايضة) في ملفات إقليمية تتعلق ب اليمنوسورياوالبحرين ، أطلق وزير الدبلوماسية الإيراني تصريحات هي الأولى من نوعها . حيث دعت الحكومة الإيرانية الحكومتين اليمنية والسورية بأن تستجيب للمطالب المشروعة لشعبيهما ونقلت اليوم وكالة الأنباء الطلابية (إيسنا) عن وزير الخارجية علي أكبر صالحي قوله "على الحكومات أن في هذه البلدان تعبر الشعوب عن مطالب مشروعة، وعلى حكوماتها أن تستجيب لها بسرعة ، ووصف المطالب التي ترفعها المظاهرات في سوريا ب "المشروعة" وطلبت من نظام بشار الأسد الاستجابة لها بسرعة .