كشف الرئيس العراقي جلال طالباني أن عزت إبراهيم الدوري- الرجل الثاني بعد صدام حسين في قيادة حزب البعث (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة) موجود حالياً في اليمن، نافياً ما تردد على لسان عدد من المسئولين العراقيين بأنه في سوريا. وأكدت "رويترز" أن الرئيس طالباني قال على هامش مباحثاته مع المسئولين السوريين أمس الخميس: (قيل لي في حينها إن عزت الدوري موجود في سوريا، ثم تبين أنه موجود في اليمن وليس في سوريا ومنذ مدة. لدينا معلومات حول تواجده في اليمن لأننا نتعقب تحركات الدوري). وقالت مصادر "نبأ نيوز" في بغداد: أن العراق يجري اتصالات مع "أطراف دولية" – يعتقد أنها الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية - للتدخل لدى صنعاء وحثها على تسليم عدداً من المطلوبين "بعضهم من أركان نظام صدام"، ممن أعدت قائمة بهم يتصدرها اسم عزت الدوري، فيما ستوجه لعدد كبير منهم اتهامات "غير سياسية" متعلقة "بسرقة أموال عراقية ودعم الإرهاب" على حد تعبيرها. ونوهت المصادر إلى أن الرئيس جلال طالباني عقد اجتماعات مع عبد الله الأحمر – الأمين العام المساعد للبعث السوري، ومحمد سعيد بخيتان – الأمين القطري المساعد للحزب في إطار مساعي لإحداث توافق مع قيادات حزب البعث العراقي الموجودة في سوريا، ورجحت أن الأطراف العراقية أبدت موافقات مبدئية للمشاركة في العملية السياسية العراقية، وهو ما سبق أن كشفته "نبأ نيوز" أبان زيارة الرئيس بشار الأسد إلى اليمن، واجتماعه بالرئيس علي عبد الله صالح، والتي تزامنت مع لقاءات مع مسئولين أمريكيين عقدت في عدن - سبقها نبأ انشقاق البعثيين العراقيين في اليمن وتشكيلهم تنظيم بعثي "سني" يتلقى تمويلاته من ليبيا عبر عائشة القذافي – ابنة الزعيم الليبي، وهو الأمر الذي أثار حفيظة صنعاء خاصة بعد قيام البعث بإعادة تشكيل أجنحته التنظيمية، وتجاهل قياداته تردي العلاقات السياسية اليمنية مع ليبيا. وفي الوقت الذي أكدت مصادر "بعثية" عراقية في صنعاء ل"نبأ نيوز" وجود انشقاقات داخل صفوف قيادات حزب البعث، وخلافات حادة بين القيادات المقيمة في سوريا والأخرى المتواجدة في اليمن، وظهور أكثر من قطب طامع بخلافة قيادة البعث، طبقاً لتباين التصوراتهم لأسلوب عمل المرحلة الراهنة والقادمة؛ فقد حذر الرجل الثاني في النظام العراقي السابق عزت إبراهيم الدوري- في بيان نشر أمس - مما وصفه ب "مؤامرة" على حزب البعث العراقي المنحل، متهما النظام السوري ب"احتضان" مؤتمر في دمشق يهدف إلى اختيار قيادة جديدة للحزب. وجاء في البيان الذي ذيل بتوقيع القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي: "وردتنا معلومات إن بعض المفصولين من الحزب أو من سجلوا موقفا غير مشرف عند حصول الغزو الأميركي للعراق دعوا إلى عقد مؤتمر قطري غير شرعي في دمشق". وأضاف: إن "مجرد احتضان النظام السوري لهذه الدعوة يؤكد أنها جزء من مؤامرة الاحتلال الأميركي لتصفية رمز نضال العراق ضد الاحتلال وهو الحزب ودمجه بالنظام السوري الحليف الطبيعي للنظام في طهران". وهاجم الدوري- وهو اكبر مسئول في النظام العراقي البعثي السابق والذي لا يزال فارا "المفصول محمد يونس الأحمد" أحد الأعضاء السابقين في البعث العراقي، داعيا "جميع مناضلي الحزب خارج العراق للتصدي لهؤلاء المتآمرين مع الاحتلال والمخابرات السورية وعزلهم". وكان الرئيس الطلباني أدلى بتصريحات إعلامية ل"رويترز" في دمشق – التي وصلها الأحد الماضي- كشف خلالها أن بغداد ستطلب من دمشق رسمياً تسليم مساعدين كبار للرئيس العراقي السابق صدام حسين، يشتبه في أنهم سرقوا ملايين الدولارات، ويدعمون التمرد المسلح في العراق، منوهاً إلى أن ذلك سيجري بعد أن ينهى المسئولون الأمنيون المرافقون له مباحثاتهم مع السوريين، مشيرة إلى أن الوفد المرافق للطالباني (60) عضوا، بينهم وزير الداخلية جواد البولاني، وهادي العامري رئيس لجنة الأمن في البرلمان العراقي، وهو شخصية رئيسية في جهود العراق ضد الهجمات المسلحة. وبدا واضحاً أن العملية تدخل ضمن صفقة "أمن العراق مقابل أمن سوريا"، إذ قال الرئيس طالباني: (سوريا تدرك أن لعب دور في تحقيق الاستقرار في العراق قد يساعدها على إنهاء عزلتها الغربية ويحسن العلاقات مع الولاياتالمتحدة حليف إسرائيل الرئيسي)، مضيفاً: (إذا تم تحسين العلاقات العراقية السورية، وإذا تم فعلا ما يساعد على استقرار الأمن في العراق، وإذا وجدت البصمات السورية على هذا الأمن والاستقرار في العراق، فان هذا كله- في رأينا - يساعد على تسهيل المفاوضات بين الولاياتالمتحدةوسوريا). وتعتقد قيادات عراقية أن الاستراتيجية الأمنية الجديدة تولي أهمية خاصة لمسألة قطع الموارد المالية الخارجية التي تصل للجماعات المسلحة، وتعتمد عليها بشكل كلي في تمويل أعمال تفخيخ السيارات، وتجنيد "الإرهابيين"، والتي يعتقد الجانبان الأمريكي والعراقي أن مصدرها "قيادات بعثية خارج العراق"، في نفس الوقت الذي ستكثف بحثها عن مستودعات الأسلحة والذخيرة التي تعتقد أنها من بقايا "ترسانة النظام السابق". يشار الى أن مصادر إخبارية عراقية نشرت في نوفمبر الماضي خبراً عن وجود عزة الدوري في صنعاء ، وقالت انه يتلقى العلاج في مستشفى العلوم والتكنولوجيا، إلاّ أن الرئيس طلباني كذب الخبر بنفسه، وهو ما يفسر قوله أمس : "قيل لي في حينها إن عزة الدوري موجود في سوريا، ثم تبين أنه موجود في اليمن وليس في سوريا ومنذ مدة".