خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    من هو اليمني؟    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(( شارع خليل ))... قصة لؤي يحيى الإرياني
نشر في نبأ نيوز يوم 26 - 02 - 2007

تشرق الشمس على مدينتنا وترسل اشعتها لتنير الشوارع والازقة .. ترسل اشعتها لتظهر مدى جمال وروعة المدينة وتظهر بشكل خاص مدى جمال وروعة شارعنا.. شارع خليل.. اجمل الشوارع واكثرها سحرا..تشرق اشعة الشمس على الشارع كأنها ترسمه.. تظهر بالتدريج قدم وعتق وروعة كل حجر وكل باب وكل شق في الحائط.. تدفيء اشعتها شارع خليل فتنشط الحركة فيه وكأنها عصا سحرية لمسته فدبت فيه الحياة..ذلك الشارع الذي يتوسط المدينة ويشكل اهم الشوارع فيها بسوقه القديم والذي اخرج للمدينة الكثير من الفنانيين والرسامين والمطربين والعلماء والكثير من الشعراء والفلاسفة وعج دائما بالقصص وعلى مدى تاريخة كان محط حسد الكثيرين من كل الشوارع الاخرى في المدينة..عندما تقف عند رأس هذا الشارع تظهر لك تفاصيله العتيقة وبيوته الاصيلة وسوقه القديم و تكتشف انه شارع مليء بالقصص القديمة والاساطير والحكايا، تملاء أزقته رائحة البخور ورائحة مميزة اخرى قد تكون رائحة التاريخ "ان كان للتاريخ رائحة" وصياح الباعة وانشاد المنشدين..عندما تشرق الشمس تعلن بوضوح ان شارعنا..شارع خليل..اجمل الشوارع واكثرها قدما وسحرا في المدينة كلها .
انا ابن هذا الشارع واحد سكانه الكثر اسكن مع اهلي في بيت من بيوته.. لا اعرف متى سكن اجدادي الشارع ولكن ابي يقول اننا هنا منذ الازل ومثلي مثل كل شباب الشارع اسمع دائما من اهلي قصصه..تلك القصص التي تؤكد ان لا احد يعرف على وجه التحديد متى انشيء شارع خليل ولكن الجميع يعرف صاحبه ومؤسسه الذي سمي بأسمه..الجميع يتداول قصة الرجل الذي اسس الشارع وكان من اول من سكن فيه وعمره بابنائه.. خليل الرجل الذي سمي الشارع بأسمه وسكنت سلالته الشارع الى اليوم والذي لازالت تحكى قصته الشهيرة وقصة اسرته الممتدة الى يومنا هذا.. تلك القصة التي ترددها كل المدينة وتوثق في عقول الصغار من خلال ذاكرة الكبار لتخلد وتصبح واحدة من اجمل الاساطير..فخليل الذي قدم مع زوجته "مسرة" إلى الشارع الذي كان مقفرا لا يسكنه الا القليل من الرعاة..ترك شارعه الاصلي بعد ان احتد خلافه مع جيرانه لممارساتهم غير الاخلاقية.. ومنذ ان وصل أحبه سكان الشارع القليلين ولمسوا فيه اخلاقا كريمة وعلما..وازداد احترامهم له عندما ادركوا انه ترك حيه وشارعه الاصلي بعد ان واجه الظلم فيه واظطهده عقاله.
وبدأ الشارع بالازدهار عندما بدأ خليل ممارسة التجارة وادخل سكان الشارع البسطاء في اعماله وشاركهم في تجارته واهتم لشئونهم..ووصل احترام السكان لخليل الى قمته ووصلت سيطرته التامة على الشارع عندما ثبت للجميع اتصال خليل مع الدولة والتي عينته "لحكمته وعلمه" بشكل رسمي عاقلا للشارع ومسئولا عنه.
عندما مر الزمن على خليل وزوجته في الشارع دون ان يرزقا بمولود كثر الحديث في الشارع عن هذا الامر..ولم يكن من الجيد في ذلك الوقت ان لا يترك كبار القوم اي خليفه لهم لكي لا يضيع الناس من بعدهم..ومن المتداول في قصص الشارع والتي يحكيها الاباء لابنائهم حتى اليوم وسط ضجيج الشارع الذي يأتي الى سوقه الناس من كل الشوارع الأخرى، أن "مسرة" أدركت أن على خليل ان يحصل على ولد يحمل اسمه..وحتى ان لم يكن يريد الا انها ادركت ان الجميع سيضغط عليه وسيقولون له انها عاقر وان واجبه ان يتزوج باخرى كي يحصل على الولد.. فعملت "مسرة" وبرغم قهرها والمها الشديد على ان تحد من خسارتها المعنوية الى اقل حد فقررت ان تختار له العروسة بنفسها لتحرص على ان لا تبزها جمالا و اصلا ونسبا واختارت له بالفعل امرأة بسيطة كانت خادمة في بيت احدى صديقاتها رأتها في زيارة لها ولمست فيها السذاجة والطيبة واطمئنت لسيطرتها عليها حين تصبح الزوجة الثانية لخليل .. وبالفعل اصبح لخليل زوجتان مسرة ابنة المشائخ التي كانت معه من بداية مشواره وكفاحه منذ ان خرج من شارعه الاول هربا من الظلم الى ان وصل معها الى الشارع الذي سمي بأسمه فيما بعد..و"تماضر" الزوجة الثانية التي انجبت له الولد فزاد حبها ومكانتها عنده .
يفسر بعض سكان الشارع ماحدث فيما بعد على انه من كيد "مسرة" ويفسره البعض الاخر على انه رغبة الاب خليل وقناعته ..ف"مسرة" شأنها شأن كل النساء عصفت بها الغيرة ولم ترضى عن المكانة التي وصلت اليها "تماضر" في قلب زوجها خليل.. خصوصا عندما احست ان "تماضر" أصبحت سيدة أكثر احتراما منها في الشارع كونها انجبت لخليل ولده "مطيع" وهو ماعجزت هي عنه..فكانت الحادثة التاريخية التي يتحدث عنها ابناء الشارع الى اليوم بأن نقلت "تماضر" وابنها "مطيع" إلى بيت صغير قديم مهجور في اخر الشارع وبالرغم من حب خليل لها الا ان ضغط مسرة كان شديدا وعنيفا فاضطر الى ابعادها وامتثلت "تماضر" لأمر خليل ورحلت الى البيت المقفر في طرف الشارع وضلت هي و"مطيع" هناك.
وبرغم هذا فقد ضل قلب "مسرة" يشتعل بالغيظ من "تماضر" فهي لديها الولد الذي يحبه خليل كثيرا..ولكن المفاجأة ان "مسرة" وبرغم تقدمها في السن حملت "وهو ما اعتبرته تأييد من الله لها" وأنجبت لخليل ابنه منها "سالم" والذي سر به خليل سرورا كبيرا واعتبرت "مسرة" نفسها بإنجابها إياه تفوقت على "تماضر" وابنها فطالبت خليل دائما بمعامله متميزه لها ولابنها "سالم".
مات "خليل" وماتت "مسرة" و"تماضر" وضل نسل "مطيع" و"سالم" "اللذان كانا مثل ابيهما حسنا السمعة ومن افضل من عرفتهم المدينة" يسكنان الشارع الى اليوم .
لم يكن خليل يفرق بين ابناء "تماضر" وأبناء "مسرة" إلا أن طبيعة العلاقة والخلاف بين الزوجتين جعل من الابناء وابناء الابناء وعلى مدى تاريخ الشارع مميزين تلف الحساسية والخلافات علاقاتهم يفرق بينهم عداء تاريخي قد يكون وراثيا لما كان بين الزوجتين من خلاف غير قادرين على الاختلاط فأن ضمتهم عمارة واحدة تجدهم مثل الماء والزيت ينفصلوا فورا ودون اي تدخل من احد فأبناء "سالم" يؤكدون على ان اباهم خليل احبهم وخصهم بكل علمه واسراره وابناء "مطيع" يؤكدون أنهم من يسير باخلاص على درب خليل ويحققون وصيته في الشارع ..كان من ابناء خليل الكثير من الفلاسفة الذين دعوا للخير والجمال والفنانين والشعراء الذين كتبوا قصائد رددتها كل المدينة والعلماء الذين افادوا المدينة بعلمهم..وبرغم كل مشاكلهم ومشاحناتهم الممتدة لسنين طويلة وبرغم انهم ابناء اب واحد هو خليل الا انهم لم يتوقفوا عن الحياة وعن مليء شارع خليل صخبا وحياة وقصصا..ومشاكل .
هناك عادة في شارعنا مازالت متبعة الى اليوم ففي عصر كل يوم جمعة يجتمع في بيت العاقل الكثير من شباب الشارع- وأنا منهم - المتلهفين لسماع ومحاولة فهم قصص الشارع من الموغلين في السن الذين يؤكدوا لنا ان الكثير من ابناء "سالم" تركوا الشارع على فترات مختلفة الا ان المشاكل والعداء كان دائما يلف الحياة في الشارع بين ابناء العم..فبرغم ان ابناء "سالم" كانوا متفوقين في البداية ولديهم الاحساس بأنهم الافضل الا ان ابناء "مطيع" ومع الوقت وبسبب اجتهادهم وصدقهم كان لهم السيطرة التامة على الشارع بكل بيوته وعماراته وحتى السوق فكانوا هم الملاك الشرعيين له..ولا يخلوا المجلس من حديث طويل ومسهب حول اصل المشكلة الحديثة في الشارع بين ابناء سالم وابناء مطيع..عمارة الياسمين، تلك العمارة التي تقع في الطرف الغربي من الشارع و التي سكن فيها خليل وتركها بعد فترة لابنائه..وهي عمارة جميلة يملا شبابيكها الورد والفل الذي ينشر شذاه في كل الشارع خصوصا في المساء و تسكنها بعض الاسر من ابناء مطيع ..ففي الوقت الذي كان يهنأ سكان العمارة بالسكن في شققهم الجميلة فيها كان ابناء سالم "والذين توسعت علاقاتهم مع ابناء بقية المدينة" قد وصل الى مسامعهم ان الحكومة ستشق طريق سريع يربط بين انحاء المدينة من امام العمارة وبالتالي فان الدكاكين في اسفلها سيرتفع سعرها بشكل جنوني وسيكون لها قيمة هائلة.
ولان أبناء "سالم" يعلمون جيدا ان الشارع بأكمله اصبح لابناء "مطيع" وان لا حق لهم في اي عمارة فيه فقد تيقنوا ان فرصتهم في الاستيلاء على العمارة معدومة.. الا ان ابناء "سالم" اشتهروا بسعة الحيلة والدهاء والخبث وعدم اليأس وقد علموا ايضا ان لا طريق لهم الا بالاستعانة بالقوة والخداع فلجأوا لشيخ كبير شهير وقوي معروف بجبروته وبأنه لا يقيم وزن لا لاخلاق ولا عرف ولا دين..كان الشيخ "بهروت" هو طريقهم للوصول لعمارة الياسمين التي حلموا بها فتقدم احدهم وارتبط مع الشيخ بعلاقة نسب وترابطت علاقاتهم معه بالمصاهرة والتجارة وعندما بدأوا بأظهار نواياهم في الاستيلاء على العمارة عبر الشيخ عن حماسة وتأييده الشديد لابناء "سالم" في خطتهم هذه وقد ضمن لنفسه نصيبا كبيرا من الارباح القادمة.
وفي احد الليالي المظلمة اعطى الشيخ "بهروت" بنادق كثيرة لبعض ابناء "سالم" وأرسل معهم مرافقيه ورجاله وفي وقت متأخر هجم ابناء "سالم" مع رجال الشيخ "بهروت" على عمارة الياسمين وفي غضون ساعات قتلوا الرجال العزل وطردوا من تبقى منهم مع الاطفال والنساء الى الشارع..وفي حين ضج الشارع بعويل النساء وصياح الاطفال الذين طردوا من عمارة الياسمين كان ابناء "سالم" يعتلون سقف العمارة معلنين سيطرتهم التامة عليها..اطلقوا الرصاص في السماء اعلانا عن الفرح والسيطرة واقسموا ان العمارة كانت لهم وان الاب خليل قد منحها لهم في وصيته.. ولمعرفة جميع ابناء شارع خليل بجبروت وظلم الشيخ "بهروت" فقد بلع الجميع كلمات الاعتراض وصمتوا في انكسار شديد تجمعوا لبعض الوقت حول اقاربهم المطرودين وواسوهم ودعوا بصوت خافت على ابناء "سالم" الأنذال وتابعوا عيشهم وكأن شيئا لم يكن.
أعلن الشيخ "بهروت" لبعض المتوسطين دعمه المطلق لابناء سالم وبأن لديهم ورقة تثبت ملكيتهم "وانه لم يرها لاحد"..ضاعت العمارة من سكانها وضل وضعهم تعيسا للغاية..غادر بعضهم الشارع ساخطا وخيم بعضهم بجانب العمارة معلنا رفضه للاستسلام ..كان احد كبار السن يهيم في الشارع ويصيح بشكل يومي "فيما اعتبره البعض حكمه واعتبره البعض جنون" : سيموت "بهروت".. ويرحل أبناء "سالم".. وتعود العمارة لابناء "مطيع" لان أبناء "مطيع" هم الأصل..ولان أبناء "مطيع" لا يموتون.
تفشى الظلم في الشارع العتيق و طمع فيه الجميع..تعرض السوق للسرقة والنهب اكثر من مرة..كان ابناء "سالم" يسهلون للصوص السرقة ويتامرون على جيرانهم مقابل نسبة معينة..كان ابناء "سالم" يفرضون سطوتهم وتسلطهم بدعم الشيخ "بهروت" حتى أضحوا سادة الشارع..إلا أن قلوب سكان العمارة لم تنسى البيوت التي ولدوا فيها وضل السخط والحزن هو عنوانهم الجديد..كان رفضهم يحتاج لشرارة بسيطة كي ينفجر ويصبح نارا..وقد كانت الشرارة هي "مجاهد" ذلك الشاب المهذب قوي البنيان من سكان عمارة الياسمين.. كان ابن احد الذين خيموا بالقرب من العمارة..عاش في الخيام وكان يقضي معظم وقته في المسجد منزويا لا يختلط كثيرا بالناس وبرغم انه كان يحب العمارة ومؤمن لملكيتهم لها الا انه لم يكن يشترك في اللقاءات التي يجريها ابناء العمارة المطرودين ..ففي نظره كانوا يهتفون ويتشنجون دون اي نتيجة..كان يختلف عنهم بسلوكه وتصرفاته برغم انه كان له نفس الهدف.
وفي احد الأيام خرج احد ابناء "سالم" المتغطرسين كان اسمه "مأمون" وكان من اكثرهم صلفا وغرورا..وكان قريبا من باب العمارة يجلس "عبد الحميد" اخو"مجاهد" فارشا بضاعة بسيطة على الارض يتحصل منها على رزقه..غضب "مأمون" وانطلق لسانه بالسباب ل"عبد الحميد" متهما إياه انه يشوه المنظر امام العمارة ويسيء للمستوى الراقي لها ..صمم على طرده من مكانه وصاح فيه ان الشارع واسع فعليه ان يذهب الى اي مكان من الاماكن التعيسة فيه ليبيع بضاعته الحقيرة..رفض "عبد الحميد" التحرك وتجاهل "مأمون" تماما فجن جنون الاخير وتقدم وركل بضاعة "عبد الحميد" فتناثرت على الطريق فما كان من "عبد الحميد" إلا أن قام منفعلا ووجه لطمة قوية لوجة "مأمون".
وفي لحطة جنون وحقد اشتهر به ابناء "سالم" استل "مأمون" مسدسه وأ فرغ رصاصته في رأس "عبد الحميد" فتناثر دمه واجزاء من مخه على الارض وعلى بضاعته المرمية فيه..عندما ذهب بعض سكان الشارع وابلغوا "مجاهد" بما حدث اقسموا فيما بعد انهم لم يروا غضبا يتجسد مثلما رأوا الغضب يتجسد في "مجاهد" الذي مشي بخطوات بطيئة واثقة حتى وقف امام العمارة التي كان يقف عند بابها "مأمون" القاتل يوجه مسدسة نحو الحشود المتجمعه حول جثة "عبد الحميد" وهو يصيح فيهم في هستيريا مهددا باطلاق الرصاص على اي شخص يقترب منه..الا ان "مجاهد" تقدم منه وبخطوات واثقة..لم يتراجع رغم تصويب المسدس في وجهه وتهديده بتفجير رأسه ان لم يبتعد..وقف "مجاهد" أمام القاتل مباشرة والذي اصبح في حال يرثى لها وقد تجمدت يده من الرعب فلم يستطع ان يطلق الرصاص واصبح يرتعش والدموع تسيل على خديه وهو يطلق انينا مرعوبا.
وأمام جميع سكان الشارع تناول "مجاهد" وبهدوء حجرة كبيرة من الارض و ضرب بها وبقوة هائلة رأس "مأمون" فخر صريعا بين قدميه..وسكت الشارع كله..فبرغم كل شيء وبرغم معاناتهم من ظلم ابناء "سالم" ويقينهم أن "مأمون" بالذات يستحق القصاص العادل الا ان الرعب من ابناء "سالم" صور لهم انهم لا يضربوا لا يموتوا لا يهزموا وبأنهم دائما القتله وهم "ابناء مطيع "المقتولون.. وامام عيونهم المذهولة تناول "مجاهد" حجرة أخرى ورماها على العمارة..ثم تناول حجرة اخرى ورماها دون تجاوب من احد.
ومع الحجرة الثالثة انضم اليه اثنين من اقاربه ورموا الحجارة معه.. ومع الحجرة الرابعة انضم عشرة منهم..وعندما رمى "مجاهد" الحجرة الخامسة كان كل من حوله يرمي العمارة وسكانها اللئام وسط ذهول ابناء "سالم" الذين ظنوا ان ابناء "مطيع" قد أصبحوا عبيدهم وبأنهم لن يرفعوا يدهم عليهم ابدا مهما فعلوا.
وعندما غادر "مجاهد" الساحة عند اغارة رجال الشيخ "بهروت" على الشارع لينقذوا ابناء "سالم" كان زجاج العمارة قد انكسر بالكامل وكان الكثير من ابناء "سالم" قد جرحوا واصابهم الذعر والخوف.
كان جميع الحاضرين في مقيل العاقل في عصر الجمعة يؤكدون ان شارع خليل يشهد فصلا جديدا من قصصه التي ترددها المدينة كلها..يلتفتون إلينا نحن الشباب الذين نجلس في طرف الديوان ويؤكدون لنا وهم مبتسمين ان شارع خليل سيشهد ظروف مختلفة عن التي عاشوها هم..وان هناك قصة حلوة قادمة..قصة "مجاهد" الذي أدرك الجميع انه من سيعيد عمارة ابائه ويرد اخوته للسكن فيها ويطرد ابناء سالم منها ليردهم الى حيث كانوا خارج الشارع محتقرين من كل المدينة.
قصة الشباب الذي انا منهم والذي يجب ان نفهم الخلافات التي ستستمرالى ان يسود الحق ويجب ان نعرف مع من نقف.. ف"مجاهد" وجماعته استمروا في مهاجمة العمارة من حين لاخر فتسببوا في هرب الكثيرمن ابناء "سالم"..تركوها خوفا وذعرا وتركوا الشارع كله.. وبرغم ان الشيخ "بهروت" أرسل الكثير من الرجال الذين رابطوا حول العمارة لحراستها وحراسة سكانها..الا ان "بهروت" نفسه قد كبر في السن واصبح ابنائه الكثر على خلاف معه وعلى خلاف بينهم يهدد بانهيارهم.. ظهر بعض ابناء "مطيع" من الذين دفع لهم "بهروت" الكثير من المال ليعارضوا مايفعله "مجاهد" ويتهموه بأنه سيتسبب لهم في كارثة بسبب مواجهته لابناء "سالم" القادرين الذين لا يهزمهم احد.. بل شكك بعضهم بأن العمارة فعلا لهم وقالوا انها حقا شرعيا لابناء "سالم".. بل إن احدهم "قام بهروت بدفع الكثير من المال له" قام بطعن "مجاهد" في ظهره وهو يصلي الا انها لم تكن طعنة مميتة استطاع "مجاهد" أن يشفى منها ويواصل ما اعتبره واجبه الوحيد في الحياة وهو استعادة العمارة برغم ملاحقة رجال "بهروت" الرهيبة له.
شارعنا العتيق برغم كل هدا الصراع يواصل الحياة ويفيض بالحركة والحيوية والنشاط لا زال يبهر كل المدينة بابنائه ويبهرها بتفرده وروعته وتاريخة..وسيضل كذلك ..وسيضل ابناء "مطيع" وأبناء "سالم" في صراع في هذا الشارع.. ليس امام ابناء "سالم" إلا "بهروت" والخبث والخديعة وليس امام ابناء "مطيع" إلا "مجاهد" والثقة بالله . وليس امام الشباب من امثالي من سكان شارع خليل الا العمل على ان يسود الحق هذا الشارع الذي خرج منه نور الحق فملاء المدينة كلها..وليس امام شارع خليل اجمل شوارع المدينة الا ان يستمر في الحياة والروعة وفي منح العالم الاف القصص الغريبة والمعقدة والرائعة..وعندما تشرق الشمس غدا على الشارع احرصوا على ان تكونوا هناك وعلى ان تشاركوا في الفرحة..ولتشاهدوا ابناء "مطيع" وهم يرفعون رايات النصر والحق..ولا تنسوا العنوان..المدينة القديمة،عمارة الياسمين ،شارع خليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.