أجرى اللقاء/ أحمد حسن العقربي - تصوير : قيصر ياسين أكد السيد شاميل أوتويف القنصل العام لجمهورية روسيا الاتحادية الصديقة في عدن اهتمام بلاده الكبير للأحداث السياسية الجارية في اليمن منطلقاً من العلاقة التأريخية الوطيدة التي تربط روسيا باليمن، التي تمخضت عنها ثمرات يانعة وملموسة شملت مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والثقافي أسهمت في مساعدة اليمن على التغلب على المشاكل التنموية والشروع في البناء والتطوير وتجاوز تعقيدات البناء الإجتماعي والاقتصادي أولاً، وثانياً تمثل هذا الإهتمام أيضاً في تأييد جمهورية روسيا الإتحادية كإحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن للمبادرة الخليجية الرامية إلى تسوية الأزمة السياسية في اليمن، على أن تعالج مختلف المسائل الشائكة من خلال الحوار الأخوي بين اليمنيين أنفسهم كقوى وأحزاب سياسية ومختلف ألوان الطيف السياسي من أجل استعادة الثقة فيما بينهم وتهيئة الأجواء والعمل على استعادة الأمن والاستقرار لتمكين البلد من التوجه نحو التنمية وبناء الدولة الحديثة الديمقراطية دولة المؤسسات والنظام والقانون والمساواة في الحقوق والواجبات في ربوع كل اليمن. وأشاد القنصل العام الروسي في عدن في أول لقاء صحفي له -كان لصحيفة (14 أكتوبر) في عدن السبق فيه - بتنفيذ المرحلة الأولى للمبادرة الخليجية التي تمثلت إجراءاتها في تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الرئيس/ عبدربه منصور هادي رئيساً جديداً للجمهورية اليمنية، مبدياً استعداد بلاده للتعاون مع جميع القوى السياسية في اليمن في التهيئة والتحضير لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني للم شمل اليمنيين ومناقشة مختلف القضايا الشائكة ووضع الحلول والمعالجات السياسية الصائبة بروح من التسامح والأفق السياسي المسؤول.. ووضع مصلحة اليمن فوق كل الاعتبارات دون أي تدخل في الشؤون الداخلية . كما جدد السيد شاميل استعداد بلاده لاستعادة الروابط واستئناف مجالات التعاون بين البلدين الصديقين التي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية ركوداً لم يساعد على تفعيلها من أجل مصلحة الشعبين اللذين تربطهما علاقات تأريخية ووطيدة ومتينة تمثلت في تنفيذ عدد من المشاريع الإستراتيجية التنموية والحيوية وتلبية الاحتياجات الضرورية للتنمية وفي مقدمة تلك المشاريع رمز الصداقة بين الشعبين كالمحطة الكهروحرارية في الحسوة والمشاريع اليمنية السوفييتية في المجال الزراعي وتأهيل البنية التحتية له أو في مجال التعاون العلمي والأكاديمي الواسع بين جامعة عدن والجامعات اليمنية من جهة والجامعات السوفيتية والتي تمخضت ثمارها في تأهيل الكادر اليمني في الجامعات الروسية ,فضلاً عن المجالات الصحية التي تمثلت في بناء روسيا مستشفى الصداقة ( مستشفى الوحدة للأمومة والطفولة في مدينة الشيخ عثمان) بالتمويل الروسي , فضلاً عن مجالات القطاع السمكي الذي تمثل في تنفيذ أهم المشاريع السمكية في عدن من قبل الأصدقاء الروس وهو إنشاء ميناء الاصطياد في حجيف بالتواهي ، كذلك المجمع السمكي الذي شمل مباني المؤسسات السمكية والورش الفنية . وفي هذا الصدد أثنى القنصل العام لروسيا الإتحادية في عدن على نتائج لقاء السفير الروسي بالأخ / وحيد علي رشيد محافظ عدن الذي من وجهة نظره سيفتح آفاقاً رحبة ، واستعادة واستئناف مختلف مجالات التعاون التي ستسهم في تأمين وتطوير محافظة عدن كما أثنى القنصل الروسي أيضاً بلقائه مع الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن الذي أثمر على استعادة الروابط ومجالات التعاون العلمي والأكاديمي المشترك بين جامعة عدن والجامعات الروسية بما يخدم تأهيل كوادر الجامعة من طلاب الجامعة وأساتذتها لتهيئتهم لتنفيذ الخطط التنموية على طريق بناء اليمن الحديث، اليمن المستقر والآمن ومن أجل ترسيخ الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات والقانون الذي تعم فيه المساواة في الحقوق والواجبات بين كل أبناء الوطن الواحد .. وفيما يلي النص الكامل للقاء الأول للقنصل العام لروسيا الإتحادية في عدن . - زرتم رئاسة جامعة عدن .. ماهي أوجه التعاون المستقبلي التي تتمنون إقامتها أو إعادتها فيما بينكم ؟ -- سمعنا أثناء لقائنا مع الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن أنه ما زال عند الشباب اليمنيين بصورة عامة والمحافظات الجنوبية بصورة خاصة النية الكبيرة لمواصلة الدراسة والتعليم في جامعات جمهورية روسيا الإتحادية , وأشار رئيس الجامعة أيضاً في هذا اللقاء إلى أنه قد ساد فتور خلال السنوات الأخيرة الماضية في التعاون العلمي والثقافي بين البلدين , وبهذا الصدد فقد وجدت النية والرغبة المشتركة في هذا اللقاء لاستعادة الروابط المفقودة في المجالات الآنفة الذكر مشيراً الى أن الجانبين قد ركزا في هذا اللقاء على الأولويات في مهام التعاون المستقبلية التي يأتي في مقدمتها فتح قسم لتعليم اللغة الروسية إلى جانب إعادة تبادل الزيارات والخبرات للدكاترة من جامعة عدن وجامعة سانت بطرسبورج الروسية إلى جانب إرسال الكتب العلمية والأدبية باللغة الروسية من روسيا إلى عدن بالإضافة إلى أنه قد نوقشت خلال هذا اللقاء مسألة بذل الجهود المشتركة من قبل القنصلية الروسية في عدن والخريجين اليمنيين من الجامعات الروسية ،وجامعات الدول المستقلة لإصدار المجلات والصحف كما أبدى مدراء دوائر جامعة عدن من خريجي الجامعات الروسية الذين شاركوا في هذا اللقاء اهتمامهم الكبير لاستئناف واستعادة نشاط دار الصداقة الروسية اليمنية التي كانت موجودة سابقاً في عدن، وامتداداً لما دار في اللقاء بيني والدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن بحثنا أمكانية التعاون الطبي وإمكانية وصول البعثات الطبية الروسية إلى عدن لإجراء العمليات الجراحية في مجال جراحة العيون وغيرها من التخصصات باعتبار أن لروسيا تجربة غنية في هذا المجال . - بما أنكم تدركون أن روسيا إحدى الدول الراعية لقرار مجلس الأمن رقم (2014) فما هي من وجهة نظركم الأسس التي يمكن أن يرتكز عليها انتقال السلطة في اليمن؟ -- قبل كل شيء روسيا كبلد صديق لليمن وللشعب اليمني تهتم اهتماماً كبيراً بالأحداث السياسية الجارية في اليمن ومسار الأزمة السياسية في هذا البلد الصديق ولذلك فروسيا هي ضمن الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن أيدت المبادرة الخليجية وأليتها المزمنة الرامية إلى تسوية الأزمة السياسية في اليمن , ونحن نعرف جيداً أنه قد تم تنفيذ المرحلة الأولى للمبادرة الخليجية ومن أهم إجراءات هذه المرحلة تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الرئيس الجديد لليمن الرئيس/ عبدربه منصور هادي خلال الفترة الانتقالية لمدة سنتين ولذلك فروسيا لها دور فاعل في تنفيذ المبادرة الخليجية من خلال جهود الوساطة التي تبذلها تجاه القوى والأحزاب السياسية للتحضير للإجراءات الخاصة بعقد مؤتمر الحوار الوطني .. وبهذا الصدد فنحن على استعداد للتعاون مع جميع القوى السياسية في اليمن وروسيا ترى أن الظروف حالياً مواتية بعد أن لمست الخطوات الإيجابية المتخذة من قبل حكومة الوفاق الوطني وكذلك السيد الرئيس/ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية من أجل تنفيذ آليات المبادرة .. كما أننا نتمنى للشعب اليمني أن يكون له السبق من أجل توحيد جهود كل الأحزاب والقوى الوطنية والشبابية للوصول الى حل سياسي وسلمي للأزمة السياسية في إطار بناء دولة حديثة وديمقراطية الذي يعيش فيها الشمال والجنوب على أساس العدالة والحقوق المتساوية ، وكموقف مبدئي روسيا ضد أي تدخل خارجي من أجل حل أية مشاكل وبجهود اليمنيين أنفسهم هم المعنيون وبجهودهم يمكن حلها وهذا هو موقفنا المبدئي . - كيف يمكن أن تصوروا لنا مجالات التعاون بين اليمن وروسيا في المستقبل؟ -- لروسيا تجربة في هذا التعاون وهي تجربة متميزة وعميقة مع اليمن جنوباً وشمالاً .. فنحن ننظر إلى هذه المسألة بالتفاؤل ,, وفي هذا الصدد لا بد من التعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة بين البلدين الصديقين و اختيار أفضل السبل لمجالات التعاون وعلى وجه الخصوص في مجال تهيئة وتأهيل الكوادر في المجال العسكري التكنيكي لتعزيز الروابط في هذا المجال التقليدي وإذا أردنا أن نضرب أمثلة لهذا التعاون في جنوب اليمن فهناك إمكانية للتعاون من قبل روسيا في المنطقة الصناعية بالمنطقة الحرة بعدن ،ومصانع الأسماك، وميناء الاصطياد السمكي في حجيف بالتواهي كما أن هناك إمكانية للتعاون أيضاُ في مجال تحديث محطة الحسوة الكهروحرارية وهي من المشاريع الإستراتيجية. - ماذا يمكن أن تقدم القنصلية العامة لروسيا الإتحادية بوجودكم لخريجي روسيا والدول المستقلة؟ -- يمكننا القول إنه إذا ما عملنا مقارنة بين خريجي روسيا من الدول الصديقة فأن الأعداد الكبيرة منها سنجد أن اليمن حظيت بها في عهد الإتحاد السوفيتي السابق إذ أنه قد بلغ عدد الخريجين اليمنيين من الجامعات الروسية كما سبق وأن أشرنا أكثر من (30 ألف) خريج حوالي (20 ألفا) منهم حسب معلوماتي من المحافظات الجنوبية خصوصاً وأننا نعرف أنه قد تكونت في جنوب اليمن جمعية خريجي الدول التي كانت تنضوي في إطار الإتحاد السوفييتي سابقاً، ونحن كقنصلية عامة في عدن نريد أن نعمل معهم، ونبحث عن آفاق جديدة ونؤمن إمكانية قيام إطار عام لبحث الأمور الخاصة بالمساهمة في القطاعات المختلفة لمصلحة الشعب اليمني وتطوير اقتصاد اليمن وتعزيز الروابط بين الشعبين. - ماذا تريدون أن تقولوا في نهاية هذه المقابلة ؟ وماذا عن انطباعاتكم عن عدن ؟ -- طبعاً نحب أن نشيرهنا الى اللقاء الذي أجريناه انا وسعادة السفير سيرجي كوزلوف مع السيد وحيد علي رشيد محافظ عدن حيث توفرت لسعادة السفير الروسي انطباعات عميقة عن المشاكل التي تعانيها عدن جراء الأزمة السياسية التي عمت البلاد بأكملها، إذ أطلع سعادة السفير من السيد محافظ عدن وحيد علي رشيد على القضايا والمسائل المعقدة التي تعيشها عدن هذه الأيام والفترة القليلة الماضية جراء الإعتصامات وإضرابات الموظفين المطالبين بالحقوق وتوفير الخدمات الحياتية الضرورية وصعوبة التمويل إلى جانب إضرابات الموظفين المطالبين بزيادة رواتبهم، وقد لمسنا في هذا اللقاء مع السيد محافظ عدن ضرورة السعي لإيجاد وسائل جدية لحل مجمل تلك المشاكل التي تعاني منها المحافظة , وفي هذا الصدد تعرفنا على جهود المحافظ ونزوله الميداني بمعية رؤساء المؤسسات والمواطنين في جميع مديريات محافظة عدن للاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم والمشاركة باقتراحاتهم لمعالجة ما يعانونه , ولذلك فنحن والسفير اُعجبنا بهذا الأسلوب الحديث الذي ينهجه محافظ محافظة عدن الجديد الذي من خلاله ستتوفر وستوضع الحلول الجادة والواقعية لمعالجة مشاكل المواطنين ومعاناتهم ونحن في هذا الخصوص نرى من وجهة نظرنا أنه لابد من التركيز في هذه الفترة على تهدئة الأوضاع , فهناك الكثير من الأوضاع المأساوية والمشاكل المتعلقة بالنازحين أو اللاجئين من محافظة أبين بسبب الأحداث التي تشهدها هذه المحافظة وهم الآن يتواجدون في عدن وهذا يعني المزيد من الصعوبات والضغط على المؤسسات نتيجة للأحداث والأزمة الراهنة ومترتباتها السلبية والإنسانية في بعض المناطق الجنوبية، ولذلك لا بد من استعادة الأمن والاستقرار من أجل تحقيق جميع المسائل الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية للمواطنين.. أما مدينة عدن فهي من أجمل مدن الشرق وتحظى بمكانة إستراتيجية وتاريخية هامه عرفت عبر التاريخ ويجب الحفاظ عليها وتطويرها، وهذه مسألة تقع بأيدي اليمنيين أولاً ثم الأشقاء والأصدقاء وروسيا في الوقت نفسه لن تألو جهدا في المساعدة على تطوير هذه المدينة الجميلة التي لا تزال تعد أحد الموانئ المهمة للعالم التي تربط الشرق بالغرب والعكس.