أو هكذا فطمتنا التجربة نحن العراقيين متفردون دول ..لا نعرف البوح أو الهمس بالحزن أو الحب.. ولا نعرف مناطق وسط أو تخوماً بل حديون حتى التخمة والافراط ..فحبنا حد الموت (أموت عليك) وكرهنا حد الموت (اكرهه موت).. هكذا إذن.. لا نعرف..أو لم نتعلم..أو لم نتقن أبجدية الاعتدال..أو ما يسمونها دبلوماسية العلاقات.. ونكره شعرة معاوية..لا أدري ألكهرنا لمعاوية سالب الخلافة ومبتدع الوراثة في الخلافة..أم لأنه طاغية ونحن بالوراثة نكره الطغاة..فتاريخنا حافل بالطغاة.. يقولون الطغاة أبناء أرامل..دققت في هذا..وتيقنت..فلم أجد طاغية حكم وابوه على قيد الحياة.. إنه تعويض الحب..كما يقول ماركيز المهم..نحن متفردون..والطغاة متفردون.. ولكن..شتان بين هذا التفرد وذاك. فهم متفردون في بطشهم..ونحن في أحزاننا يا ترى لماذا يطربنا الحزن سألت جدتي مرة(انتقلت إلى الرفيق الأعلى وأنا أقتات على غربتي..قبل موتها طلبتني ولم أجب..لأني في ( دورة تأهيل غريبة من نوعها) سميتها دورة فنون الغربة سألتها..لماذا حتى الهدهدة مغمسة بالحزن فأجابت..ومتى خرجنا يا بني حتى نعرف الفرح الحزن زادنا من سنين..والإنسان يولد وهو يبكي.. وخاطبت نفسي..لا أظنه غير العراقي.. نعم نحن متفردون.. اليوم..أصدقاء حد تهشم الخصوصيات وغداً..أعداء حد القتل والبطش.. نعم..هكذا نحن..وبدون تجميل الصورة.. فالبعض يتأمل البرواز وينسى الصورة ويظننا غير ذلك..ولكننا نحن كذلك!! أن لم تصدقوا..دعونا نراجع كل قائمة أصدقائه أو رفاقه أو حتى أحبابه.. قطعاً سيلاحظ.. نقاط الالتقاء كثيرة..ونقاط الابتعاد قليلة ولكن : لأننا حديون حتى النخاع.. ولأننا عاطفيون حتى القاع .. فان لغة التحاور والحوار لا نعرضها أو لا نستسيغها لا بل لا نهضمها وأننا لا نعرف لغة الاختلاف لا نعرف كيف نختلف وبعدها نأتلف .. حديون حد السيف وأحكامنا لا يقطعها السيف. هكذا .. تربينا.. من يشاهدنا يظن أن لا جفاء وكل الحدود حتى أضيقها بيننا مهشمة ولكن ما أن دخلنا في أول درجة من درجات سلم الاختلاف وهو صحة إلا وتراشقنا بأرذل مفردات اللغة .. ونسينا كل خصوصيات المعرفة السابقة وضحكات وهزار الأمس انقلبت عيوباً لا بل فرص ذم ونهر نستل منه أقذع الشتائم وأفظع التهم فكذبة الأمس البيضاء تغدو تهمة صفراء. لماذا هكذا نحن ؟..لأننا هكذا نحن .. قد ينطلق صوت يرفع للاعتراض راية ويصيح أن التشاؤم في حديثك صار غاية وأجيبه تمهل وانظر إلى الوراء بتأمل فماذا ترى؟ لا أعتقد أنك ستختلف معي في العام وقد لا نختلف حتى في الخاص ولا تيأس فها نحن لم نختلف ولكن في الاتفاق على السلب الكامن فينا. هكذا نحن في الوطن أو في منافي الغربة لا بل في المنافي ازددنا شراسة في الاختلاف بعد مواقف الائتلاف .