ونحن على مقربة من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والمحلي ، ينبغي التنبه إلى أن الانتخابات وسيلة وليست غاية وآلية لتداول السلطة ، والهدف من الانتخابات والتداول هو خدمة البلاد والحفاظ على أمن واستقرار اليمن، باعتبار ذلك شرطا لازما للتنمية والبناء وتحقيق العدل والمساواة وسيادة النظام والقانون وترسيخ النهج الديمقراطي الشوروي، بالإضافة إلى ذلك فإن من أهداف الانتخابات وأهداف العمل السياسي عموما الحفاظ على المكتسبات الوطنية والمنجزات التي حققها الشعب اليمني عبر نضاله الوطني والمتمثلة بالثورة والنظام الجمهوري والوحدة والنظام الديمقراطي ، والتعددية والحرية والدستور والقوانين المنبثقة عن الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر جميع التشريعات. وهذه العناوين الكبيرة والأسس العظيمة تمثل ثوابت الجمهورية اليمنية ومنطلقات النظام السياسي في السلطة والمعارضة ، التي ننطلق منها ونحتكم إليها جميعا فالثوابت هي الأرضية التي نقف عليها ونتسابق ونتنافس لحمايتها والدفاع عنها ، بحيث تصبح هذه الأسس والثوابت خطا فاصلا بين ما يجوز وما لا يجوز الاختلاف فيه وعليه ، وأي اعتداء على الثوابت أو خرقها أو استخدامها للمساومة والابتزاز يشكل خيانة للوطن وإبطالا للأسس التي قام عليها النظام الجمهوري ، وطعنا في شرعية وقانونية التعددية الحزبية والأحزاب والانتخابات. لأجل ذلك فإن قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية يشترط لتأسيس حزب أو تنظيم سياسي عدم تعارض مبادئه أو أهدافه وبرامجه ووسائله مع: - الدين الإسلامي الحنيف. - سيادة واستقلال الوطن ووحدته. - النظام الجمهوري وأهداف الثورة. - الوحدة الوطنية للمجتمع اليمني. - الحريات والحقوق الأساسية. كما يؤكد القانون على عدم قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس مناطقي أو قبلي أو طائفي ، كما يحظر القانون على الأحزاب إقامة تشكيلات عسكرية أو المساعدة في إقامتها واستخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه ، مع وجوب علانية مبادئ وأهداف ووسائل الحزب أو التنظيم السياسي وتشكيلاته وقيادته. وفوق ذلك فإن الأحزاب حددت في برامج عملها السياسي وبرامجها الانتخابية مجموعة من الأسس والمنطلقات والثوابت والمتمثلة بالتالي: - الإسلام عقيدة وشريعة. - النظام الجمهوري. - الوحدة اليمنية. - الديمقراطية والتعددية. - الدستور والقانون. - التداول السلمي للسلطة. - الحقوق والحريات العامة. لقد أكدت جميع الأحزاب على أن الإسلام عقيدة وشريعة واقتصر برنامج الحزب الاشتراكي على تعبير العقيدة الإسلامية ، وبالنسبة للنظام الجمهوري فقد أوردت معظم الأحزاب هذا المبدأ وأكدت على أن النظام الجمهوري يمثل منجزا حضاريا.. مثل الوحدة اليمنية التي أشارت جميع الأحزاب إليها فيما عدا حزب الحق، أما الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية فقد أكدت معظم الأحزاب على ذلك وربطها بحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة. وتلازم ذلك مع احترام الدستور والقوانين وبسط سيادة النظام والقانون وتعزيز سيادة الدولة وسن القوانين بالطرق الدستورية. وفي كل الأحوال ومع اختلاف التعبير والمصطلحات فإن جميع الأحزاب تؤكد على الثوابت وضرورة الحفاظ عليها في إطار العمل السياسي والتنافس الانتخابي ، حيث يبرز الحوار والجدال بالحسنى وسيلة للتلاقي الوطني ، وأن نجاح الانتخابات مرهون بمدى جدية الجميع في رعايتها وتفهم أبعادها وأهدافها، بعيدا عن الأفكار الخاطئة والممارسات السيئة التي تجعل من الانتخابات موسما للعداوة والبغضاء والفرقة والشقاق ، ولقد جاءت الانتخابات متعددة الأحزاب مقترنة مع قيام الجمهورية اليمنية واعتماد الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الأحزاب تتويجا لنضال ومكاسب الشعب والوطن ، وترجمة لمبادئ الشورى الإسلامية والاستناد على قواعد الحرية وبناء الإنسان الحر الذي يحكم نفسه بنفسه بطريقة مباشرة عن طريق الانتخابات ، وبطريقة غير مباشرة عن طريق رئيس الجمهورية ومجلس النواب والمجالس المحلية المنتخبة من الشعب. علينا إدراك أن التجربة الديمقراطية والمناشط الانتخابية قد مرت بمفاوضات عسيرة وتحديات كبيرة ، حيث تعرضت أول عملية انتخابات برلمانية تعددية سنة 1993م لعملية إجهاض أثناء حرب 1994م التي شكلت خروجا على ثابت من ثوابت النظام السياسي وهو الوحدة اليمنية .. ولأن الأغلبية وقفت مع ثابت الوحدة ضد نزوة الانفصال فقد سقطت المؤامرة وترسخت الوحدة. وهكذا تمضي الحكمة اليمانية ضد أي شذوذ عن الثوابت والأسس والمنطلقات أو تهديد للنظام الجمهوري أو الوحدة أو الدستور أو التحريض على ذلك ويدخل في هذا الاستعانة بالخارج للضغط على الداخل فهذا من المحرمات الوطنية التي لايجوز استخدامها فالغاية لاتبرر الوسيلة فنحن اليوم بحاجة لوقفة مع أنفسنا ومراجعة ذواتنا لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون ودولة الديمقراطية والحرية. ومن المهم التأكيد على أن تحقيق الوحدة سنة 1990م وترسيخها سنة 1994موما صاحبها من منجزات تمثل عملا حضاريا عظيما وزاد من عظمة هذا المنجز ارتباطه بالنهج الديمقراطي (الثوري) هذا النهج الذي يشكل الخيار الأمثل لبناء يمن المستقبل .. يمن الحضارة يمن الإيمان والحكمة ، ويمن الريادة والتقدم يمن يتسابق أبناؤه وتتنافس أحزابه للنهوض به، وتعزيز مكانتنا بين الدول والشعوب ، وكل ذلك وفق قاعدة التدرج ومراعاة عامل الزمن في إطار الإصلاح المطلوب والتغيير المنشود. الثورة