عندما كان يشار إلى أشكال العنف المتنوعة التي تمارس تحت لافتة (الثورة الشبابية السلمية)، كان المدافعون عن هذه السلمية المزعومة يسارعون إلى لفت الانظار نحو تعز.. ويقولون (تعز غير) ويقدمون (ساحة الحرية) أنموذجاً للثورة السلمية والسلوك الحضاري المتمدين .. وتعز هي كذلك على الدوام، لكن بعد أن طرأت عليها هذه المسماة (سلمية) لم تعد كذلك بحكم هذه الحالة الاستثنائية، فكل صور واشكال العنف ترتكب في تعز باسم الثورة الشبابية .. مسلحو (السلمية) يدمرون الآن كل شيء في تعز .. يحرقون ويقتلون .. كل شيء صار عرضة للعنف المسلح .. الشرطة، المتاجر، المحاكم، النيابات، المدارس .. كل شيء بما في ذلك القصر الجمهوري .. حتى مقر المؤتمر الشعبي العام الخاوي إلا من الزملاء الصحفيين في صحيفة (تعز) رموه قبل يومين بقذيفة (آر . بي . جي) نجا منها الزميل راسل عمر، برضا الله ودعوة الوالدين وليس بحراسة الحزب الحاكم. قال لي صديق: حسناً يا كاتب السلطان .. لكن قل بأمانة من الذي دفع المعتصمين والشباب الثوار سلمياً إلى الانتقال من طور السلمية إلى العمل المسلح .. أليست هي السلطة التي اجتاحت ساحة الحرية في تعز في ليلة ظلماء وأحرقت خيامهم وقتلت واعتقلت .. و.. وغطت فشلها امام شيوخ آل الأحمر في العاصمة بالاستئساد على الشباب المشاركين في الثورة السلمية بتعز لأنهم بنظرها ضعفاء لايملكون اسلحة ومليشيات كما هو حال اصحاب حي الحصبة؟ وفي الحقيقة إن كلاماً كهذا منتشر على نطاق واسع في تعز وفي البلاد كلها بعبارات تنم عن نزعات طائفية ومناطقية.. وقد لفت انتباه صديقي إلى ذلك، وقلت له هذا غير مجد .. على أن هذه الدعاية تسقطها ممارسات (الثورة السلمية)، أثناء اجتياح ساحة الحرية وقبل الاجتياح وبعده .. فمن قبل استخدموا العنف المسلح لاقتحام مبنى المحافظة والمكاتب التنفيذية وكذلك مؤسسات ومتاجر القطاع الخاص باسم فرض العصيان المدني .. ومن بعد هاهم يؤكدون على الكفاح المسلح لبسط نفوذهم على اجزاء من مدينة تعز بعد أن أعلنوا أن مديريات خارج المدينة صارت (محررة) .. وفي الوسط ذهبوا إلى مديرية القاهرة لاطلاق سراح سجناء متهمين بجرائم جسيمة، واخذوا معهم جنوداً (أسرى) .. هذا فضلاً عما تكشف من فضائح بعد الاجتياح .. مخازن اسلحة وسجون خاصة وتعاطي عقاقير مخدرة على نطاق واسع. في احدى القنوات الفضائية اشرت إلى شيء من هذا الذي سبق .. وبعد عودتي إلى البيت شغلني متصلون (تعزيون) لمدة ساعتين تقريباً بمكالمات يعاتبونني فيها ويسبون: (لو كنت رجال قف مع أهل محافظتك مثل رجال القبائل (الذين يدعمون اصحابهم بالحق وبالباطل!!) والثاني يعاتب: أنت ركزت على أخطاء الشباب واغفلت أخطاء هذا الزيدي عبدالله قيران .. والثالث يقول: إن بعض مشايخ تعز وبعض النواب هم الذين حرفوا ثورة الشباب من السلمية إلى العنف وهؤلاء هم من رباهم علي عبدالله صالح وولاهم علينا فلما خسروا مصالحهم صاروا أعداء له ولنا .. على أي حال كان المتصلون كثراً ومن هذا القبيل .. يعتبرون امراضهم هي العلاج.