أكد تحليل مشترك جديد صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في اليمن، أن ما لا يقل عن 6 ملايين يمني يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وأنهم بحاجة ماسة للمساعدة الطارئة بالغذاء، والمساعدة المنقذة للحياة، إذ بيّن التحليل أن هذا الرقم يمثّل زيادة كبيرة عن الربع الأخير من العام الماضي. وأشار التحليل إلى أن "ملايين من اليمنيين الآخرين معرّضون للوقوع في دائرة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، ما سيجعلهم ينحدرون إلى (مستويات الطوارئ) ما لم يحدث تغير كبير فيما يتعلق بتوفر الغذاء والحصول عليه بأسعار يستطيع الناس العاديون تحملها"، لافتاً إلى أن الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذه المستويات، تتمثل في تقلص الغذاء والخدمات الأساسية يوماً بعد يوم. وبحسب تحليل "مؤشرات التصنيف المرحلي المتكامل"، فإنّ 10 محافظات من بين 22 محافظة في اليمن "تم تصنيفها حالياً باعتبارها تواجه حالة انعدام أمن غذائي عند مستوى "الطوارئ"، وهي محافظات صعدة وعدن وأبين وشبوة وحجة والحديدة وتعز ولحج والضالع والبيضاء، وجميعها محافظات تتأثر بالنزاع المسلح الجاري حالياً". وفي تصريحٍ خاص ل "العربي الجديد"، أوضح ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في اليمن صلاح الحاج حسن، أن مراحل الانعدام الغذائي الحاد تنقسم إلى خمس مراحل، وهي (الأدنى، والشدة، والأزمة، والطوارئ، والمجاعة)، مشيراً إلى أن أغلب المحافظات التي تعيش مواجهات مسلحة يعيش سكانها في مستويات غذائية سيئة. واعتبر أننا "نشهد تدهوراً خطيراً وحاداً في وضع الأمن الغذائي، بسبب النزاع الدائر حالياً الذي يجعل من الصعب، تقديم المساعدات الإنسانية"، لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى السكان الذين يواجهون حالة طوارئ فيما يتعلق بالأمن الغذائي، فإن هناك 6,5 ملايين شخص آخرين يصنفون باعتبارهم قد وصلوا إلى مستوى "الأزمة" فيما يخص انعدام الأمن الغذائي، وما لم يتم ضمان الوصول إلى هؤلاء السكان المتأثرين بالنزاع من أجل تقديم المساعدة الإنسانية لهم وحماية سبل معيشتهم، فسيكون هناك تدهور إضافي في الوضع على الأغلب". وأكد حسن أن بعض المناطق الملتهبة بالمعارك بصدد الوصول لمرحلة "المجاعة"، وهذا ما قد يعرض كثيراً من أهالي هذه المناطق والمحافظات لمخاطر مختلفة. وأضاف: "لقد أدى اشتداد الصراع إلى تعطل سبل المعيشة والأسواق والزراعة والأسماك والاستيراد والتصدير والنقل والأنشطة التجارية وغيرها، وهذا ما أنتج انخفاضاً شديداً في مستويات الدخل لدى السكان، ومصاعب جمّة في الحصول على الأغذية الأساسية"، مبيناً أن الأسر الأشد فقراً والنازحين داخلياً والعمّال غير المهرة والفئات المهمشة، هم الأكثر تأثراً بالنزاع. وعن سُبل إدخال المساعدات المتوقعة إلى المناطق التي تعيش مواجهات مسلحة، أشار حسن إلى أن منظومة الأمم الممتحدة تنفذ اجتماعات متتابعة لدراسة الأوضاع ووضع خطط عملية، كي يتم التدخل والدخول إلى هذه المواقع في مختلف أنحاء الجمهورية. كما شدد على أنّه "يجب أن نقوم بكل ما يمكننا فعله، وبالإمكانيات المتاحة وبالكوادر المتواجدة حالياً في اليمن"، داعياً ما وصفها ب "الجهات المعنية والمهتمة" إلى ضرورة العمل والمساعدة على تنفيذ الخطط التي تم وضعها للتدخل في مختلف المحافظات المنكوبة". إلى ذلك، ناشدت ممثلة منظمة الغذاء العالمي بورنيما كاشياب، كافة الأطراف "ضمان الوصول غير المقيّد للمساعدات الإنسانية للأشخاص في المناطق المتضررة من الحرب"، محذّرةً من أن "عدم استقرار الوضع في اليمن وعدم التوصل إلى حل سياسي، يعني استمرار الزيادة في أعداد الأشخاص الذين يكافحون لتغذية أنفسهم وأسرهم". بدوره، وفي بيان مشترك، أكد نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور مطهر العباسي، أن "اليمن يواجه حالياً مصاعب سياسية كبيرة ووضعاً صعباً فيما يتعلق بالأمن الغذائي، الأمر الذي يلحق أضراراً بعيدة المدى على حياة السكان ومعيشتهم". يُذكر أن عملية "التصنيف المرحلي المتكامل" قامت بتجميع المعلومات والبيانات المتاحة عن الأمن الغذائي في اليمن بطريقة منهجية، من أجل إعداد أفضل تقديرات ممكنة عن الوضع الغذائي الحالي، حيث تمّت هذه العملية بالمشاركة الكاملة من مجموعة العمل الفنية الوطنية للتصنيف المرحلي المتكامل، والتي تضم وكالات الأممالمتحدة، ومنظمات غير حكومية دولية والنظراء الحكوميين تحت قيادة وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
