الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    أمطار رعدية تعم 20 محافظة يمنية خلال الساعات القادمة.. وصدور تحذيرات مهمة    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    مليشيا الحوثي تحاول الوصول إلى مواقع حساسة.. واندلاع مواجهات عنيفة    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    الشباب يكتسح أبها.. والفتح يحبط الرائد بالدوري السعودي    بالصور: متناسيا أزمته مع الاتحاد السعودي.. بنزيما يحتفل بتأهل الريال    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    إيران تغدر بحماس وتطعنها وراء ظهرها.. صفقة إيرانية أمريكية لاجتياح رفح مقابل عدم ضرب إيران!    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الرصاص والفكر في اليمن
نشر في نشوان نيوز يوم 07 - 06 - 2014

في غزوته الجديدة، كشف تنظيم القاعدة (فرع اليمن) عورة جديدة للمنظومة الأمنية اليمنية، وخصوصاً في محافظة مثل حضرموت التي تعرف بأنها مدينة السلام، وأهلها أهل تجارة وعلم، ووجود القاعدة وتنفيذه عمليات نوعية فيها يظهر مدى تغلغله في هذه المدينة الوديعة، وخصوصاً أن تقريراً سابقاً لوزارة الداخلية ذكر أن 40 % من هجمات القاعدة، في الفترة الماضية، وقعت في حضرموت، ما يعني أن خلايا التنظيم الأكثر نشاطاً موجودة فيها.
سيظل يوم السبت، في الأسبوع الماضي، أحد أكثر الأيام مأسوية في تاريخ صراع اليمن ضد القاعدة، عندما استهدف مسلحو التنظيم سبعة مواقع عسكرية وأمنية وبنوكاً تجارية وحكومية، في مدينة سيئون في محافظة حضرموت، وهي ليست المرة الأولى التي ينفذ فيها التنظيم عمليات نوعية بهذا الحجم في هذه المحافظة. ففي العام الماضي، تمكن مسلحوه من مهاجمة قيادة المنطقة العسكرية الأولى، وتمكنوا من قتل ضباط وجنود واحتجاز آخرين، وتدمير ما قيل إنها غرفة عمليات عسكرية يمنية أميركية مشتركة، ولم تنته تلك العملية، إلا بقصف قوات الجيش اليمني مبنى القيادة، بواسطة بوارج حربية دمرت المبنى بما، ومن، فيه.
لن أقف كثيراً عند ما قامت به القاعدة ضد الجيش في حضرموت، فهذا شأنه شأن عمليات كر وفر كثيرة بين الطرفين، وفي أكثر من محافظة يمنية، لكن السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه يقول: كيف استطاع حوالي 200 مسلح من "أنصار الشريعة" (الاسم التنظيمي للقاعدة فرع اليمن)، وعلى متن 35 سيارة حديثة، حسب تقديرات محلية، من الخروج من أرض المعركة، في محافظتي شبوة وأبين، واقتحام مدينة سيئون في محافظة حضرموت، ومن ثلاثة اتجاهات مخترقة الحزام الأمني المشدد على المدينة.
للتوضيح أكثر، شبوة وابين تشكلان مع أربع محافظات أخرى (عدن، حضرموت، لحج والمهرة) الشطر الجنوبي من اليمن، ويخوض الجيش، منذ نحو شهر، حرباً مفتوحة في شبوة وأبين، قتل فيها عشرات من التنظيم، وشرد مئات منهم في الجبال والوديان، ويفرض طوقاً أمنياً قوياً حول هاتين المحافظتين، منعاً لتسرب عناصر القاعدة إلى محافظات أخرى، ينشط فيها أيضاً مثل البيضاء ومأرب وإب وحضرموت وعدن، إلا أن المفاجأة كانت وصول عشرات منهم إلى حضرموت، وتنفيذ عملية نوعية بحجم غزوة السبت، والانسحاب منها في ساعات معدودة بغنائم كبيرة (أسلحة والسطو على بنكين ومبنى البريد)، وبأقل الخسائر (15 قتيلاً)، وكأنهم أرادوا توصيل رسالة مفادها بأنه لا عاصم لكم اليوم من رجالنا.
في المقابل، نجد الجيش، ومنذ بداية عملياته ضد عناصر القاعدة، منذ حوالي الشهر، ارتفعت لديه نسبة الثقة بقدراته، خصوصاً بعد عدة عمليات استهدفته في مقتل، وفي أمكنة حيوية جداً وخطيرة (مبنى وزارة الدفاع وقيادة المنطقتين الأولى في حضرموت والرابعة في عدن)، وأثارت تلك العمليات، في الفترة القليلة الماضية، عدة استفسارات عن مدى فاعلية رجال الأمن والجيش وقدرتهم في صد هجمات إرهابية نوعية وخاطفة، كالتي ينفذها رجال أنصار الشريعة، وكانت عمليات الجيش في محافظتي شبوة وأبين ضد القاعدة بمثابة الرافعة التي اعتلت، معها وبها، معنويات الجنود، وهم ينتقمون لمئات من زملائهم الذين قضوا على يد عناصر التنظيم، وخصوصاً الثلاث السنوات الأخيرة، لكن عملية سيئون ربما تكون قلبت جزءاً كبيراً من الموازين، فهي إلى جانب أنها كشفت إلى أي مدى تخلخلت فيه المنظومة الأمنية، كشفت، أيضاَ، مدى قدرة التنظيم في الانتشار والتماهي في المجتمع، والوصول إلى مناطق حيوية محمية بسياجات أمنية قوية، وقبل هذا كله، فغزوة سيئون جعلت الجيش يصرف نظره، ولو قليلاً، نحو الشرق (حضرموت) وأعطت لعناصر التنظيم في هاتين المحافظتين استراحة محارب.
في بلد كاليمن، وفي ظل أوضاع مأسوية كالتي يعيشها من السهل أن يذوب عناصر تنظيم القاعدة بين أفراد المجتمع، ولكن، من غير المستساغ، وما لا يقبله العقل، أن يتحرك عشرات بكامل أسلحتهم، وعلى متن سيارات، ومئات الكيلومترات من شبوة إلى حضرموت، من دون أن يلحظهم أحد، أو توقفهم أي دورية عسكرية، على طول الطريق الواصل بين المحافظتين، وينفذون هجومهم الخاطف الذي استمر خمس ساعات، ثم يعودون، بسرعة البرق، محملين بغنائمهم إلى وسط جبال شبوة.
عرف اليمن تنظيم القاعدة في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وفي العقدين الماضيين، حدث بين الجيش والتنظيم جولات كر وفر، أوجع فيها كلٌ منهما الآخر. ولكن عناصر أنصار الشريعة الذين يقاتلون، بشكل خلايا عنقودية، ويتحركون، بكل حرية، في بلاد القبائل، يقاتلون عن فكر، ومن يقاتل عن فكر، من الصعب أن تقف أمامه بالرصاصة، وتطلب منه أن يغير فكره، ويعيد برمجة معتقداته، فنتائج حروب الرصاص والأفكار دوماً سلبية لكلا الطرفين، وأحياناً قد يكون هناك رجحان لكفة الأفكار، وفي التجربة اليمنية، خاض النظام السابق ستة حروب متتالية، وعبثية، ضد جماعة الحوثي في شمال البلاد، والتي تقاتل عن فكر ومعتقد، وخرج الطرفان، في نهاية المطاف، بجيش منهك، وتمدد حوثي إلى غير محافظة يمنية، بعد أن كان محصوراً في بعض قرى محافظة صعدة الشمالية.
أي تنظيم مسلح يحارب عن أفكار (مهما كانت صحيحة في نظره، وخاطئة في نظر النظام) أعتقد أنه من غير الصواب مواجهته بالسلاح، وترك العقل والمنطق والفكر جانباً، فهؤلاء تعشش في رؤوسهم أفكار تفترض، حسب معتقداتهم ورؤاهم، أنهم جند الله على الأرض، وإذا لم تواجههم الأنظمة والمنظمات والمؤسسات الاجتماعية والدينية فكرياً، فلن تكون هناك حالة سلام على الواقع، وسيستمر نزيف الدم طويلاً بين الأخوة الأعداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.