أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير احمد بن حلي ان على الدول العربية والمجتمع الدولي مساعدة اليمن والتخفيف من معاناته الاقتصادية ، وقال إن ما أفرزته الأزمة اليمنية خلق وضعا اقتصاديا صعبا، يحتم على الجميع المساهمة في بناء اليمن لإنجاح معالجة الأزمة السياسية بكل جوانبها والتخفيف من مخاطر الأزمة الاقتصادية. وأشاد بن حلي في حواره مع مراسل وكالة الإنباء اليمنية (سبأ) في القاهرة بالخطوات التي أنجزتها اليمن في إطار المبادرة الخليجية ووصفها بانها ايجابية ومشجعه، مؤكدا أهمية مواصلة هذه الخطوات بحسب آلية المبادرة التنفيذية بمراحلها المختلفة. وفي رده على أسئلة أكد ان تدخل مجلس الأمن بقرارات رادعة ضد من يعيق المرحلة الانتقالية لهو من حسن حظ اليمن، وقال «لو لم يتدخل مجلس الأمن في الأزمة اليمنية لأصبح الوضع الان كما هو الحال في سوريا». وشملت المقابلة محاور مختلفة تناولت تقييم نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية للتسوية السياسية الحاصلة في اليمن، وتعليقه على الازمة السورية، ورؤيته لدور الجامعة العربية في تعزيز التعاون العربي المشترك بما يلبي طموحات الشارع العربي .. وفيما يلي نص الحوار: ❊ ❊ كيف تقيم الخطوات التي قطعتها الجمهورية اليمنية في اطار التسوية السياسية من خلال المبادرة الخليجية وآليتها التتنفيذية؟ - لقد تعامل اليمنيون مع مطالب التغيير التي حدثت خلال العام الماضي بحس مدني ووطني، واستطاع الشعب اليمني رغم الخسائر التي وقعت في الاروح والاقتصاد ان يتعامل مع التغييرات بحكمته وانفتاحه السياسي بأقل الخسائر الممكنه، والا لو كان شعب آخر يملك ما يملكه الشعب اليمني من سلاح لقامت حرب اهلية لا تبقي ولا تذر. ❊ ❊ وماذا عن الخطوات التي قطعتها اليمن في تنفيذ المبادرة الخليجية؟ ❊ بعد ان قبلت القوى السياسية في اليمن بهذه المبادرة انجزت أشواط كبيرة في تنفيذها فبعد انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي وتشكيل حكومة الوفاق، ارى ان المؤشرات ايجابية والخطوات جيدة في طريق اعادة هيكلة وتوزيع الجيش اليمني، وأيضا في تشكيل لجنة الحوار برئاسة الدكتور عبدالكريم الارياني، كما لفت نظري ان نائب رئيس لجنة الحوار امراة وهذه كلها خطوات ايجابية تعبر عن التنوع الموجود في الحياة السياسية اليمنية، والمهم ان يتواصل هذا الانجاز في اطار المبادرة وبحسب آليتها التنفيذية باتجاه العملية الانتقالية بمراحلها المختلفة. ❊ ❊ ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الامن بدور في مساندة اليمن في المبادرة الخليجية، هل تعتقد ان من الضروري ان يستمر هذا الدعم؟ ❊ لقد أفرزت الأزمة التي مر بها اليمن وضعا اقتصاديا صعبا، وبالرغم من الاجتماعات المتكررة لتجمع اصدقاء اليمن والمبالغ التي رصدت كمساعدات ومنح لليمن، الا ان الوضع مايزال سيئا، وهذه مسؤولية قومية وعربية تحتم على الجميع المساهمة في بناء اليمن للتخفيف من معاناته، وعلى الدول العربية والمجتمع الدولي دعم اليمن لانجاح مشروع معالجة الازمة السياسية بكل جوانبها والتخفيف من مخاطر الازمة الاقتصادية، ❊ ❊ الا ترى ان اليمن أصبح تحت وصاية دولية من خلال إشراف الأممالمتحدة ومجلس الامن على كافة تفاصيل الفترة الانتقالية؟ ❊ في اعتقادي انه من حسن حظ اليمن ان مجلس الأمن اتخذ قرارات رادعة لمن يلعبون دورا في إعاقة المصالحة او يخرجون عنها، وانا اعتبر ان كل ما يأتي تحت مظلة الأممالمتحدة ايجابي، ولو لم تتدخل الأممالمتحدة في الأزمة اليمنية لأصبح الوضع الان كما هو الحال في سوريا .. لهذا فوجود الأممالمتحدة قريبا من اليمن ضرورة حتى تتابع الملفات والقضايا التي تتصل بالمبادرة الخليجية والتي تتعلق بالمشاكل الكبيرة التي تواجهها اليمن خلال الفترة الانتقالية اضافة الى وجود القاعدة التي تؤثر بشكل مباشر على جهود التنمية، وكذلك التهديدات التي تتعلق بالانفصال وغيرها. ❊ ❊ تبذل اليمن جهوداً جادة في مواجهة الإرهاب، وكانت للعمليات الأخيرة ضد القاعدة اثر كبير في الحد من انتشار القاعدة في المحافظات اليمنية، كيف تتابعون هذا الأمر؟ ❊ أولا أنا أدين وبشدة التفجير الذي حصل في مجلس عزاء في محافظة أبينجنوب اليمن قبل ايام، وأدين كل الأعمال الإرهابية التي تزهق الأرواح ولا تتماشى مع أي منطق مدني او أخلاقي او ديني، وهذه القضية كبيرة ومعقدة، واليمن يبذل جهوداً كبيرة جدا في هذا الشأن وعلى المجتمع الدولي ان يساعد اليمن لمواجهة هذه الآفة .. ولابد من تجفيف منابع الإرهاب ماديا ومعنويا وسياسيا، وعدم توفير البيئة الحاضنة له، فالفقر والجهل والأزمة الاقتصادية بيئة خصبة لنمو الإرهاب، والاهم من هذا كله مواجهة الأيادي التي تحرك الإرهاب وتدعمه أياً كانت هذه الأطراف من بعيد او قريب من داخل اليمن او خارجه. ❊ ❊ هناك مطالب في جنوب اليمن بالانفصال وفك ارتباط الوحدة، ولكل فصيل مبرراته والحجج التي يسردها ويناضل من اجلها .. كيف تنظر إلى ذلك؟ ❊ كنا نفخر كثيرا ومازلنا بمنجز الوحدة اليمنية، وهي من أهم المنجزات التي نعتز بها، ورغم ذلك هناك من يسعى لتقسيم اليمن، وفي اعتقادي هؤلاء لديهم أجندات ومصالح شخصية، وهنا ياتي دور الدولة اليمنية في العهد الجديد لإزالة الظلم والغبن عن كل المناطق اليمنية واعطاء الفرص المتساوية لكل اليمنيين، وان تكون المواطنة هي القاسم والحكم بين جميع اليمنيين بدون النظر إلى منطقة او قبيلة، ولابد ان تنتقل اليمن من الدولة القبلية إلى الدولة المؤسساتية، واليمنيون واعون لهذا المنحنى التاريخي وأهمية هذا التطور الحتمي. ❊ ❊ هل التسوية السياسية في اليمن نموذج يحتذى به؟ ❊ نعم اعتقد ان التسوية التي تمت في اليمن عبر المبادرة الخليجية وقبول معظم القوى السياسية بها، هي أفضل ما هو موجود لحل الأزمة السورية، مع إيجاد التعديلات المناسبة في إطار الخصوصية السورية. ❊ ❊ كيف تنظر كسياسي عربي الى التدخل الايراني في كثير من الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية؟ ❊ نحن نعتبر ايران دولة جاره وشقيقة وتربطها بالعالم العربي الدين الاسلامي والتاريخ المشترك، ونسعى دائما بل ونحرص الى ان تكون العلاقة مع ايران علاقة احترام ومصالح، وعلاقة تستمد قوتها من هذا التراث المشترك .. لكن للاسف هناك اختلافات في عدد من القضايا بين الدول العربية وايران، ومن اهم هذه الاختلافات على سبيل المثال محاولة بعض الايادي الايرانية ان تمس الاستقرار في بعض الدول العربية ومن ضمنها اليمن وبعض دول مجلس التعاون الخليجي والحال كذلك في العراق. ❊ ❊ هل اتخذتم أي موقف تجاه ذلك؟ ❊ كنا دائما نعبر عن استيائنا من هذا التدخل، وكان ذلك واضحا في التدخل الايراني في العراق وقلنا مرارا ان على ايران ان ترفع يدها عن العراق خصوصا بعد مغادرة الاحتلال الامريكي، وكذلك موضوع احتلال ايران للجزر الاماراتية الذي نعتبره شوكة في تنقية العلاقات العربية الايرانية. ❊ ❊ اذا ما انتقلنا لأكثر القضايا خطورة وحساسية في المنطقة العربية حاليا وهي الأزمة السورية .. هل ترى ان في استقالة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان هو فشل للجهود السلمية التي تبذل؟ ❊ استقالة المبعوث المشترك السيد كوفي عنان هو انتكاسه للدبلوماسية الدولية، وفشل لهذه المرحلة، ولكن هذا لا ينبغي ان يحد من دورنا كدول عربية وفي الجامعة العربية وان نقف عاجزين، لهذا لابد من تحرك وفق مقاربات نبحث عنها لإعادة الثقة للتحرك الدبلوماسي لإنقاذ سوريا. ❊ ❊ وكيف تقرأ الوضع في سوريا الآن؟ ❊ سوريا للأسف اذا ما استمرت بهذه الوتيرة من سقوط الضحايا كل يوم ومن ضرب الأماكن المدنية والتاريخية بهذا العنف غير المسبوق والأعمى فإنها لا قدر الله ستدخل في منزلق في غاية الخطورة وفي نفق مظلم، فنحن في سباق مع الزمن حتى نجنب سوريا الدخول في هذا النفق. ❊ ❊ ما هو تفسيركم للموقف الروسي والصيني الداعم للقيادة السورية؟ ❊ الروس والصينيون يبررو دعمهم من منطق رغبتهم عدم التدخل العسكري في الشأن السوري، ويسعون بحسب طرحهم لحل سياسي مقبول لكل الاطراف، ونحن في الجامعة العربية ننطلق من أجندة واضحة وهي إنقاذ سوريا من الانهيار ومن المزيد من إراقة الدماء .. ولا اعتقد ان الأجندة الدولية تتماشى مع هذا الخيار، وكلما استمرت هذه الأزمة وتوسع العنف غاصت سوريا في أوحال، وأطراف الأزمة السورية المنخرطة في الأزمة غائبة عن الوعي ويدفعون بسوريا لنفق مظلم، والوقت ليس في صالح حل الأزمة او معالجتها، والأطراف الخارجية لها أجندتها ومصالحها ولا يهمها ان تكون هناك ديمقراطية في سوريا او غيرها من الدول العربية، فالتغني بالديمقراطية وحقوق الإنسان في مرحلة ما هو غاية لتحقيق مصالح معينة. ❊ ❊ اين دور الجامعة العربية من تعزيز العمل العربي المشترك؟ ❊ الجامعة العربية دخلت الآن مرحلة جديدة، ولابد لها من تغيير منهجها وآلياتها وأولوياتها، وكونها تحمل أسم «جامعة الدول العربية» فان من أولوياتها القضايا الشعبية، وموضوع الاصلاح والتغيير والديموقراطية لابد ان يكون جزءاً رئيسياً من أجندة الجامعة، كما ان عليها ان تتغير وتواكب التغير الحاصل في الدول العربية. ❊ ❊ توجه الاتهامات للجامعة العربية بأنها لم تحقق شيء من طموحات الشعوب العربية؟ ❊ مهما قيل عن الجامعة، ومهما اتهمت بالتقصير الا انها مازالت المكان الذي يلتقي فيه العرب للاتفاق على الحد الادنى من التنسيق ولا اقول التعاون، تجتمع فيه العرب على مستوى القمة او على المستوى الوزاري ليبحثوا قضاياهم، ومن حسن حظ العرب ان الأباء قد انشؤوا الجامعة العربية واقول بكل امانة انه لو لم ينشئ العرب هذا الكيان لكان من المتعذر علينا في الوقت الحاضر انشاؤها والجميع يعرف كل التجارب التي فشلت. ❊ ❊ ما هي أجندة الجامعة العربية خلال الفترة القادمة على المستويات الاخرى غير الاقتصادية؟ ❊ الجامعة العربية الان تسعى للاهتمام بالمشاريع التكاملية كالربط الكهربائي وربط الاتصالات والطرق الدولية السريعة والمواني والمشاريع الكبرى الاخرى، واعتقد ان القمم الاقتصادية التي عقدت في الكويت وفي شرم الشيخ والقمة القادمة في الرياض سوف تعطي صورة مغايرة، وربما سيشعر بها المواطن العربي لأنها تمس احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية، وهذا عكس ما كانت الجامعة تقوم به حيث كانت تستنفد طاقاتها في القضايا السياسية، وهذا النوع من القضايا لا يبرز المردود الفعلي للاعمال.