وليس كل شيء على ما يرام يا فخامة الأخ الرئيس ، فالبلاد في وضع خطير ومترد في مختلف الجوانب .. والأكثر خطورة الجانب القيمي المنهار، حيث طغت المصالح الخاصة والضيقة على حساب المصالح العامة وطغت المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية. إن بعض الساسة في بلادنا وللأسف الشديد سواء كانوا جنرالات أو مشايخ أو قادة أحزاب هم بلوى هذا البلد حيث نجد البعض منهم وليس جميعهم مسكونين بعقليات تآمرية اقصائية ومدمرة فهم غارقون وسط بيئة منظومة الفساد المختلفة.. يتشدقون بالحوار والالتزام به ثم ينقلبون عليه ويدعون للتوافق الوطني وللتمسك به فيما يمارسون إلغاء الآخر ويشنون الحروب عليه !! في حين نجدهم في أمس الحاجة للتوافق مع ذواتهم اولاً ثم التوافق مع الوطن والآخرين. فالمتابع لخطاب الرئيس هادي الأخير يقرأ منه أن البلاد ليست بخير وان شبح هاجس الحرب يخيم على الوطن لا قدر الله خصوصاً في ظل الانقسام الواضح في الجيش والأمن، وانقسام في الأحزاب وانقسام في الساحات وانقسام في المجتمع وانقسام في الإعلام ( فهناك دولة في كل شيء) وأكثر ما نخشاه هو اجتماع قوافل الأحزاب اليمنية والخصوم المثقلة بملفات ملغومة والتي ربما تنسف مؤتمر الحوار الوطني المنشود والمرتقب والذي ستلتقي على طاولته جميع المتناقضات في ظل غياب الطرف المحايد الذي سيدير هذا المؤتمر! كل ذلك يحدث في ظل تسابق إقليمي للتصارع في ميدان اليمن وفي ظل صراع داخلي مدمر.. حراك في الجنوب وحركة حوثية في شمال الشمال وانفلات امني مريع وصراع في المناطق الوسطى من اليمن في حين صنعاء ما تزال منقسمة ما بين صنعاء الشمالية وصنعاء الجنوبية والقاعدة تتسع وتضرب في العمق والرئيس الانتقالي ما يزال مكبلاً بحكومة وفاق منقسمة يهيمن عليها السياسي فيما غاب عنها التكنوقراطي الإداري الخبير .. إنها حكومة مشغولة بالتقاسم وإحلال عناصر أحزابها خاصة حزب الإصلاح المعروف بالإخوان المسلمين ومشغولة ( بالحكولة). كما أن التجاذبات الإقليمية المتصارعة في اليمن تتجاذب الرئيس الانتقالي وتعيقه عن المضي في قيادة دفة السفينة إلى بر الأمان. إن البلد لن يكون بخير إلا حين ينقلب قادة الأحزاب السياسية في اليمن والجنرالات المسيطرة على واجهة المشهد والمشايخ ورجال الدين ممن يدعون أنهم ممثلون لله في الأرض وأنهم ربانيون عن موروثهم الثقافي الانتقامي المدمر وحين يتحول الصحافيون إلى قادة رأي حقيقي لتجييش الرأي العام نحو الحقيقة والتنوير بدلاً من التضليل لخدمة السياسي الذي يوجه الصحافة والإعلام الحر لخدمة أجندته النفعية المدمرة!!. وفي الأخير فإن الوطن اليوم في أمس الحاجة إلى تيار ليبرالي يضم الجميع ويناضل من اجل مشروع الدولة المدنية الحديثة وسيادة القانون والمواطنة المتساوية بكل أمانة وصدق وليس بالشعارات البراقة والزائفة والتي طالما تخلى عنها دعاتها من القوى التقدمية والتحديثية بعد انضوائها تحت جلباب قوى الظلام والتخلف التقليدية .. تيار ليبرالي يختزل المشكلة اليمنية ويتبنى مشروع الدولة المدنية الحديثة وبكل وضوح .. تيار ليبرالي متصالح مع ذاته وخالٍ من موروثات الماضي التي صارت عبئا على اليمن والشعب ويتطلب إعادة بنائها أو رحيلها. وختاماً كانت القبيلة المتخلفة ممثلة برموزها الذين ذبحوا الدولة لصالح القبيلة بل لصالح مشايخ القبيلة بالتحديد وكذا لصالح جنرالات الحرب والخراب والذين حولوا الدولة إلى صنيعة خاصة بهم فضلاً عن قوى الظلام التي تخفت بستار الدين وحولت الدولة إلى مشروع جمعية خيرية تدر الخير لهم وحدهم فقط .. كل أولئك هم جوهر المشكلة اليمنية وهو ما ينبغي معه تحويل القبيلة إلى منظمة مدنية تناضل من اجل مشروع الدولة وسيادة القانون وتتخلى عن مهمتها التي أساءت لها طويلاً ألا وهي مهمة سحق القانون وانتهاك شرف الدولة.