متابعةً لمقال الكاتب الأنيق ، خالد الرويشان ، في مقاله الطَّيِّبِ ، والجزيل عن جمال بن عمر ؛ أحببتُ أنْ أبدأ حيثُ انتهى صديقي . 1-1 والأستاذُ المهذب جمال بن عُمر رجلٌ بدأ - وأقول بدأ - يفهم بعضاً من توازنات القضية اليمنية ، وتعقيداتها ، وقاتها ، وتوقيتاتها ، وجمع الصلوات لضرورات القات ؛ إلا أنَّ نصحيتي له ، لها شقين : الأوَّل أنْ يقرأ تاريخ القضية اليمنية - ليس للمأة السنة الأخيرة *؛ بل تاريخها على امتداد الألفية بكاملها . والشق الثاني : أنْ يفتتحَ *له سفارةً في اليمن ؛ عِوَضَ تعب القلب ، والفرزة ؛ فالقضية اليمنية - باختصارٍ شديد - هي قصة الدِّيك المريض ، في الدولاب ، مع الولد الشَّقِي ، والعشيق !.. 2-1 وإشكاليةُ توافقية الدولةِ الجديدة ، والحكومة ، وثورة الشباب ، هي إشكالية لن تنتهي إطلاقاً ؛ إذا ما تذكرنا أشخاص كُثُر مثل الجَنَدِي - صفعة العصر - والبركاني - فَصْعَة العَصر - وبقية ضفعات الصُّعْبي ؛ وهي إشكاليةٌ تشبهُ إلى حدٍّ كبير ، إشكالية الدِّيك المريض ، في الدولاب ، مع الولد الشقي ، والعشيق ! 2 تبدو الأمورُ أنها تختلفُ كثيراً عمَّا يراهُ كثيرٌ من المحللين ، حين يكتبونَ لمجردِ الكتابة ، واستلام المعلوم ؛ كراتبٍ إشتراطي ؛ أو رشوةٍ مشروطة . إلا أنَّ الأملَ ضروريٌ للبقاء ؛ ولو ليومٍ واحد !... وما حدثَ في اليمن - وما زالَ في أطوارهِ التكوينية الأولى - ليست نسمةُ ربيعٍ ستعبُر ؛ أو سحابةُ صيفٍ ستنقشع، أو لفحةُ بردٍ ستستَقِيد ، أو هَبَّةُ ريحٍ في خريفٍ ستهدأ ! .. إِنَّ ما يحدثُ هو كيمياء لإحياءِ الذَّات ، بعد ثلثِ قرن من السُّبَات . صراع ليس بين جيلين ، فحسب ؛ بل بين جيلٍ كاملٍ من الشباب العاقل في العقد الثالث من عمره ؛ الذي ولد في العهد المأزوم ، *والعاطل عن الإنتاج بحجم ثلثي السكان ، بل يزيد ؛ وبين ثلاثةِ أجيالٍ ، متناقضةٍ مع نفسها من جهة ؛ ومتناقضةٍ مع جيلِ الشباب العاقل ، *والعاطل ، من جهةٍ أخرى ؛ بسبب تناقضات تلك الأجيال الثلاثة .*جِيل الخمسينات ، بانتصاراته وهزائمه ؛*وجيل الستينات والسبعينات ، بتناقضاته وإخفاقاته ؛ بطموحاته وانتكاساته *. *وفي التفاعل الكيميائي لا بد أنْ تنتهي بعض الأطراف التي دخلتْ في المعادلة ؛ حتى يتخلَّقَ المُركَّبُ الجديد الناتج من التفاعل ؛ ما لمْ فإنَّ الناتجَ لن يتحققَ إذا أخفقَ التفاعلُ في الإكتمال !.. * 2-2 جيلُ الخمسينات - وأنا منهم - *الآن ، هم في الستينات من العمر أو تزيد قليلاً . وهذا الجيل عانى كثيراً مِن الإنهزامات ، والإنقسامات ، والإنتكاسات ، التي وَلَّدتْ لديهم ميراثاً هائلاً مِنَ الأحقاد ، والكراهية ، والنَّرجسية ، أفراداًً ، وأحزاباًً ، وقادةً ؛ ولا يستطيعون خلع إهاباتها ، التي تمزَّقتْ ؛ فمزَّقتهم ، ومزَّقننا ؛ أرضاً ، وأُمَّةً ، وشعباًً ، وأرضاًً ، وحضارةًً ، وتاريخاًً ، وأحاسيساً ، ونفسياتٍ مختومة بالحمْيَرَة *في فهمِ مفرداتِ العصر ، والعالم ، *بمفرداتهِ ، ولغتهِ ، وحتميةِ موضوعه ، الذي يحترم العقل ؛ وأنتهوا كَكَسِيحٍ يريدُ أنْ يجعلَ مِنْ عُكَّازِهِ ، سيفاًً سبئياً خالصاًً . وتلك مأسآتنا التي حلَّتْ علينا ، في ليلٍ تَدْلَهِمُ قِطَعُهُ علينا كالقيامة . ولا ننكرُ أَبَداً ، أنَّهم برغم إخفاقاتهم ، وانتكاساتهم ، وهزائمهم وانقساماتهم أنهم قد نجحوا - من وجهةٍ تنظيرية - في تحقيق بعضاً من الإنتصارات ، وإنْ كانت قصيرة النَّفَس ؛ وَمن خلال إخفاقاتهم ، وانتصاراتهم ، ما زالت اليمن - إن لم تكن كل البلاد العربية - كلها - تعاني من الرِّدَّة النفسية ، واللواط السياسي ، والزِّنَى المهني التكنوقراطي ؛ نتيجةً لمعاناتهم تلك . 3-2 إنَّ التخلُّصَ من ميراثِ التناقضات ، والمتناقضات بين تلك الأجيال الثلاثة هو أمرٌ ضروري للعبور إلى الشواطئ الآمنة ؛ ورسو السفينة في ورشة الميناء ؛ ولن يتمَّ ذلك إلا : بالإعترافِ الممهور بتسليم الراية من يدهم ، لأيدي الشباب المختوم بشمع القرن الحادي والعشرين ، وجيل اللابتوب : أو بإقصائهم ؛ عن طريقِ جلد تاريخهم المغلوب ، بواسطة خلع ، وسلخ ، وجلد تاريخهم المهني المُتْعِب ، وخطابهم السياسي المرهق ، والمُمِض ؛ بخلق ، واختراعِ مفرداتٍ مبدعةٍ ، وسياسيةٍ صرفةِ الإحتراف ، في مفرداتِ ، ولهجةِ الخطاب السياسي عند الشباب ؛ تحترمُ العقلَ ، *وتتعامل مع الواقع بموضوعية ؛ بعيداً عن المفردات الخادعة ، والكاذبة ، والكئيبة ؛ والخطاب الطوباوي الذي اعتادوا أن يجلدوا البلاد والعباد بها منذ الأربعينات والخمسينات !* 4-2 الإختلافُ صفةٌ مفطورٌ عليها الإنسان ؛ وهو في طبيعةِ الخلقِ .. حَتْمٌ ، وسُنَّة ؛ والخلافُ مِحْنَةٌ ، وفتنة . الخلافُ يحمل في إيحائه ، طبيعة الصراع الفلسفي والفكري - كاستراتيجية وهدف - يسعى المتخالفون فيه ، لحيازة النصر ، بإقصاء الآخر ، والوقوف وحيداً في المنبر ؛ والإختلاف يحمل في إيحائه التباين والتنوع - كوسيلة وتكتيك - يسعى المختلفون من خلاله ، للإلتقاء لتحقيق الإستراتيجية المشتركة، *والمتوخاة الوصول لمقاصدها - كمِحوَر - يصل بين الوسيلة والغاية .* وصحيح القول ، ونافلته الحسنة هما أنَّ الشبابَ بحاجة إلى أغلاق خلافاتهم ، عن طريق شخصية ، إعتبارية - مجلس متعدد الأطياف - كارزمية ، قدوة ، قيادية ، شابة ؛ تفكر بطريقة ، وعقلية ' ونستون تشرشل ' ، *الذي إستطاع أنْ يقحمَ في معركته ، 'ستالين' ، *'وفرانكلين روزفلت' *، في حربه مع الرايخ الثالث *؛ إلا أنهم - أولا وأخيرا - بحاجة إلى قراءة قصة الدِّيك المريض . والإجراء السابق - على ما شرحناه - يحتاج إلى إلى إقصاءٍ باتٍّ لنرجسية " أنا ومن بعدي الطوفان " !.. وتلك هي التضحية المطلوبة لما يمثله الضغط قسراً لشراء ، وبيع الدَّيك ، في الدولاب !* * 4 وتعقيداتُ الأحداث ومجريات الواقع - بما فيها الحدث الثوري ذاته ؛ هو أمرٌ يجب أنَّ نسلِّمَ جميعاً به ؛ ليتسنى لنا التعاملَ مع مفرداته . *هذا يجب أن نتأكد منه بقوة ؛ وإنْ كان في إرهاصاته الأولى ، وتكويناته الأولى ، *التي ربما ترهبنا ، وتخيفنا ؛ هي غير ما نريد ؛ *والتعاملَ مع واقع الأمور كما هي مفروضة - موضوعا - لا كما نريد ؛ ذلك من الأهمية بمكان ؛ *إذ أَنَّ العاقلَ هو من يقومُ أولا بإنقاذ الجريح ، ويوقف نزفه ؛ قبلَ أنْ يرفعَ عقيرتَه مناداةً بالقضية ' حول مَنْ أطلقَ الرصاصة ' ! 5 الأشياءُ تعتقدت أكثر من مجرد عبارات تُقَال في مؤتمرٍ صحفي ، أو من مجرد خطابٍ سياسي يحمل في طياته نظريةً لمشروع ، أو رؤيةً لاقتراح *. *ما سيتمخضُ عنه تعقيدُ الأمور ، سيختلف تماماً ، وكليةًً عما كان قَبْلَ إِحدَاث التعقيد . 2-5 تعقدتِ الأمور في حياتنا وفي العملية السياسية لقطع البواسير المُزْمِنَة ، وقد خُلِطَتِ البهارات جميعها في مطبخنا السياسي : مطبخ المشترك ؛ ومطبخ مسجد السبعين ؛ ومطبخ تَبَّةْ الشيراتون ؛ ومطبخ الحوثيين ؛ ومطبخ الحكومة الإنتقالية ؛ ومطبخ القاعدة ؛ ومطبخ أنصار الشريعة ؛ وبقية الدكاكين ، هنا وهناك ؛ وقد فسدَ اللحمُ ، حين كثرَ الطَّبَّاخون .* كثيرون - وأنا منهم - مَنْ هم أكيدون من ذلك . *إلا أَنَّ الخطابَ السياسي ما زالَ يبحث عمَّنْ أطلقَ الرصاصةَ ؛ والدمُ ينزف ! ولعَلَّنا لا تختلف كثيراً ؛ أو نتفق تماماً ؛ أَنَّ النظام السابق له يدٌ واضحة - لا يراها الذين لا يبصرون والقِصَعُ والبَلاطجةُ - في صياغة الأحداث التي تجرُّنا إلى حيثُ حبلتْ أمُّ قشعم ! 3-5 وإذا اجتهدتَ لتقولَ أَنَّ العمليةَ السياسية ، برمتها ، *منذ البداية ، كانت خطأً فادحاً ؛ قدمت حلاً مُسكِّناً فادحاً ؛ لقضيةٍ وحدثٍ ناجحٍ بتفوُّقٍ فذٍّ وفريد ، *لا تحتاج للمُسكنات ، كحاجتها لعملية قطع للبواسير ؛*فإنَّ اجتهادك صحيح . 6 والإشكالُ قائم في كلِّ تعقيداته ، ومبنِي على مُسَلَّمَةٍ من بساطتها ، ووضوحها ، وقربها ، نغفلها تماماً : ما ابتُدِأَ خَطَأً لا تأتي نتائجه إلا نكسة ، أو مأساة ، أو كارثة ، أو على أدناها مَرثاة !.. بالنسبة لي ؛ تلك قضيةٌ محسومة . فالخطاب السياسي الذي يُمْلَىْ ؛ خطابٌ سياسي منفعلٌ ، رِدَّةً للحدث ، وصدىً لتناقضاتِ الحدث ، والمضاربات في العملية السياسية وداخلها .* الخطابُ السياسي لم يعِ الحدثَ ، ولم يستوعبه ، ولم يُحْتَوَ فيه ؛ *ولم يعقلِ الحدثَ ؛ بل إعتقلَ الحدثَ ؛ فحبسه في سجن الصراعات القديمة للعملية السياسية القديمة ومراهناتها على خيول لم تَعُدْ إلا خيولاً خشبية ؛ وتلك الصراعات التي سبقتْ ثورة الشباب هي التي أَقْعَدتِ الحدثَ الضخم الذي امتطاهُ *جميع الدِّيَكَةُ الممحونون بالصياح ؛ *الذين يتصورون أنَّ الفجرَ لا يطلع ، والشمسَ لا تُشرق ، والصلاةَ لا تقوم ، إلا حين يصيحون ويُكَأكِئون !.. *ولمَّا يفهمِ المفترقون - بوعيٍّ أوبغير وعي - أنَّ الصراعَ الحادثَ هو صراعٌ بين عقليتين : عقلية اللابتوب ، وعقلية القبيلة توب ! اليمن لن تعود كما كانت ، أو كما نريدها ، أو كما نحبُّ أن تكون . هل ستكون أفضل ؛ أو أسوأ ؛ كلُّ ذلك يعتمدُ على القوى المؤثرة في الساحة . وإذا لم ينطلق الشباب ، كقوى جديدة مؤسسَة على فكر متين وواضح ، ومستقيم ، وصحي ، للإستحواذ على الساحة السياسية ، والدخول بقوة في العملية السياسية ، *والسيطرة على الصف الأول في العملية والخطاب السياسي ، والإستباق لإعادة صياغته .. فعلى اليمن السلام.* 6 هادي .. وتنظيف دولة " حَقْ إبنْ هادي " ! كان ، وما زال ، الهدف الذي قامت من اجله ثورة الشباب ، هو قيام دولة مدنية ، ترتكز ممارسةُ الديمقراطية فيها ، على مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية ، من نقابات ، وهيئات، *ومنظمات ، واتحادات . ومن أجل هذا ؛ فليس من صالح الشباب ، الذي قاموا بما أخفقنا فيه ، الوقوف والنظر إلى الخلف . بدلا من الوقوف على الأطلال ، والتباكي على الحبيب الذي راح ، والركون إلى تبريرات التخوين ؛ يجب القفز فوق مربع الوقوف ، إلى متابعة الجهود ، باتجاه الإستراتيجية العامة للثورة : الدولة المدنية ! توحيد الجهود - رغم الإختلاف في الوسائل والتكتيك للوصول إلى الهدف الإستراتيجي للثورة - هو أول خطوة في استرجاع الوهج ، وعلاج الوجع . والإختلاف سُنَّةٌ وطبيعة عند البشر إلى أن تقوم القيامة ويجتمع الخلق لدى الخالق . حتى الكباش توحدهم قيادة .* 7 الهرم المقلوب ! أَنْ يرتكزَ الهرمُ على قمته ؛ فذلك إنهيار كامل بصورة مفزعة ، للهرم كله ، بلا نقاش . *فالبلاد في العقدين الماضيين ، ويزيد ، قامت على خيوط واهية كان يمسكها رجلٌ واحد ، ويملكها رجلٌ واحد ، ويحرك عرائسها على خشبة السرح المتهدلة رجلٌ واحد ؛ وما نحن فيه هو نتيجة طبيعية لذلك ! طوال فترة حكمه ؛ بنى الرجل تلك العلاقات بناءً فردياً ، يقوم على ربط توازنات غير إستراتيجية ، وغير قائمة على المؤسساتية ؛ بل على نظرة شخصية تحفظ المعادلات التي تكفل بقاءه . أو هكذا صورتْ له خيالاته تلك التصورات . وربما لم ينجح في رسم تلك النهاية التي أرادها في البقاء ؛ ولكنه استطاع أنْ يُبقي كثيراً من الخيوط ، لكثير من العرائس على خشبة المسرح !.. ولهذا نرى كل تلك المُراوحات ، عندالقيادة *الشرعية المنتخَبَة الجديدة ، على الدوران في مربعات محدودة ؛ فلا تنتقل إلى مربعات أخرى متقدمة ذوات أضلاع كبيرة وزوايا منفرجة نستطيع منها أن نرى الأشياء أكثر وضوحاً ! 2-7 *في ثلثِ قرنٍ كامل ؛ لم يبنِ النظامُ الكسيح دولةً تقوم علاقاتها على التكامل المؤسساتي ، وعلى بناء الإنسان - وهو محرك الإقتصاد - وعلى النظام والقانون ؛ *فأصبحت كل البلاد مشلولة في يديه ، وعلى لوحة أرقام جَوَّاله فقط . *فلا وجود لأحدٍ سواه ، بكامل شبكته التي أذنبنا - جميعا بلا استثناء - فيها ؛ حين صمتنا عليها كل تلك السنوات ؛ فتجذَّرتْ عروقها الأرض ، وامتدت *. وهو ما سيأخذ جهداً ، ووقتاً ، ودماً ؛ لاجتثاثه ، واستئصاله ؛ واستعادة العافية ؛ واعتقد أننا بحاجة للهدوء حتى يستطيع ابن هادي من إزالة (دولة ' حَقْ إبن هَاديْ ')! 3-7 والعافية التي أتحدث عنها ؛ عافيتان : عافيةٌ على المدى القصير المنظور ؛ والتي تتلخص في حقنة شرجية ، سريعة ، للإقتصاد حتى ينتهي إمساكه ؛ فَيُسْهِل ؛ حتى يتسنى للدكتور إبن هادي أنْ يقطع البواسير . وهنا يلعب مجلس التعاون الخليجي دورا كبيرا في تقديم العون ؛ وكذا المجتمع الدولي ، وأصدقاء اليمن ؛ في تلك الحقنة الشرجية ، وقطع البواسير ! وابن هادي لن يكون قوياً إلا بالشباب في السَّاحات ؛ ف " كما تكونوا يُوَلَّ عليكم " - وهذا هو الفهم الصحيح - لا المقلوب - للحديث . 4-7 على أَنَّ على الشباب ، ألا يبرحوا ساحاتهم ، مهما كانت الظروف ؛ وأنْ يستبقوا مقاعدهم في الطاولة المفتوحة ، والمستديرة ؛ للمشاركة في وضع الخطوط الأولى لدولتهم ، التي أخفقنا في تحقيقها منذ ستين عاماً . بقاء الساحات ، وتشكيل الضغط اللازم على الجميع هو أمر ضروري لا خيار ؛ فيما إذا اختلفت أجنداتهم عن أجندة الشباب ، التي تتلخص - باختصار شديد - *في الرؤية الصحية الواضحة والمستقيمة لمعاني الدولة على بداياتها ، *وأدناها ، *إعتباراً لنظرية " خطوات الطفل " - Baby Steps Theory . أما العافية على المدى الطويل ؛ فليس لها إلا اليمنيون أنفسهم لا غيرهم ؛ وإن كانت المساعدات في هذه المرحلة أيضاً ذات شأن . وهي عافية ترافق علاجاتها الجسد كله ؛ لتأخذ زمناً !* فدعوا إبن هادي يعمل لتأسيس ذلك . 8 وحين يكون دخل البلد غير متنوع المصادر ، ومن مصدر واحد ؛ يكون عرضة لأي نكسة حال ينفذ أو يكاد ذلك المصدر . *فخلال أكثر من ثلث قرن ، لم يرعَ النظام الكسيح غير قطاع النِّفْط ؛ لأسبابٍ يعرفُ الجميعُ أنها كانت مرتبطة بالأُسرة *. وأول تلك الأسباب هي ارتباط ذلك القطاع بتكوين الثروات الخاصة السريعة ، غير المشروعة ، *لشخوص النظام ، وبطانته ، وأزلامه ، وما حولهم من التنابلة والمُنَاوِلَة - المافيا المحلية ؛ وكأنما هي ملكا خاصا . وهذا ما حدث بالطبع . 2-8 رافق ذلك أنْ تسرطنَ الفسادُ في كامل جسد الدولة ، تعويضاً لمن ليس له في النِّفْط مردود غير رِدَّة الرشوة التي أضحت في العهد المأزوم من مزايا المجتمع بلا استثناء - إلا مَنْ رحم ربُّك ؛ فتم تبادل الفساد على أشده . وإلا من أين يمتلك صاحب المؤسسة الإقتصادية ، والرجل السخيف الذي يحتل مطاراً ، كل تلك القوة ، لو لم يكن يمسك بملفات تدين حتى أكبر رأس في النظام الكسيح السابق ! 9 الخيار الثالث : هم الشباب الذين يحملون أجندتهم حلماً لإقامة الدولة المدنية : دولةِ المؤسسات المتمكنة من تحقيق *دولة النظام ، والقانون ، والمواطنة المتساوية ، والديمقراطية ، والتعددية السياسية ؛ مفاهيماً صحيحة وصحية . ودولةِ النقابات ، وتنظيمات العمل المدني ؛ ليبدأوا حيث انتهى الآخرون . العالم مليء بالتجارب . على الشباب أنْ يلعبوا لعبة الدَّيك في الدولاب ! 2-9 والخياران الآخران .. دخل الولد إلى أبيه فقال : " يا بهْ إِنْدِيْ لِيْ مأة ريال *مِنْسَبْ أشتريْ لي كُبَّةْ *أَلْعَبْ بِهْ " .. ** صاح الأبُ في وجه ولده : " إِخْرُجْ خَرجتْ نفسَكْ قبلْ ما أَلْفَخْ أبوك لفخة تُقَرِّحْ رَاسَكْ .. قَاْ نَفْسيْ بِنُخَرِيْ .. إِسْرَحْ بيعْ الدِّيكْ حقك اللي مَيَسْكِيشْ حتي يصيحْ " ! أخذ الولد الدَّيكَ إلى السُّوق . لم يشتره أحدٌ ! خطرتْ للولد فكرة . ذهب إلى آمنة .* وهي إمرأةٌ جميلة يعرف الولدُ وحدهُ أنها تخون زوجها مع شاب آخر من القرية القريبة ! طرق الباب . " مَنْ ؟ " " أنا ديك الجن " " مو تشتي " ؟ " إفتحي وانا شقُلْلِكْ " فتحت إمنة الباب . " مو تشتي الله يَشُلَّكْ " " إشتري الدَّيكْ مني وإلا شَفْضَحْ أَبَائبْ أبُوكِ " " طيب أدخل " دخل الولد.* وبينما هما يتجادلان حول قيمة الديك ؛ طرق *أحدهم الباب . " آذا زوجي . إدخل الكبَتْ الله شِقْصِفْ عُمْرَكْ " كان الطارق هو العشيق . وبينما تتشابك الأشياء ؛ طرق أحدهم الباب . " إدخل الكَبَتْ .. أمانة إِنُّهْ زوجي " دخل الدولاب .* والظلام بداخله دامس لا يكاد يرى يده . فقال الولد للعشيق مهامسةً : " إشْتَشْتَرِيْ الدَّيك مني وإلا أصيح وأفضح أَبَتْكُم الإثنينْ .. ما فيش معك خَراجْ إلا تشتري الديك ". " بكم ؟ " " بمأة ريال " " ها .. شُلْ المأة وهات الديك " سكت الولد ؛ تم قال : " إِشْتَبِيعْ لي الديك وإلا أصيح " " طَيِّبْ .. طَيِّبْ إسكتْ . بكم " " بريال وإلا أصيح " " هات الريال وشُلْ الديك " سكت الولد ؛ ثم قال : " إشتري الديك مني وإلا أصيح !؟ " " طيِّبْ بكم ؟! " " بثلاثمأة ريال وإلا أصيح " " طَيِّبْ .. طَيِّبْ إسْكُتْ . شُلْ الثلاثمأة وهات الديك" ! " يالله بيعْ لي الديك بريال وإلا أطيح !؟" " الله يَقْلَعَكْ هات الريال وشُلْ الديك " دخل الزوج للحمام .* قالت الزوجة : " يا الله أخرجوا على واحد واحد " خرج العشيق أولاً .. ثم خرج الولد . ذهب الولد إلى السوق واشترى ' الكُبَّةْ ' . عاد للبيت وبيده اليمنى الديك ، وباليد البسرى الكُبَّةْ .* وواجهه أباه في البيت حين دخوله ؛ فقال : " يا أَبَهْ .. إشترى الديك مني أنا فدا لك " ! " أخرجْ مِنْ دُجَاهِيْ يا كلبْ .. ما تكفيش الأربعمأة اللي خَلَسْتِنِيْ بالكَبَتْ "!! فهمتم يا شباب إنكم أنتم الخيار الثالث والصائب . بس لو يعرف إِبْ حُسَينْ ؛ و ... ! 10 خاطرة : مِنْ بِلَادِ القَاتِ جِئتُ مِنْ بِلَادِ البَائِسِين مَوْطِنُ الأحْزانِ* وَالنُّورِ المُغَطَّى بالأنِين مِنْ بِلَادِ الشَّمْسِ جِئْتُ مُتْعَبَاً بالحَالِمِين يمْسَكُونَ الشَّمْسَ مِنْ قَاتٍ* وَمِنْ وَهْمٍ لَعِين يَمْنَحُونَ الخَيْرَ أَصْفَادَاً* وَسَجَّاناً شَطِينْ يَرْكَبُونَ النَّجْمَ سَاعَاً فِيْ لِبَاسِ المُصْطَفِين إِنَّهُمْ فِيْ لَحْظَةٍ قَدْ أُرْشًُِدِوا العَقْلَ الفَطِين يَمْنَحُونَ الجَهْلَ تِيْجَانَا* وَجٰنْدَاً طَائِعِين يَمْنَحُونَ العَجْزَ عُكَّازَاً* وَسَيفَاً لا يَلِين إِنْ تَوَارَوا خَلْفَ كِيْسِ القَاتِ قَامُوا شَاحِطِين يَا بِلادي يَا بِلادَ القَاتِ والكِيسِ اللَّعين * يَا بِلَادَيْ يَا بِلادَ النُّورِِ والنّجْمِ المُغَطَّى والحَزِبنْ * يَطْرَحُونَ العَقْلَ رَهْنَاً فِيْ عَصِيدٍ* أو طَحِينْ لا يُسَاوِي النُّورُ فِيْهِمْ غَيرَ دِينَارٍ عَمِينْ* وسامحونا !