عدن مدينة الثقافة والفنون كتب لها الشعراء أجمل القصائد وغنى لها الفنانون أجمل الألحان، ولها تاريخها الحافل الذي عاشته قلاع وأبراج حجرية وفوق كل جبل موقع تاريخي هام. صراع ضار لا يبعث الهدوء في أوصال الأماكن حول صخورها إلى جدران سميكة وحول معادنها إلى مدافع وبارود. وعدن عاصمة لها تاريخها البطولي المميز وقلعة صيرة شهدت بطولة أبناء عدن، هذه القلعة التي تضلل العدو وترهب الصديق قبل أن تحمي صاحب المكان ومنطقة كريتر رغم الامتداد العمراني فيها إلا أنها انبعاث حقيقي للتقاليد التاريخية التي كانت تكون المدن من وحدة نووية تجذب إليها بقية العناصر، بوابة السوق تأخذك إلى عالم خيالي بالغ الواقعية، حركة البيع والشراء وحركة الناس اليومية تكمل ملامح الأسطورة أقواس وإبهاء وممرات وساحات مفتوحة للشمس. باعة يفترشون الأرض يبيعون الملابس والتحف والفل والياسمين والمشموم والعطور ورائحة العود والبخور تفوح من المحلات التجارية، مدينة عدن التي تحيطها الجبال والبحار، كتب عنها الشاعر اليمني عبدالرحمن السقاف في قصائده . (هاجس) تطير الفراشات همساً ويدنو من القلب ينبوع ورد وكالحلم غصن من الماء مال لعينين أحلى من الشهد صلي وشبق الموال (زمن) إلى حين تتلو مقاهي الصباح القصيدة وتمشي إلى بهجة الغش مثلي جميع الشوارع وحتى تفوح بحيرات ورد صبايا (عدن) واشتم في الحلم رمل (الجزيرة) وحنا (بيت الفقيه) على كف ومطى وفي القلب نبضاً: خطانا ستبقى حكايا تدك حواري الوهن (سؤال) هبيني تصورت شكلاً جديداً لنبض الهديل وفتحت فيه سماوات روحي وأشعلت في عتمة المفردات الصهيد هبيني اهتديت للحن حوى في غموض الندى عالماً هبيني افترضت عناء لكي تدخلي سأب قيثارتي وكي تصعدي هاجساً تسامى عن اللغو حتى اختزل ضجيج السماوات والأرض في قطرتين إلا تستقر العيون الكليلة هموم النخيل؟ (بوصلة) إذا غام لحني وورد الطفولة عن صوتي غاب وضيعت باباً إلى النهر يفضي وكان طريقي إليه ضباب لعينيك ألقي لي نهر عينك مليون باب (بوح) تبوح العبارات بي وسر اشتياقي لعينيك فاح ولم تبق لي في حكايا الهوى وردة لم تقلها الرياح الشعر رسالة مفتوحة تعالج قضايا الوطن قدم شعراء عدن أجمل القصائد الوطنية والاجتماعية وهذه القصائد تحمل مضموناً وغاية نبيلة تحمل كل هموم وقضايا الإنسان من الجمالية والذوقية إلى الفكرية والفلسفة وعلى رأسها التعبير عن قضايا الوطن وهموم الإنسان بحرية دون قيد شرط أن تكون رسالة الثقافة تتماشى والقيم المحلية للمجتمع ولا تجعل في مضامينها الخراب والفساد وتخريب الذوق والذائقة فالفن رسالة بناء وتصويب وتاريخ وهي تعمل على بناء إنسان سوي متكامل من أسلوبه في الحياة مع الناس والبيت وما يمكن ان ينعكس من خلاله على الآخرين في حديثه وملبسه ومركوبه وما يمكن ان يؤثر به في عامة الناس من سلوك حميد. الثقافة والشعر رسالة من كلمات تصويرية تتجسد في أعماق الشاعر فينقلها من خلال أجمل الأبيات الشعرية إلى الآخرين فيراه لناس جميلاً ويقدرون مصداقية هذا الشاعر: يقول الشاعر اليمني سعيد البطاطي في قصيدته (يشتعل الورد بالدم): على جمرتين تكورتا في الضلوع ذهابهما العشق، وانفلق البحر انتفض النهر صار رصاصاً وجمراً على جمرتين تكورتا في الضلوع على وردتين لا فرق قال الذي يعرف اللو قال الذي يعرف الفرق فرق بين الفرق وبين التلاقي خدود من الخد اخدود هو الجمر هو الورد احمر تمر عراقي وماء، دماء على الراحتين هو الورد والحمر ينمو على قبضتين وبينهما الشوك والشوق والورد ينمو والحمر يعلو على القدمين يشتعل الورد بالدم نور هو الورد والنور يأتي من النار وبينهما الشوك والشوق والورد يعلو على الراحتين وهكذا نجد شعراء عدن تغنوا بالطبيعة وجمال الشواطئ الذهبية فالشعر عند شعراء عدن رسالة إبداعية ومجال حقيقي لجمال الطبيعة وجمال اللغة والتراث والحضارة وينضج وعيها بحقيقة وجودها، وإيمان أبنائها بالحرية والمساواة وكرامة الإنسان .