عندما أطلق الشاعر أبو العلاء المعري قبل أربعة عشر قرنا من الزمان صرخته المتبرمة من السياسة والسياسيين في زمانه فإنه على ما يبدو كان يقصد من غير علم وصف ماهو سائد حالياً في اليمن، إذ قال: يسوسون الأمور بغير عقل *** فيطاع أمرهم ويقال ساسة الأزمة الحالية وعلاقة أحزاب اللقاء المشترك والقوى التقليدية بها باتت اليوم معضلة المعضلات في مجتمع تتكالب عليه الأحقاد والتمزق جنوبه وشماله والواقع المرير الذي تم اكتشافه أخيراً في اليمن هو أن النخب السياسية مفقودة فمازالت أحزاب اللقاء المشترك إما دينية تؤمن بعدم تداول السلطة سلمياً وتتمسك بالمنهاج السياسي الدموي أو أحزاب بهلوانية تعتبر هذا الأزعر نيرون الصغير حميد الأحمر هو السيد المسود والزعيم الأوحد حتى الموت مع أن لا رصيد وطنياً له وكان الأحرى بأحزاب اللقاء المشترك عدم رفض دعوات حل الأزمة السياسية لأن لها تداعيات خطيرة قد تدخل اليمن في أزمة خانقة تهدد أمنه واستقراره وتضرب وحدته في الصميم وما رفضها لحل الأزمة وللمبادرة الخليجية إلا إعلان حرب على اليمن وشعبه، فقد تعمدوا خلال الأسابيع الماضية انتهاج سياسة عنيفة تعتمد على إراقة الدماء وتدمير مكتسبات الوطن في التعبير عن الرأي وتلويث الحياة الديمقراطية لليمن. إن أحزاب المشترك تدرك تماماً أن رفض المبادرة الخليجية لحل الأزمة يعني إذكاء الصراع وصب البنزين على النار وتحول الغضب الشعبي من احتقان في الأسابيع الماضية إلى صدامات نارية تعكر الأجواء وتفتح الباب أمام الأعداء ليبثوا سمومهم لإشعال فتنة لن تبقي أو تذر أحداً .. نعم لقد تعمد نيرون الصغير حميد الأحمر جرجرة قادة أحزاب المشترك للانزلاق بالوطن في منزلق جد خطير ولا يجب أخلاقياً علينا كصحافيين أو كتاب أو سياسيين التهوين منه لأن التهوين منه يترك النازيين والفاشيين من القوى التقليدية تشعل الحرب الأهلية وتسير الساحة السياسية لتمرير مخطط تمزيق الوطن وإنشاء منطقة لتصدير الثورة الخمينية من صعدة ونسخ نموذج طالباني وشيشاني في جنوب اليمن لتهديد الأمن الإقليمي والدولي ولذا فإن على حكماء وعقلاء اليمن رفض مخططات التمزق التي تستهدف الوطن وعدم السكوت عن أجواء الاحتقان التي تسود الوطن حالياً بل علينا التعاطي سريعاً مع روشته العلاج المقدمة من الإخوة الخليجيين لإنهاء هذه الأزمة التي ترددت أصداؤها خارج البلاد ورحب بها العالم. يجب الإسراع في إيقاف التظاهرات والمسيرات كونها تضر في الوقت الراهن بمصالح الوطن، ولوقف التدهور الحاصل في القطاع الاقتصادي والتعليمي والصحي فالوطن بحاجة الآن إلى جبهة قوية صلبة تتصدى للمخاطر المحيقة بالشعب اليمني أكثر من أي وقت مضى وإذا كان دعاة الفتنة يظنون أنهم قادرون على رفض المبادرة أو المماطلة لكسب الوقت لتفجير الوضع وإشعال الحرب الأهلية فنحن نقول لهم إن العقلاء في الجانبين قادرون على كشف الحقيقة والتصدي للمؤامرة ودحر المخططات الخبيثة وإطفاء نار الفتنة وتدمير نهج الفرقة ولن تجد لها أرضا في ساحة هذا الوطن مهما يصر أعداؤه على اللعب بمصيره لأن الشرفاء والوطنيين الصادقين سيواجهون هؤلاء وبكل شدة فاللعب بمصير الأوطان أمر ممقوت لن يجنى من ورائه سوى الدمار والخراب الذي يدبر بليل. وأقول أخيراً يا دعاة الفتنة كفوا عن اللعب بالنار فاليمن لديها ماهو أهم والوطن في حاجة إلى شبابه في هذه الفترة التاريخية الصعبة والخطيرة حتى لا يصبح معلقاً بين أهواء صبية ومتصابين ومتطرفين جمعتهم العمالة في شارع المعلا بعدن ومحطة صافر في تعز وحي الجامعة بصنعاء.