استمعت لتصريح علي عبدالله صالح أمس وهو يتحدث من فوق أنقاض منزله المقصوف، قصف الله عمره. إدمان الخيانة والنذالة يحيل المرء شيئاً فشيئاً إلى شيطان رجيم، وعلي عبدالله صالح خان شعبه وأمته وأثخن في ذلك.. وقمة البجاحة أن يظهر بعد كل ذلك متحديّاً من فوق ركام الخراب، ويتبرع بالفتات لمن شردهم في أقاصي الدنيا. لقد أخرج حروز الإمامة من قبرها العفِن، وأحياها وهي رميم، وتعهدها بالرعاية إلى أن شبّ عودها من جديد، ثم ظهر من فوق الانقاص يتبنى أفاعيه وسحاليه، الذين تبرّأ منهم زوراً، بالأمس. يشهر أخيرا تحالفه المعلوم لدى القاصي والداني، مع الإمامة، ويتحدث عن سبتمبر واكتوبر، في مفارقة يلعن بها نفسه، ويضحك بها على عقول السذج من مصدّقيه. هذا "العُكْفي" الدميم كان لثلاثة عقود، رئيساً لليمن، لقد صعد إلى أعلى منصب في البلد لكن روح "العكفي" ظلت تسكنه، وظلت العبودية تجري في دمه، ولما استوى له الأمر، عاد الى عكفيته، "مَقدميّاً" غاشماً في قطيع سيده. لا يعرف "العُكفي" سوى الخراب، ولا يطل سوى من الأنقاض، متحدياً ومتحاذقاً كعادته، لم يكن ينقصه سوى البورزان. هامش: "العُكفي" هو الاسم الذي يطلق على العسكري في نظام الكهنوت الإمامي ضمن ما كان يعرف بجيش الحُفاة. يمشي العكفي حافياً ويحمل أحذية سادته. يدمر أكواخ الضعفاء وينعق فوق الخراب. والعكفي هو المقصود بقول الزبيري: "والعسكريُّ بليد للأذى فطِنٌ .. كأن إبليس للطغيان ربّاهُ".