- عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلكلور اللحجي الغنائي ما قبل القمندان
شيخ الملحنين الراحل محمد سعد الصنعاني في الذكرى الحادية والعشرين لرحيله نقتطف باقة من ذكرياته في حديث له عن :
نشر في 14 أكتوبر يوم 25 - 06 - 2012

لكل منطقة أهازيجها وأغانيها ورقصاتها وهذا بمجمله يشكل فلكلورا شعبيا، وللحج فلكلور خاص بها قبل أن يتشكل التخت الغنائي اللحجي الذي أسسه الفنان الكبير أحمد فضل القمندان، إذ شهدت لحج نهضة فنية على يده ما كان لها أنْ تكون لولا هذه القاعدة الشعبية من الألحان، والإيقاعات والرقصات في حين قد جاءنا اللون الصنعاني واللون اليافعي من الغناء وكانا منتشرين قبل ظهور اللون اللحجي بكيانه الحالي.
كانت المخادر قبل كل هذا، تعتمد في حفلاتها على شخص اسمه "دهاش" يقيم له أهل العرس منبراً مصنوعاً من علب الجاز الكبيرة ويجلس عليها ومعه (الحاكي حقه) آلة القمبوس أو قفشة يشحنه بواسطة هندل ويضع عليه اسطوانات الفنانة المصرية منيرة المهدية وأغاني السفطي، ولأن معظم الحاضرين من العامة لا يعرفون معاني بعض كلماتها يقوم هو بدور المترجم باللهجة اللحجية الدارجة.
وشكل ظهور الفنان فضل ما طر عام 1895م بألحانه وغنائه إضافة جديدة ومتميزة وهي أغنية "يا طير كف النياح" و"يا مرحبا بالهاشمي" هاتان الأغنيتان نسج كثير من الشعراء عوارض على ألحانها وحفظها العامة وغنوها صغيرهم وكبيرهم حين ظهرت في العام 1898م وكانت تغنى من دون آلات وترية.
ومن الألحان الفلكلورية السائدة آنذاك "روحنا من السعدية بلا سيف ولا جنبية" و"يا بو زيد" و"صفا الجابري"، و"كل ما جيت شوفك جيت والباب مردود".
ثم أتى الفنان فضل ماطر بلحن "من بعد الصفا" وأتت الفنانة والشاعرة والدتي سلمى بنت درينة بلحن "أمان سيدي أمان" غناه الفنان سعد صالح عبدالله وسجله على اسطوانات جعفر فون عام 1901م.
لقد بدأ الغناء اللحجي بتموجات الدان والتموجات الصوتية ويستند إلى اللهجة الدارجة ومعه ملازمة رقصات الركلة والناشرية، ويتميز عن الألوان الغنائية اليمنية بإيقاعاته المتعددة ولكل إيقاع رقصة خاصة به منها خاصة بالرجال منفردين وأخرى للنساء منفردات وبعضها يجمع الجنسين معا.
وتوالت ألحان الفنان فضل ماطر الذي أضاف إلى جملة ما أورث لحن "ليس الشجن يا خاطري، با يصلح الله كل شأن" ولحن "صابر على عهدي واموت"، ثم جانا "البدر" من منطقة العوالق العليا والسفلى بأغاني بدوية وشرح وأغاني "الهوب"، ثمّ ظهر آخر لحن غناه الفنان سعد عبدالله "حنو ونوحوا معي يا أهل الغرام".
على تلك الألحان جملة نسج قصائدهم شعراء من الأمراء ومن العامة مثل الشاعر عوض المغلس والد الشاعر علي عوض المغلس و"باهدى" والأخير له ذكر في قصيدة للقمندان، حين كان القمندان يتجول في البساتين رأى امرأة جميلة تلتقط حبات قلادتها التي انفرطت ونطلق عليها مسمى "المرية" فقال القمندان مخاطبا باهدى :
يا با هدى با با أسألك *** من اللي نظرته عصرية"
فرد الشاعر با هدى عليه مجيبا :
"بيده مصر أحمر *** لقط به حبوب المرية"
والمصر باللهجة الدارجة "المنديل" ذلك المشهد كان له صدى في قصيدة الشاعر أحمد علي النصري "ريح الصباح" التي غناها الفنان عبدالكريم توفيق يقول مطلعها :
"ريح الصباح *** با با أسألك من ذي نظرته عصرية
عليه نظر أحور *** حرمني النوم حتى الصبحية
يا بوي أنا من قوامه *** يا بوي أنا ما أحلى ابتسامه "
مصر : منديل ، المرية : القلادة
ثمّ ظهر شعراء جدد مثل مسرور صالح.
وتعلم بعض الفنانين العزف على آلة العود من بعض المعلمين الآتين من الخارج كالأتراك والمطربين القادمين من صنعاء.
ومنهم الفنان سعيد بن درينة وهو خالي الذي أجاد العزف على العود، كما كان أول عازف على آلة السمسمية المجلوبة من "ينبع" وكان يمتاز بصوت جميل ويجيد اللون الغنائي الصنعاني واليافعي والموزعي واللحجي لذا اختصه السلطان علي بن أحمد الذي كان يعشق الفن والطرب حيث كان يحيي الحفلات في "المعزوب" و"المجالس" و"المخادر" وتلك الحفلات التي تقام في حارة دار عبدالله وعلى يد درينة تتلمذ وتعلم منه العزف هادي سبيت النوبي.
والسلطان علي بن أحمد هو والد آخر سلاطين لحج السلطان فضل بن علي، والسلطان علي بن أحمد قد قتل برصاص الإنجليز في عام 1916م وهو يتجول ليلا على فرسه متفقدا المنطقة، وقيل أو زعم الإنجليز أنّ قتله كان بالخطأ؛ لأنهم ظنوا أنه أحد القادة الأتراك آنذاك.
ثم توفي الفنان سعيد بن درينة الذي كان يحيي الحفلات فواصل مشواره الفنان سبيت النوبي والذي يعتقد الناس أنه والد الشاعر والملحن عبدالله هادي سبيت بيده أنه "حمق".
وقام بإحياء حفلات الزواج التي كانت تمتد لمدة ثماني ليال وأيام حيث يطرب المطرب وينقطوا الفلوس له حتى آخر ليلة حيث جرت العادة أن يقوم العريس بالرقص على أ غنية مخصصة له هي أغنية "يا غصن من عقيان" حينها تنثر النقود على الفنان من الحاضرين وخصوصا أهل العريس.
توالى ظهور الفنانين وذاع صيتهم مثل المطرب صالح الظاهري، والفنان الطميري، وصالح عيسى وسعد عبدالله اللحجي، والفنان "أحمد قاسم" والد الفنان "أنور أحمد قاسم" وقد تميز الفنان صالح عيسى بأنه جمع موهبة الغناء، بالإضافة إلى العزف على العود وعلى آلة "الترامبيت" وهي آلة غربية يعزفه باعتباره أحد أعضاء الفرقة النحاسية التابعة لجيش السلطنة. كما امتاز بعزف البشارف "لأنه كان لديه بعض الإلمام بالنوتة الموسيقية وهي قطع موسيقية تركية كانت الأسرة الحاكمة تجلبها من الخارج وكان فنانا عوادا من الدرجة الأولى ومتميزاً بصوت رخيم وعلى يديه تتلمذت وتعلمت فن العزف على العود والكمنجة وله يعود الفضل في إظهاري كفنان.
أما إذا تطرقنا والحديث عن مسيرة الفن ما قبل القمندان فلابد أنْ نقف أمام فنان قدير حاز إعجاب الناس سواء في لحج أو الشيخ عثمان ومناطق عدن وهو الفنان سعد عبدالله اللحجي، فالكل يروم إليه لما يتمتع به من قدرات فنية وهو الفنان الذي تأثرت به كثير منذ صغري حين بدأ هاجس الفني يشغلني فكنت اقتفي أثره أينما توجه.
ومن الأغاني التي كانت لها رواج آنذاك كان سعد عبدالله ووفقا لطلب الناس يغني بالإضافة إلى اللون الصنعاني واليافعي أغنية "يا ساهر الليل متى با تغيب" وهي للفنان فضل ماطر، وكذا أغنيتا "خلاك يا زين خلاك" و"ذكرتني يا المعنى" كانت عزف بالمقام نفسه، ولكن الاختلاف كان في الشعر أي الكلمات، ومنها قصير الترجيع، وطويل الترجيع.
وبالعودة إلى ذي بدء، أي قبل ظهور تلك الألحان والأغاني والمطربين. تكاد تكون الحفلات على مدار شهور السنة تتوالى في المنطقة المزدهرة بمواسم زيارات أولياء الله الصالحين مثل سفيان بن عبدالله، ومزاحم، وعمر بن علي في الوهط وولي الله الصالح عبدالله بن حسن، كما كانت تقام حفلات موسمية أخرى تقام في لحج حفلات تخصصية خاصة بالبنات في منطقة الرباط كل ثاني يوم من العيد يمنع فيها حضور النساء المتزوجات، ولهذه الحفلات رقصاتها وإيقاعاتها التي كان يؤديها المجاذيب وكذا رقصات البرع والطاسة أثناء حفلات الزواج، مثلما توجد إيقاعات لرقصات الزار والمكونة من سبعة من الطبول ومنها "الماما"، وللبيارق ثلاثة إيقاعات لكل إيقاع رقصة خاصة به، وكان الدمندم شائعا في لحج والميحة أي الشرح، الذي طوره القمندان في لحن أغنية "ليتني وا حبيبي" وهناك إيقاعات ورقصات جاءتنا من الديس والمكلا، فالشبوانية عادة حفلة تقام في آخر أربعاء من صفر كل عام حيث يتجمع الحضارم ولهم حارة خاصة بهم في لحج بجانب مسجد الجامع الكبير لإحياء حفلة الشبوانية.
أما الزفين أو المركح فقد جاءنا من الغرفة بحضرموت والشرح من البدو. فآل باكارم الذين يزورون لحج أيام السيد علوي الجفري كانوا عقب فض خصوماتهم لدى السلطان يقيمون الحفلات حيث يصطفون في صفين متقابلين يحتل ضارب الطبل الصدارة، بينما جاءنا المركح الساحلي من حضرموت، والليوه من أفريقيا، وكذلك "الطمبرة"، كذلك الإيقاع المكلاوي كان قريبا من إيقاع رقصة الشدة اللحجية، الذي جاءنا من حضرموت.
كانت لحج زاخرة بالفن بكافة أنواعه وكان الدان هو دلالته ولعلنا هنا نتذكر قول الشاعر أحمد فضل القمندان في إحدى المخادر حين كان الفنان هادي سعد خال الفنان عبدالكريم توفيق يغني أغنية صنعانية، خاطبه القمندان : غني يا هادي نشيد أهل الوطن، غني صوت الدان ما علينا وغناء صنعاء اليمن".
والدان دلالة غنائنا اللحجي ورمزه فقد كان شائعا آنذاك وهو متعدد الظهور والأنواع فهناك النوع الأول غناه الفنان "ثابت عانتين" وسجله على أسطوانة "جعفر فون في أغنية "با عبدك وسط قلبي يا جبح نوب".
ثم النوع الثاني يغنونه الجمالة وفيه تطويل على البحر الشعري نفسه لأغنية "وا طير كف النياح" لفضل ماطر.
النوع الثالث : هو الدان الثاني نفسه، ولكن طور بصورة أخرى مثل الفنان محمد حسين الأمر يغنيه بلحن "وا طير كف النياح" بصورة مختلفة عن السابق.
النوع الرابع من الدان أتى به الفنان "المهنى" وهو التطوير الأخير للدان، وهناك دان يكاد يضاف إلى الأنواع الأربعة ويعتبر آخر التطورات موضوع على مقام "الحجاز" مثل أغنية "سرى الليل يا خلان" ويعود الفضل في تطويره للفنان فضل محمد اللحجي الذي أخذه الفنانون عادة لمداخل أغانيهم.
وللمساجلات الشعرية كانت مسحة في فلكلورنا اللحجي التي يصاحبها الزامل إذ عقب إلقاء الشاعر أبياته يقوم أحد الفنانين بغنائه وقد اشتهر بهذا اللون الغنائي الفنان عبدالله توفيق والد الفنان عبدالكريم توفيق واستمر إلى الستينات ومن أبرز دلالاته بروز أغنية "كحيل الطرف" التي أتت سجالا في أحد المجالس بدأها الشاعر أحمد النصري، ثم حاول معه ببقية الأبيات الأمير محسن صالح مهدي والأمير محسن بن أحمد مهدي، عبدالله هادي سبيت غناها ولحنها الفنان فضل محمد اللحجي.
المخادر
المخادر قديما وحديثا شكلت أول المنابر الإعلامية التي من خلالها تبرز الأعمال الفنية الجديدة، وكذا المواهب الجديدة، ليس في لحج فحسب بل كافة المناطق، ففيها تظهر التباريات للمواهب المطربة قبل أن تسجل بالاسطوانات أو الإذاعة، كما شكلت معينا لا ينضب لإمداد الحركة الفنية بالمواهب الواعدة والعطاءات الجديدة.
وهنا معنا القديم ومعنا الحديث في تحضير أهل العرس لهذه المخادر فمثلا كانوا يكتبون الدعوات بخط اليد وهناك ناس متخصصون لكتابة الدعوات للإعلان عن ميعاد الزواج كما يكون لدى الفنانين الذين سيحيون الحفل خبر مسبق.
يبدأ الحفل بغسل السيف الساعة الثانية عشرة ظهرا يتم فيها رقصة البرع ويرددون أهزوجة "وا علا أمسيف ويل علا أمسيف» ويسهرون أول ليلة "السمر" إلى الواحدة ليلا، ثم في اليوم الثاني ويطلق عليه ليلة المقام فالمطرب يفتتح الحفلة بالغناء ويشترط أن تكون فاتحةالحفل وهي عادة في كل مخدرة بأغنية :
"با لله ما يحويه هذا المقام *** تجمعت فيه النفائس
جيب حاز اللطف والانسجام *** حالي الشمالي ظبي آنس
واخوان ما لوا من طباع اللثام *** وزينوا تلك المجالس
والشمس غطت وجهها بالغمام *** كتغطية وجه العرايس"
وهي أغنية من اللون الصنعاني للشاعر الآنسي، وبعدها يعملون سمرة ليلتين أو لأسبوع وفق سعة وإمكانات أسرة العرس وجرت العادة في المخادر سواء في عدن أو لحج أنْ يتقابل فنانان مع فرقة عازفة إما أن يغني الفنان بمفرده، أو يغنيان معا أحدهما يغني بيتاً ثم يرد الآخر بالبيت الآخر من الأغنية.
وأيام الفنان النوبي كان الفنانون يغنون من دون مقابل حتى اليوم الثامن حيث يقوم العريس بالرقص على أ غنية محددة وهي أغنية "غصن من عقيان" يقول مطلعها :
"غصن من عقيان أثمر بالقمر قد الحبيب *** فائق الغزلان والغيد
مخجل الأغصان قامة ان خطر يزري القضيب *** وسبي الأعيان بالجيد
وهي أغنية صنعانية للآنسي، وأثناء الرقصة لابد أن يقوم المقربون والأحبة وخصوصا أهل العريس بنثر النقود على الفنان، وهذا ما حدث لي أنا كفنان حضرت مخادر كثيرة في عدن ومعي زميل أحمد عبيد القعطبي وعبدالمجيد المكاوي، فمثلا في مخدرة الجاوي حضرنا لإحياء الحفل وتحصلنا على مبالغ كبيرة.
أما في لحج فيستمر العرس عادة مدة يومين يقومون بغسل العروس الظهر بالحناء ورقصوا على قرع الطاسة والهندية والبرع والرموش، وبعدها المقيل ثم السمرة وينتهي الحفل بالختم بالحنا مع الفجر نقوم بالعزف والرب على الطبول ويشكلون حلقة تستمر إلى الصباح ورقصة العروس ضرورية ولو شكلا لأجل "النقط".
واستمرت هذه العادة ورغم المراسيم ما زالت قائمة؛ إلا أن الاختلاف أن الفرق الموسيقية انتشرت وزاد عدد المطربين والفنانين الذين لا يغنون مجاناً كالسابق معتمدين على النقط، بل يتم دفع جزء من المبلغ المقرر لهم "عربون" قبل العرس بأسابيع.. ثمّ يلحق باقي المبلغ واستمرت العطاءات والإبداعات تتواصل عبر هذه المخادر التي تشكل عمادا مهما للتواصل الفني ومنبرا مهما له.
كما أسلفت أن منطقة لحج تتميز باليبلي والطرب وتكاد تكون حفلاتها على مدار السنة التي توفر معظم شهورها فالحفلات الموسمية لأولياء الله الصالحين التي تستمر على مدى أسبوع تتقاطر إليها الفرق الراقصة والفرق الضاربة على الطبول والمزامير وتتميز زيارة ولي الله الصالح مزاحم بتقاطر هذه الفرق من مختلف المناطق وأتذكر تلك الفرقة الراقصة التي تقدم ألواناً متعددة من الرقص القادمة من طور الباحة وفرق راقصة تتكون من فتيات قمة في الجمال ومن الرجال يؤدون رقصة متميزة يطلق عليها "الزبيري" حيث تنزل إلى الحلبة الراقصة وتختار من هو ند لها في البراعة والرقص ثنائي فريد يشبهون في رقصهم رقصة الباليه الغربية.
وكان كل خميس تجوب الشوارع الفرقة السلطانية النحاسية وتشمل بتجوالها في الشوارع الرئيسية بعض الحارات المتسعة، حيث تتجمع الناس لتستمع لأنغام الفرقة التي تشيع البهجة والفرح في نفوسهم وهي تعزف أعظم المارشات العالمية بالتناوب مع فرقة أخرى هي فرقة القرب وهي أول فرقة قرب في اليمن كلها هذه الفرق كانت ترتدي الزي الأسكتلندي كالذي ترتديه الفرق البريطانية.
وكانت الفرقة الموسيقية النحاسية لا تقتصر على هذه الحفلات بل وتشارك في حفلات الزواج عندما تطلب من الأهالي، وفي الأعراس كانت تنصب لها الكراسي عند مداخل المخادر، وتقدم هذه الفرقة أجمل المعزوفات للأغاني العربية كالمصرية والسورية والموشحات، على الرغم من أن الآلات الخاصة بها لايتوافر فيها "ربع التون" الخاص بالموسيقى العربية، ولكن العازفين عليها كانوا بقدراتهم الإبداعية يطوعونها لذلك العزف العربي؛ لأنهم كانوا من أبرع العازفين المتقنين للنوتة الموسيقية وأبرز تلك الآلات "الترامبيت" و"السيكسفون"، و"الكلارنيت" وغيرها من الآلات.
أما أبرز عازفيها الذين يقودهم قائدها "مخور" ومعه فضل الشاقي، والكريدي وحيدرة برقش وغيرهم وجميعهم قد تلقوا تعليمهم للموسيقى عبر أساتذة أتراك.
هناك مناسبة سنوية وهي عاشوراء التي يقوم خلالها الناس بالمزاح وتبادل التراشق بالمياه من دون أي انزعاج مناسبة يشترك فيها العامة صغارهم وكبارهم ويرددون أهزوجة « وا عاشور خلي السنة تدور، وا عاشور رشوا الماء والبخور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.