توحد المتحاربون في اليمن -قوى الشرعية والانقلاب- في التعزية والتعبير عن الألم والخسارة الوطنية برحيل السياسي المخضرم رئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الأرياني، الذي وافاه الأجل مساء الأحد الماضي في ألمانيا. وكانت مصادر مقربة من أسرة الأرياني قد ذكرت مساء الأحد أنه توفي في مستشفى بمدينة فرانكفورت الألمانية عقب إجراء عملية جراحية، نتيجة تعرضه لجلطة دماغية في وقت سابق. الأرياني المولود في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1934 بمحافظة إب وسط البلاد، ولد لعائلة امتهنت القضاء، وهو ابن شقيق الرئيس الثاني للجمهورية بشمال اليمن قبل الوحدة القاضي عبد الرحمن الأرياني، الذي حكم في الفترة من 1967 حتى 1974. وأجمع اليمنيون على وطنية الأرياني ووحدويته ووقوفه إلى جانب بناء دولة مدنية، وكان أيد التغيير في ثورة 11 فبراير/شباط 2011، وعقب الانقلاب الحوثي واحتلال صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، انشق الأرياني عن صالح وانحاز إلى الشرعية، وساند الرئيس عبد ربه منصور هادي، واعتبر الحركة الحوثية "نبتة شيطانية". وأحدث تأييد الأرياني للشرعية ورفضه لانقلاب صالح وتحالفه مع مليشيا الحوثيين صدمة كبيرة للانقلابيين، وهو الذي عمل مع صالح لثلاثة عقود من حكمه، فشن إعلام صالح والحوثي عليه حملات تشهير واتهامات بالعمالة والخيانة. واعتبر هادي وفاة الأرياني "خسارة فادحة لليمن ولليمنيين، وبرحيله خسرت الدولة اليمنية واحدا من أعظم رجالاتها". وقال هادي في تعزية رسمية إن "يوم رحيله سيبقى من أصعب وأحزن الأيام في تاريخ اليمن وحياة اليمنيين، خاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها اليمن حاليا لاستعادة الدولة والنظام الجمهوري من مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية". كما عزى صالح في وفاة الأرياني قائلا "إنني شخصيا أشعر بأني خسرت أخا ورفيق درب، عمل معي طيلة ثلاثة عقود، فكان خير رفيق وأعز صديق، اتسم بالكفاءة والقدرة والإخلاص في أداء مسؤوليته الرسمية والتنظيمية". وبشأن انشقاقه عنه وموقفه الرافض للانقلاب وتأييده للشرعية، حاول صالح التبرير مبينا أن "ذلك الموقف ربما دُفع إليه الأرياني تحت عوامل وضغوط كثيرة كان يدركها هو". كيسنجر اليمن ووصف الكاتب والصحفي عارف أبو حاتم الراحل الأرياني بأنه "كيسنجر اليمن"، وقال إنه كان "رجلا لا يساوم في المبادئ"، وأضاف في حديث للجزيرة نت أنه "كان السياسي اليمني الوحيد الذي جابه المخلوع صالح ووقف في وجه مشاريعه". ولفت أبو حاتم إلى أنه "حين انقلب الحوثيون على القيادة الشرعية للبلاد واقتحموا المعسكرات بمساعدة صالح، برز الأرياني مصطفا بجانب الرئيس الشرعي هادي، وقال يومها حكمة خالدة "لو كانت الشرعية عصا مكسورة في غرفة لوقفت إلى جانبها". كما أشار إلى أن "الأرياني وقف ضد الحوثيين، وبعد اقتحامهم لصنعاء وصفهم بأنهم "نبتة شيطانية" جاءت من خارج التراث اليمني". من جانبه قال المحلل السياسي توفيق السامعي -في حديث للجزيرة نت- إن "الأرياني ألمح إلى تحالف صالح مع الحوثيين وأنهم من صناعته، وفي فترته الأخيرة انحاز للشعب محذرا من المخاطر المحيطة باليمن من الحركة الحوثية واستخدامها أداة من أدوات إيران الخارجية التي تعبث بها في المنطقة". وأضاف أن "الأرياني كان معجبا بثورة الشباب في 2011، وكان يتطلع إلى التغيير عبرهم، وكان يلمح بتصريحاته، وهو الخبير السياسي بالمخلوع صالح والمنطقة، إلى أن ثورة الشباب سيواجهها الكثير من الإعاقات الداخلية والخارجية".