أغلقت مركز الاقتراع للانتخابات البرلمانية البحرينية أبوابها عند الثامنة من مساء اليوم السبت 23-10-2010، في نهاية يوم انتخابي طويل أشرف عليه مراقبون في 40 دائرة و10 مراكز اقتراع، من دون تسجيل أي حوادث أمنية طيلة ساعات الاقتراع، التي استمرت منذ الثامنة صباحاً. وكانت صناديق الاقتراع للانتخابات البلدية سبق أن أغلقت عند الساعة السادسة مساء، بينما يتوقع أن يبدأ إعلان النتائج فجر يوم غد الإثنين، على أن يتولى وزير العدل والشؤون الإسلامية لاحقاً إذاعة النتائج النهائية. وقد ساهمت التقنيات الحديثة وأولها الإنترنت في إضفاء السلاسة والتنظيم والسرعة على ثالث انتخابات تشريعية وبلدية في مملكة البحرين منذ العام 2002. وسيكون لها دورها أيضاً في عملية الفرز وإعلان النتائج الأولية، بعد وقت قصير من إغلاق الصناديق للمجلس التشريعي، والمجالس البلدية. وفي إطار ذلك، سجل الإنترنت حضوره كرقيب أول في رصد أي مخالفات وضمان شفافية التصويت ونزاهته. إلا أن ناخبين في بعض الدوائر اشتكوا من "حزمه الزائد عن الحد" مما أدى إلى عدم تمكينهم من التصويت. فمع فتح باب الاقتراع في الثامنة صباحاً كانت أعداد كبيرة من الرجال والنساء يقفون في صفوف منتظمة أمام مراكز التصويت في 40 دائرة سكنية و10مراكز عامة في الطرق والمراكز التجارية وفوق جسر الملك فهد الذي يصل البحرين بالسعودية. وتتيح هذه المراكز العامة لكل ناخب الإدلاء بصوته أينما كان، حيث تقوم أجهزة كمبيوتر محمول مرتبطة بأجهزة خاصة بفحص بطاقته الانتخابية الممغنطة وإعطاء نتائج فورية عما إذا كان قد سبق وأدلى بصوته في مكان آخر، وهذا يمنع بصورة تقنية تكرار التصويت ويضع نهاية للحبر السري الذي تتبعه دول العالم الثالث، وعجز في انتخابات أفغانستان الأخيرة عن منع تكرار التصويت الذي يعتبر أبرز أدوات التزوير. ويخبر الكمبيوتر المشبوك بدائرة إنترنت انتخابية تشمل جميع مراكز الاقتراع في البحرين عن مكان دائرة الناخب السكنية التي له حق الاقتراع فيها، فيتم توزيعه على الصندوق الخاص بالمحافظة التي تتبعها تلك الدائرة. وتشمل مراكز الاقتراع العامة صناديق لجميع المحافظات، تضم كل منها صندوقين: أخضر خاص بالانتخابات البلدية وأحمر خاص بالتشريعية. ويُمنح الناخب ورقتا ترشيح خضراء وحمراء للتصويت لمرشحه المفضل في كل من المجلسين وراء ساتر، وبعد ذلك يضعهما في الصندوقين الشفافين. وتتيح التقنية الكشف عن أي ورقة ترشيح يتم تهريبها من البوابة الإلكترونية للمركز الانتخابي دون وضعها في الصندوق، حيث ينطلق صوت تحذيري مسموع لمراقبي الانتخابات الذين ينتمون إلى جماعات حقوقية محلية وللجنة القضاة. وقال رئيس لجنة مركز الانتخابات العام في جسر الملك فهد ل"العربية.نت" إنه لم تظهر أي مخالفات من أي نوع، مؤكداً حدوث إقبال كبير على المركز منذ ساعات الصباح، رغم أنه يقع على طريق سفر بين البحرين والسعودية، ولا يبعد كثيراً عن بداية الحدود السعودية. ويعزى السبب إلى أن اليوم إجازة في البحرين بسبب الانتخابات، وأن التصويت في الانتخابات البلدية متاح أيضاً للخليجيين والأجانب الذين يملكون عقارات وأراضي في البحرين وبينهم سعوديون. ويجلس في كل لجنة ثلاثة أو أربعة مراقبين من الجمعيات الحقوقية، بالإضافة إلى المرشحين المتنافسين في المجلسين أو وكلاء عنهم. الوجود النسائي كان الأكثر عدداً من الذكور في إدارة صناديق الانتخابات، حيث يقمن بعملية فحص البطاقة الانتخابية، وتسجيل عملية الإدلاء بالتصويت. وخصصت اللجان الإشرافية سيدات لفحص وجوه المنقبات ومطابقتها مع هوياتهن. وفي لجنة الرفاعة التي أدلى فيها الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، بصوته بعد نحو ساعتين من فتح باب التصويت، كانت الأمور تجري بهذه السلاسة، وقد شوهد في هذه اللجنة أعداد كبيرة من الصحافة ووسائل الإعلام الأجنبية، خصوصاً محطات التلفزة الفضائية التي مكنتها التقنيات المتوفرة في جميع المراكز الانتخابية الأربعين من البث المباشر. وقال الأمير خليفة في تصريحاته للصحفيين إن اللجنة العليا للانتخابات اتخذت كل الإجراءات التي تضفي طابع السلاسة والشفافية على الانتخابات والشفافية. وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الخارجية، إن المشاركة بكثافة في الانتخابات يمثل علامة كبيرة على شفافية الانتخابات وإيمان الناخب بقوة صوته ووصوله إلى المرشح الذي يريده، مشيراً إلى المشاركة النسائية الملحوظة. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 318668 مرشحاً موزعين على 40 دائرة لاختيار 35 ناخباً للمجلس النيابي يتنافس عليها 139 مرشحاً بينهم 8 نساء، حيث حسمت 5 مقاعد بالتزكية. ويتقدم للانتخبابات البلدية 137 مرشحاً على 39 مقعداً وحسم واحد فقط بالتزكية. ومن أهم الملاحظات ابتعاد الحضور الأمني عن الناخبين والمرشحين ووكلائهم واقتصار دوره على تأمين اللجان من الخارج. وفي لجنة العاصمة التي يتنافس فيها مرشح مستقل ضد مرشح من جمعية المنبر الإسلامي المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، لم يختلف الأمر عن غيرها من اللجان الأخرى، فيما قال رئيس اللجنة ل"العربية.نت" إنه لم تلحظ مخالفات أو تجاوزات فيما عدا مخالفة لطيفة، وهي اكتشاف الكمبيوتر أن بطاقة أحد الناخبين تخص زوجته، وبرر ذلك بالاستعجال الذي جعله يأخذها بدلاً من البطافة الانتخابية الخاصة به. ويتم في العادة تحرير محضر فوري للمخالفات. وفي بعض الدوائر السكنية اشتكى عدد من الناخبين بأن الكمبيوتر رفض قبول بطاقاتهم لعدم ملائمتها لدائرة سكنهم، وقالوا إنهم يسكنون بالفعل فيها، وكانوا قد صوتوا فيها في الانتخابات الماضية عام 2006. واعتبر بعضهم وينتمون إلى الشيعة الذين تمثلهم جمعية الوفاق الإسلامية أن ذلك مقصود، فيما يرد المسؤولون في تلك اللجان بأن أي بيانات خاطئة يرفضها الكمبيوتر وأنهم وجهوهم إلى اللجنة العامة للانتخابات لتعديل تلك البيانات، والأمر لا يستغرق وقتاً. لكن بعض كبار السن والمسنين يقولون إنهم لا يستطيعون القيام بمشوار آخر في نفس اليوم ويفضلون العودة إلى بيوتهم بدون تصويت. وكان هناك زحام ملحوظ قرب عدد من مراكز الاقتراع في المنطقة الرابعة في مدينة عيسى، وامتد الزحام إلى مناطق تبعد نحو كيلومترين. وخف الزحام قليلاً وقت الظهيرة لأن أغلب الناخبين يفضلون الإدلاء بأصواتهم صباحاً. وقالت امرأة خمسينية ل"العربية.نت" إنها ستذهب للتصويت برفقة جارتها، وبدا أنها قد حسمت خيارها. ملاحظة أخرى وهي الوجود البارز للمرشحين المستقلين ومن بينهم من كان محسوباً على تيارات دينية كالسلفية والإخوان المسلمين والشيعة، وقد دخلوا في منافسة ضد مرشحين من تلك التيارات، ففي أحد الدوائر ينافس مرشح شيعي إمامي مرشحاً شيعياً إمامياً من جمعية الوفاق. وتنص شروط الانتخاب ألا يقل عمر من يدلي بصوته عن 20 عاماً، وأن يكون مسجلاً في القوائم الانتخابية. ويجوز لمن يملكون عقارات وأراضي من الخليجيين والأجانب المشاركة بالتصويت فقط دون الترشح في المجالس البلدية، ويبلغ عدد المسجلين منهم 8150 ناخباً. وتعتبر الدائرة الأولى من المحافظة الشمالية القريبة من المعارضة الأكثر كثافة في عدد الناخبين ويبلغ عددهم 16216، فيما الأقل كثافة الدائرة السادسة في المحافظة الجنوبية وعددها 768 ناخباً. وإذا احتاج الأمر إلى عقد جولة ثانية بين بعض المرشحين بعد إعلان النتائج، فستتم في مقار البعثات الدبلوماسية البحرينية لمن يقيمون في الخارج يوم الثلاثاء القادم وفي البحرين يوم السبت القادم.