احتفلنا خلال الايام الماضية بالذكرى الخامسة والأربعين لصدور أول عدد من صحيفتنا.. صحيفة كل اليمنيين (14 أكتوبر) في التاسع عشر من يناير عام 1968م.. تاريخان لهما مدلولان(19 يناير) الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م.. (14 أكتوبر) انطلاق أول شرارة لقيام الثورة بجنوب الوطن اليمني عام 1963م.. وفي الثلاثين من نوفمبر 1967م نال الجنوب استقلاله الكامل من الامبراطورية العظمى بعد احتلال دام 129 عاما ونحن نحتفل بعيد ميلاد الحرف الوضاء والكلمة المستنيرة.. اصبحت اليوم في ربيع شبابها يانعة مليئة حيوية ونشاطا.. وجها مشرقا بالحياة الخصبة.. تنبض ينابيع من العطاء.. جذعها في محافظة عدن وعروقها ممتدة في كل الوطن من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال.. تشرب من ينابيع صعدة وتأكل من سمك المهرة وتتنزه في شواطئ الحديدة وتستنشق هواء إب. تصول وتجول في أرجاء الوطن اليمني الكبير تنقل كل جديد وتطرق هموم الوطن والمواطن.. مشاركة في كل مجالات الحياة اليومية، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.. تضع لمساتها ويديها على كل شبر من هذه الأرض الطيبة تزرع عبر مكاتبها ومراسليها أشجارا مثمرة لتنقل كل ما يدور من تطور في تنفيذ مشاريع خدمية. وخلال خمسة واربعين عاما من عمرها قطفت العديد من الثمار بشهادة العديد من الكتاب والصحفيين.. وهي اليوم تزدان بحلة قشيبة وكأنها (صبية) في عمر الزهور. وبهذه المناسبة حيث التاريخ يمضي ونحن في غفلة من الزمان فإن الذكريات هي الصك الوحيد الباقي لنا فهو شعاعنا ونور حياتنا كون الحرف والكلمة شماعتنا ولومرت عليها أعوام عدة فإنها رسالة لاجيال الحاضر والمستقبل.. نتذكر رحيق اجيال مضت لكن روضتهم لاتزال تنبت زهورا ممن عاش معهم حاليهم ومرهم فرحهم وتعاستهم.. ان افراد الجيل العملاق الذين قضوا نحبهم بعد تحقيق الوحدة وضعوا بصماتهم وعملوا بتفان واخلاص سهروا الليالي وتحملوا المسؤولية تجاه الصحيفة والوطن وقدموا كل ما يملكون بشعور بالمسؤولية التي تقع على عاتقهم وهم من نوع خاص وعملة نادرة. رسالة الكلمة والحرف لا تعتمد على حقبة من الزمان او جيل محدد.. لكن الصحفيين كانوا جيلا مشعا.. عودا صلبا وعبقا من شذى الزهور.. سلكا مشدودا حينا ولينا حينا آخر. ونحن نقترب من نصف قرن على عمر صاحبة الجلالة لا ننسى التطور الحاصل والفارق الكبير في الاصدارات والتغيير.. مقارنة بامكانيات الأمس. ومن هنا علينا ان نتذكر الكوكبة من أعز أصدقائنا ولو بهذه الكلمات البسيطة وهم اجمل زهراتنا.. فولاذ حروفنا وكلماتنا الذين اغمضت عيونهم وهم مازالوا في أوج عطائهم حروفا نابضة في سماء الصحافة اليمنية.. هؤلاء الاغصان التي تساقطت الواحد تلو الآخر امام ناظرينا وفي زمن بسيط.. رحمة من العزيز القدير عليهم. وفي عجلة من أمري حاولت ان اكتب هذه الكلمات البسيطة الرمزية أقل تقدير اقدمها لزملائي الذين عشت معهم بعد تحقيق الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من ما يو 1990م.. عندما التحقت بصفوف هؤلاء الرجال الأشاوس العمالقة.. تربيت بينهم وامضيت اغلب وقتي معهم تذوقنا الحالي والمر، الفرح والقهر كنا نزرع الابتسامة فيما بيننا محافظين على علاقتنا الشخصية كأسرة واحدة.. في ظل ظروف صعبة وقاسية عشناها معا وهم: إبراهيم الكاف، سالم عمر، عصام سعيد سالم، أمين الحزمي، شكيب عوض، فتحي باسيف، عبدالله عبدالمجيد، معروف حداد، طه حيدر، محمد شرف، احمد مفتاح، عوض باحكيم، علي فارع سالم، محمد حمزة، علي القاضي، الدويلة، علي محمد فارع، جان عبدالحميد، عبدالله الشميري، خالد محمد عبدالله، عمر السبع. وهناك زملاء آخرون فقدناهم مثل: أنسام محمد عبدالله، ضياء، جميلة مكرد، سليمان، محمد ناجي، عبده ثابت. هؤلاء من أحرقوا أنفسهم من أجل إضاءة شمعة للآخرين إنهم نخبة من الزملاء القلائل الذين لهم مكانة وشأن كبير في قلوبنا.. كوني واحدا ممن تعلم على أيديهم أبجدية الحرف والكلمة ومختلف انواع العمل الصحفي.. زرعوا ثمرة الثقة بالنفس وصرفوا لي جواز مرور نحو عالم الصحافة المتنوعة.. ولكني اشعر بانني مازلت تلميذا امام هذا الجيل العملاق.. يا من كنتم نهرا شربنا من مياهه.. بحرا سبحنا على شاطئه.. نجوما نتأملها نسورا نحلق بجانبهم.. مصابيح نرى طريقنا من خلالها. ناموا اقرة الأعين.. نسأل الله العزيز القدير أن يسكنكم فسيح جناته ويلهم أهلكم وذويكم الصبر والسلوان. «إنا لله وإنا إليه راجعون».