في بطولة " بيسان " تعز 2025 .. -"الاهلي" يتغلب على "التعاون" بثلاثية" تمنحه الصدارة وتعززحظوظه في العبور .؟!    الطليعة يهزم شباب المسراخ بالتسعة ويتأهل للدور الثاني    الرشيد يسحق النور صبر ب14هدفاً في مباراة من طرف واحد    اليمن تدين تصريحات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن ما يسمى رؤية إسرائيل الكبرى    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني    زيارة لاريجاني إلى بيروت.. ما الرسائل والدلالات؟    عدن .. البنك المركزي يغلق كيانين مصرفيين    صلح قبلي ينهي قضية قتل بين آل ربيد وآل الشرعبي في صنعاء    تقرير: البحرية البريطانية ضعيفة ومرهقة ولا تملك سفناً حربية كافية    مسيرات تضامنية في ذمار مع الشعب الفلسطيني    تواصل تزيين وإنارة مساجد الحديدة احتفاءً بذكرى المولد النبوي    صنعاء تدعو للاستعداد غدا لحدث عظيم !    - الفنان اليمني أحمد الحبيشي بين الحياة والموت يا حكومات صنعاء وعدن والمخا ومارب    اللواء الخامس دفاع شبوة يحيي ذكرى استشهاد مؤسسه    الطليعة يهزم شباب المسراخ بالتسعة ويتأهل للدور الثاني        النفط يستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأميركي    إحراق 360 مليون ريال في صنعاء من فئة الخمسين ريال في يوم واحد    محافظ ذمار: من يفرّط برسول الله سيفرّط بفلسطين    لكم الله يااهل غزه    قرار غير مسبوق يخص حكام الليغا في الموسم الجديد    8 شهداء بيوم واحد في مجاعة غزة والاحتلال يستهدف لجان تأمين المساعدات    دوناروما يكشف كواليس إبعاده عن باريس    استعادة صنعاء بالأعراس    ضبط شخصين انتحلا صفة رجل المرور في منطقة معين بأمانة العاصمة    وزارة العدل وحقوق الإنسان تختتم ورشة تدريبية متخصصة بأعمال المحضرين    إيلون ماسك يهدد بمقاضاة أبل    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقر خطة احتلال مدينة غزة    رحيل الأديب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما    عدن .. ادانة متهم انتحل صفة طبية ودبلوماسية ومعاقبته بالسجن ودفع غرامة    الأرصاد يحذّر من استمرار هطول أمطار رعدية في عدة محافظات    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    نائب وزير الأوقاف يتفقد سير العمل في مكتب الوزارة بعدن    الوزير الزعوري يطّلع على انشطة نادي رجال المال والأعمال بالعاصمة عدن    شركة النفط تخفض سعر البترول والديزل تزامنا مع ثبات أسعار صرف العملات    وزير الدفاع يبحث مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع في بلادنا    القطاع الصحي يستعصي على النظام ويتمرد على تخفيض الأسعار    الوثيقة العربية الموحدة للشراكات بين القطاعين العام والخاص في الطيران المدني    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    عودة عيدروس الزبيدي للضرب تحت الحزام لكل فاسد    لصالح من اعادة نشاط التنظيمات الارهابية    نفذوا قراراتكم على الجميع وإلا رجعوا الصرف كما كان    نيويورك حضرموت    سلة لبنان آخر المتأهلين إلى ربع نهائي آسيا    عدن .. المالية توجه البنك المركزي بجدولة المرتبات والحكومة تلزم الوزرات بتوريد الفائض    المقالح: العيش على شتيمة الماضي إفلاس وخسران    مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية يتخذ جملة من القرارات للإرتقاء بعمل القطاعات    جورجينا تعلن موافقتها على الزواج من رونالدو وتثير ضجة على مواقع التواصل    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    السقلدي: هناك من يضعف الجميع في اليمن تمهيدًا لاحتوائهم    وزير الصحة يطّلع على التجربة الصينية في التحول الرقمي والخدمات الصحية الريفية    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    فيديو وتعليق    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقليم اللحم المشوي
نشر في نشوان نيوز يوم 11 - 03 - 2014

طرقت جارتنا الجديدة الباب في أول السهرة. قالت إن توقعات الطقس تشير إلى أن يوم السبت سيكون مشمساً. وإن ابنها المراهق يصر على دعوة بعض رفاقه إلى الغداء. وإن المدعوين يفضلون التحلق في الحديقة حول اللحم المشوي. وبجدية مفرطة كشفت أنها تعرف أن الدخان يمكن أن يتسلل إلى حديقتنا. وإن رائحة اللحم المشوي قد تتبعه. وإنها جاءت لاستئذاننا. وأبدت استعدادها لإجراء المناسبة داخل بيتها إذا كنا نعارض التعرض للدخان والرائحة.
خشيت في البداية أن تكون الجارة تتعمد السخرية مني. وأن تكون عرفت إنني عربي وصحافي وأرادت تذكيري بالفارق بين ثقافتين وعالمين. لكن لم تظهر عليها علامات الخبث. أبلغتها أن طلبها يسعدنا لأننا نحن أيضاً ننتظر الأيام القليلة المشمسة في لندن لإقامة دعوة من هذا النوع.
شعرت بالاستفزاز. كيف أخشى الدخان ورائحة اللحم المشوي أنا الوافد من إقليم اللحم المشوي. اللحم اللبناني. والسوري. والعراقي. واليمني. والصومالي. والسوداني. ثم إن مهنتي تلزمني بمتابعة «إنجازات» الأفران المفتوحة على امتداد المنطقة. ولطالما نمت في تلك العواصم التي لا ترى غير أسرّة الجمر مكاناً يليق بالمعارضين أو المعترضين. كيف أخاف أنا الوافد من إقليم «داعش» و»النصرة» و»الشبيحة» وسائر الجيوش المذهبية الضريرة.
مسكينة لأنها لا تعرف إنني أغادر مكتب الصحيفة كل مساء ورائحة اللحم المشوي حاضرة في ثيابي وشعر رأسي. وإنني قبل ذهاب العدد إلى المطابع اطمئن إلى عدد المواطنين الذين تم شيهم في ذلك النهار. أحصيهم وأفرزهم وأوزعهم في مجموعات. لا مكان في الصفحة الأولى لأي حفلة شواء تقل عن ثلاثين قتيلاً. الحفلات المتواضعة تقيم في الصفحات الداخلية. الصفحة الأولى فندق من خمس نجوم. إنها مخصصة لحفلات الشواء البارزة. أقصد بالبارزة أن يكون عدد الضحايا مرتفعاً. وأن يضم عدداً غير قليل من النساء والأطفال. وأن يكون الشواء استهدف مسجداً أو حسينية أو كنيسة أو مدرسة أو سرادق عزاء أو تظاهرة احتجاج.
أحسد جارتنا البريئة. لا علاقة لها بإقليم اللحم المشوي. ببغداد والأنبار والفلوجة. بحلب وإدلب ويبرود. بالهرمل وبيروت وصيدا. بصنعاء والجوف وصعدة. بالقاهرة وسيناء. بطرابلس وبنغازي. بمقديشو. بجوبا.
إقليم اللحم المشوي. السلطات تعشق اللحم المشوي. تعتبره إنجازاً وطنياً وجزءاً لا يتجزأ من الخطة الخمسية. ولائم اللحم المشوي تضمن الاستقرار والسيادة والعزّة وتغلق الثغرات التي يتهيأ العدو للتسرب منها إلى النسيج الوطني المتلاحم. المقاتلون الجوالون يعشقون اللحم المشوي. طريقتهم في تحضيره تختلف عن أسلوب السلطة. يفضّلون العمليات الانتحارية. السرعة في إنجاز الوليمة. ولا يرف لهم جفن أمام تطاير الأشلاء. والأطراف المحترقة.
عشّاق اللحم المشوي لا يردعهم عن الولائم رادع. يحرقون القانون الدولي ويحتقرون الحدود الدولية. يتسلّل المقاتل الجوال إلى بلد ليس بلده ويعطي نفسه حق شي المواطنين. يشوي نفسه ويشوي الآخرين. هذا مجاهد نرويجي. وذاك مجاهد ألماني. وثالث فرنسي. وتفيد الأخبار بأن المجاهدين الوافدين من بلدان أوروبية هم الأكثر حماسة وفتكاً.
رائحة اللحم المشوي تبدأ من الكتب الدراسية والمناهج. لا مكان للآخر بيننا غير أن نمدده على الجمر. الرائحة نفسها تتصبّب من معظم الشاشات. دكاترة الكراهية يشوون عقول المشاهدين. رائحة الشواء تنبعث من مدرسة شطب الآخر. لا مكان عندنا لمن لا تطابق معه. نقتله أو يقتلنا.
أخطر ما في الأفران الجوّالة في ما كان يدعى الوطن العربي ارتفاع مخزون الحطب لديها. إننا في بدايات نزاعات طويلة. أخطر من كلام جارتنا خبر صغير: علماء إسرائيليون يستعدون لإرسال مركبة صغيرة إلى القمر في نهاية 2015. صحيح أن إسرائيل أستاذة في شواء الشعب الفلسطيني لكن الصحيح أيضاً أننا نشوي شعوبنا باقتدار فظيع. قد تصل المركبة الإسرائيلية إلى القمر قبل إنجاز البيان الوزاري في لبنان. وقبل وقف النار في سورية. وقبل أن يتذكر المالكي أن أهل الأنبار وكردستان لهم حقوقه نفسها في بلدهم. اعتذرت جارتنا سلفاً عن الدخان والرائحة. في إقليم اللحم المشوي لا يعتذر أحد لقوافل الأيتام والأرامل والثكالى والنازحين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.