لا توصف الكلمات مهما تكلمنا عنها فمعها متعة اكتشاف اللغة تأخذ بعداً آخر و جرحاً آخر موجوعة من الحب و الحرب معاً، غرست أعمالها ونجاحها في قلوب محبيها..مثقلة بكل ما هو عربي، لها قلم معطاء ثري بكل كلمة فيه.. في أعماقها يقين المغامرة، و في كلماتها تحديات للحرف.. تهوى المستحيل ..لها هذيانها الخاص بها تكتب بألوان مختلفة وحروف غريبة عما تعودنا عليه في عالمنا العربي.. ودائماً ما يأتي عملها متكاملاً ..أو شبه متكامل.. لكونها تأتي إلى العمل وهي مشحونة بالمعرفة المتكئة على الموهبة التي تحدوها الرغبة في إعطاء عمل إبداعي لافت .. وهي كاتبة لامعة تحدت كبار الشعراء والأدباء.. وقيل عنها إنها نموذج مبدع لأدب البوح العاطفي الرفيع .. و تجديد للون رائع من الأدب العربي، عرفناه في (طوق الحمامة) لابن حزم و في (مصارع العشاق و أخبار المحبين). وهي من النساء العربيات النادرات، اللواتي يكتبن عن الحب دون السقوط في هاويته ومثاليته.. إنها الأديبة الرائعة والمتميزة غادة السمان..من مواليد برج العقرب، في دمشق عام 1942م ..تلقت علومها في دمشق، وتخرجت في جامعتها - قسم اللغة الإنكليزية حاملة الإجازة، وفي الجامعة الأمريكيةببيروت حاملة الماجستير. أصدرت مجموعتها القصصية الأولى «عيناك قدري» في العام 1962م واعتبرت يومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثل كوليت خوري وليلى بعلبكي، لكن غادة استمرت واستطاعت أن تقدم أدباً مختلفاً ومتميزاً خرجت به من الإطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات النسوية إلى آفاق اجتماعية ونفسية وإنسانية. كما صدر لها حوالي 40 كتاباً جميعها من منشوراتها الخاصة (منشورات غادة السمان) وترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات كالإنجليزية والفرنسية والفارسية وغيرها . وصدرت الكثير من الدراسات عنها وأعدت العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة عن أدبها. لها حضور إعلامي مميز في المشهد الثقافي يزيد على 52 ساعة تلفزيونية بين مقابلة وندوة في معظم الفضائيات العربية واللبنانية والسورية، وأكثر من ثلاثين ساعة إذاعية أيضاً موزعة بين إذاعات عربية ولبنانية وسورية، ومقابلات مقروءة في معظم الصحف والمجلات والدوريات. كتب عن أدبها أهم الأقلام العربية. تزوجت د. بشير الداعوق صاحب دار الطليعة للنشر، أسست داراً خاصة لنشر مؤلفاتها. ولها العديد من الكتب في شتى أنواع الكتابة الأدبية والإبداعية. في حقل الرواية أصدرت على التوالي: - بيروت 75، عام 1975م. - كوابيس بيروت، 1979م. - ليلة المليار، 1986م. - الرواية المستحيلة، فسيفساء دمشقية، 1997م. وفي حقل القصة القصيرة أصدرت على التوالي المجموعات التالية: - عيناك قدري، 1962م. - لا بحر في بيروت، 1963م. - ليل الغرباء، 1966م. - حب، 1973م. - غربة تحت الصفر، 1987م. - الأعماق المحتلة، 1987م. - أشهد عكس الريح، 1988م. - القمر المربح، 1994م. أما مقالاتها الأدبية الإبداعية ونصوصها الشعرية فقد نشرتها في 16 كتاباً من بينها: (أعلنت عليك الحب) و (الجسد حقيبة سفر) و (الرغيف ينبض كالقلب) و (كتابات غير ملتزمة) و(الحب من الوريد إلى الوريد) و (القبيلة تستجوب القتيلة) و (أشهد عكس الريح). وقد حظيت غادة السمان باهتمام نقدي واسع تمثل بصدور سبعة كتب عن أدبها، عدا آلاف المقالات والدراسات، ومن بين أصحاب هذه الكتب: غالي شكري وحنان عواد وشاكر النابلسي وعبد اللطيف الأرناؤوط. وغنت من كلماتها السيدة ماجدة الرومية أكثر من قصيدة.. كرمت في ملتقى الشعراء في مدينة صفاقس التونسية بدرع الصنف الأول، وبدرع وزارة الثقافة التونسية على هامش معرض كتاب الطفل في مدينة صفاقس أيضاً عام 2001م. قلدت العديد من الدروع والشهادات التقديرية في عدة أمسيات وندوات نقدية وشعرية مختلفة. عضو في لجنة التحكيم لجائزة سعاد الصباح الشعرية عام 1998م و 2000م. عضو مؤسس في حركة الشباب العربي في المركزية اللبنانية عام 2003م. مقولات غادة السمان: يكفي أن نكتب صدقنا على النحو الذي يرضي ضمائرنا الأدبية وبعدها قد يترجم العمل أو لا يترجم. فالشرط الإبداعي الأول هو الصدق الفني. - الغرب يحترمنا حين نحترم أنفسنا، قد يستغرق الأمر وقتاً أطول مثل عقدين تفصل بين صدور روايتي وترجمتها، لكن صدور رواية - معززة محترمة مكرمة محاطة بإعجاب ناشريها ومترجميها - أمر يستحق الصبر، أليست الكتابة مهنة الصبر؟ وقالت أيضاً: من الخطأ أن نضع أمامنا حين نكتب مواصفات معينة للعمل الأدبي طلباً لبركة الترجمة ولعقاً لأحذية المستشرقين، لسنا مضطرين لشتم أوطاننا ونشر غسيلنا العائلي الوسخ والوطني استجداءً للترجمة، ولا للمباهاة في كبرنا بما كنا نخجل منه في صغرنا من اجل التهريج في سيرك الغرب ونيل البركة في حقل الترجمة. مقتطفات من روائعها حزني حديقتي السرية في مغاور روحي فالحزن أعز ما تملكه الفتاة كالحرية ولن أشاطرك إياهما.. أستطيع أن أقاسمك الرغيف والكوخ .. أما الحزن والحرية فيعاقرهما قلبي وحيداً كما الموت. * * * - أميرة في قصرك الثلجي: أين أنت أيها الأحمق الغالي ؟ ضيعتني لأنك أردت امتلاكي.. ضيعت قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء... أين أنت ؟ ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي.. واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري؟ * * * - أحببتك أكثر من أي مخلوق آخر.. وأحسست بالغربة معك أكثر مما أحسستها مع أي مخلوق آخر.. معك لم أحس بالأمان ولا الألفة.. معك كان ذلك الجنون النابض الأرعن النوم المتوقد .. استسلام اللذة الذليل.. آه أين أنت؟ وما جدوى أن أعرف إن كنت سأهرب إلى الجهة الأخرى من الكرة الأرضية.. وهل أنت سعيد؟ أنا لا.. سعيدة بانتقامي منك فقط.. * * * من يجرؤ على رفع ستائر النافذة ؟ وهو يعرف أن القمر رابض خلفها .. ليوقظ أشواقه للبعيد .. ترى أين أنت الآن ؟ وهل تراه ؟! لا أريد حباً .. أريد حلماً.. لا أريد جسداً .. أريد ظلاً هل تعني لك شيئا هذه اللغة؟! أم تراك مثلهم جميعاً ستقرؤها دون أن تقرأني؟! * * * لقد تعلمت يوماً بعد آخر .. أن أتحول من امرأة عربية إلى رياح لا تسجنها القضبان، ويوم أرحل .. سأهديك جناحين لتزورني في خيمتي .. وريثما نلتقي ثانية.. لا تذكرني.. * * * في قلبي متحف لأدوات القتل التي اشتهيت مرات ومرات أن أقتلك بها .. أمشي إلى لقائك ... وأخفيها في صدري كمقبرة سرية لاتضم إلا قبوراً لك..