قام الصندوق الاجتماعي للتنمية بالتعاون مع معهد فينيتو للتراث الثقافي بمدينة البندقية بإيطاليا بترجمة ونشر كتاب بعنوان (اليمن - رحلة إلى صنعاء في عام «1877 - 1878م»)، للرحالة الإيطالي رينزو مانزوني (Renzo Manzoni). ويوثق الكتاب الذي جاء ب260 صفحة ما قام به الرحالة الإيطالي رينزو مانزوني في الربع الثالث من القرن التاسع عشر الميلادي من توثيق للتراث اليمني والمساهمة في إثراء المكتبة اليمنية التي تفتقر إلى المراجع التاريخية والعلمية عن التراث الثقافي بشكل عام والعمراني والمعماري والاجتماعي بشكل خاص بمرجع يفيد الباحثين والمهتمين بتلك الفترة من تاريخ اليمن. ويكتسب هذا الكتاب أهمية واقعية خاصة كون مؤلفه مانزوني قد وثق اليمن في تلك الفترة الزمنية بكتابة تصويرية واقعية خالية من التنميق المتصنع أو التعالي الأدبي الأوروبي السائد آنذاك والمصبوغ برؤية دينية، فقد كان مانزوني يتحلى بشخصية حرة تريد أن تعبر عن نفسها باستقلالية عن العقلية الكاثوليكية، ومثل الاتجاه الفكري الليبرالي بمعانيه المتعددة ومنها العقلية المنفتحة نحو العالم، واستطاع أن يدون الكتاب بموضوعية دون أن يتأثر كثيراً ببيئته الثقافية، وحين يبدي رأيه في أمر معين يظهر ذوقه وانطباعه الشخصي أكثر من أن يصدر أحكاماً نابعة عن شعور بتفوق مفترض أو عن رؤية مسبقة. ويحكي الكتاب قصة رحلته إلى اليمن، التي انقسمت إلى ثلاث رحلات استمرت ثلاث سنوات، وهذا الكتاب يدون سنة واحدة فقط لإحدى رحلاته، وهذا يعطينا تأكيداً على أن مانزوني استطاع أن يستطلع الحياة اليمنية وأن يعيشها شخصياً عن قرب، مما يضفي على مدونته أهمية تاريخية وتوثيقية كبيرة، فهو يؤرخ عن فن الطراز المعماري، والتقسيمات الاجتماعية والقبلية، ويصف المؤسسة العسكرية والبيروقراطية التركية ويلخص تاريخ اليمن. كما استطاع الرحالة الايطالي مانزوني أن يوثق وينشغل بإعداد كثير من أنواع النباتات والمزروعات التي رآها، خلال رحلته ودون أسماءها العربية، ممزوجة بالصور الفوتوغرافية والرسومات التوضيحية ومتوجة بخارطته الشهيرة لصنعاء، ما يقدم صورة استرجاعية للكثير مما تغير أو اندثر من تلك الأشياء. تجدر الإشارة هنا إلى أن مانزوني قد خصص ستة فصول من هذا الكتاب، أي حوالي نصف الكتاب (140 صفحة)، لمدينة صنعاء والحياة فيها آنذاك من كل جوانبها، ما يشكل وثيقة تاريخية استثنائية نظراً لقلة الرحالة وندرة التدوين عن اليمن في تلك الفترة.