لماذا نخاف من تاريخنا.. الاعتراف بالأخطاء يفتح أبواب المصالحة    اهداف ومخططات صهيونية للضغط والتضييق على الشعب اليمني    قصف مكثف على مدينة غزة بعد يوم دامٍ    رقم تاريخي.. الريال يسجل الفوز ال 200 ويتجاوز مارسيليا    كين: مواجهة تشيلسي تحفزني    مونديال طوكيو.. فيث تحصد ذهبية 1500 متر    مصدر أمني: انتحار 12 فتاة في البيضاء خلال 2024    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    تقرير أمريكي: اتفاق صهيوني - سوري مرتقب يمنح "الكيان" مناطق واسعة داخل سوريا    عبدالعظيم العَمري..الأب .. الطبيب..القائد    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    المناخ التكفيري الناشئ في محيط المهمشين… الى اين ؟!    كأنما سلخ الالهة جلدي !    عضو في مجلس القيادة وهيئة رئاسة الانتقالي: القرارات الفردية سبب رئيسي في انقسام المجلس    منتخب الناشئين يغادر لودر إلى قطر .. اسماء اللاعبين    سريع يعلن عن عمليتين عسكريتين والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن هبوط اضطراري للطائرة الرئاسة    مفوضية شؤون اللاجئين تعزي في استهداف رئيس الوزراء ورفاقه    الأرصاد يرفع التحذير إلى "إنذار" وخبير في الطقس يتوقع استمرار الأمطار لأيام قادمة    الرئيس الزُبيدي يرحب بمخرجات مؤتمر الأمن البحري المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض    سلطة بن الوزير تعيد أبناء حوطة عتق إلى الزمن البريطاني الجميل (تقرير تأريخي)    هيئة المواصفات تتلف كميات من المنتجات المخالفة    مارسيليا يفتقد عنصرين مُهمين أمام ريال مدريد    شيخان الدبعي: مبادرة رئيس الإصلاح أمام القوى الوطنية وننتظر مواقفها الرسمية    شرطة العاصمة تضبط متهماً بالاعتداء على صاحب محل مجوهرات ونهب كمية من الذهب    صنعاء : تدشين اول مصنع لتدوير المخلفات البلاستيك ب (آلات محلية)    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    السفير المتوكل يلتقي مبعوث برنامج الأغذية وممثل اليونيسف    ناس" و"ناس"    محافظ الضالع يناقش مع مديري المديريات القضايا الخدمية والتنموية    العميد سريع: دفاعاتنا الجوية أجبرت بعض التشكيلات القتالية على المغادرة قبل تنفيذ عدوانها على اليمن    الوحدة التنفيذية في مأرب تطلق نداء عاجلا لإنقاذ النازحين من تأثيرات المنخفض الجوي    برشلونة يؤجل عودته إلى ملعب كامب نو    الصين تجدد موقفها الداعم لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته    بالصور | تشييع شهداء العدوان الصهيوني على صحيفتي 26 سبتمبر واليمن    محافظ شبوة يتلقى تقريرا حول نشاط السلطة المحلية في عتق    نقيب الصحفيين يهنئ العاقل بتوليه منصب نائب وزير الإعلام    رئيس هيئة الأراضي يدشن من العاصمة عدن مرحلة جديدة لحماية التخطيط العمراني ومكافحة الفساد    "إخوان الإرهاب" وإسرائيل: خبراء يكشفون تحالف الظل لتقسيم الأمة العربية    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    جولات قادمة من الحرب .. إسرائيل تعلن تشكيل مجلس تسليح خاص لمواجهة إيران واليمن    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    مكاسب كيان الاحتلال من القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    الاهلي السعودي يتخطى ناساف الاوزبكي في دوري ابطال اسيا    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية مذلة    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجمة تتألق
قصة
نشر في 14 أكتوبر يوم 11 - 10 - 2012

في ذلك المساء كانت السماء تصب مكنون غيومها على الأرض، وكانت الرياح تتلاعب بالزخات المنهمرة ذات اليمين وذات الشمال وأنا أراقب هذا المنظر من خلال النافذة ...طرقات حفيفة مجهدة على الباب توالت إلى مسامعي...فتحت الباب ، على مرمى نظري لم أرى سوى ذلك الوابل من المطر الذي يتخلله الضوء المنبعث من أعمدة النور ويكسبه ذلك اللون الفضي ..دوي صوت الرعد، هممت بإغلاق الباب بعد أن تسربت القشعريرة إلى أوصالي، وإذا به هناك مكوما على عتبة المنزل تحت معطف بال ينتفض مثل قط مبلول، تجمد الدم في عروقي، وقفت كالبلهاء لا ادري ماذا افعل ؟؟ تلعثمت الصرخة بداخلي لكني صرخت :
ماما ..ماما ..!!!.
ركضت أمي نحوي يتبعها أخي الأكبر وحملنا ذلك الشبح الليلي إلى الداخل ، أشعلت أمي المدفأة وقربناه منها تحرك بداخله سعال شديد يبدو كأنه سعال كهل أعياه الربو مع انه بدا شابا في مقتبل العمر ويبدو انه لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بعد .
كان يقبض بحرص على بعض وريقات يانصيب ...أعدت أمي بعض الحساء الساخن ، ارتشف قليلا منه ثم حام بنظره في إرجاء المكان ، واخذ يتفحصنا واحدا تلو الآخر ...كان الزمن قد رسم على وجهه بصمات قاسيه ، وكانت المعاناة كأشد ما تكون مطبوعة في سماء عينيه المجهدتين ، حاول الوقوف بعد أن سرى بعض الدفء في أوصاله ...خانته قدماه ... وسقط
كنا نحملق به مشدوهين ..وعاد يتفحصنا من جديد استقر نظره نحو أمي وقال بصوت متحشرج يقطعه السعال :
اعتذر سيدتي إذ القاني الليل على عتبة منزلكم لكنها الريح تلاقفتني وزخات المطر وذبحة صدرية أفقدتني الاتجاه ...وهم بالوقوف فخانته قدماه من جديد ، وإذ ذاك أسنده أخي ونزع عنه معطفه والبسه أخر وقال له :
لا عليك يا أخي، أنا نبيل ..وهذه أختي ليلى وهذه أمي ...اطمئن ..هل تريد أن نتصل بأسرتك باقربائك ؟
هل نأخذك إلى المستشفى ؟؟
ارتسمت على محياه ابتسامة ساخرة ...وقال :
يا أخي انتم بحاجة إلى اختراع لتتمكنوا من اختراق الحواري والزقاق التي تؤدي إلى منزلي حيث تقبع أكداس من اللحم كتب عليها أن تجلد بسياط القلة والحاجة وما أنا إلا كبش فداء لهم ... أصارع الحياة عني وعنهم ...وتأكدوا أن الحياة من دون صراع تصبح بلا جدوى ..حتى لو كان هذا الصراع يأخذ شكل الجنائزية أحياناً إلا انه ضروري لنبقى لنعيش .
كنا نستمع إلى كلماته التي تخرج متعبة مثل أنفاسه وكأننا رهبان متصوفة في حضرة بوذا..حاولت أمي أن تعطيه نقودا إلا انه رفض بأدب وبابتسامة عريضة، تململ في مكانه ، ازدادت نوبات السعال ..تناول أخي الهاتف واتصل بطبيب يسكن في العمارة المجاورة حضر الطبيب وفحصه وقاس ضغطه واخذ يصفعه ويسأله :
عمو ...سامعني ؟؟؟ شايفني ؟؟ شو اسمك ؟؟
غزا الشحوب وجهه والتفت إلى الطبيب وقال بصوت خافت مخنوق :
صابر.. الصابر .. وذهب فيما يشبه الغيبوبة ، طلب الطبيب بطانية ولفه فيها وحملناه إلى سيارة الطبيب الذي اسرع به الى المستشفى وبقينا نحن تلك الليلة مذهولين لم نستطع النوم ..الدموع لم تفارق جفوني كنت وأمي واخي نراقب النافذة ننتظر عودة الطبيب لنسأله عن حالة زائر المساء الذي قذفته الأمطار والصدفة على عتبة منزلنا .
بدأ الصباح يشق عتمة الليل وجاء الطبيب الى منزلنا مع الصباح وسالته بهلع ولهفة لا اعرف تفسيرا لهما وكاني اسال عن شخص اعرفه منذ زمن :
ماذا حصل مع صابر ؟؟؟ هل هو بخير ؟؟ في أي مستشفى تركته ؟؟
قال الطبيب وقد بدا حزينا :
بقيت معه حتى الصباح وكنت أمامه وكأني تلميذ في حضرة أستاذ ...صابر شاب مكافح متفوق في مدرسته رغم انه يبيع أوراق اليانصيب ابتداءً من نهاية اليوم الدراسي وحتى أواخر الليل ليصرف على أسرته ...صابر شاب مثقف مملوء بالحكمة والتجربة مملوء بالكلمات والأمل والتفاؤل رغم قسوة الحياة عليه
صابر ترك هذه الحياة رحمه الله وهو مبتسم وقد أملى علي هذه السطور وطلب أن اسلمها لكم .
خيم علينا الحزن بكت أمي وأغرور قت عينا أخي ونزلت دموعي من عيوني وتناولت الرسالة من الطبيب الذي غادر دون أن نلاحظه.. وقرأت بصوتي الباكي آخر ما قاله صابر :
إلى سيدتي الأم : قضيت بينكم ساعة أو بعض ساعة لمست من خلالها أن لك قلبا كبيرا دافئا يسع الدنيا بأسرها وبالمناسبة كان الحساء الذي أعددته يا سيدتي ألذ ما ذقت في حياتي ..سلمت لأولادك.
إلى نبيل : لقد فطمت على طيبة القلب وليس عجبا أنني شعرت بك أخاً رحيما عطوفا ..تسلح بالأمل فبه ستشق أوعر الطرق واسلم ...
إلى ليلى : دموعك تسبقك لأنك رقيقة ارق من فراشة ...عيشي حياتك وأنت موقنة تماماً أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة ...واسلمي .
ولكم جميعا أقول أشكركم لأنكم وفرتم دفئا يستوعب احتضاري وأسف إذا ما شربتم حسرتي ...وأرجوكم إذا ما توصلتم إلى ذلك الاختراع وتمكنتم من اختراق الحواري والزقاق التي تؤدي إلى منزلي فاخبروا أختي حليمة أنني سقطت واقفاً ...واخبروا عائلتي أن للحياة سنتها وللزمن منطقه وانه لا بد من الصراع مع الحياة فبه فقط تصبح الحياة ممكنة وذات جدوى .... واسلموا جميعاً..
ركضت نحو أمي وألقيت نفسي بحضنها وأجهشت بالبكاء...قال أخي.
سنذهب غدا إلى منزل صابر ..قالت أمي : سنذهب.. دوى صوت صابر في أذني ...لا بد من الصراع مع الحياة .. كفكفت دمعي وشعرت بشجاعة أمدتني بها روح صابر وقلت :
على هذي الأرض ما يستحق الحياة سنذهب غداً ..والتصقت بحضن أمي أكثر وعيوني ترقب السماء من خلال النافذة كانت هناك نجمه تتألق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.