الفن والفنان حتى اللحن ذي قد كان.. يطربني.. معاهم ضاع ماكان بودي تفشل ظنوني ضاعوا كلهم...( من ديوان أبي كدره) أبو كدره يرحمه الله تعالى شاعر شعبي من حوطة محافظة لحج الغناء ... عرف بلقبه هذا منذ عهد طويل بسبب حالة فقره وبؤسه وكدحه أما اسمه فهو حمود نعمان صالح، له باع وذراع في الأدب والثقافة والفنون وبخاصة الشعبي منها. استذكرت هذا المقطع أعلاه من قصيدته الشعبية "ضاعوا كلهم" التي كتبها عام1981م، كما استذكرت الشاعر نفسه وهو يعيش في خضم سطوة وسيطرة الايديولوجيا في كل مناحي الحياة الثقافية والإعلامية والفنية في جنوب الوطن آنذاك في ظل تنافس قطبي الصراع العالمي ... ومع كل تلك الظروف التي لها في أثرها في الحد بعض الشيء من حرية الإبداع إلا بما كان يخدم " الايديولوجيا" فقد كان هناك إبداع في ظل تنافس وتسابق ونقد. وفي حالة تلك الظروف انبرى شاعرنا " أبو كدره" في نقده للأغنية شعراً وموسيقى في حين ظل الكثير من مبدعينا اهل عطاء... فلم ينقطعوا عن فنهم وابداعهم وان كان باقل الطموح لتحقيقه. فلنتصور ذلك الزمن وبوضعيته تلك ونحن نستمع دون انقطاع الى كل ماهو جديد من شدو الموسيقار احمد قاسم والفنانين الكبيرين محمد مرشد ناجي ومحمد محسن عطروش أطال الله في عمريهما ومحمد سعد عبدالله ومحمد عبده زيدي وفيصل علوي وخليل محمد خليل وحسن عطا طيب الله ثراهم وعبد الكريم توفيق وسعودي احمد صالح ومحمد سالم بن شامخ والراحل ابن حمدون وكرامة مرسال وعوض احمد وبدوي الزبير ومن الفرق الفنية فرقة الإنشاد والفنون الشعبية ، والمقام لايتسع للمزيد لذكرهم فهم كثر أما ماكان من وجهة نظر أبي كدره يرحمه الله في تلك المرحلة وفي ذلك الكلم المتواصل من العطاء والإبداع فانه ليس ما كان يطمح إليه، بل لقد خيبت ضنونه مع ما كان يتوقعه، فليس كل ما يتمنى المرء يدركه. في ذلك الزمن القريب الذي كان يرقب فيه أبو كدره أفول الإبداع وكنا نراه نحن على انه زمن الإبداع الجميل، استحضرت تلك الحالة وأنا اندب واقعنا الفني اليوم، وما آلت إليه أحواله بعد أن كنا ننتظر الأفضل والأجمل في انطلاقتنا نحو تطوير حقيقي لفنوننا وميراثنا في الموسيقى والغناء الحديث الذي يمتد إلى نحو أربعمائة عام زمن يحيى عمر، ولكننا بقينا كما يقول المثل " في محيلك سر" وليسمح لي القارئ الكريم أن انقل إليه احد صور العداء للفن أو لنقل الكراهية له من قبل احد صناع القرار في مجال الثقافة أن سئل قبل سنوات تقارب العشر عن أسباب عدم التوجيه بصرف أموال كانت مخصصة لشراء آلات موسيقية مخطط توزيعها على المحافظات من شانها تطوير الموسيقى والغناء، فما كان من ذاك المسؤال المخضرم إلا أن أجاب :" تضييع الفلوس في مهرة مالهاش داعي ؟ يكفي الفنان العود الذي (يضرب عليه) وإيقاع واحد أو اثنين مع الدف!!!" ... ولاتعليق. الساحة الفنية اليوم خالية من الريادة مع حفظ مكانة رموزها من الأحياء الذي أرجو لهم من الله الصحة والعافية والاهتمام الرسمي بصحتهم وحاجاتهم المعيشية الكريمة التي هم في أمس الحاجة لها .. وجيل المبدعين الحالي ومن بينهم أولئك الذين عاصروا أهل ( الزمن الجميل) أمثال عوض احمد، فضل كريدي ونجيب سعيد ثابت وعصام خليدي وأنور مبارك ومن الشباب من بعدهم فيصل الصلاحي ونجوان شريف ناجي وغيرهم، ومعهم شعراء الأغنية ووسائل الإعلام واخص بالذكر الإذاعة والتلفزيون المعنية بنشر إبداعاتهم والصحافة المعنية بنقد أعمالهم سلباً وإيجاباً. فهل من رجاء لانتشال هذه الحالة التي لاتسر بعد أن وصلنا إليها مكرهين ؟؟ لا ادري!!.