*قرأت في الأخبار أن نادياً عربياً لكرة القدم له ذراع وباع في هذه الرياضة لم يعد يحقق انتصارات مهمة منذ سنوات ، وأن لاعبين " مهرة" ومعهم الجمهور العريض للنادي فكروا في أسباب التراجع والهزائم الرياضية ، واكتشفوا أن السبب هو " السحر" .. النادي مسحور إذن .. لذلك تعاقدوا مع أفضل قراء القرآن الكريم .. وجاء هؤلاء إلى النادي يتلون القرآن لإبطال "العمل" وإخراج " السحر" الذي كان سبباً في هبوط النادي من أعلى سلم المجد الكروي. وقرأت في كتاب أن سفينة حربية مصرية لم تعمل كما يجب إبان مقاومة الاحتلال الفرنسي فأمر الوالي مجموعة من شيوخ الأزهر بالصعود إلى السفينة وقراءة " صحيح البخاري" بنية تسيير السفينة وعندما شاع خبر هذه الكتيبة الأزهرية، تندر أحد النابهين.. وقال : إن السفينة تسير بالبخار وليس بصحيح البخاري! *وهذه الواقعة صحيحة وتكلم عنها الكاتب العبقري أحمد أمين .. أما حكاية النادي المسحور ففيها "نظر" وهي إن لم تصح، فالصحيح غيرها كثير من الوقائع والشواهد التي تؤكد سطوة الخرافات والأساطير على العقل العربي.. الذي لا يريد التحرر من آسار هذه الآفات التي عطلت قدرته على التفكير العلمي والبحث عن الأسباب الحقيقية للتخلف العربي حتى على مستوى كرة القدم. وأزعم أن لا سبيل من التحرر من هذه الخرافات والأساطير والأوهام التي يستند إليها الإنسان العربي لتفسير مشكلاته، إلا إذا قطع الصلة مع الموروث الذي يحملها ويروج لها ، والنقد الشجاع لكشف زيف هذا الموروث .. لقد أفترى المشعوذون على "الرسول محمد صلى الله عليه وسلام " وقالوا إنه أصيب بالسحر، وإنه في هذه الأثناء كان يقوم بكذا وكذا من الأفعال التي لا تصدق.. وفيها إساءة للرسول .. وقالوا إنه لم يشف من السوء إلا بعد أن تداوى.. لدى مشرك جاهلي.. وهذا لم يثبت، والثابت أنه تعامل مع أطباء . * والطريف أن المعالجين بالقرآن يحلون الآن في نفس الوظائف التي كان يشغلها الجاهلون من الكهان، والناس يذهبون إلى المعالجين بالقرآن دون أن يكلفوا أنفسهم السؤال.. رسول الله كانت تعتريه أمراض كسائر الناس ، وكان يتداوى عند " أطباء".. لماذا يتداوى عند أطباء وهو موصول بالسماء بواسطة الوحي .. ويحفظ القرآن، " وخلقه القرآن". والقرآن في هذا الزمان يتلى في كل بيت وفي كل ساحة والعمل والأسقام فيها .. فما الذي يجعل لشخص عاطل عن العمل خصوصية لكي يصبح القرآن بيده وفمه شافياً للجنون وما يسمى السحر والعمل ، وهمزات الشياطين. رجل عاطل عن العمل أعجزته الحيلة يلجأ للاسترزاق بالقرآن والمأثورات .. احدهم حفظ سوراً قصيرة وبعض المأثورات خصص إحدى غرف المنزل ل " التداوي بالقرآن" من المس والسحر والجن وهو كذاب قيل لي عنه إن رجلاً لديه ابنة شابة أصيبت بحالة نفسية ، وأحضر ابنته لصاحب " القرآن" وقام هذا الأخير بالتلاوة فلم يجد .. ثم ردد أدعية مأثورة يهدد بها الجني ليخرج منها وضرب البنت ضرباً مبرحاً ، ولم يجد ذلك .. ولما فشلت حيلته، قال للأب إن الجني قرر الخروج منها ولكن عبر ذلك المنفذ!! صاح الوالد: لا لا .. بنتي بكر.. " خلي أبوه يجلس داخلها " !